زواج سري أم زنا شرعي؟! رؤية إسلام أون لاين للزواج السري
أمل خيري
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 21.
الزواج ذلك الرباط المقدس في كل الشرائع السماوية والذي شرعه الله لعمارة الأرض وحفظ النسل ولتحقيق مقاصد أخرى عديدة اعتبره الإسلام ميثاقا غليظا حرصا منه على صلاح المجتمع ونقائه وطهره فأحل الله بهذا العقد التقاء زوجين على رضا من الله وبطمأنينة وأمان تجاه المجتمع لذا فقد اشترط لهذا العقد شروطا واضحة محددة وشدد الفقهاء عليها لما يترتب على صحة هذا العقد أو فساده من آثار لا تقتصر فقط على العاقدين بل تمتد إلى ذريتهما وإلى ذوي الرحم بل والمجتمع بأسره.
وعلى الرغم من وضوح هذه الأحكام إلا أن البعض يعمد للتحايل على الشرع وتزيين الفاحشة باسم الزواج ولذلك تعددت الصور الحديثة لعلاقات آثمة بين الرجل والمرأة وتسميتها بغير أسمائها لإضفاء صفة الشرعية على هذه العلاقات المحرمة باسم الزواج السري وللأسف انتشرت هذه الظاهرة بين الناضجين من الرجال والنساء واتخذت أشكالا كثيرة .
- تقسيم الدراسة:
1. توصيف القضية.
2. رؤية إسلام أون لاين للقضية.
3. استراتيجيات التعامل مع القضية.
- أولا : التعريف بالقضية:
1. تعريف زواج السر:
الزواج السِّرِّيُّ هو عقد يتولاه طرفان ( رجل وإمرأة ) دون وجود شهود،أو وجود شهود مع التوصية بكتمان الزواج سواء كان بورقة مكتوبة أو شفهيا أو بالمراسلة وبدون توثيق ، وتعددت تطبيقاته في الوقت الحالي بمسميات مختلفة مثل: الزواج العرفي وزواج الكاسيت وزواج الوشم وزواج الطوابع ....
2. أنواع زواج السر:
تنقسم أنواع الزواج السري إلى أربعة:
· عقد الزواج الذي لا يوثق لدى الجهات المختصة، مع الإشهاد عليه ومباشرة الولي له، لكن يوصى الشهود بكتمانه.
· عقد الزواج الذي يوثق لدى الجهات المختصة مع الإشهاد عليه، ومباشرة الولي له، لكن يوصي الشهود بكتمانه.
· عقد الزواج الذي لا يوثق لدى الجهات المختصة، مع مباشرة الولي له، لكنه يخلو من الإشهاد عليه.
· عقد الزواج الذي لا يوثق لدى الجهات المختصة، ويخلو عن الولي فتتولاه المرأة بنفسها، وكذلك لا إشهاد عليه.
3. حكم زواج السر:
· حكم زواج السر في الصورة الأولى:
وهو عقد الزواج الذي لا يوثق لدى الجهات المختصة، مع الإشهاد عليه ومباشرة الولي له، لكن يوصى الشهود بكتمانه.ويتضمن زواج السر في هذه الصور خلل في نقطتين:
الأولى: عدم التوثيق.
الثانية: وصية شهود العقد بكتمان الشهادة، وعدم إظهارها.
· حكم نكاح السر في الصورة الثانية:
وهو عقد الزواج الذي يوثق لدى الجهات المختصة مع الإشهاد عليه، ومباشرة الولي له، لكن يوصي الشهود بكتمانه.وهذه الصورة هي أقل خطرا من الصورة السابقة، حيث إن العقد يوثق لدى الجهات المختصة، ولكن تبقى المشكلة في كتمان الإشهاد على النكاح.
ولكن تجدر الإشارة إلى أن خطر الزواج في هذه الصورة أقل من الصورة السابقة، حيث إن معنى السرية أكثر بعدا مع توثيق النكاح لدى السلطات المختصة.
· حكم نكاح السر في الصورة الثالثة:
وهو عقد الزواج الذي لا يوثق لدى الجهات المختصة، مع مباشرة الولي له، لكنه يخلو من الإشهاد عليه.ويتضمن زواج السر في هذه الصور خلل في نقطتين:
الأولى: عدم التوثيق.
الثانية: خلوه عن الإشهاد عليه.
وعليه فيعتبر هذا العقد عقدا باطلا لا يترتب عليه أي أثر من الآثار، والعلاقة بين الرجل والمرأة فيه علاقة غير شرعية.
· حكم نكاح السر في الصورة الرابعة:
وهو عقد الزواج الذي لا يوثق لدى الجهات المختصة، ويخلو عن الولي فتتولاه المرأة بنفسها، وكذلك لا إشهاد عليه.والحكم فيه بطلان هذا العقد من كل وجه، والعلاقة بين الرجل والمرأة فيه محض زنا.
4. أسباب انتشار الزواج السري:
نستطيع تلخيص أهم الأسباب المؤدية لانتشار الزواج السري بين الناضجين إلى هذه الأسباب:
1 – الأسباب الدينية:
· محاولة إيجاد المبرر للحرام في ظل غطاء ديني حلال وهو جزء من الخداع المجتمعي الذي يرضى من الدين مظهره فقط بصرف النظر عن "الجوهر" الذي يتمثل في التطبيق والأخلاقيات.
· التعلل بأن الزواج ما هو إلا إيجاب وقبول مع التذرع بأنه في الماضي لم يكن هناك توثيق للعقود وكان هذا هو شكل الارتباط الذي دام لقرون عديدة.
· التربية البعيدة عن الإيمان، والبعد عن الدين، وضعف أو غياب الوازع الديني حيث يفتقر العديد من الشباب هذه الأيام الثقافة الدينية السليمة.
· الالتباس الفقهي الناتج عن صدور فتاوى من أشخاص غير مؤهلين للفتوى بتحليل أشكال غير سوية من العلاقات واتخاذ الشباب هذه الفتاوى ذريعة لوقوعهم في هذه العلاقات الآثمة.
· التجرؤ على الشرع سواء بإصدار هذه الفتاوى أو بالتحايل على الشرع لإضفاء الشرعية على الحرام.
2- الأسباب الاجتماعية :
· غياب دور الأسرة في الاهتمام بأولادها وتوعيتهم بخطورة الانصياع وراء أصدقاء السوء أو تقليد الغرب.
· عدم وجود حوار داخل الاسرة يساهم فى عدم فتح قنوات للاتصال بين الفتاة ووالدتها والاب والابن.
· سفر الأب للخارج لتوفير لقمة العيش وترك الأسرة للأم لتديرها بمفردها مفتقرة لحزم الأب.
· الحرية الزائدة التي تمنحها الأسرة مع توفير المال للابناء دون رقابة ومحاسبة .
· ارتفاع معدلات العنوسة أحد أسباب قبول المرأة للزواج السري، رغم إدراكها أنه غير مقبول اجتماعيا، ولكن تقبل به على أساس أنه الفرصة الوحيدة للزواج.
· اقدام بعض الأرامل أو المطلقات على إخفاء الزواج خوفا من مواجهة المجتمع أوعدم تقبل الأبناء أو تحايلا على القانون لاستمرار المعاش .
· ظهور بعض المفاهيم الخاطئة في المجتمع والتي ليس لها أصل في الشرع،مثل النظرة إلى المطلقة بأنها عنصر غير مرغوب فيه في المجتمع ليس لها حق في الزواج مرة أخرى فتضطر لقبول وضع لا تقبله غيرها.
· عدم انصاف المجتمع في النظرة إلى الزواج الثاني حيث أصبح المجتمع يقتبس نظرته للزواج الثاني للرجل من أفكار غربية وافدة مما يجعل المرأة تلغي حق الرجل الشرعي في إمكانية التعدد وكذلك بعض الحكومات تصدر تشريعات بتجريم الزواج الثاني فيضطر للجوء للزواج السري .
· ثقافة الاتاحة التي توفرها أشكال اجتماعية منقولة عن الغرب تيسر الوقوع في الحرام كالاختلاط بين الجنسين والعلاقات المباشرة بين المدير وسكرتيرته مع اهتمامه بالمحافظة على أسرته الشرعية ومظهره الاجتماعي فيلجأ لهذا الشكل من العلاقات.
3-الأسباب الاقتصادية :
- الفقر والبطالة حيث يجد الشاب في هذا النوع من الزواج حاجته من غير مسئولية مادية ولا تكاليف فربما يتزوج من مطلقة أو أرملة ثرية سرا دون أي تكاليف أو أعباء.
- السعي وراء أي نوع من الكسب السهل السريع أو تحقيق مصلحة فهو في النهاية زواج مصلحي سواء من الرجل أو المرأة ربما ينتهي بانتهاء تلك المصلحة وفي نفس الوقت التهرب من مواجهة التبعات.
- غلاء المهور الذي يدفع للبحث عن أشكال أخرى من العلاقات وإن كانت محرمة.
- رغبة الرجل من الزواج من أكثر من واحدة مع عدم قدرته المالية فيلجأ لهذه الحيلة.
3 - الأسباب الأخلاقية:
- استغلال الرجل الناضج لفتاة انجرفت وراء عاطفتها فيوهمها بأنه يعتبرها زوجته ويوهمها بشرعية هذه العلاقة.
- رغبة الرجل في قضاء شهوته ولو على حساب فتاة وثقت فيه لإنعدام قيمة الشرف والأمانة وفقدان الضمير أو الوازع الديني أو الخلقي.
5. الآثار المترتبة على الزواج السري :
يؤدي الزواج السري إلى مجموعة من الآثار السلبية خصوصا على المرأة والأطفال الناشئين عن هذه العلاقات السرية ثم الآثار السلبية على المجتمع ككل.
1- الآثار القانونية :
- لا يرتب الزواج السري أي آثار قانونية تحمى الفتاة وتلزم الرجل بمسئولياته تجاهها .
- عدم توثيق العقد بشكل قانوني لا يثبت النسب .
- ولا يرتب لها أية مستحقات مادية من نفقة أو نصيب من الميراث.
- لا يثبت أي حقوق مالية للطفل الناتج عن هذه العلاقة تجاه أبيه.
- ضياع حق هذه الزوجة في إثبات زوجِيَّتِها،وبالتالي إثبات الطلاق إذا طلَّقها.
2- الآثار الاجتماعية والنفسية :
- إن المرور بتجربة الزواج هو تجربة نفسية مريرة فالفتاه التي تقدم عليه تظل تلوم نفسها طوال العمر على ما فعلته في حقها.
- كما أنها تصبح مرفوضة اجتماعياً وأسريا .
- بعض الفتيات يقدمن على الانتحار عند علمهن بالحمل.
- تكمن خطورة هذه القضية في توهم الفتاة أو المرأة أنها زوجة؛ وهو ما يعني إمكانية أن تحمل بولد هو في الحقيقة ولد عن طريق غير الزواج الشرعي، لتبدأ قضية جديدة من قضايا ثبوت النسب ولتتلقفه دور الملاجئ أو الشوارع بعدها، وذلك عند الفشل طبعا في إثبات النسب.
- ويدفع الأطفال الناتجون عن تلك العلاقة الثمن، ومما يدلل على ذلك معظم نزلاء دور رعاية الأيتام من الأطفال مجهولي النسب الذين رفض آباؤهم الاعتراف بهم، برغم أنهم كانوا ثمرة لزيجة سرية.
- حرمان المرأة من حقوقها في الرعاية والأمان النفسي والاجتماعي الذي يوفره لها الزواج الشرعي المعلن حيث لا تزيد في هذه الحالة عن كونها خليلة أو عشيقة ترضي شهواتها وشهوات الطرف الآخر دون أدنى مسئولية عليه تجاهها أو تجاه أبنائه منها.
- انتشار هذه السبل في محاولة إضفاء الشرعية على العلاقات المحرمة يؤدي إلى خلخلة في المجتمع على المدى البعيد حيث تيسر تزيين الفاحشة وإلباسها ثوبا شرعيا متوهما مما يشيع الفاحشة في المجتمع.
- لجوء كثير من الفتيات لإجراء عمليات ترقيع غشاء البكارة بعد أن عاشت علاقة آثمة ثم تقدم على الزواج الشرعي من شاب لا يدري عن ماضيها شيئا مما يترتب عليه الغش والتدليس.
- مع تكرار هذه العمليات وانتشارها تنعدم الثقة من قبل أي شاب مقدم على الزواج فيمن يتقدم إليها ويتشكك في طهرها وعفافها.
ثانيا: رؤية إسلام أون لاين للزواج السري:
تتلخص القضية التي نحن بصددها في إقامة رجل وامرأة علاقة غير شرعية دونما عقد زواج رسمي معلن وموثق وإنما الاقتصار على أشكال وصيغ أخرى متعددة يجمعها إقامة علاقة سرية ونحن هنا نقتصر على أشكال الزواج السري التي انتشرت بين الناضجين في الدول العربية وبذلك نستبعد الحديث عن الزواج السري المنتشر بين الشباب أو المراهقين وكذلك نستبعد الزواج السري في الغرب لما له من خصوصية لا تنطبق على ما نحن بصدد دراسته ونستعرض خلاصة رؤية الموقع على المستوى الإجتماعي والشرعي.
الرؤية على المستوى الاجتماعي:
تؤكد رؤية الموقع على أنه لا يوجد زواج في السر وأن الأصل في الزواج العلن والتوثيق وأن هذا الشكل من العلاقات المسمي بالزواج السري لا يعد زواجا بل هو زنا صريح .
لذا فإن هناك مجموعة من الأشكال التي التبست على البعض من كونها زواج سري ولكنها لا تعد كذلك مثل :
- زواج رجل بدون علم زوجته الأولى فقط مع علم أهل الزوجة الثانية ومع التوثيق لكونه زواجا شرعيا موثقا.
- زواج البارت تايم وهو الذي تلجأ إليه إمرأة من مستويات اجتماعية مرتفعة دون تحمل مسئولية مع التوثيق.
- زواج المقيم بدولة أجنبية من زوجة ثانية بدون أوراق رسمية أو توثيق مع اخفاء هذا الزواج عن الزوجة الأولى والسلطات.
لذلك فإن هذه الأشكال كلها مستثناة ولا تدخل تحت مسمى الزواج السري.
وتتلخص رؤية الموقع تجاه قضية الزواج السري في النقاط التالية:
- التأكيد على أنه لا يوجد زواج في السر وأن الأصل في الزواج العلن والتوثيق.
- التأكيد على تسمية هذه العلاقة باسم الزنا بلا لبس أو تأويل.
- التأكيد على أن الزواج ليس مجرد علاقة عاطفية بين شخصين بل علاقة اجتماعية يجب أن يباركها المجتمع.
- اعتبار هذه العلاقة جريمة في حق النفس والأطفال الناتجين عن هذه العلاقة وفي حق الأهل والمجتمع.
- رفض اعتبار المرأة في هذه العلاقة ضحية بل التأكيد الحازم على مسئوليتها المتعمدة كشريكة في هذه الجريمة.
- توضيح أن تقديم المساعدة يكون لمن يريدها حقا وبعد أن يتوب عن هذه الفاحشة ويريد أن يبدأ حياة جديدة أما الذين يرسلون بمشكلاتهم للتصديق على أفعالهم واستمرارهم فيها فلا يستحقون هذه المساعدة أو الدعم.
- التأكيد على رفض عمليات الترقيع والتدليس على المتقدم للزواج من فتاة سبق وأقامت علاقات سرية ومواجهتها بضرورة الكف عن خداع النفس والآخرين.
الرؤية على المستوى الشرعي:
تتلخص رؤية الموقع الشرعية تجاه الزواج السري في كون هذا النوع من العلاقات ما هو إلا زنا صريح يستوجب إقامة الحد -(لو اطلع عليه)- كما تجب التوبة إلى الله تعالى منه في كل حال،لذا ينبغي على المرأة ألا تمكن رجل من نفسها وتستحل الحرام لمجرد ورقة ليس لها قيمة في ميزان الشرع بل ليس لها قيمة في أي ميزان من موازين البشر.
كما أنه إسفاف واستخفاف بعقد من أشرف العقود وأعظمها أثرا وخطرا، وحسبنا أن الله تعالى سماه ميثاقا غليظا، فبه تقوم الأسرة على أساس سليم ركين ومن ثم يقوم المجتمع -وقاعدته الأسرة- على أرض صلبة وفي جو نظيف عفيف.
أنه نوع من الخلط واللعب بالمصطلحات وتسمية الأشياء بغير مسمياتها، فالزنا والخنا والجري وراء إشباع الغرائز والشهوات ألبسناه ثوب الحب والزواج.
· وأن الحكمة من تحريم الزواج السري هي :
- مخالفته للعرف فالزواج الذي يتم دون توثيق لا يعد زواجا عرفيا؛ لأن الناس تعارفوا في زماننا على توثيق عقد الزواج ، وكل عقد خالف عرف الناس ولم يوثق فلا يمكن اعتباره من العرف؛ بل هو مخالف مخالفة صريحة لما تعارف عليه الناس.
- إن الزواج الذي لا يُفارق صاحبه الاضطراب القلبي ـ والرُّعب والخوْف من الأهل والأقارب والناس إذا ظهر واشتهر ـ لا يُمكن أن يكون هو الزواج الشرعي الذي امْتَنَّ الله به على عباده، وجعله سَكَنًا ومودةً ورحمةً! لا يمكن أن يكون هو الزواج الذي يُكون الأُسَرَ، ويحفظ الأنساب، ويُنشئ علاقة المُصاهرة بين الناس.
- مَن يُقْدِم على هذا النكاح من الرجال، إما أن يَقْصُد الإضرار بزوجة سابقة أو بأولاده منها، وهو في جميع الأحوال يضر بالزوجة التي تزوَّجها سرًّا؛ لأنه ما تزوجها لتدوم العشرة بينهما، وإنما لقضاء الوَطَر، ثم يتركها إلى غيرها، وهكذا، فهذا النكاح من هذه الناحية شبيه بنكاح المُتْعة، الذي صَحَّ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ النهيُّ عنه، واتفق جمهور الفقهاء على حُرْمته.
- وقد تُقْدِم المرأة على هذا الزواج لمصلحة واهية كالحرص على الزواج من رجل بعينه، لا يقبل الزواج بها إلا سرًّا، أو الحرص على الحصول على معاش يَستَحِق لها ما لم تتزوج، أو حرصها على استمرار حَضَانتها لصغارها من زواج سابق، هذا فضلاً عمَّا في إقدامها على هذا الزواج بُغْيةَ الحصول على المعاش السابق من التدليس، وأكل الأموال بالباطل، وفي إقدامها عليه بُغْية استمرار حضانتِها لصِغارها تدليس وإضرار بهم؛ لانشغالها بهذا الزواج عنهم، وكل ذلك مُحَرَّم.
ثالثا : منهج التعامل مع القضية:
- استراتيجيات معالجة القضية على المستوى الإجتماعي:
فرقت استراتيجية التعامل تجاه القضية ما بين حالة أشخاص واقعين بالفعل في هذه العلاقات وأشخاص مقبلين على إقامة هذه العلاقات .
فبالنسبة للواقعين بالفعل في هذه العلاقات تمثلت استراتيجية المعالجة في علاج المشكلة على المستوى الفردي وذلك بالمواجهة والمصارحة لصاحب المشكلة في قطع هذه العلاقات والبدء في صفحة جديدة ورفض كل هذه الأشكال غير السوية أو تحويلها إلى شكل شرعي بتوثيق الزواج وإعلانه.
وبالنسبة للمقدمين على هذه العلاقات بالتأكيد الحاسم على رفض هذا الشكل وبيان التبعات والآثار المترتبة عليه ووضع كل الاحتمالات الناجمة عن اتخاذ مثل هذا القرار.
- مراحل تنفيذ الاستراتيجية على المستوى النفسي والاجتماعي:
بالنسبة للمتزوج/ة سرا بالفعل فمراحل تنفيذ هذه الاستراتيجية كما يلي:
المرحلة الأولى مع النفس:
- مواجهة النفس بالخطأ والندم على ما فات والتوبة من هذا الإثم أي تكون البداية بالعلاج الإيماني.
- مراجعة طبيب نفسي لعلاج ما تولد عن هذه المشكلات من اكتئاب وليساعد في وضع علاج لضبط النفس والرغبات.
المرحلة الثانية مع المجتمع:
- عودة الأمور إلى نصابها بالنسبة للمتزوجة سرا بإعلان هذا الزواج أمام الأهل والمجتمع وعدم قبول الاستمرار في هذا الوضع المهين.
- عدم الاقدام على خطوة الزواج من أي رجل آخر قبل أن تشفى الفتاة من ماضيها، وتستعيد نفسها .
أما بالنسبة للذين يشرعون في الاقدام على الزواج السري فإن مراحل تنفيذ الاستراتيجية كما يلي:
المرحلة الأولى مع النفس:
- ضرورة اعادة التفكير والتريث في اتخاذ القرارات والاقتناع بخطورة هذه العلاقة وعدم شرعيتها.
المرحلة الثانية مع المجتمع:
- محاولة استرضاء الأهل ودخول البيوت من أبوابها.
- الاستشارة والاستعانة بأحد المقربين لاقناع الأهل في حال رفضهم الزواج حتى تأخذ العلاقة طريقها نحو النور.
- استراتيجيات معالجة القضية على المستوى الشرعي:
لم تختلف استراتيجية المعالجة على المستوى الشرعي عن الاجتماعي حيث كان التنبيه على أن ما سلف من هذه العلاقات ليس بزواج وبالتالي هو علاقة باطلة غير مشروعة وهي الزنا بعينه لذا يجب اقتناع السائل بذلك أولا حيث أن لا بد من تحقق التوبة بشروطها حتى تقبل وهي الإقلاع عن الذنب نهائيا، والندم على ما فات، والعزم الأكيد على عدم العودة مرة أخرى .
ثم يبدأ الطرفان في هذه العلاقة الآثمة من جديد فإذا اتفقت مشاعر الطرفين على الحب فليس من سبيل إلا أن يتوج هذا الحب بالزواج الشرعي، وهو أن يخطب الرجل من أحبها من ولي أمرها وأن يشهر هذا النكاح بين الناس وأن يوثق هذا الزواج رسميا.
- مراحل تنفيذ الاستراتيجية على المستوى الشرعي:
التثبيت النفسي والترغيب في التوبة وعدم اليأس من روح الله من خلال مجموعة من الوسائل:
1- حب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم.
2- فعل الخير والانهماك فيه لقطع الفرصة على وساوس النفس.
3- انتقاء صحبة صالحة تعين على الخير .
4- البعد عن كل شبهة.
5- عدم التفريط في العلاقة بالله والإخلاص له.
6- اليقين من قدر الله وعد اليأس من روح الله .
7- عدم الانشغال كثيرا بالتفكير في المستقبل بقدر التفكير في إرضاء الله.
8- اليقين أن باب التوبة لا يقفل أبدا وأن ما عند الله تعالى خير وأبقى.
خاتمة وتوصيات البحث
في الختام نستعرض أهم ما غاب عن رؤية موقع إسلام أون لاين تجاه القضية:
فعلى الرغم من تناول الموقع لقضية الزواج السري وتنوع طرق التناول ما بين الاستشارات والمقالات والتحقيقات والحوارات الحية إلا أن هناك بعدا هاما غاب عن التناول وهو رؤية الموقع للقضاء على هذه الظاهرة في سياقها العام حيث اقتصرت الرؤية على تقديم الحلول على المستوى الشخصي بمعاونة صاحب المشكلة على تجاوز محنته والسبل التي تعينه على اتخاذ قراره إلا أن علاج الظاهرة كقضية مجتمعية أو شرعية أو قانونية لم يحظ بالاهتمام الكافي.
لذا كان لابد من تقديم رؤية واضحة للموقع بشأن سبل علاج القضية على هذه المستويات بحيث يتم تسليط الأضواء على ما يلي:
السياق المجتمعي:
بمعنى دور المجتمع بكافة قطاعاته وشرائحه في التصدي لهذه القضية والأدوار الغائبة في التوعية بخطورة القضية وأبعادها وآثارها على المجتمع مثل دور الأسرة والمدرسة والجامعة ودور المساجد والدعاة في التوعية بحرمة مثل هذه الأشكال .
السياق الشرعي:
من حيث ضرورة تصدي العلماء والمفتون بشكل حاسم لهذه القضية وإلقاء الضوء على خطورة الفتاوى التي تبيح أشكالا جديدة من الزواج دون بيان توصيف واضح لها وضوابطها وشروطها للقضاء على أي التباس فقهي بشأن هذه القضية.
السياق القانوني:
من حيث ضرورة حشد الجهود لاستصدار قوانين وتشريعات تحظر هذه العلاقات الآثمة وتجرم هذا النوع من التحايل على الشرع ومعاقبة كل من يشترك في مثل هذه الجريمة بعقوبة رادعة.
السياق الإعلامي :
بضرورة وضع حد لنشر الفتاوى الفوضوية بهذا الشأن والحد من إثارة هذه الموضوعات بشكل يؤدي لزيادتها وانتشارها وحملات التوعية عبر الانترنت والفضائيات وضرورة تصدي الأعمال الدرامية لهذه القضية وتناولها بشكل يهدف للتوعية بأبعادها وخطورتها.
- ما هو مطلوب من الموقع:
لذا من المتوقع أن يقوم الموقع بتبني وتنظيم حملة للقضاء على كافة أشكال الزواج السري يشارك فيها الكتاب والدعاة وعلماء النفس والتربية والاجتماع والشريعة وفقهاء القانون ورجال الإعلام وفتح آفاق الحوار الهادف البناء للخروج بمشروع متكامل للتصدي لهذه القضية الخطيرة والاتفاق على توصيف المشكلة بدقة ووضع خطة شاملة تحدد فيها أهداف المشروع المرحلية والجدول الزمني لتحقيق هذه الأهداف وسبل متابعة تنفيذ الأهداف .
بارك الله فيكم
ردحذفلاانني قد سبق ان سئلت عن هد الموضوع
الان قد وجدن الجواب
الله وحده القادر ان يجزيكم على هدا الجهد المفيد
اخوكم محمد جالوا من جمهورية سيراليون المقيم في لبنان