الخميس، 25 نوفمبر 2010

الأسبوع العالمي للريادة.. إبداع بلا حدود

أمل خيري

صناعة المبادرات فن لا يتقنه إلا المبدعون، وروح المبادرة تنطلق من العقول الواعية التي تشق طريقها آخذة بزمام الأمور لا من الأشخاص الذين يقنعون بأن يكونوا في ذيل القافلة، والريادة ليست منحة أو هبة بل تنتزعها النفوس العظيمة الهمة انتزاعا.

هذا هو المعنى الذي استخلصته حين اطلعت على فعاليات "الأسبوع العالمي للريادة"، والذي نُظم للعام الثالث على التوالي بهدف تنمية روح المبادرة وتعزيز ثقافة العمل الحر بين الشباب حول العالم، حيث يلتقي الرواد سنويا خلال شهر نوفمبر لاستلهام الأفكار الجديدة، وتشجيع الابتكار والخيال والإبداع وتحويل الأفكار إلى واقع.

أصل الحكاية

يعد الأسبوع العالمي للريادة امتدادا للأسبوع البريطاني لريادة الأعمال الذي بدأ الاحتفال به في عام 2004، وحين تناقلت وسائل الإعلام أنباء النجاح الهائل لهذا الاحتفال بدأت تنتشر الحماسة تجاهه في أنحاء العالم، حيث راود الكثيرين حلم نقل التجربة لبلدانهم.

فقامت مؤسسة كوفمان ومؤسسة الريادة البريطانية بتدشين الأسبوع العالمي للريادة، والذي بدأ الاحتفال به في عام 2008، وفي غضون عامين فقط ساهم الأسبوع العالمي للريادة في إلهام أكثر من عشرة ملايين شخص في 102 دولة حول العالم إطلاق العنان لأفكارهم، خاصة أصحاب المشاريع الصغيرة من الشباب الطموح من المدن الكبرى إلى القرى النائية.

وخلال هذا الحدث العالمي يلتقي الشباب من القارات الست لاستكشاف قدراتهم الكامنة عبر العديد من الأنشطة المحلية والوطنية العالمية، حيث تلتقي الثقافات والأفكار للجيل الجديد من الشباب للعمل على تطوير المعارف والمهارات حول الابتكار والمشروعات المستدامة التي تحمل أثرا إيجابيا على حياتهم وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية.

ولا يقتصر هدف الاحتفالية على الشباب فقط، بل يمتد ليشمل صانعي السياسات، وقادة الرأي والفكر، والمحافظين والوزراء، ورجال الأعمال ورؤساء الدول، بغرض تقديم الدعم والمساندة في نشر الفكرة، والدعوة لتنظيم الأحداث والفعاليات الرامية لتعزيز ثقافة العمل الحر بين الشباب.

أهداف واعدة

تنظيم الاحتفالية السنوية بالأسبوع العالمي للريادة يحمل العديد من الأهداف من أهمها:

  • تحفيز المواقف الإيجابية تجاه روح المبادرة في جميع أنحاء المجتمع.
  • تعزيز السلوك الريادي لدى الجميع.
  • تحسين قدرة الشبكة العالمية على تفعيل روح المبادرة على الصعيد العالمي.
  • زيادة أعداد الشركات والمشروعات الصغيرة.
  • تعزيز ثقافة تنظيم المشروعات، وتدعيم السلوك الريادي في جميع الدول.
  • زيادة الاهتمام ببرامج دعم المشروعات والمبادرات.
  • توفير فرص أفضل للمبادرات العالمية.
  • خلق فرص العمل.
  • تحسين النمو الاقتصادي.
  • الحد من الفقر.
  • تحسين نوعية الحياة.

التكنولوجيا النظيفة

منذ تدشين الاحتفالية العالمية في عام 2008، تم تنظيم أكثر من 60,000 حدث عالمي، ما بين أحداث تمت وجها لوجه على أرض الواقع، وأحداث تمت عبر الإنترنت، كما تباينت من أحداث عالمية إلى محلية.

في السطور القليلة القادمة نحاول تسليط الضوء على أبرز الأنشطة والفعاليات التي تم تنظيمها خلال الاحتفالية عبر ثلاث سنوات من العمل المتواصل.

أول هذه الأنشطة يتمثل في المسابقة العالمية للأفكار المفتوحة حول التكنولوجيا النظيفة، وهي منافسة سنوية لاكتشاف الأفكار الواعدة حول التكنولوجيا النظيفة، حيث يتنافس فيها متسابقون من أنحاء العالم، وتتم التصفيات النهائية خلال شهر نوفمبر من كل عام في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.

وهدف المسابقة البحث عن أفكار إبداعية لتوليد الطاقة النظيفة، وأفضل الطرق لتنقية المياه، وأفكار مشروعات وشركات صغيرة يمكن لرجال الأعمال إنشاؤها لحماية المناخ، أي إبداع أفكار خضراء لحماية البيئة والحفاظ على استدامتها، ويمنح الفائز جائزة قيمتها 100,000 دولار أمريكي.

أما برنامج عطلة نهاية الأسبوع فهو عبارة عن حدث أسبوعي يلتقي فيه العديد من المطورين ورجال الأعمال ومديرو التسويق والرسامون والمبدعون لمدة 54 ساعة، للتواصل حول المجالات المشتركة، ويستطيع الشباب الطامح للعمل الحر عرض فكرته وربما يجد من يتبناها من رجال الأعمال فينجح في تحويل فكرته إلى واقع.

ويتم تنظيم اللقاءات في العديد من المدن حول العالم، ويستطيع الراغب في حضور اللقاء متابعة الفعاليات ومعرفة أقرب المدن إليه التي سيتم تنظيم اللقاء فيها، وتسجيل طلب الحضور، وهو حدث يتكرر أسبوعيا في عدة مدن في نفس الوقت.

وحتى مايو 2010 ساعد البرنامج في تثقيف ما لا يقل عن 15000 من رجال الأعمال خلال أكثر من 115 فعالية، وتم إطلاق أكثر من 650 مشروعا جديدا، ويستهدف البرنامج أن يتم تنظيم مائة حدث خلال عام 2011.

بيزنس وابتكارات

من بين أنشطة مبادرة العمل الحر الجائزة العالمية للطلاب أصحاب المشروعات، وهي موجهة لطلاب الثانوي والجامعات الذين يديرون مشروعات صغيرة خاصة بهم أثناء دراستهم، حيث يتقدم للمنافسة الطلاب بمشروعاتهم إلى لجنة من المحكمين لاختيار المشروعات الفائزة التي يتاح لها الدخول في التصفيات النهائية التي تتم خلال الأسبوع العالمي للريادة.

وخلال الاحتفالية يلتقي الطلاب برجال الأعمال ووسائل الإعلام، ويحصلون على جوائز نقدية إضافة لتلقي تبرعات وخدمات تجارية قد تصل لأكثر من 15000 دولار أمريكي، وتقام فعاليات المسابقة في العديد من الدول كأستراليا وكندا والصين وغانا والهند وماليزيا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية.

هناك أيضا المنتدى الدولي للإبداع، والذي عُقد للسنة السابعة على التوالي، خلال الفترة من 15-17 نوفمبر الجاري، في مركز كوكس للمؤتمرات بأوكلاهوما سيتي، وهو مؤتمر سنوي يجمع بين رجال الأعمال والعاملين في مجال المعرفة وصانعي السياسات من جميع أنحاء العالم، ويقوم خلاله الفريق المجتَمِع بتبادل المعارف حول أفضل الممارسات، والتعرف على البرامج الناجحة التي تعزز وتشجع الإبداع في مجال التجارة والثقافة والتربية والتعليم.

أما لعبة الابتكار العالمية GIG فهي عبارة عن لعبة جديدة عبر موقع الفيس بوك تهدف لتنافس الأفكار والاستراتيجيات التي من شأنها تفعيل التواصل بين المشاركين في الأسبوع العالمي للريادة من مختلف أنحاء العالم وتشجيعهم على التعاون والمشاركة، وكل ما يحتاجه المشارك إنشاء حساب على موقع فيس بوك، ثم المشاركة بأفكار مبتكرة لسبل التعاون، كما يمكن متابعة أحدث الأخبار عبر موقع تويتر، حيث يحصل اللاعب على نصائح ومكافآت خاصة.

لقاء الرواد

منظمة رواد الأعمال تعقد حدثا سنويا بعنوان EO 24، وهو عبارة عن لقاء على مدى 24 ساعة، ولقاء هذا العام عقد في الثامن عشر من نوفمبر، وهذه المنظمة ليست سوى شبكة عالمية من أصحاب الأعمال تضم أكثر من 7500 عضو في أكثر من 38 دولة، تأسست عام 1987 على يد مجموعة من رجال الأعمال الشباب بغرض تحفيز وتمكين رجال الأعمال من التشبيك والتواصل، حيث يستفيد الجميع من تبادل الخبرات العملية والشخصية، ويقتصر حضور الفصول التعليمية على المدعوين فقط، ومتوسط عمر الأعضاء 40 عاما.

وخلال اليوم السنوي يبث موقع المنظمة على مدار أربع وعشرين ساعة الصور والنشرات ومقاطع الفيديو والتقارير والأخبار والحوارات الحية، يعرض المدعوون خلالها نماذج أعمالهم ومشروعاتهم بشتى الوسائل السمعية والبصرية ويتم تبادل الخبرات والتجارب.

هناك أيضا منافسة دولية لتطوير المؤسسات، والمواطنة العالمية، ومهارات القيادة مع التركيز على المشروعات الصغيرة، والتي تساهم في بناء الوعي الذاتي وتحفيز المشاركين على مواجهة التحديات، وتحمل المنافسة عنوان "عامك الكبير"، حيث يحصل الفائز على جائزة تتمثل في رحلة لمدة عام كامل يستكشف فيها البلدان والقارات، ويستطلع التجارب والخبرات في مجال المشروعات والأعمال التجارية، ويلتقي العديد من رجال الأعمال وأصحاب المشروعات الناجحة.

ومن بين الفعاليات كذلك "عيد المشروعات الفرنسي"، وهو عبارة عن تجمع يضم أكثر من 2000 طالب فرنسي يلتقون سنويا مع مشاهير رجال الأعمال والوزراء، ويمثل الاحتفال فرصة لتبادل الأفكار وتطوير الشبكات بين الجيل الجديد من الشباب الطامح لإنشاء مشروعه الخاص.

مهرجان الأفكار

تحت عنوان "قابل التنانين" تأتي مبادرة جديدة تهدف لتحفيز الشباب على الابتكار والخيال والإبداع، حيث تتيح المبادرة للشباب الالتقاء برجال الأعمال والمستثمرين من ذوي النفوذ، ليتمكنوا من عرض أفكار مشروعاتهم على نخبة من المستثمرين المستعدين لتمويل المشروعات الإبداعية.

أما مهرجان الأفكار فهو الأول من نوعه الذي يتم تنفيذه في الشرق الأوسط، ويهدف إلى تعزيز ثقافة الابتكار بين طلاب الجامعات والحرفيين الشبان، وذلك من خلال إطلاق أول حملة لتشجيع المشاركين على تقديم أفكارهم تحت 6 محاور: التجارة، والعلوم والتكنولوجيا، والتنمية الاجتماعية، والفنون والتصميم، والبيئة، بعد ذلك يتم فحص الأفكار مع لجان التحكيم لاختيار أفضل الأفكار لتعرض في معرض الأفكار الذي يقام لمدة يومين، ويصاحبه العديد من ورش العمل والمحاضرات، كما يمنح الفائز في كل محور جائزة نقدية وفرصا للتدريب.

كانت هذه بعض الأنشطة على سبيل المثال لا الحصر التي ضمها الاحتفال بالأسبوع العالمي للريادة في الفترة من 15-21 نوفمبر الجاري، ويمكن الاطلاع على باقي الأنشطة على الموقع الإلكتروني المخصص للاحتفالية، والذي يضم كذلك بنكا للأفكار، وتقارير عن الأنشطة والفعاليات السابقة، ويحتوي الموقع على خريطة تفاعلية يستطيع المتصفح من خلالها التعرف على الأنشطة والجهات الراعية في كل دولة من الدول المشاركة.

رابط النشر

http://www.onislam.net/arabic/nama/success-stories/126766-2010-11-25-08-52-08.html


المستشرقة باتريشيا كرون : العلمانية شرط الحرية !



أجرت الحوار: أمل خيري
إسلام أون لاين
تثير قضية الحرية الدينية في الإسلام اهتمام المفكرين المسلمين والغربيين على حد سواء، وكانت هذه القضية محور اهتمام المستشرقة الدنمركية باتريشيا كرون-التي تتخذ موقفا سلبيا من الإسلام، والتي كتبت كثيرًا عن غياب الحرية الدينية في الإسلام - وتؤكد كرون على حداثة مفهوم الحرية الدينية بشكل عام؛ وترى أن الإسلام لم يشهد أي ممارسة حقيقية للحرية الدينية، بل ربما كان هناك نوع من التسامح الديني الجزئي، وتشترط كرون قيام نظام سياسي علماني لضمان تطبيق الحرية الدينية، كما أنها ترى أن المسلمين في الغرب بإمكانهم التعايش مع المجتمعات العلمانية بشرط التخلي عن حساسيتهم تجاه أي مضايقات قد تحدث لهم.
" إسلام أون لاين " حاورت المستشرقة باتريشيا كرون لتلقي مزيداً من الضوء على حقيقة طرحها عن الحرية الدينية في المجتمعات الإسلامية، وما قدمت من مبررات لهذا الرأي الذي تتبناه، وفي الحلقة الثانية يقدم " إسلام أون لاين " قراءة في المشروع الفكري لكرون حتى تكتمل الرؤية في قراءتها للإسلام.
إلى نص الحوار:

* ما سر اهتمامك بحقل الدراسات الإسلامية والتاريخ الإسلامي؟
- اهتمامي الأساسي ينصب على دراسة حضارات الشرق الأدنى القديمة كالسومرية والبابلية وغيرهما، وبعد التعمق في دراسة هذه الحضارات اكتشفت أنها تختلف تماما عن حضارة بلادي؛ لذا أردت البحث في كل ما هو غير أوروبي.
قرأت عن الصين، واليابان، وأفريقيا، وأمريكا قبل اكتشاف كولومبوس لها، وغيرها الكثير، كانت هذه القراءات كلها أثناء مرحلة دراستي قبل الجامعية؛ ومن ثم قررت الاستمرار في دراسة الشرق الأدنى، فبعد أن انتهيت من الحضارات القديمة تتبعت باقي المراحل، ووجدت أن المرحلة التالية كانت الحضارات اليونانية والرومانية، ولكني درست هذه الحضارات؛ لذا انتقلت للمرحلة التالية وهي الحضارة العربية والفارسية وغيرهما، ولأني لم أكن أعرف شيئا عن هذه المراحل التاريخية فقد قررت دراستها لأعرف كل شيء عنها.
المصادر
* في الغالب ما هي المصادر التي تعودين إليها في الكتابة حول الدراسات الإسلامية؟
- تختلف المصادر التي أعتمد عليها تبعا للمجال الذي أكتب فيه، فقد كتبت حول التطور الاجتماعي، والمجال العسكري والقانوني، والثقافة والأدب وغير ذلك فيما يخص فترة نشأة الإسلام الأولى، وطبيعة المصادر اختلفت في كل موضوع تناولته، ولكني أومن أن الكاتب عليه أن يعتمد على كل مصدر يقع تحت يده.
* وهل ترين هذه المصادر كافية لتكوين معرفة صحيحة ومتعمقة حول الإسلام؟
- هذا ما لا أهتم به ولا أحاول القيام به! أنا معنية بالأساس بدراسة جوانب محددة من التاريخ والحضارة الإسلامية وليس بالإسلام ككيان كبير وغامض.
فما هو الإسلام؟ هو ما يقوله المسلمون. وماذا يقول المسلمون؟ الاجابة تعتمد على أين ومتى ومن؛ لذا فهذا هو ما قررت دراسته، فما يعتقده المسلمون عن الإسلام يتباين في العصر الأموي أو في ظل البويهيين عما يعتقده المسلمون اليوم، وما يعتقده الشيعة يختلف عما يراه السنة، وما يؤمن به الإيرانيون يختلف عما يؤمن به الصينيون وهكذا. أنا لا أدعي معرفة ما يعتقده جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم منذ بداية الإسلام حتى اليوم، ولا يستطيع أحد أن يدعي لنفسه تلك المعرفة.
* في المقابل كيف يمكن للباحث غير المسيحي أن يدرس المسيحية؟ ما هي المصادر التي يجب أن يعود إليها في دراسته؟
- لا يوجد فرق بين دراسة الإسلام والمسيحية، فمصادر الدراسة تعتمد على مجال الدراسة لا على ما يؤمن به الباحث من دين. واللاهوت المسيحي موضوع هائل يشمل المسيحية المبكرة والوسطى والحديثة، والمعاصرة، يشمل أيضا الفكر الأرثوذكسي والبروتستانتي... فيجب أن يحدد الباحث تخصصًا معينًا ليدرسه، ولكن بشكل عام عليه أن يرجع للكتاب المقدس بالعهدين القديم والجديد، ثم أقوال آباء الكنيسة اليونانيين واللاتينين؛ لأن تفسيرات وأقوال كل منهم تختلف عن الأخرى مثل تباين تفسيرات مفسري الإسلام للقرآن واختلافهم في التفسير، بل اختلاف التفسير السني عن الشيعي، والتفسير القديم عن التفسير الحديث وهكذا....
ولكن تبقى النصوص الأساسية المسيحية غير كافية لتكوين معرفة شاملة؛ لأن هذه النصوص مثل السنة النبوية في الإسلام تعد كمصادر خام للمعلومات تحتاج لمزيد من التفصيل والشرح.
الحرية الدينية
* ما هو تعريفك لمفهوم الحرية الدينية؟ وما هي مظاهر هذه الحرية؟ وما الشروط الواجب توافرها لقيام هذه الحرية؟

- مفهوم الحرية الدينية واضح بما فيه الكفاية: فهو يعني أن للإنسان الحرية في اختيار أي دين يشاء طالما أنه لا يتعارض مع الحياة الاجتماعية (لن يقبل مثلا دينا يستهدف إبادة البشر)، كما أن له الحرية في أن يختار عدم الإيمان بأي دين على الإطلاق.
ومظاهر هذه الحرية تكمن في أن يختار الناس بحرية بلا أي قيد: فالمسيحي له أن يتوقف عن الذهاب للكنيسة، وله أن يتحول للبوذية أو للإسلام والعكس صحيح، وله أن يتوقف عن الاعتقاد في أي دين، بل له الحق في أن يصوغ بنفسه نسخة خاصة من دين معين، مثلاً نسخة خاصة به من المسيحية أو البوذية أو الإسلام، ولا يحق للدولة أن تتدخل على الإطلاق في هذا الشأن.
أما الشروط الواجب توافرها لقيام هذه الحرية فتتلخص في قيام دولة علمانية بالمعنى الصحيح لكلمة علمانية. في الشرق الأوسط يعتقدون أن العلمانية تعني الإلحاد، وهذه نظرة خاطئة بالطبع، فأمريكا دولة علمانية إلا أن معظم الأمريكيين عميقو الإيمان والتدين ويرتادون الكنائس بكثرة، فالدولة العلمانية هي تلك الدولة التي تعتبر الدين شأنا خاصا.
* أنتِ إذن ترين أن الحرية الدينية تتطلب دولة علمانية لتطبيقها، فهل استندت في هذا الرأي للتجربة المسيحية الغربية بعد سلسلة الحروب الدينية في أوروبا؟

- وجهة النظر هذه تستند إلى العقل والمنطق، فإذا كانت الدولة مسيحية أو إسلامية (أي ترى نفسها حامية حمى دين معين) ولا تعتبر الدين شأنًا خاصًا فإننا سنكون في مواجهة حقيقة أن الناس يجب أن يلتزموا باعتناق هذا الدين الرسمي الذي تدين به الدولة حتى لو كانوا غير مقتنعين به، فالأطفال سيدرسون مبادئ هذا الدين الرسمي في المدارس دون سواه، ورجال السياسة سيؤسسون مبادئهم الأيديولوجية على هذا الدين وهلم جرا.
والمسيحية الغربية لم تصبح علمانية تماما بعد انتهاء الحروب الدينية في فترة النهضة، ولكنها في نهاية المطاف طورت فكرة التسامح الديني، وهذا أدى إلى التسامح مع الأقليات الدينية، ولكن هذا التسامح يختلف عن الحرية الدينية.
فالحرية الدينية وصلت أوروبا متأخرة جدا والعلمانية (أي فصل الدولة عن الكنيسة) لم تتم إلا في وقت لاحق في القرن التاسع عشر، وما زالت دول أوروبية حتى اليوم بها بعض بقايا بالية من مزج الدين بالدولة.
* ولكن هناك فارق بين طريقة إرساء مبدأ الحرية الدينية في كل من المسيحية والإسلام؛ فالمبدأ تم إرساؤه في المسيحية بعد سلسلة من الحروب الدينية أي فرضته الظروف، بينما في الإسلام جاء بأمر إلهي، فهل ترين مع هذا أن الإسلام يجب أن يقيم دولة علمانية لتأكيد الحرية الدينية؟
- أنتِ تخلطين بين الحرية الدينية والتسامح الديني، فالإسلام قد يكون أرسى مبدأ التسامح الديني مع الأقليات والمذاهب الإسلامية؛ فللمسلم حرية الاختيار بين المذهب المالكي أو الحنفي، ولكن حين يصل الأمر لترك المسلم دينه والتحول لدين آخر فلا يوجد تسامح؛ لذا فلا وجود للحرية الدينية في الإسلام ولم تنشأ بأمر إلهي.
أما الحرية الدينية فيشترط لها دولة علمانية بحيث تكون العلاقة بين الدولة والإسلام مقطوعة تماما، بمعنى أن أي شأن من شؤون الدولة لا يقوم على الإسلام بل يقوم على اعتبارات عملية واقعية بغض النظر عن القيم الدينية، فالإدارة العسكرية والشرطة وقانون التقاضي والادارات المحلية وغير ذلك من إدارات الدولة منفصلة عن قواعد الدين، الكتب والأفلام لا تخضع للرقابة الإسلامية، المدارس العامة تدرس جميع الأديان للأطفال وليس الإسلام فقط (فيما عدا المدارس الخاصة الدينية)، الإسلام نفسه يصبح شأنًا خاصًا ولكل فرد الحق في أن يؤمن بما يحلو له من دين وأن يختار بنفسه، وبالتالي فلن يكون هناك اضطهاد لطوائف مثل البهائيين أو الأحمديين وغيرهما في ظل الدولة المسلمة.
كل هذا يجعلني أؤكد على حقيقة أنه لا يوجد حرية دينية في الإسلام، فلا يوجد سوى التسامح، وحتى هذا التسامح هو في أضيق الحدود، فهو مرهون بالتسامح مع أهل الذمة فقط إذا دفعوا الجزية، والمرأة المسلمة ليس لها الحرية في الزواج من غير المسلم، وأهل الذمة لا يرثون من أقربائهم المسلمين، وهم مجبورون على ارتداء زي يميزهم عن المسلمين، وهناك كثير غير ذلك مما ينتقص من التسامح.
* إذن أنت ترين أن الإسلام يقف على النقيض من العلمانية ولا يمكن لهما أن يتكاملا؟
- الإسلام يقف على النقيض من العلمانية، شأن كل الأديان وإن كان التباين بينه وبين العلمانية أشد من المسيحية أو البوذية، حيث نشأت الدولة تماما في نفس وقت نشأة الدين، فتأصلت عقيدة أن المسلمين لا يمكنهم العيش في ظل سيادة غير المسلمين، وإذا حدث ذلك فيجب عليهم الرحيل لدولة مسلمة، على النقيض من ذلك فإن المسيحية والبوذية يبدآن من تقرير حقيقة أنه لا توجد سياسة هنا أو هناك، بل نتركها للملوك، فاهتمامهما ينصب على فكرة الخلاص؛ لذا تقبل هؤلاء الفضاء العلماني بسهولة منذ البداية.
أما المسلمون فقد بدأوا بالقول إن الإسلام يشمل كل المجالات، وهناك بعض المسلمين شعروا بالحاجة لفضاء غير محكوم بالإسلام بالفعل، وكثير من المسلمين المندمجين في المجتمع في أوروبا وأمريكا يعتقدون أن الإسلام والعلمانية يكمل كل منهما الآخر، ولكني لا أدري إن كانوا يعتقدون أن النظام العلماني سيصلح في الدول الإسلامية أيضا، ومع ذلك فإني أظن أن الإسلام الذي سيصبح مهيمنا على الصعيد العالمي في المدى الطويل هو الإسلام الذي يرى نفسه متعايشا مع العلمانية.
* في ظل قراءتك للتاريخ الإسلامي منذ نشأته ألا يوجد فترة تعتبرينها نموذجا حقيقيا لتطبيق المسلمين لمبدأ الحرية الدينية؟
- لا ، فالحرية الدينية ظاهرة حديثة ولم توجد في الماضي في أي حضارة.
* في ظل الحروب الصليبية التي رفعت الصليب شعارا لها ظل المسيحيون العرب الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية محتفظين بكامل حرياتهم الدينية ولم يخلط المسلمون بين الغزاة وبين المواطنين بسبب الدين، ألا تعتبرين ذلك أحد مظاهر تطبيق الحرية الدينية في الإسلام؟
- لا ، وإن كان يمكن اعتبارها نوعا من التسامح لكنها ليست حرية بالمعنى التام، وأنا لا أعرف الكثير عن الحملات الصليبية أو مدى تأثيرها على الأقليات المسيحية في الدول الإسلامية، ولكن مسيحيو سوريا مثلا لم يجدوا بالتأكيد صعوبة في التمييز بينهم وبين الصليبيين، فمسيحيتهم تختلف عن الصليبيين، كما أنهم كانوا يعتبرونهم غرباء.
* ذكرتِ في مقالك أن آية "لا إكراه في الدين" بتفسيراتها الستة المختلفة لا تعبر عن وجود حرية دينية حقيقية في الإسلام، فهل قرأت آيات أخرى من القرآن مثل "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، و" أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ"، و "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وغيرها من الآيات؟ ألا ترين مع ذلك أن الإسلام قد وضع الأساس النظري للحرية الدينية؟
- من حيث الأسس النظرية نعم أقرها، لكن كل شيء يعتمد على كيفية تفسير العلماء للآيات لأغراض تطويعها للشريعة الإسلامية، فقد ناقشت في محاضراتي آيات التسامح، وبينت أن بعض الفقهاء يرون أن هذه الآيات نزلت في مكة أثناء فترة ضعف المسلمين وعجزهم، ثم نسخت في المدينة حين أصبح لهم دولة وقوة وفرض الجهاد، وهناك علماء آخرون يرون أنها لم تنسخ ولكنها تبين أنه لا يجوز إكراه أهل الذمة على ترك دينهم (أي إنها حرية دينية جزئية مخصصة لطائفة بعينها)، وما زال هناك البعض الذي يرى أنها ليست آيات آمرة بل مقررة لحقيقة أن الله لا يجبر أحدا على الإيمان (المعتزلة). أي إن التفسيرات المختلفة لهذه الآيات تتشابه مع آية "لا إكراه في الدين".
اليوم بعد أن تغيرت الأمور، يمكن أن يتم إعادة تفسير الآيات لدعم مبدأ الحرية الدينية بالمعنى الكامل للكلمة، وقد بدأ بعض علماء الشيعة في أمريكا القيام بذلك، وإن كنت لا أدري هل سيحذو الآخرون حذوهم أم لا.
المسلمون والغرب
* هل تعتقدين أن الإسلام يمكنه التعايش مع النظم السياسية الوضعية؟
- في الواقع هو يتعايش فعلا. فهناك 160 مليون مسلم في الهند ، و20 مليون مسلم في الصين، و30 مليون مسلم في أوروبا....، وإذا كنت أتذكر بصورة صحيحة فإن حوالي خُمس المسلمين في العالم يعيشون في ظل دول غير مسلمة.
لذا فإن السؤال ليس حول إمكانية التعايش بل حول إذا كان المسلمون أنفسهم سيقررون أن هذا هو المقبول تماما لهم بدلا من أن يعتبروا التعايش أمرا يجب تلافيه في المستقبل.
إذا قبل المسلمون بالتعايش فإن العلاقة بين الإسلام والتنظيم السياسي ستنفصل ليس فقط في الممارسة ولكن أيضا في أذهان الناس، وكل هذا ربما يسهل عملية التوجه نحو الحرية الدينية.
* ألا ترين أن الاستفتاء السويسري على حظر المآذن يتعارض مع مبدأ الحرية الدينية على الرغم من علمانية المجتمع السويسري؟
ربما يكون ذلك صحيحا، وإن كنت لا أدري حقيقة الوضع عن أسباب هذا الحظر، فإذا كان هذا الحظر لما تسببه مكبرات الصوت لهذه المآذن من ضجيج في الصلوات الخمس فإن هذا الحظر يجب أن يتم بالفعل سواء للمآذن أم لأجراس الكنائس، فكلما قلت الضوضاء كان الوضع أفضل.
وإن كنت لا أعتقد أن هذا هو سبب الحظر، ولكن إن قررت سويسرا أن تصبح دولة بلا حرية دينية فهذا حقها تماما كما تفعل السعودية من حظر لبناء الكنائس، فهل يجرؤ أحد هناك على بناء كنيسة أو دق أجراسها؟!
* وفي ظل ما يمارسه الغرب من تضييق للحريات الدينية الأخرى على المسلمين كمنع الحجاب مثلا هل ترين أن هناك مستقبلا للحوار والتعايش بين المسلمين وغيرهم في الغرب؟
ومن الذي منع الحجاب؟
إن كنت تقصدين النقاب فإن النقاب يجعل المرأة تبدو كلصوص البنوك، لا يمكن التأكد مما إذا كانت تستخدم بطاقة هوية زوجها أم أحد أبنائها، ولا يمكن التحدث معها لأنها تبدو كالشبح المخيف.
ثم لماذا اختزال الإسلام في الثياب؟!
أما إذا كان الأمر فيما يخص بعض الممارسات الأوربية كمنع فرنسا للطالبتين المحجبتين من دخول المدرسة أو حظر سويسرا للمآذن فكل هذه المضايقات لا تمثل الغرب كله ولا تعبر عن الأوربيين جميعا، فما زال المسلمون يتعايشون بالفعل في الدول الأوروبية، ومنع فتاة من الحجاب أو حتى حظر المآذن ليست قضية ذات أهمية لنقيم الدنيا حولها، فالأمر لم يصل مثلا لقتل المسلمين أو اعتقالهم أو منعهم من ممارسة حقوقهم المدنية أو منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية سواء في سويسرا أو في باقي الدول الأوروبية.
ولكن السؤال هو ما إذا كان المسلمون سينجحون في التعايش رغم هذه المضايقات، وما الذي سيقدمونه لإنجاح هذا التعايش وجعله أقل توترا؟.
رابط النشر:
http://www.islamonline.net/ar/IOLStudies_C/1278407134025/1278406720653/IOLStudies_C


الاثنين، 22 نوفمبر 2010

موظف بالبيجامة ومكتب في المطبخ!

يوميات صحفية من منازلهم
الحلقة الثالثة
أمل خيري

من أطرف التعليقات التي قرأتها لرجل قرر ترك الوظيفة والعمل من المنزل قائلاً: "وداعا لرابطة العنق أهلا بالعمل بالبيجامة".

سيدة أخرى تقول "ما أجمل أن يكون مكتبك في المطبخ أو في غرفة المعيشة!"

صحيح من أفضل مميزات العمل من المنزل الأريحية التي تجدين نفسك فيها، لا ملابس رسمية، لا شكليات، لا مواعيد، لا مكاتب ضيقة وغير مريحة.

أنت بحريتك الكاملة تختارين مكان عملك، ربما يروق لك أن تضعي لاب توب في المطبخ اليوم لتتابعي الطبخ أثناء العمل، أو تنقليه في الغد لغرفة الأطفال لتتابعي مذاكرتهم أو تشاركيهم لعبهم.

الوظيفة أم!

أنت حرة أيضا في اختيار وقت العمل، ربما تفضلين العمل في منتصف الليل إن كان لديك طفل رضيع يستيقظ طوال الليل فتعملين وأنت تحملينه أو تضعينه أمامك في سريره ليستمتع بألعابه ورؤيتك، أو تقررين العمل في فترة غياب الأطفال في المدرسة، أو تقومين بالعمل أثناء إعداد الطعام فتتناوبين على المطبخ والعمل في نفس الوقت، وربما تقومين لنشر الغسيل ثم تعودين للعمل، ثم تقومين مرة أخرى لإطعام طفلك وتعودين للعمل، وهكذا.

لديك الحرية كذلك في ارتداء ما يروق لك من ملابس، فأنت في بيتك ومملكتك وبين أسرتك، لا تعقيد بعد اليوم، لا ملابس خانقة في الحر، ولا تحفظ أمام الغرباء، ولا تكلف أمام الزملاء، ناهيك عن توفير ثمن الملابس والحقائب والأحذية!.

ما أجمل أن تعملي وأنت تستمعين لإذاعة القرآن الكريم بهدوء وسكينة، أو تستمعين لإنشاد هادئ بلا موسيقى صاخبة، لست في حاجة لوضع السماعات على أذنك حتى تصابي بالصمم، وليس هناك من يدعوك لخفض الصوت، بل ربما تعملين على أنغام بكاء طفلك وصراخه!.

على من يقع اللوم؟

إذا كنت قررت العمل من المنزل وترغبين في الاستمتاع بكل ما سبق.. فانتظري.. فالطريق ليس مفروشا بالورود، ولا ينجح الجميع في هذه التجربة، أنت تحتاجين لمؤهلات شخصية ومهارات عملية وبداية صحيحة.

من اليوم لابد من الالتزام والعمل الجاد، ليس هناك مدير أو زملاء عمل يمكن أن يقع عليهم اللوم إذا حدث خطأ أثناء العمل، أنت وحدك الملومة إذا فشلت، فلا تعتقدين أنك بمجرد عملك من المنزل لا حاجة لك للتدريب، أو لصقل مهاراتك، أو لاكتساب خبرات جديدة، بل على العكس أنت ليس لديك الفرصة للاستفادة من خبرات الآخرين؛ لأنه لا يوجد غيرك؛ لذا تزداد حاجتك للتطوير، فحاولي أن تحافظي على إبداعك وتطوري من مهاراتك فتحصلين على تدريب مستمر سواء عبر الإنترنت أو بالتدريب المباشر.

أنت في حاجة كذلك للقراءة والتثقيف والاطلاع على مجريات الأمور، وفي حاجة لاستكمال دراساتك العليا، أو على الأقل الالتحاق بدورات أكاديمية بين الحين والآخر لتتعرفي على الجديد من مجال عملك.

أنت في حاجة للبحث والتنقيب عن سبل لتطوير ذاتك وصقل مواهبك، واكتساب خبرات جديدة، سواء بالمشاركة في الشبكات الاجتماعية التي تقترب من مجالك، أو المشاركة في المجموعات البريدية، أو المنتديات العلمية، أو في خدمة الRSS في المواقع والمجلات والصحف التي تناسب اهتمامك لتتعرفي على كل ما هو حديث.

طوري مهاراتك

ربما كان لديك في وظيفتك سكرتيرة تقوم بالأعمال الإدارية، وأخصائي دعم فني يقوم بإصلاح أعطال الكمبيوتر، وعامل نظافة يهتم بنظافة المكاتب، بينما الآن أنت تقومين بكل العمل؛ لذا فالأعباء تزيد عليك فأنت في حاجة لتنظيم مواعيدك وترتيب أوراقك وتنسيقها، وإذا تعطل الكمبيوتر فعليك أن تقومي بإصلاحه بنفسك، والأمر ليس صعبا فصديقنا العزيز جوجل يقوم عنك بالمهمة، يكفي بعدة نقرات على الكيبورد وضغطة زر واحدة أن تبحثي عن سبب العطل لتجدي مئات المواقع التي تشرح لك كيفية إصلاح الأعطال بالصور، بل ومقاطع الفيديو على اليوتيوب، فلا حجة لك إذن بعد الآن، ولن تحتاجي لعامل صيانة، وتستطيعين أن تقومي بتحميل ما تشائين من البرامج المفيدة لعملك، وتتعلمين كيفية استخدامها بكل أشكال الوسائط المتعددة.

المهم أن تتعودي المرونة في مواجهة أي عقبات تواجهك واستمعي للنصيحة من الآخرين وتعلمي من أخطائك دوما.

ليس معنى العمل من المنزل افتقاد المهنية والحرفية؛ فالعملاء الذين ينتظرون منك مهام، سواء في تصميم مواقع الإنترنت أو الترجمة أو الكتابة أو غيرها من المهام يرغبون دوما في التعامل مع أشخاص محترفين ومهنيين ولديهم كفاءة، فلا تسمحي لأطفالك بالرد على تليفونات العمل، وعوديهم على عدم مقاطعتك أثناء تلقي مكالمات العمل، ولا يصح أن يصرخوا ويتعاركوا أثناء ردك على المكالمات التليفونية حتى لا تعطي انطباعا سيئا عن نفسك وعملك، وحددي لهم أوقاتا لا يقاطعونك فيها إذا أردت التركيز في تنفيذ مهمة.

لكل شيء حدود

ستواجهك كذلك مشكلة الحدود والفواصل، ففي الوظيفة المكتبية لديك وقت محدد للعمل، وبمجرد انصرافك منه وعودتك للمنزل فوقتك أصبح لك ولأسرتك، بينما في العمل المنزلي لا حدود ولا فواصل بين العمل والحياة الخاصة والأسرية، فالعمل دائما حولك ومعك؛ لذا احرصي على وضع نظام للعمل وحددي ساعات عمل يومية أو أسبوعية أو شهرية، واجعلي وقتا للعمل وآخر للأسرة والأصدقاء وآخر لراحتك، تعلمي متى تتوقفين عن العمل ومتى تعودين.

أما المشكلة التي تعاني منها الكثيرات اللاتي قررن العمل من المنزل فهي العزلة، تخيلي أنك لا زملاء عمل، ولا تقابلين أناسا في الطريق، ولا تتعرفين على أشخاص جدد أثناء المواصلات، ليس أمامك إلا جهاز أصم أو أوراق بكماء، فربما تنسين الكلام، وبمرور الوقت تفقدين مهاراتك الاجتماعية، وكيفية التواصل مع البشر؛ لذا لا تدعي عملك من المنزل يلهيك عن حياتك الاجتماعية ويعزلك عن الواقع، ولا يكفي أن تقيمي علاقات عبر الفضاء الشبكي وحده، ويجب أن تجددي اتصالك بأصدقائك القدامى وزملاء الدراسة، وتبادلي معهم الزيارات، واخرجن للحدائق والنوادي، واشتركي في عمل تطوعي في مدينتك، وتابعي حضور مؤتمرات أو ندوات قريبة من مجال عملك، واحرصي على اكتساب معارف جدد، واشتركي في مواقع الشبكات الاجتماعية لتتعرفي على أخبار الزملاء، شريطة أن تحددي لها وقتا حتى لا تتوهي في غياهب الإنترنت.


الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

الأساطير المؤسسة للإسلاموفوبيا


أمل خيري
إسلام أون لاين
ربما لم يسمع الكثير من المسلمين عن ملحمة رولاند ""Chanson de Rolland، على الرغم من كونها من أهم المصادر التاريخية التي اعتمد عليها الغرب في تأريخ الحروب الصليبية. فهذه الملحمة تمثل أبلغ تعبير عن الشعور الذي ساد أوروبا في فترة الحروب الصليبية تجاه المسلمين، حيث تم تصوير المسلمين على أنهم كفار يعبدون الأوثان، يتسمون بالغدر فيهجمون على مؤخرة الجيش الفرنسي ليقتلوا البطل رولاند ابن أخ الإمبراطور الفرنسي شارلمان ويبيدوا المئات من جيشه، فما كان من شارلمان إلا أن عاد مسرعا بحملته الصليبية ليثأر لابن أخيه ويقضي على المسلمين ويخترق حصونهم.

وتعد ملحمة رولاند العنصر الرئيسي في دراسات الحضارة الغربية في جميع الكليات والجامعات في مختلف أنحاء البلاد. حيث يستهل الدارس قراءاته حول الحروب الصليبية التي بدأت عام 1095م بهذه القصيدة، والأدهى من ذلك أن هناك العديد من الأجيال المسيحية-اليهودية قد نشأت على كراهية المسلمين بسبب هذه القصيدة، التي تصور المسلمين على أنهم هؤلاء الأعداء الغادرين الذين قاموا بتهديد أسس الحضارة الغربية في يوم من الأيام.

لكن ما لا يعرفه الكثيرون عن ملحمة رولاند أنها تأسست على أساطير وأكاذيب مخترعة، وهذا ما كشف عنه جون فيفر المدير المشارك لمشروع السياسة الخارجية تحت المجهر، التابع لمعهد الدراسات السياسية بواشنطن، ومدير الشؤون الدولية في مركز العلاقات الدولية، وهو مؤلف العديد من الكتب والمقالات، عمل سابقا رئيس تحرير مجلة السياسة العالمية، ومن أهم مؤلفاته "الأحادية الأمريكية والإستراتيجية العالمية بعد 11 سبتمبر " القومية الجديدة في أوروبا: الدول والأقليات في الصراع"، "موجات الصدمة: أوروبا الشرقية بعد الثورات"، وخلال عام 2011 سيقوم بنشر كتابه الجديد عن الإسلاموفوبيا.

فن صناعة الأساطير

في مقاله الأخير بعنوان "أكاذيب الإسلاموفوبيا" والذي نشر بموقع Foreign Policy In Focus ، فند جون فيفر الأكاذيب والخرافات التي يروجها الغرب حول الخوف من الإسلام، ودرسها في سياق تاريخي يعود لفترة الحروب الصليبية، حيث بدأ من ملحمة رولاند السابق الإشارة إليها والتي خلدت معركة رنسيفو التي جرت أحداثها في القرن الثامن الميلادي، ولكنها فيما بعد نسبت إلى القرن الحادي عشر لترويج خرافة لا أصل لها، والمشكلة في نظر جون فيفر أن تقوم ملJohn fefferحمة كاملة على أكاذيب مخترعة، فالجيش الذي هجم على رولاند وجنوده الفرنجة لم يكن من المسلمين على الإطلاق. ففي المعركة الحقيقية التي جرت عام 778م ، كان الهجوم من فرنجة الباسك المسيحيين الغاضبين آنذاك من شارلمان لقيامه بنهب مدينتهم "بامبلونا"، لم تكن ملحمة على الإطلاق كما سجلتها القصيدة، فهي مجرد معركة صغيرة من المعارك التي شهدتها أسبانيا في العصور الوسطى. وبعدها بثلاثة قرون كاملة بدأت الحروب الصليبية حين حشد الملوك والباباوات والفرسان جنودهم للقيام بأول حملة صليبية، حيث قام شاعر مجهول بإعادة اقتباس أبيات القصيدة لإشعال الحماس في قلوب الجنود المسيحيين حاملي الصليب الذين يخوضون حربا مقدسة ضد أعداء الله من المسلمين.

ويضيف فيفر أن الغرب ما زال يفكر في الحروب الصليبية على أنها نوع من "صدام الحضارات" التوراتي بين أتباع يسوع وأتباع محمد. وفي نسخة شعبية من روايات الحروب الصليبية، تم إحلال الخصم المسلم محل الكثير من أعداء المسيحية سواء كانوا يهود أو زنادقة، حيث تم استبدال هؤلاء بالمسلمين في الروايات لتصويرهم على أنهم الأعداء، ولا يخفى ما في ذلك من تزوير وتشويه للتاريخ وقلب للحقائق.

الأمر في نظر فيفر لم يتوقف فقط عند الحروب الصليبية، فبعد هذه الفترة بكثير ، وخلال الحرب الباردة، قام صانعو الأساطير في واشنطن بفعل مماثل، حيث استبدلوا الأعداء الذين عرفوا باسم الشيوعيين الملاحدة بمجموعة متباينة من القوميين المعادين للإمبراطورية في محاولة لتحويل النزاعات في أماكن نائية مثل فيتنام ، وغواتيمالا ، وإيران، وتصويرها على أنها ملحمة في صراع كبير بين قوى العالم الحر وقوى الشر. وفي السنوات الأخيرة، قامت إدارة بوش بكل هذا مرة أخرى من خلال تصوير القوميين العرب على أنهم أصوليين إسلاميين متعطشين للدماء كمحاولة لتبرير غزو العراق والتهديد بإسقاط النظام السوري.

الفوبيا المصطنعة

وتستمر صناعة الأساطير حتى اليوم كما يرى فيفر، فالخوف المرضي الذي يشوب الولايات المتحدة اليوم قد أصبح في أشده، فالرئيس الحالي المسيحي تماما يعتقد الكثير من الأمريكيين أنه مسلم، والمفكر الإسلامي طارق رمضان ينظر له بول برمان وآخرون من الكتاب على أنه أصولي منغلق التفكير. كما أن أحد المراكز الإسلامية في مانهاتن، والذي أسسه مجموعة من أنصار الحوار بين الأديان، صار يطلق عليه مسجد الجرواند زيرو الإرهابي المتطرف في نشرات الأخبار والخطب السياسية، وفي المدونات والمواقع الالكترونية التابعة لمجموعة من الناشطين اليمينيين.

هذا التشدد تجاه الإسلام انعكس كذلك بشدة في رسوم الكاريكاتير، مما ينذر بوصول الولايات المتحدة لمنعطف خطير، فالخطاب المعادي للإسلام ارتفعت نبرته بشدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وازدادت جرائم الكراهية على الرغم من عدم وقوع هجمات إرهابية كبيرة في الولايات المتحدة أو أوروبا منذ تفجيرات لندن في 2005.

ويضيف فيفر أن الأمريكيين والأوروبيين قد ألفوا هذا الهراء وهذه الأكاذيب منذ الكذبة الكبرى التي روتها ملحمة رولاند وكأنهم توقفوا بذاكرتهم عند القرن الحادي عشر، حيث ظلوا من حينها في معركة أبدية بين "نحن" و"هم". وعلى الرغم من انتهاء الحروب الصليبية منذ القرن السابع عشر، فما زال المسلمون هم العدو، ومنذ انتهاء الحرب الباردة عام 1991، استبدل العدو السوفيتي الشيوعي بالعدو المسلم الإرهابي المتطرف، وذلك تحت اسم الحرب العالمية على الإرهاب، والتي تنتشر في عدة مناطق في أفغانستان،والعراق واليمن وباكستان وغيرها.

ويعتقد فيفر أن هذا الخوف المرضي من الإسلام لن يجلب سوى المزيد من الغضب في مناطق متفرقة من العالم وتهدر في سبيله الكثير من الأموال والثروات وتزهق المزيد من الأرواح، ولن ينتهي كل ذلك إلا إذا تخلص الغرب من عقدة الحروب الصليبية وخرافاتها المصطنعة، فالخوف من الإسلام خوف غير عقلاني، فحتى لو قام بتنفيذ بعض الهجمات الإرهابية أصوليون مسلمون، وحتى لو مازالت بعض الجماعات الإرهابية تتبنى تنفيذ مخططات إرهابية، فمن الخطأ وضع كل هذه الجماعات في بوتقة واحدة واعتبارها تمثل الإسلام نفسه.

وعادة ما تتأصل المخاوف غير المنطقية لدى الأفراد منذ طفولتهم المبكرة وتستقر في العقل الباطن، وعلى نفس النمط يرصد فيفر ثلاث خرافات موروثة منذ الحروب الصليبية لدى العقل الغربي ، وهذه الخرافات الثلاث تشكل جوهر كراهية الإسلام حتى اليوم، وهي: المسلمون يتسمون بالعنف بطبيعتهم، المسلمون يريدون السيطرة على العالم ، المسلمون لا يمكن الثقة بهم.

الحملات الصليبية ما زالت مستمرة

الحقيقة – كما يراها فيفر- أن خرافة "الإسلام دين السيف" والتي كانت من دعائم الأدب والفن الصليبي، تجافي الواقع تماما، فما ارتكبه المسلمون من قتل للصليبيين على مدى الحروب الصليبية لا يقارن أبدا بالفظائع التي ارتكبها الصليبيون والمجازر الوحشية التي نفذوها بحق المقدسيين أثناء اقتحامهم القدس عام 1099م حيث حولوا المدينة إلى حمام دم حقيقي، وصارت الشوارع مغطاة بأكوام من القتلى، حتى أن بعض المسلمين الذي نجوا من المذبحة اضطروا لحمل الجثث خارج أسوار المدينة وحرقها في محارق هائلة وغسل الشوارع من الدماء، في الوقت نفسه لاقى اليهود مصيرا مماثلا على يد الصليبيين الذين أحرقوا منهم الكثير وهم أحياء وذبحوا الكثير أيضا في معبدهم الكبير. أما لو عدنا بالذاكرة لأربعمائة سنة سابقة لرأينا على النقيض من ذلك أن الخليفة عمر بن الخطاب دخل القدس بلا سيف، بل وقام بالتوقيع على العهدة العمرية التي تعهد فيها بعدم إكراه أحد من المسيحيين على الإسلام.

هذه الخرافة الأولى عن عنف الإسلام ساهم الكثير في تأصيلها وتكريسها، فالقس بات روبرتسون أعلن في عام 2005 أن الإسلام "يحض على العنف" ، واللواء جيري كاري الذي خدم في الجيش الأمريكي منذ عهد كارتر يقول "القرآن يعلم العنف ومعظم المسلمين، بما في ذلك من يسمون أنفسهم بالمسلمين المعتدلين، يتسمون بالعنف ويؤمنون به".

أما الخرافة الثانية كما يراها فيفر فقد اخترعها الصليبيون لتبرير العنف والوحشية التي تعاملوا بها مع المسلمين، حيث أكدوا أن هذا العنف تم لأن المسلمين كانوا مصممين على السيطرة على العالم، صحيح أن الإمبراطورية الإسلامية قد توسعت في أيامها الأولى لتوسيع دار الإسلام، إلا أن هذا الفكر التوسعي لم يكن موجودا أثناء الحروب الصليبية كما يؤكد فيفر، بل على العكس كان من أحد أهداف الحرب الصليبية رغبة البابا في بسط نفوذه على بقاع الأرض، حتى أن البعض من الصليبيين حاول استخدام القوة الناعمة لتحويل المسلمين عن دينهم خلال الحرب الصليبية الخامسة.

هذه الخرافة مازال الغرب يرددها حتى اليوم، فالمُدَوِنة المتطرفة باميلا جيلر تحذر من بناء مسجد الجراوند زيرو بنفس الحجة القديمة، أن الإسلام دين سياسي يهدف للهيمنة والتوسع، وأن الهدف النهائي للإسلام هو حكم العالم كله، ويعتقد جون فيفر أن هاتين الخرافتين (العنف المتأصل في الإسلام والرغبة في التوسع) قد أدتا إلى اقتناع راسخ بأن المسلمين بحكم طبيعتهم غير جديرين بالثقة، فأصبحت تلك هي الخرافة الثالثة.

فروبرت أوف كيتون الذي ترجم القرآن في القرن الثاني عشر اتهم النبي محمد بالكذب والتناقض، بل لقد غالى البعض في اتهام أي مسيحي ينادي بالتعايش مع الإسلام والتشكيك في نواياه فعلى سبيل المثال يعتبر البابا جريجوري أن القائد الصليبي فريدريك الثاني كان عدوا للمسيحية لأنه عمل على توثيق علاقاته مع المسلمين.

الخرافات مستمرة

يؤكد فيفر أن هذه الخرافات ما تزال مستمرة؛ فالكثير من الغربيين يعتبرون أن الإسلام هو دين العنف وأن مسلمي أوروبا المسالمين ما هم إلا قنابل موقوتة ومشروعات جهادية كامنة، وحتى المسلمون في أمريكا مطالبين بأن ينبذوا دينهم وإلا اعتبروا طابورا خامسا يجب القضاء عليه، بل لم يسلم من الاتهام بعض الأمريكيين المسيحيين الذي يتبوءون مناصب رفيعة، مثل عضو الكونجرس كيث إليسون، وفي إحدى المقابلات مع شبكة CNN عام 2006 قال جلين بيك ، "لقد كنت عصبيا جدا جراء هذه المقابلة ، فقد شعرت كما لو كنتم تودون القول : سيدي ، أثبت لنا أنك لا تعمل مع أعدائنا".

وفي نظر جون فيفر أن هذه الأساطير الثلاث للإسلاموفوبيا تزدهر في عصرنا ، تماما كما حدث منذ ألف عام بسبب الخلط الماكر بين نوع معين من الأصولية الإسلامية والإسلام نفسه. وقد عبر بيل أوريلي بدقة عن هذه العقلية الصليبية عندما أكد مؤخرا أن "التهديد الإسلامي للعالم ليس منعزلا بل هو في غاية الضخامة!"، والأمر نفسه ينطبق على نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشئون الاستخبارات السابق الجنرال ويليام بويكين الذي أدلى بتصريحات مسيئة ومشينة في خطبة شهيرة له عام 2003 حين دعا صراحة لحمل السلاح بأمر من الله وكأنه يعيد الصيحات الصليبية من جديد.

وفي عام 1951 ، قامت وكالة الاستخبارات المركزية والنخبة الناشئة المناهضة للشيوعية -والتي ضمت من بين أعضائها دوايت ايزنهاور الذي أصبح رئيسا للولايات المتحدة -، قامت بإنشاء الحملة الصليبية من أجل الحرية باعتبارها عنصرا أساسيا من حملة الحرب النفسية المتزايدة الموجهة ضد الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق أوروبا، وكانت لغة هذه الحرب الصليبية لغة دينية عمدا. حيث استهدفت تلك الشعوب المتجذرة في تراث الحضارة الغربية ، والتي تعيش وراء الستار الحديدي المفروض عليها من قبل الديكتاتورية الملحدة، في دعوة صريحة لتحرير العالم الشيوعي ، وأثناء هذه الحرب الإعلامية تم إعادة ترديد نفس الخطاب الصليبي القديم منذ ما يقرب من ألف عام من ضرورة "استعادة القدس والبؤر الاستيطانية المسيحية الأخرى".

أسطورة الشمولية

يؤكد جون فيفر أن نفس الخرافات التي يرددها الغرب حول الإسلام كانت تردد آنذاك عن الاتحاد السوفيتي في إطار الحرب الباردة، فهو عدو يحارب بوحشية فريدة من نوعها من أجل نشر أيديولوجيته، ويرغب في التوسع والسيطرة على العالم، ولا يمكن الثقة بخطابه حول التعايش السلمي أو حول خطر الحضارة الغربية، بل من المفارقات أن الغرب قد آمن حينها بمبدأ "عدو عدوي هو صديقي"، فعمل على استخدام جماعات الإسلام الراديكالي كسلاح لمواجهة الشيوعية، مثلما أشار الصحفي روبرت درايفوس لذلك في كتابه "لعبة الشيطان" ، حيث ذكر تفاصيل قيام الولايات المتحدة بتمويل المجاهدين في أفغانستان كأحد أساليب حملتها الصليبية ضد الشيوعية في العالم الإسلامي.

وعلى الرغم من انتهاء الحرب الباردة بالسقوط المفاجئ للاتحاد السوفيتي في عام 1991، فإن كثير من العقول المفكرة والمؤسسة للخرافات والأساطير حول الشيوعية ظلت على نفس النمط من التفكير، كل ما في الأمر أنها بدلت العدو السوفيتي بالعدو الإسلامي.

ويتابع فيفر في مقاله رصد الخرافات التي يروجها الغرب حول الإسلام فيعتبر أن البعض قد تمادى بوصف الإسلام بنفس الصفة التي سبق وألصقوها بالشيوعية ألا وهي الشمولية، فصار هناك إسلاما شموليا على غرار الشيوعية الشمولية، وصار هناك إسلاما فاشيا وفق أنصار مدرسة "الإسلام الفاشي"، التي تضم نورمان بودهورتز ، ديفيد هورويتز ، بيل أورايلي ، باميلا جيلر. فقد أصبح الأصوليون ببساطة هم "الشموليين الجدد" ، تماما كما كان يطلق على الشيوعيين. ويكفي أن تسمع مقولة المفكر اليميني الليبرالي بول برمان الذي حاول إثبات أن "المسلمين المعتدلين" هم أصوليون في ثوب إصلاحي.

ووفقا لجون فيفر فإن هؤلاء ينظرون لكل العالم الإسلامي على أنه كتلة واحدة، تماما كما كانوا ينظرون للاتحاد السوفيتي والشيوعية، وكما فشلت الإدارة الأمريكية في مكافحة الشيوعية حين ساوت بين ليونيد بريجنيف الشيوعي المتشدد، وميخائيل جورباتشوف الشيوعي المصلح، فإنها ستفشل كذلك في مكافحة الإسلام حين تساوي بين المتشددين والمصلحين، وحين ترى أن جذور الإرهاب كامنة في الإسلام نفسه لا في تصرفات فئات متطرفة من المسلمين، تماما كما كان يُنظر إلى الشعب السوفيتي أثناء الحرب الباردة.

سياسة صليبية واحدة

من اللافت للنظر حسبما يرى جون فيفر أن الرئيس أوباما كان حريصا بصورة مبالغ فيها أثناء حملته الانتخابية على تأكيد هويته المسيحية، فكثيرا ما شوهد يصلي في الكنائس، مع تجنبه المساجد وكأنه حريص على طمس أي آثار للهوية الإسلامية في ماضيه، وبطبيعة الحال ركز منافسوه أيضا خلال الحملة الانتخابية على اسمه الأوسط حسين، وأكدوا على تعاطفه مع الفلسطينيين، كما حاولوا تحويل الدوائر الليبرالية - ولا سيما تلك اليهودية الأمريكية - ضد الرئيس المفترض.

وفور وصوله للسلطة أعلن تخليه عن سياسات إدارة بوش تجاه العالم الإسلامي، وأعلن عن عزمه سحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، وحاول الضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف توسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومن أجل العودة للمفاوضات (على الرغم من عدم اللجوء إلى هذا النوع من الضغوط الذي قد يكون مفيدا ، مثل الخفض أو حتى وقف صادرات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل). ولكنه ما إن وصل القاهرة وألقى خطابه الشهير الذي وجهه للعالم الإسلامي في يونيو 2009 ، حتى استعار نفس المصطلح الذي أطلقه بوش باسم "الحرب العالمية على الإرهاب".


وبعد مرور ما يقرب من عامين على توليه الرئاسة الأمريكية ما زالت القوات الأمريكية مرابطة في الأراضي الأفغانية، وتصاعدت الهجمات على الحدود الباكستانية والتي شنتها طائرات أمريكية بدون طيار، وانتشرت القوات الأمريكية الخاصة المتمركزة في 75 دولة حول العالم أي أكثر مما كان في عهد بوش بأكثر من 15 دولة، وفي نفس الوقت ما زالت معسكرات جوانتانامو مفتوحة ، وما تزال الولايات المتحدة تمارس عمليات الملاحقات الأمنية والتسليم والاغتيالات كجزء من الأدوات التي تتبعها واشنطن.

فمعظم المدنيين الذين قتلوا في هذه العمليات العسكرية من المسلمين، وأغلب المعتقلين والملاحقين الذين يتم استجوابهم من المسلمين، وأكثر المباني التي دمرت هي للمسلمين، وكنتيجة لذلك كما يرى جون فيفر أن هذا الخطاب الصليبي والممارسات الصليبية قد أدت لانخفاض شعبية أوباما الآن داخل العالم الإسلامي كثيرا عن بداية فترة رئاسته، ففي مصر انخفضت نسبة تأييده من 41٪ عام 2009 إلى 31٪ الآن، وفي تركيا انخفضت من 33٪ إلى 23٪، وفي باكستان من 13٪ إلى 8٪.

في الوقت نفسه يؤكد فيفر أن ما يشهده العالم الغربي أحيانا من هجمات حاليا دافعها الانتقام لما ارتكبته أمريكا منذ الحادي عشر من سبتمبر وليس دافعها الدين، والكثير من المسلمين اليوم يرون إدارة أوباما كامتداد لإدارة بوش تماما في التصعيد ضد المسلمين.

ويختتم فيفر مقاله بالتحذير من استمرار الإسلاموفوبيا؛ فالانتصارات التى حققتها حركة الشاي الأمريكية وتصاعد أصوات الجمهوريين المتشددين في الكونجرس، ناهيك عن نهضة اليمين المتطرف في أوروبا، كل هذه الشواهد توحي بأن الغرب سوف يعيش مع هذا الخوف المرضي لبعض الوقت. فيقول "إذا كانت الحروب الصليبية قد استمرت مئات السنين، دعونا نأمل أن الإصدار الثاني من الحملات الصليبية، وعصر الظلام الذي وضعنا أنفسنا فيه، يكون أقصر عمرا من ذلك بكثير".


رابط النشر



الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010

جوائز SEED لعام 2010 أفكار إبداعية للتنمية المجتمعية

أمل خيري

جهاز مبتكر لتحويل الطاقة الشمسية المهدرة إلى كهرباء في المناطق الريفية الصينية، مشروعات تجارية تقوم بتدوير المخلفات الزراعية في أوغندا، مشروع دراجة الخيزران في غانا، مشروعات تجارية تديرها نساء في جنوب إفريقيا، تصنيع جهاز لغسل الأيدي موفر للماء.. كل هذه المشروعات كانت بين المشروعات الثلاثين الفائزة بجوائز مبادرة SEED لعام 2010، والتي أعلن عن نتائجها الشهر الجاري.

وتعد مبادرة SEED مبادرة عالمية تهدف للعمل في مجال التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، تأسست بشراكة برنامج الأمم المتحدة للبيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ومواردها، وذلك خلال القمة العالمية للتنمية المستدامة التي عقدت بجوهانسبرج عام 2002.

حلول إبداعية

تقوم مبادرة SEED بدعم المشروعات المؤسسية الابتكارية الصغيرة الحجم التي تدار محليا، وتنطوي على فوائد اجتماعية وبيئية داخل نموذج العمل التجاري، ويشمل هذا الدعم تطوير قدرة أصحاب هذه المشروعات على النمو، وكذلك العمل على تطبيق هذه المشروعات في مناطق أخرى من أجل مساهمة هذه المشروعات في تنمية المجتمعات المحلية، مع العمل على تعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، والحد من الفقر والتهميش والبطالة والاقصاء الاجتماعي.

تبحث مباردة SEED عن أفكار المشروعات التجارية الصغيرة المبتكرة حول العالم من خلال جائزة سنوية لدعم أصحاب المشروعات المؤسسية الصغيرة في مجال التنمية المستدامة، وبالتالي فهي ترحب بأي فكرة مبتكرة واردة من إحدى المؤسسات أو المنظمات العاملة في إحدى الدول النامية، بشرط أن تكون هذه المؤسسات داخلة في علاقة شراكة مع آخرين بهدف العمل على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأن تساهم في الحد من الفقر، وتعمل على تحسين أحوال البيئة المستدامة، للوصول إلى أفضل تطبيقات للاقتصاد الأخضر أو الاقتصاد البيئي.

ويشترط في المشروعات المختارة أن تقوم بتوفير خدمات للمجتمع المحلي بطرح منتجات جديدة في السوق أو تطوير طرق جديدة وفعالة ومستدامة لتوليد الدخل وتحقيق فوائد اجتماعية كتنظيم المجتمع المحلي، أو تأهيل وتشغيل الأيدي العاملة، أو تسهيل الوصول للخدمات الأساسية كالصحة والتعليم، أو تحقيق فوائد بيئية مثل تقليل انبعاثات الكربون، أو حماية البيئة من التلوث، أو المحافظة على التنوع الطبيعي.

وبخلاف معظم المسابقات الأخرى فإن جائزة SEED لا تقوم بمنح جائزة نقدية، بل تقدم دعما معرفيا وخدميا، حيث يحصل الفائزون على حزمة من خدمات الدعم من بينها التعريف بمبادرتهم وإبرازها على الصعيد القومي والدولي، وتوفير إمكانية الوصول إلى منظمات ومؤسسات أعمال ذات صلة وأهمية، كالفائزين السابقين أو داعمي SEED أو المؤسسات الشريكة، وتنمية وتطوير مهارات أصحاب المشروعات كإدارة علاقة الشراكة، وتقديم تقارير الخبرة المالية والتقنية ومهارات تخطيط العمال التجارية، وأيضا تقوم المبادرة بتقديم مساهمة مالية بمبلغ 5000 دولار أمريكي لغرض تنفيذ بند أو بنود معينة من خطة الدعم هذه، وذلك على الوجه الذي يتم الاتفاق عليه بين الفائز ومبادرة SEED.

إفريقيا الخضراء

وكجزء من مشروع موسع طرحته المجموعة الأوروبية في مجال الاقتصاد الأخضر، فقد وجهت جائزة SEED بؤرة الاهتمام لإفريقيا لعامي 2010 و2011، وفي الثالث من شهر نوفمبر الجاري أعلن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) عن الفائزين الثلاثين لهذا العام، وقد ركزت معظم المشروعات الفائزة على القطاع الريفي والزراعي، وأيضا على تغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي وإدارة النفايات، وتم اختيار المشروعات الفائزة بواسطة لجنة تحكيم دولية مستقلة تضم خبراء في الاقتصاد والبيئة.

تنتمي المشروعات الفائزة لعشر دول من بينها سبع دول إفريقية ودولتان آسيويتان ودولة في أمريكا الجنوبية، وكان لكينيا نصيب الأسد من الجوائز حيث حصدت سبع جوائز تليها غانا وجنوب إفريقيا حيث فازت كل منها بست مشروعات، ومن السنغال فازت ثلاث مشروعات، وحصلت كل من رواندا وبوركينا فاسو على جائزتين، أما أوغندا وسريلانكا والصين وكولومبيا فقد حصلت كل دولة على جائزة واحدة.

كينيا الفائز الأكبر

فاز من كينيا سبع مشروعات متنوعة وهي:

1. برنامج حقيبة الظهر للحقول: هذه المبادرة تحقق الاكتفاء الذاتي الغذائي للمجتمعات الريفية من خلال تزويد أصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة بمجموعة ديناميكية من الأدوات الزراعية والتدريب والرصد الشامل يتم تسليمها وتوزيعها في حقيبة من القماش تحمل على الظهر.

2. قصب البردي أملنا المستقبلي: عبارة عن مشروع مستدام لحصاد وتصنيع قصب البردي لإنتاج السلالات عالية الجودة، والحقائب، والسجاد، والكراسي، وحصائر النوم والبطانيات، واستخدام النفايات كسماد طبيعي، ويعمل على تنفيذ المبادرة منظمات شبابية مجتمعية ومؤسسة بحوث محلية.

3. مشروع "المصابيح الشمسية: استبدال مليون مصباح شمسي بمليون مصباح كيروسيني": ويقوم بتنفيذ هذه المبادرة شركة خاصة، ومنظمة محلية غير حكومية، ومؤسسة للتمويل الأصغر توفر خدمات اقتصادية وبيئية وصحية للأسر الريفية والحضرية وتقوم بإمداد وتوزيع المصابيح الشمسية وتدريب الشباب أصحاب المشاريع الصغيرة.

4. المشروع المجتمعي للنباتات الطبية لحفظ التنوع البيولوجي: مشروع رائد بدأته إحدى المنظمات المجتمعية والحكومية الوطنية والدولية وبعض مؤسسات البحوث لتوليد مصادر بديلة للدخل وزيادة الوعي بقيمة التنوع البيولوجي في المجتمعات الريفية القائمة على الزراعة التجارية وتصنيع النباتات الطبية الطبيعية.

5. مراكز تجميع حبوب القرية:(VCAC) وهي شراكة بين مشروعات تجارية محلية والحكومة الوطنية وبين مشتري الحبوب لتأسيس مراكز إدارة متنقلة في القرى بعد الحصاد؛ لتمكين المزارعين من تقديم الحبوب عالية الجودة والقيمة للسوق، وتشجيع المزيد من الشباب على المشاركة في إنتاج الحبوب.

6. مشروع تصنيع أسلاك السياج من نفايات البلاستيك: ويقوم على إعادة تدوير النفايات البلاستيكية لتصنيع أسلاك وحواجز صديقة للبيئة وذات شكل جمالي تسهم في الحد من النفايات البلاستيكية في الشوارع والحقول المفتوحة، وكذلك تعمل على توفير المواد البديلة للأسيجة الخشبية التقليدية مما يسهم في الحفاظ على الغابات.

