بقلم : أمل خيري
تلعب المؤسسات الخيرية الدينية دورا حيويا في المجتمعات العربية والإسلامية استنادا إلى المرجعية الإسلامية للعمل الخيري التي تقوم على التكافل والحض على فعل الخير كصورة من صور العدالة الاجتماعية.
وينطلق العمل الخيري في الإسلام من مفهوم الخير الذي يشير إلى مجموعة من الدلالات تعني كلها الصفات المحمودة فقد اقترنت العبادات في الإسلام بالأمر بفعل الخير كما ورد في قوله تعالى " يا أيها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون" ( الحج 77 ) كما أكد القرآن الكريم أن الدعوة لعمل الخير كانت صلب الدعوات السماوية السابقة " وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين" (الأنبياء 73) كما حفلت السنة النبوية المطهرة بالنصوص التي توضح منطلقات العمل الخيري ففي الحديث الشريف" ما نقصت صدقة من مال" وقد وعد الله تعالى فاعل الخير بالجزاء العظيم "الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " ( البقرة 274)
ويهدف العمل الخيري في الإسلام الى تحقيق عدة أهداف منها طاعة الله ورسوله والتضامن والتراحم لما يؤدي إليه من مرضاة الله لذلك فإن الشرع قد ترك للقادرين على فعل الخير حرية القيام به ولكن حرص على ضمان الحد الأدنى منه من خلال فريضة الزكاة إلا أن مجالات العمل الخيري واسعة بما فيها الصدقات والأوقاف .....
شروط العمل الخيري
للعمل الخيري في الإسلام شروط ثلاثة وهي التطوع والإيثار وتجنب الرياء والمن.
1. التطوع:
لا يجبر الإسلام الناس على فعل الخير بل انه يستحسنه ويحث عليه ووعد بمكافأة فاعل الخير "إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا" ( الإنسان 9) وتتعدد أشكال التطوع سواء كانت بالمال أو المجهود البدني أو الفكري أو حتى ببذل الوقت .
2. الإيثار:
حض الاسلام على الايثار ورغب فيه واعتبر قمة الايثار الجود بما يكون الانسان في حاجة شديدة اليه فقد مدح القرآن الانصار بقوله " يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة " ( الحشر 9 ) ولأن النفس مجبولة على الشح والحرص على المال فقد جعل الله اختبار النفس بالايثار من خصائص المحسنين " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" ( الحشر 9) .
3. تجنب الرياء والمن:من المأثور في كلام العرب " المنة تهدم الصنيعة" وقد حث القرآن الكريم على تجنب المن والأذى في الصدقات ووعد من ينتهي عن المن بالثواب العظيم " الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" 262 البقرة.
وفي آية أخرى بلغ التشديد منتهاه حيث أكد القرآن الكريم إن اتباع الصدقات بالمن والأذى يبطل أجرها " يا أيها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى" 264 البقرة.
فكيف يمن الإنسان؟
قد يمن الإنسان بالاشادة بما تصدق به أو مجاهرته بالفعل أو تعيير الفقير بفقره أما إن جاهر بصدقته ليتأسى به غيره فهذا محمود إلا أن اخفائها أفضل وأحظى بالثواب عند الله تعالى لما فيه من حفظ لكرامة الفقير " من جاء بالحسنة فله خير منها" 84 القصص.
وبتحقيق هذا الشرط " تجنب المن والرياء" يستقيم العمل الخيري ويحفظ كرامة الإنسان وبتأكيد القرآن الكريم على مفهوم الأخوة " إنما المؤمنون إخوة" 10 الحجرات فهو يؤكد على رابطة التكافل والتعاون لذلك فكانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار أولى دعائم المجتمع الإسلامي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق