بقلم : أمل خيري
فرض الاتجاه العالمي المتزايد حول العولمة عدة تحديات عالمية برزت بشدة وأصبح من الضروري مواجهتها بشكل دولي كما أصبح من الضروري توعية الأطفال شباب المستقبل بحقيقة هذه المشكلات وتسليط الضوء على طبيعة الأدوار المنوطة بهم في سبيل حل هذه المشكلات.
وكخطوة نحو المساهمة في تعليم وتوعية الطلاب بالقضايا العالمية أنشأت الأمم المتحدة الحافلة المدرسية الالكترونية Cyber school bus في عام 1996 كبرنامج للتعليمِ من خلال الإنترنت حيث
تتلخص مهمّته في الترويج للتعليم حول القضايا الدولية من خلال توفير مصادرَ تربوية وتعليمية للمعلمين تمكنهم من تعريف الطلاب بالقضايا الدولية بأسلوب تفاعلي مرح مما يوفر منتدى عالمي للطلاب للتعلم حول العالم الذي يعيشون فيه ويأتي هذا البرنامج كجزء من قسم المعلومات العامة للأُمم المتّحدة.
وأحد المناهج الدراسية التي توفرها الحافلة المدرسية وضع منهج دراسي يتعلق بالفقر لتلاميذ المرحلة الابتدائية والإعدادية بعدة لغات من بينها اللغة العربية حيث تم تقسم المنهج إلى خمس وحدات إضافة إلى المقدمة والخاتمة وتشتمل كل وحدة على شرح للموضوع مع ممارسة نشاط مصاحب في غرفة الدراسة إضافة إلى مجموعة من الأنشطة التي يقوم بها التلاميذ في خدمة المجتمع المحلي.
ماذا تفعل لو كنت فقيراً؟
يبدأ المعلم بتعريف تلاميذه أن ما يربو على خُمس سكان العالم يعيشون في فقر وانه على الرغم من أن مستويات المعيشة تتباين تبايناً كبيراً فيما بين الدول؛ بيد أن آثار الفقر تظل ثابتة، وهي : الجوع، وانعدام المأوى، والافتقار إلى التعليم، والافتقار إلى الموارد اللازمة لإشباع حاجات الإنسان الأساسية.
ولتثبيت هذه الحقائق يقسم المعلم التلاميذ إلى ثلاث مجموعات تمثل فئات الدخل الثلاث الموجودة الآن في العالم - وهي الفئة ذات الدخل المرتفع، والفئة ذات الدخل المتوسط، والفئة ذات الدخل المنخفض. ويمثل 15% من التلاميذ الفئة ذات الدخل المرتفع، بينما يمثل 30% من التلاميذ الفئة ذات الدخل المتوسط، ويمثل بقية التلاميذ (55%) الفئة ذات الدخل المنخفض.
مع جعل كل فئة من التلاميذ تتخيل نفسها في نفس ظروف الفئة التي تمثلها من خلال قصص عن أطفال يعيشون هذه الظروف تمهيدا لجعل التلاميذ يبدءون في التفكير بشأن خدمةالمجتمع، فيطلب إليهم المعلم أن يجمعوا قائمة بأماكن إيواء المشردين وأماكن توزيع الأغذية المتبرع بها، ودور العبادة وغيرها من المنظمات التي تخدم من يعيشون في الفقر فيمجتمعهم المحلي. وسيعلم التلاميذ من خلال هذه القائمة بالخدمات المختلفة المتاحة لأفراد مجتمعهم المحلي، وسيعلمون أيضاً بفرص التطوع التي يمكن أن يشاركوا فيها.
الجوع القاتل الخفي
هناك ما يربو على 840 مليون شخص في شتى أنحاء العالم لا يجدون ما يسد رمقهم كل يوم وأكثر من نصف بليون شخص يعانون من نقص الأغذية كما يقتل الجوع أيضا 34000 طفل دون سن الخامسة .
ولإيضاح هذه المعلومات للتلاميذ يتم تقديم ورقة عمل بعنوان "يوم في حياة طفل" تعرض يوم في حياة طفل يعاني من الفقر والجوع وعلى التلميذ أن يتخيل نفسه في موضع هذا الطفل وبالتالي يسجل يوميات هذا الطفل ويصف شعوره في نهاية اليوم حين يعود البيت فلا يجد عشاء ينتظره. ويطلب المعلم من تلاميذه أن يشاركوا أسرهم في المنزل في المناقشة حول هذه الورقة ورصد آراء جميع أفراد الأسرة.
أما النشاط الذي يستطيع التلميذ أن يمارسه في خدمة المجتمع المحلي والمتعلق بالغذاء فيدور حول نتائج ما توصل إليه التلاميذ في المناقشات مع ذويهم ليخبروا زملائهم ببعض الحلول التي تراها أسرهم لمشكلة الجوع وما يمكن أن يفعلوه.
كما يمكن للمعلم أن يشرع في حملة غذائية في مدرسته بحيث يجعل التلاميذ يكتبون ورقة معلومات عن الجوع في العالم لكي توزَّع على تلاميذ الصفوف الأخرى في المدرسة. ويطلب المعلم من جميع التلاميذ أن يحضروا مواد غذائية لكي توضع في أحد أماكن توزيع الأغذيةالمتبرع بها أو في أحد أماكن إيواء المشردين.
ومن الأفكار الأخرى استضافة عملية جمع أموال في المدرسة وتُعطى حصيلة التبرعات إلى منظمة تقدم معونات للجوعى أو المشردين. ومن الممكن أن تتضمن عمليات جمع الأموال بيع سلع يدوية أو مخبوزات. وعلى المعلم أن يشجع التلاميذ على أن يكونوا خلاّقين فيما يتعلق بجمع أموال للتبرع بها لمنظمتهم المفضلة.
المرض قاتل الأطفال
هناك ما يزيد على بليوني حالة وفاة في مرحلة الطفولة نتيجة لأمراض يمكن الوقاية منها بالأمصال والرعاية الطبية ؛ ويعاني 200 مليون طفل دونسن الخامسة من سوء التغذية ولكي يتفهم التلاميذ هذه الحقائق يتخيل كل منهم مكان طفل يعاني المرض والفقر وعليه أن يحاول التفكير في حلول لمشاكل هذا الطفل.
ويستطيع التلاميذ أن ينظّموا حملة لكتابة رسائل إلى الحكومة المحلية أو الوطنية بشأن قضايا الرعاية الصحية. ومن الممكن أن يكتبوا رسائل ويسألوا ممثليهم في الحكومة عما يعتقدون أن من الواجب القيام به فيما يتعلق بحالة الرعاية الصحية في مجتمعهم المحلي.
هل أنت بلا مأوى؟
يبلغ الآن عدد سكان العالم 5.7 بلايين نسمة. وبحلول سنة 2025 قد يبلغ عدد السكان 8.06 بلايين نسمة. ويوجد الآن في العالم ما يناهز 100 مليون شخص لامأوى لهم. ويواجه ملايين غيرهم، يمثلون حوالي 25% من سكان العالم، مشكلة إسكان حادة. فهم يعيشون في منازل بدون صرف صحي، إمدادها بالكهرباء متقطِّع، ومبنية من مواد هشة، وتفتقر إلى الأمن الكافي. ويعيش ملايين آخرون في مساكن متينة ومزودةبالخدمات ولكن في ظل ظروف اكتظاظ شديد. كما يعيش ملايين آخرون في مساكن لا تتناسب مع آمالهم واحتياجاتهم: فهم يجدون صعوبة في دفع قيمة إيجارها أو رهانها، ويتعين عليهم أن يقطعوا رحلة طويلة لكي يصلوا إلى مكان عملهم،كما أن منازلهم صغيرة للغاية وأمنيتهم أن يمتلكوا منزلاً بدلاً من أنيستأجروا.
ولأنه ليس ترفا أو تفضلا أن يحيا المرء في مكان، وأن يكون له حيز مستقر ينعم فيه بالسلام والأمن والكرامة لذا فإن المعلم يقوم بإجراء نشاط مصاحب لهذا الدرس عبارة عن مناقشة بشأن المسكن اللائق باعتباره حقاً أساسياً من حقوق الإنسان مع التأكيد على أن المسكن ليس مجرد مكان مادي يسمى "منزل"، بل معناه أيضاً أن يكون للمرء مكان مأمون وصحي يكفل له الخصوصية.
ويمكن للتلاميذ أن ينظموا حملة للتبرع بالملابس لتقديمها إلى أحد الأماكن المحلية لإيواء المشردين أو إلى منظمة من هذاالقبيل تشترك فيها مدرستهم. ومن بين الأشياء التي تُجمع ضمن هذه الحملة: الأحذيةوالمعاطف والقبعات والقفازات والقمصان وملابس وحقائب المدرسة.
هل أنت مستعد للوظيفة؟
يبدأ فهم دورة التعليم والفقر بمعرفة أن معدلات الفقر المرتفعة ارتبطت بمستويات التحصيل التعليمي المنخفضة. كذلك ارتبطت مستويات التعليم الرسمي المنخفضة بالحصول على وظائف تدر دخلاً منخفضاً. ولتكملة فهم الدورة،ارتبطت الأجور المنخفضة بمستويات المعيشة الكفافية. فمعدلات الفقر بالنسبة للمتسربين من التعليم الثانوي تبلغ ثلاثة أمثال معدلات الفقر بين خريجي المدارس الثانوية.
ولكي يتفهم التلميذ أبعاد الوضع يتخيل نفسه شخصا من أسرة فقيرة توقف عن التعليم في العاشرة من عمره ليعول أسرته وبعد أن أصبح في الثامنة عشرة من عمره يتقدم للحصول على وظيفة صراف في متجر بقاله ويحاول تخيل سيناريو المقابلة الشخصية التي ستجرى معه .
وفي المقابل يتخيل نفسه مرة أخرى شخصا آخر أتم دراسته الجامعية ويتقدم للعمل في إحدى الوظائف المرموقة ويضع سيناريو للمقابلة الشخصية .
ويستطيع التلاميذ البدء في حملة لجمع اللعب والكتب والألعاب من أجل توزيعها على أماكن إيواء المشردين وغيرها من المنظمات التي تقدم خدمات للفقراء في مجتمعهم المحلي. كما يمكن للتلاميذ أن يتطوعوا بوقتهم في أماكن إيواء المشردين وغير ذلك من المنظمات التي تخدم الأسر والأطفال الذين يعيشون في فقر سواء بقضاء وقت في ممارسة ألعاب أو في قراءةكتب أطفال أو التدريس للأصغر منهم سنا.
الأمن الاقتصادي عماد الحياة
الأمن الاقتصادي هو أن يملك المرء الوسائل المادية التي تمكِّنه من أن يحيا حياة مستقرة ومشبعة. وبالنسبة لكثيرين يتمثل الأمن الاقتصادي، ببساطة، في امتلاك ما يكفي من النقود لإشباع حاجاتهم الأساسية، وهي: الغذاء، والمأوى اللائق، والرعاية الصحية الأساسية، والتعليم.
ويرتبط الأمن الاقتصادي بالعمل. فإمكانية الحصول على أجر كاف وعمل مستقر يضمن الأمن. وتأتي مع هذا الأمن امتيازات كثيرة يعتبرها الناس أحياناً في البلدان المتقدمة النمو بديهية، من قبيل إمكانية الحصول على ائتمانات وقروض.
وعلى التلاميذ أن يفكروا في أكبر عدد من الأسباب لانعدام الأمن الاقتصادي مع مساعدتهم على التفكير في حلول جيدة طويلة الأجل (الغذاء، والتعليم، والصحة،والإسكان) ثم ينظمون حملة توعية بشأن عمل الأطفال موجهة إلى مدرستهم أو إلى مجتمعهم المحلي.
مع إجراء أبحاث بشأن مسألة عمل الأطفال في شتى أنحاء العالم. وبإمكانهم الاستعانة بمقالات من المجلات والصحف والإنترنت والكتب لكي يعرفوا المزيد عن عمل الأطفال. واستخدم أبحاثهم في إعداد ملصقات ومنشورات إعلامية وإعلانات تلفزيونية ينتجها التلاميذ، أو حتى بإنشاءموقع على الشبكة العالمية.
وفي نهاية هذا المنهج لابد من تشجيع التلاميذ على مواصلة الاشتراك في أنشطة خدمة المجتمع. ومن الممكن أن تتضمن أفكار النشاط ما يلي: تقديم وجبة عشاء في أحد مراكز إطعام الفقراء، أو التطوع للعمل في أحد أماكن إيواء المشردين، أو التدريس لصغار الأطفال، أو التبرع بأغذية أو ملابس أو أشياء شخصية مع حث التلاميذ على إبداع وتنفيذ أفكار جديدة مهما بدت أنها ساذجة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق