الثلاثاء، 7 مايو 2013

شركات التسويق الهرمي تبيع الوهم لضحاياها بدعوى الكسب السريع


بعد سقوط عصابة تخصصت في النصب على المصريين عبر الانترنت

كتبت: أمل خيري
جريدة الشعب عدد 50

"هل تحب أن تصبح مليونيراً؟ "، "استثمر وقتك على الانترنت واكسب أموالا دون تعب"، "هل تؤمن بالفرص الحقيقية؟ إذن لا تضيع الفرصة لكسب مضمون وسريع".
عناوين يطالعها يوميا مرتادو شبكة الانترنت، تبشرهم بالكسب السريع دون تعب أو مجهود كأسلوب شائع لجذب عملاء جدد في الشركات التي تعمل بنظام التسويق الهرمي والذي انتشر بقوة في الآونة الأخيرة. إلا أن خبر نجاح أجهزة الأمن بالقاهرة في الكشف عن أكبر قضية نصب شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة دفع بالكثير ممن تعرضوا للاحتيال والنصب من قبل مثل هذه الشركات إلى التقدم ببلاغات مماثلة بعد اكتشاف تعرضهم لعمليات من النصب من قبل شركات تدعوهم إلى استثمار أموالهم والحصول على فوائد مقابل استثمارها في مجال تسويق الإعلانات عبر شبكة الانترنت، وبعد حصول هذه الشركات على الأموال لم يحصل المشتركون على الأرباح المزعومة.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على وكلاء شركة "جلوبال آد مارت" فى مصر، بعد العديد من البلاغات المقدمة ضد أصحاب الشركة لعدم دفعها أي أرباح لضحاياهم الذين وصل عددهم للآلاف من المواطنين، وقد نجح أفراد العصابة في جمع أكثر من60 مليون جنيه من المجني عليهم بزعم توظيفها بواقع1300 دولار لكل مشترك.
يذكر أن شركة "جلوبال آد مارت" قد انتشرت فى مصر بشكل واسع فى الربع الأخير من عام 2012 وتقوم فكرتها على أن يدفع المشترك من 500-1500 دولار امريكي، ويشاهد الإعلانات التجارية أسبوعيا فى مقابل أن يحصل على 50  دولار أسبوعيا، كما يحصل على 32 دولار عن كل شخص يشترك عن طريقه، وبهذا استطاع وكلاء جلوبال أن يجمعوا ملايين الدولارات فى خلال عدة شهور.


ما المقصود بالتسويق الهرمي ؟
يقصد بالتسويق الهرمي Pyramid scheme: إقناع الشخص بشراء سلعة أو منتج على أن يقوم بإقناع آخرين بالشراء، ليقنع هؤلاء آخرين أيضا بالشراء وهكذا، وكلما زادت طبقات المشتركين حصل الأول على عمولات أكثر، وكل مشترك يقنع من بعده بالاشتراك مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذا نجح في ضم مشتركين جدد يلونه في قائمة الأعضاء.
تشارلز بونزي

وتعود فكرة التسويق الهرمي إلى الإيطالي "تشارلز بونزي" (1882-1948) أحد أكبر المحتالين في التاريخ الأميركي، والذي أنشأ طريقة الاحتيال الشهيرة ب"سلسلة بونزي"، والتي أصبحت من أشهر طرق النصب والاحتيال وسرقة المال عبر الإنترنت. ويقوم هذا النوع من الاحتيال عن طريق دفع عوائد كبيرة جدا للمساهمين في المشروع الوهمي عن طريق مدخرات أو استثمارات المساهمين الجدد، وايهام الناس بأن هذه العوائد هي نتيجة الأرباح من المشاريع، وبهذه الطريقة يستطيع المحتال أن يعلن عن نفسه بشكل غير مباشر عن طريق المساهمين الذين استلموا أرباحهم أو رؤوس أموالهم في موعدها أو حتى قبل الموعد المخصص لاستحقاقها، وبهذا يكون المحتال قد كون له سمعة ممتازة يستطيع من خلالها استقطاب مساهمين آخرين .
وكان بونزي قد وعد في عام 1920 بدفع فائدة حجمها 50 % على ودائع لفترة 45 يوماً فيما أسماه بمحفظة بونزي، وزعم أنه يولد عوائد ضخمة من شراء وبيع العملات ومعدلات الفائدة. وانتشر خبر المحفظة، وبالفعل تم دفع الأرباح للمستثمرين؛ حيث كان يستخدم نقود المستثمرين الجدد كي يدفع إلى المستثمرين السابقين!.
وخلال سنة واحدة تجاوزت الأموال المستثمرة في المحفظة 2.5 مليون دولار. إلا أن ما يجهله الكثيرون أن مصير بونزي كان السجن عام 1934، وبعد إطلاق سراحه تم نفيه إلى إيطاليا ثم البرازيل، حيث أمضى السنوات الأخيرة من حياته في فقر مدقع، ثم أصيب بجلطة دماغية في عام 1948، وتوفي في أحد المستشفيات الخيرية بريو دي جانيرو في عام 1949.
ويجب التمييز بين التسويق الهرمي والتسويق الشبكي الذي قد تلجأ له شركات كبرى للتشجيع على جلب زبائن آخرين بمقابل مادي دون أن يكون على الزبون دفع أو إستثمار ماله الخاص، لكن عمليا، فإن شركات التسويق الهرمي لا تستعمل هذا المصطلح لوصف طريقة عملها وتستعمل مصطلح التسويق الشبكي كغطاء واسم لنشاطها التجاري وهو ما يجب أن يحذر منه الناس.
البيع الهرمي في القانون والشرع

من الناحية القانونية يعتبر البيع الهرمي ممنوعا بنص القانون في عديد من الدول، إلا أن الشركات الجديدة التي تنشأ تتحايل دائما في إخفاء طريقة عملها، ويظل الضحية هو الوحيد الذي بإمكانه كشف ذلك، إلا أن المفارقة أن بعض الضحايا بعد اكتشافهم عملية النصب يستمرون في سلسلة البيع الهرمي ويسعون لجلب ضحايا جدد حتى يتمكنون من إسترجاع استثمارهم الأصلي، وهو ما يجعل من الصعب اكتشاف هذه الشركات ومتابعتها قضائيا.
أما من الناحية الشرعية؛ فقد نصت فتوى لمجمع الفقه الإسلامي على أن البيع الهرمي حرام شرعا؛ ذلك أنها تضمنت الربا بنوعيه، ربا الفضل وربا النسيئة، فالمشترك يدفع مبلغا قليلا من المال ليحصل على مبلغ كبير منه، فهي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا هو الربا المحرم بالنص والإجماع.
كما يعد هذا البيع من الغرر المحرم شرعا، لأن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أم لا ؟.
إضافة إلى ما تنطوي عليه هذه المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس على الناس، من جهة إظهار المنتج وكأنه هو المقصود من المعاملة والحال خلاف ذلك، ومن جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالبا، وهذا من الغش المحرم شرعا.
وأضافت الفتوى أن هذه المعاملة تشتمل على أكل الشركات لأموال الناس بالباطل، حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة ومن ترغب إعطاءه من المشتركين بقصد خداع الآخرين، وهذا الذي جاء النص بتحريمه في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل).


هناك تعليقان (2):