7. تسويق منتجات شجرة الغاف Prosopis Juliflora: وهي من الأشجار الصحراوية التي تتحمل درجات الحرارة العالية والجفاف والتقلبات الجوية والرياح، لكنها غير مرغوب فيها في كثير من المناطق، لذا فقد عملت إحدى المنظمات المحلية المجتمعية غير الحكومية بالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة(الفاو) على تشجيع الاستخدام التجاري لهذه الأشجار كالوقود وأخشاب البناء وعلف الماشية، حيث يؤدي تطوير سوق وطنية مستدامة لتعظيم العوائد للمجتمعات المحلية.

من الدراجات للوقود الحيوي

ومن غانا فازت ست مشروعات:

1. برنامج التمكين الاقتصادي لإنتاج الشيا: وهو برنامج يركز على تحسين سبل المعيشة للنساء العاملات في إنتاج زبدة الشيا (تستخرج من ثمار إحدى الأشجار الإفريقية وتستخدم في مستحضرات التجميل)، ويقوم البرنامج بتقديم التدريب، وتيسير الحصول على التكنولوجيا المحسنة.

2. برنامج G-lish لتوليد الدخل: والهدف منه توفير الدخل للمجتمعات الريفية من خلال صناعة السلال عبر تدوير النفايات، وهي بذلك تساهم في المحافظة على تاريخ صناعة السلال التقليدية، دون هدر الأشجار.

3. مشروع الاستفادة من شجرة البريكيس: وهو مشروع لتصنيع العصائر من فاكهة شجرة البريكيس وذلك من أجل تنمية المجتمعات المحلية، عبر تشجيع الزراعة المستدامة لهذه الأشجار مما يعمل على توليد الدخل للمزارعين.

4. مشروع تصنيع دراجات من الخيزران: وهي مبادرة تقودها مؤسسة شبابية غير ربحية ملتزمة بالتمكين الاقتصادي للشباب، من خلال الاستفادة من وفرة المواد الخام من الخيزران في غانا لتصنيع وتجميع الدراجات الخيزران عالية الجودة، والمناسبة لظروف الطرق والتضاريس في غانا وبأسعار معقولة للفقراء.

5. مشروع DeCo للسماد العضوي: وهو مشروع لخدمة المزارعين المحليين عبر إنتاج السماد العضوي في محطات مركزية باتباع نهج التكنولوجيا المنخفضة، كما يستهدف توعية وتثقيف المزارعين بمزايا الإدارة المستدامة للأراضي.

6. مشروع إنتاج الوقود الحيوي لتعزيز الإدارة المستدامة للأراضي: وهو عبارة عن شراكة بين منظمات غير حكومية ومؤسسات بحثية وطنية بهدف تحسين أحوال الأراضي، وإنتاج المحاصيل الغذائية واستخدام الطاقة المتجددة من خلال زراعة نبات دوار الشمس واستخدامه في تصنيع الوقود الحيوي، كما يشمل البرنامج أيضا تشجيع تربية النحل.

تدوير النفايات ومصائد الأسماك

أما المشروعات الست الفائزة من جنوب إفريقيا فكانت كما يلي :

1. مبادرة شراء النفايات: وهي ثمرة تعاون بين منظمات محلية غير حكومية ومنظمات حكومية لشراء النفايات المنزلية كالزجاجات البلاستيكية، وإعادة تدويرها وتصنيعها مما يؤدي للحد من انتشار القمامة، كما تعمل على حماية الموارد الطبيعية وتوفير فرص العمل.

2. " "IziWasha: مشروع لإنتاج جهاز مبتكر لغسل الأيدي في الدول ذات الدخل المنخفض، لا يعتمد الجهاز على الكهرباء ولا إمدادات المياه المنزلية، كما يعمل على ترشيد استهلاك المياه وتوفير الطاقة.

3. تحسين معيشة قرية مويريفر عبر تدوير النفايات: وذلك بتحسين أوضاع جامعي النفايات في القرية الذين يحصلون على الدخل عبر إعادة تدوير النفايات، ويهدف المشروع لإضفاء الطابع الرسمي على هذه الفئة، بتوفير المأوى والملابس الواقية والمعدات التقنية لتوفير فرص عمل مغرية لعدد أكبر من السكان.

4. مصايد أسماك السلمون المتوحشة: أول مناطق الصيد الترفيهية التي تهدف لتشجيع السياحة في المناطق الريفية الفقيرة، حيث يتم تدريب السكان المحليين على مهارات الصيد مما يخلق فرص عمل للسكان وتحسين البيئة من خلال الحفاظ على الحياة البرية والمائية.

5. "الغذاء والأشجار من أجل إفريقيا": وهي مبادرة اجتماعية تستهدف تخضير المناطق الحضرية، ومكافحة تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي من خلال غرس الأشجار، تقوم بها بعض المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، وتوفر هذه المبادرة عروض التدريب على المهارات في إدارة الموارد الطبيعية وتطوير الحدائق العضوية المستدامة للمجتمعات الفقيرة، وقام المشروع كذلك بتصميم مقياس لنسب الكربون.

6. مبادرة Claire Reid Reel للتشجير: وتقوم بتزويد الشباب ببذور الأشجار المخصبة، مع توفير الإرشادات حول كيفية الزراعة بسبع لغات مختلفة، وذلك بهدف تشجيع إنشاء الحدائق المستدامة في جميع أنحاء جنوب إفريقيا.

كهربة الريف والوقود الحيوي

ومن السنغال فاز مشروعان لكهربة الريف ومشروع آخر للتنمية الزراعية:

1. مشروع كهربة الريف: وهو مشروع لإنشاء مولدات للطاقة الريفية، باستخدام مصادر الطاقة المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية وأنظمة الطاقة البديلة.

2. مبادرة زهرة الأمل: وهي مبادرة تقوم على نظام الفرانشايز بهدف العمل على التنمية الزراعية، من خلال تدريب مجموعات المجتمع ذات الدخل المنخفض ليصبحوا رجال أعمال زراعيين ناجحين، وبالتالي توليد المزيد من الدخل للمجتمعات المحلية.

3. مشروع kayor لتوليد الطاقة الريفية وكهربة الريف بواسطة الطاقة الشمسية الضوئية، وهو مشروع يهدف لتوفير حلول الطاقة الشمسية للمجتمعات الريفية، وتتيح الشراكة مع مؤسسات التمويل الصغير للعملاء الحصول على المعدات والآلات بقروض تمويلية تلائم ظروفهم.

أما بوركينا فاسو فقدمت مشروعين للوقود الحيوي والمبيدات البيولوجية:

1. تصنيع وترويج قوالب الكتلة الحيوية: وهو مشروع يهدف لإحلال قوالب الكتلة الحيوية (وهي مصادر غير تقليدية للوقود) من الأوراق المتساقطة وغيرها من مصادر الكتلة الحيوية غير المستخدمة محل الخشب والفحم، ويساعد هذا المشروع على مكافحة التصحر، وخلق فرص عمل في المجتمعات الريفية ورفع مستوى الوعي لإيجاد مصادر بديلة للطاقة.

2. مبادرة لتشجيع وتوزيع المبيدات البيولوجية: هدف هذه المبادرة الطموحة تعزيز مكافحة الآفات البيئية للمحاصيل العضوية، وخاصة القطن والخضروات والمحاصيل المنتجة للوقود، مما يؤدي لزيادة الغلة والحفاظ على بيئة الإنتاج.

الغاز الحيوي والتنوع البيولوجي

من رواندا فاز مشروعان للطاقة البديلة:

1. مشروع إنتاج وتوزيع الغاز الحيوي في أسطوانات الغاز المضغوط: وقد تم تطوير هذه المبادرة من قبل شركة خاصة، ومنظمة غير حكومية دولية ومنظمات حكومية لإنتاج وتخزين الغاز الحيوي المضغوط لأغراض الطهي، ويتم تصنيع هذا الغاز من النفايات الحضرية المنزلية والصناعية، وبذلك يتم تقديم مصادر بديلة للحطب والفحم مما يسهم في حماية البيئة.

2. مشروع إنتاج الفحم النباتي وتدوير الدخان: ويستهدف زيادة إنتاج الطاقة من الفحم عبر إعادة تدوير الأدخنة وتعزيز التكنولوجيا، مما يقلل إهدار الغابات المستخدمة لإنتاج الفحم ويقلل من تلوث الهواء.

أما المشروع الفائز من الصين فيحمل عنوان "SolSource"، وهو عبارة عن جهاز للطاقة الشمسية على هيئة أطباق القمر الصناعي، مزود بوحدات محمولة قابلة للنقل، تحول طاقة الشمس المهدرة إلى كهرباء أو تخزينها في أقمشة حرارية لاستخدامها لاحقا، هذا الجهاز المبتكر يسخر طاقة الشمس لتوفير مصادر محمولة للوقود لأغراض الطهي والإنارة للأسر ذات الدخل المنخفض بأسعار في متناول الجميع.

ومن كولومبيا فاز مشروع التنوع البيولوجي للغابات المطيرة: وهي مبادرة تستخدم الفاكهة واللباب في مستحضرات التجميل والصناعات الغذائية المحلية، وذلك للحد من إزالة الغابات الاستوائية وتعزيز الإدارة المستدامة للتنوع البيولوجي المحلي وتوليد فرص دخل للأسر المحلية.

مشروع ORIBAGS من أوغندا :وهو مشروع لصناعة أكياس الورق اليدوي، وحلي الزينة وورق الطباعة من المخلفات الزراعية وفي ذلك قش القمح وغيره من الألياف الطبيعية، ويعمل المشروع على تمكين النساء صاحبات المشروعات وتقديم بدائل صديقة للبيئة لأكياس البلاستيك.

وأخيرا من سريلانكا فاز مشروع "شبكة المؤسسات الريفية (REN)": وتهدف إلى ربط صغار المزارعين بالأسواق من خلال تحسين جودة المنتج، والحصول على معلومات تسويقية وإنشاء علامة تجارية مشتركة، عن طريق تنظيم عضوية المنتجين في شبكة من المؤسسات الزراعية والمؤسسات العاملة في تجهيز الأغذية، مما يساعد على استفادة المزارعين من خدمات التسويق المشترك.

http://www.onislam.net/arabic/nama/news/126500-community-development.html