التواصل الفعال في المجتمعات التخيلية .....إيجابياته وسلبياته
أمل خيري
الفضاء الشبكي ذلك العالم الذي فرضته الإنترنت والذي أصبح واقعا معاشا لكثير من مرتادي الإنترنت قد ساهم في تغيير الكثير من المفاهيم السائدة في العلوم الإنسانية .
فقديما كان مفهوم المجتمع يدور حول تجمع مجموعة من البشر يجمعهم مكان واحد وهوية واحدة بحيث يتشاركون نفس الموارد والقيم والمعتقدات، هذا المفهوم تغير إلى حد كبير في ظل الفضاء الشبكي بحيث زالت كل الحواجز الزمانية والمكانية كما ذابت كل الحدود بين الدول وبين الثقافات المختلفة واختفى مفهوم المجتمع في صورته التقليدية ليحل محله مفهوم مجتمع الانترنت أو ما اصطلح عليه بالمجتمع الافتراضي أو التخيلي والذي يعني بالأساس التقاء مجموعة من الأفراد في الفضاء الشبكي أو في العالم الافتراضي بحيث يتعارفون ويتفاعلون ويتواصلون وتتطور علاقاتهم عبر الزمن دون الحاجة للالتقاء وجها لوجه لا يجمعهم مكان مشترك بل فقط مصلحة مشتركة أو اهتمام واحد .
والتواصل هنا أيضا لم يعد تواصلا بالمعنى التقليدي المتعارف عليه من تواصل لفظي صوتي بصري في نفس الوقت بل أصبح تواصلا افتراضيا يتم في أكثره عبر النص أو الرسالة المكتوبة وقد يتطور فيما بعد إلى تواصل لفظي عن طريق المحادثات الصوتية أو حتى بصري باستخدام الويب كام إلا انه يظل مع ذلك تواصلا افتراضيا مختلفا عن التواصل الحقيقي على أرض الواقع .
ويعبر التواصل بشكل عام عن نشاط إنساني يؤدي لالتقاء الأفراد لتبادل المعلومات والخبرات ولا يسمى تواصلا إلا إذا اكتسب صفة الاستمرارية، أما التواصل الفعال فهو التواصل الذي يساعد على فهم الرسالة بشكل يؤدي إلى تطوير العلاقات.
ويتميز التواصل في المجتمعات التخيلية بمجموعة من الإيجابيات كما تحيطه عدة محاذير وسلبيات.
إيجابيات التواصل في المجتمعات التخيلية:
- هذا النوع من التواصل مثّل طفرة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الانطواء أو الخجل ولديهم صعوبة في اكتساب الأصدقاء والتواصل وجها لوجه حيث أتاح لهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم ومشاعرهم بصورة أفضل بلا قيود.
- إمكانية التعرف على أكبر عدد ممكن من الناس بأسرع ما يمكن وبأقل تكلفة.
- أتاحت هذه الشبكة الهائلة من الاتصالات مزيدا من التفاعل بين أعداد كبيرة في نفس الوقت بدءا من التواصل الفردي وانتهاء بتنظيم المؤتمرات وحلقات النقاش بين مجموعات إلكترونية غير محدودة العدد.
- ذوبان الاختلافات بين الأفراد وان تباينت الثقافات المحلية والعادات والتقاليد الحاكمة التي ربما كانت تمثل قيودا وعوائق في حالة التواصل وجها لوجه إلا أنها هنا تذوب وتختفي وتبقى المصلحة المشتركة أو الاهتمام المشترك هو المحرك الأول للتواصل.
- في ظل اختفاء تعبيرات الوجه ونبرات الصوت وحركات الجسد خلف شاشات الكمبيوتر خلال هذا العالم التخيلي يكون التركيز على محتوى الرسالة نفسها والتركيز على وضوحها.
سلبيات التواصل في المجتمعات التخيلية:
- يشكك الكثير في مصداقية هذ ا التواصل حيث يكثر الكذب والخداع والتضليل فتشير الدراسات إلى أن حوالي 60% من رواد الإنترنت يخفون هوياتهم الحقيقية.
- عدم وضوح الحالة النفسية أو المزاجية للطرف الآخر في عملية التواصل يعيق من فهم الرسالة ويحدث فجوة أثناء التواصل لذلك تكثر نسبة حدوث نزاعات أو خلافات فكرية بين المتواصلين تخيليا نتيجة اختفاء التفاعل ما بين الألفاظ والنبرات والإيماءات .
- هذه العلاقات كما تبدأ سريعا وبطريقة ايسر من العلاقات الواقعية لا تلبث أن تنتهي وتزول بسهولة أيضا.
- الانجذاب نحو عالم تخيلي لذيذ قد يؤدي بالفرد للاستغراق فيه بشكل يبعده عن ممارسة الأنشطة الاجتماعية أو العائلية مما قد يؤدي لنوع من الإدمان يجعل الفرد منفصلا عن الواقع ولا يستطيع التعايش مع البشر.
- تظهر مشاكل التواصل بين الجنسين التي كثيرا ما تتطور لشكل سلبي ربما تدفع إلى ارتكاب الخطيئة ما لم يكن هناك مجموعة من الضوابط أثناء هذا التواصل.
في ظل هذه السلبيات قد يتساءل البعض عن جدوى مثل هذا النوع من التواصل وإمكانية تحقيقه نتائج إيجابية إلا أن الأمر مرهونا باقتناعك أن الإنترنت ليست غاية بل مجرد وسيلة وفي النهاية يجب أن توجه الوسيلة وتتحكم فيها لا أن تتحكم هي فيك.
كما يجب الحرص على تكوين شبكة من العلاقات الواقعية مع الانخراط في أنشطة اجتماعية جنبا إلى جنب مع علاقات التواصل الافتراضي والأنشطة الشبكية حتى يتحقق التوازن بين الافتراضي والواقع.
وقمة النجاح في التواصل الشبكي الوصول بهذه العلاقات الافتراضية إلى علاقات ملموسة وان تتحول الدعوة الإلكترونية إلى مشروع دعوي على ارض الواقع لأن المجتمع الحقيقي في أمس الحاجة لهذه الدعوة وهذا ليس محالا فيكفي أن نتذكر مقولة أحد المصلحين حين قال" أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم على أرضكم" .
في النهاية تذكر أن التواصل الفعال في المجتمعات الافتراضية هو الذي ينجح في:
· التوازن ما بين الافتراضي والواقع.
· ترجمة العلاقات الافتراضية إلى واقع ملموس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق