أمل خيري
إسلام أون لاين
"الفتاة ليست مستقلة بل هي تابعة لوالدها، ومادامت تحت سلطة أبيها فلا يحق لها أن تتزوج متى تشاء أو من تختار. فالأب وحده من يقرر ذلك"، "المرأة مكانها البيت فهي تابعة للرجل وخلقت فقط لمعاونته".
أول ما سيتبادر إلى الذهن لدى قراءة هذه العبارات أنها صادرة عن أحد قادة حركة طالبان، أو أحد زعماء تنظيم القاعدة، لكن ستصدمك الحقيقة حين تعلم أن قائلها هو فيليبس دوج مؤسس منتدى كهنة الرؤية "فيجن" الأمريكي، ورئيس الحركة البطريركية المسيحية، وهي فرع من الحركة المسيحية الإنجيلية التي تنظر إلى أدوار الرجال والنساء نظرة غاية في التمييز؛ فالرجل هو القائد، والمرأة ما هي إلا تابع ولا تصلح إلا لتكون ربة منزل.
ويدّعي أنصار الحركة أن هذه الرؤية تستمد من التعاليم المسيحية الواردة في الكتاب المقدس، فكما ينص سفر التكوين أن الله قد خلق حواء لتكون مساعدة وتابعة لآدم، وإن عصت المرأة سيدها الذي هو زوجها فكأنها قد عصت الله.
مكانك في البيت
ولا تقتصر هذه النظرة على الزوجة فقط، بل تمتد لتشمل البنات كذلك، فليس من حق الابنة أن تعمل خارج المنزل، فدورها ينحصر في الاستعداد للزواج والانتقال من سلطة أبيها إلى سلطة زوجها.
لذا فقد نشأت حركة جديدة تحمل عنوان "ابقي في البيت يا بنتي"، والمدعومة من قبل منتدى "فيجن"، حيث تُشجع الفتاة على التخلي عن التعليم الجامعي، والعمل خارج المنزل، لتبقى في بيت أبيها وتتدرب على الأعمال المنزلية والمهام الأسرية حتى تتزوج.
وتنظر الحركة إلى تعليم الفتاة أو عملها رغبة في تحقيق الطموحات الشخصية على أنه أنانية ومعاداة لقيم الأسرة، فالزواج ليس خيارا أو جزءا من خطة الحياة لدى الفتاة، لكنه الهدف النهائي والغاية العظمى.
وتقضي الفتاة يومها في البيت تتعلم مهارات التدبير المنزلي المتعددة كالطهي والحياكة والتطريز والمشغولات الفنية كصنع الشموع والصابون، وكل ما يجعلها زوجة صالحة وماهرة، ويظل الأب صاحب السلطة المطلقة على ابنته حتى تصبح في كنف زوج يمارس بدوره السلطة عليها.
تتشارك الحركة البطريركية المسيحية الكثير من الأفكار مع حركة "Quiverfull"، التي ترى أن المسيحيين الصالحين ينبغي عليهم عدم تنظيم النسل من أجل تطبيق مبادئ وتعاليم الإنجيل، حتى لا يتكاثر الكفار وينقطع نسل المؤمنين.
وعلى الرغم من امتداد أفكار الحركة البطريركية المسيحية لعدة عقود ماضية، منذ تأسيس المجلس الإنجيلي للرجولة والأنوثة على يد عدد من رجال الدين من بينهم جوثارد بيل، وروثاس، وروشدوني، فإن حركة "ابقي في البيت يا بنتي" لم تكتسب شهرتها إلا في الوقت القريب.
وتقدر كاترين جويس - مؤلفة كتاب "من داخل الحركة البطريركية المسيحية" الصادر عام 2009- أعداد مؤيدي حركة "ابقي في البيت يا بنتي" بعشرات الآلاف.
إعادة الزمن إلى الخلف
يعتبر بعض المحللين أن منتدى “فيجن” من جانبه يسعى حثيثا لإعادة الزمن إلى الوراء فيما يتعلق بالعلاقة بين الجنسين، فالموقع الالكتروني للمنتدى يضم العديد من الكتب التي تكرس لفكرة الفصل بين الجنسين، ومنتجات أخرى مصممة لتنشئة الأطفال على القوالب النمطية الجامدة حول العلاقة بين الجنسين منذ المراحل المبكرة من طفولتهم.
فالألعاب المتوفرة للأولاد تشمل الأقواس والحراب والسيوف والبنادق والصواريخ، إضافة لأقراص ضوئية تعليمية حول العلوم والاكتشافات والاختراعات، في مقابل الدمى وألعاب الطهي والحياكة والتطريز للفتيات.
لا شك أن هذه الاختيارات جاءت عمدا تهميدا للدور الذي سيقوم به كل من الأولاد والفتيات في مستقبلهم الأسري، بل يركز المنتدى على القصص والروايات التي تعود إلى القرون الوسطى حين كانت أدوار الجنسين متباينة داخل الأسرة، فالمرأة ينحصر دورها في المهام المنزلية والرجل هو الذي يعمل ويقوم بدور الفروسية.
من أهم أنصار حركة "ابقي في البيت يا بنتي" الأختان آنا صوفيا وإليزابيث بوتكين، وهما مؤلفتا كتاب "ما هو أكثر من ذلك: التأثير الرائع لفتيات فيجن" الذي نشره منتدى “فيجن”، وهما ابنتا جيوفري بوتكين الناشط الديني والمبشر السابق، ومخرج الأفلام الوثائقية، والذي يعمل هو وأسرته المكونة من زوجته وسبعة أبناء على الرقي بالثقافة الفنية للأسرة الأمريكية من خلال الأفلام الوثائقية والمشروعات الإعلامية.
قامت الأختان بوتكين بإعداد فيلم وثائقي بعنوان "عودة البنات"، الذي يعرض فتيات عدة قررن البقاء في المنزل حتى الزواج، وتفاصيل حياتهن وكيفية قضاء أوقاتهن لخدمة آبائهن.
إحدى الفتيات البالغة من العمر خمسة وعشرين عاما تعبر أكثر عن رؤية الحركة أثناء لقاء الآباء والبنات السنوي الذي يقيمه المنتدى في وصفها لأبيها بأنه يقودها، يسحرها، ويكسبها بحنانه وعطفه الفريد.
فتاة أخرى تدعى كاتي فالنتي تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما، ذكرت أن والدها أعظم رجل في حياتها، وبأنها تعتقد أن مساعدته في أعماله أمر جيد لاستغلال شبابها، وأفضل لإعدادها لمعاونة زوجها المستقبلي، بدلا من الانغماس في الأنانية والسعي لتحقيق ذاتها، وقد ظهر والد كاتي في مقطع فيديو عن زواج ابنته يعلن صراحة في مكبر الصوت أنه قد نقل سلطته على ابنته إلى زوجها.
ضد النسوية
ليس هذا فحسب بل إن الأختين بوتكين تؤمنان بأن النساء كن أكثر سعادة قبل المناداة بالمساواة بين الجنسين، وذلك من دون الاستناد إلى أي دراسات أو أبحاث أكاديمية، باستثناء اقتباس عبارات لفتيات تابعات للحركة يعتبرن أنفسهن مؤمنات القرن الحادي والعشرين، اللاتي يتمردن على النسوية، ويطالبن الفتيات بإحداث تغيير جذري في حياتهن بالعودة للأصول المسيحية والإيمان الحقيقي بالبقاء في البيت.
ويعتبر فتيات "فيجن" أنفسهن منتميات لحركة تتحدى المعايير الثقافية، من خلال تحديد الأهداف الحقيقية لأدوارهن في البيت مع الأسرة وتحت سلطة الأب، ويعتبرن أنفسهن امتدادا للحركة المضادة للنسوية في الغرب المسيحي.
كما أنهن يحذرن الفتيات من ارتياد الجامعات، باعتبارها من أخطر الأماكن التي تصيب الفتاة بالتشويش الذهني والأخلاقي، وتؤدي لإهدار سنوات من عمر الفتاة فيما لا طائل منه، بل تعتبران الجامعة بؤرة للماركسية ولنشر الأفكار النسوية التي تهدف إلى تفكيك وحدة العائلة، وتشجع النساء على ترك أزواجهن وقتل أطفالهن والتوجه نحو الانحراف الخلقي.
ويرفض أنصار الحركة النظر إلى أفكارها على أنها نوع من الاسترقاق للفتاة أو عدم النضج والأهلية، بل هم دائمو التأكيد على أن الفتاة حين تتنازل عن استقلاليتها وتعلن خضوعها لسلطة الأب عن طيب خاطر، فكأنها تعلن خضوعها لسلطة الله، لأنه هو الذي وهب الأب هذه السلطة.
وفي نظرهم يعد هذا قمة المسؤولية والحكمة والنضج الروحي والعقلي، فالمرأة سهلة الوقوع في الخطيئة والانقياد للشيطان، فأول امرأة على ظهر الدنيا بحسب الإنجيل كانت السبب في خروج آدم من الجنة لاستماعها لغواية الشيطان، لذا فإن مكان المرأة الطبيعي داخل البيت حيث الحماية من الوقوع في الخطيئة وارتكاب الرذائل التي يزخر بها المجتمع خارج البيت، ووفقا لهذا الفهم ينشأ الرجال على الاعتقاد أن المرأة خلقت فقط لخدمتهم، مقابل قيامهم بحمايتها من الآخرين.
هذه الأفكار - التي يعتبرها الكثيرون متحيزة ضد المرأة ودورها- لا تقتصر على الحركة البطريركية المسيحية، فهناك طوائف مسيحية عدة لديها المعتقدات نفسها، إلا أن هذه الحركة خلافا لغيرها من الجماعات الدينية المحافظة المنعزلة عن المجتمع كالمورمون أو الأصوليين، بحركتها الرامية لبقاء الفتيات في البيت قد تكون قادرة على نشر أفكارها في المجتمع خاصة بين الكنائس الإنجيلية والأصولية والمسيحيين الذين يعتمدون التعليم المنزلي، والذين يعدون نسخة أقل تشددا من هذه الحركة بالفعل فيما يخص المرأة، إلا أن أنصار هذه الحركة يشعرون بأنهم الأكثر نقاء وإيمانا من باقي المسيحيين.
جدلية النسوية والذكورية
لاقت هذه الحركة بالطبع العديد من الانتقادات، فالبعض اعتبرها تأويلات مصطنعة للكتاب المقدس لتبرير سيطرة الرجل على المرأة ومحو شخصيتها، وهناك من يراها امتدادا لفكر العصور الوسطى الذي لم يعد يتلاءم مع القرن الحادي والعشرين.
وهناك عدد من الملاحظات التي يمكن أن نسجلها على ظهور هذه الحركة وتنامي شعبيتها:
أولا: يمكن اعتبار هذه الحركة ثورة على المدرسة النسوية التي ينصب اهتمامها على الدفاع عن حقوق المرأة ضد ما أسمته بالسلطة البطريركية (الأبوية)، وإذا كانت النسوية قد نشأت في الغرب كرد فعل على هذه السلطة، فإن الدعوة لعودة الفتيات إلى البيت ترى أن المكاسب التي حققتها النسوية عبر عدة عقود لم تكن في صالح المرأة.
فالحركة إذاً نوع من التمرد على ما أحدثته النسوية من تغير في المفاهيم (الجندرية) وطبيعة أدوار كل من المرأة والرجل، لذا فهي ترى أن الأفضل للمرأة أن تنسجم مع فطرتها الأنثوية والذي يستتبع العودة لدورها الصحيح الذي ظلت تمارسه لآلاف السنين وهو دورها كزوجة وأم.
فمنازعة المرأة الرجل في أدواره واقتحامها مجالات العمل الذكورية قد نال من حيائها وخلقها وطبيعتها الرقيقة، فعاشت حياة بائسة جمعت فيها بين أدوارها الأصلية والأدوار الذكورية، في الوقت الذي ظل الرجال على نفس طبيعتهم الفطرية ولم يضيفوا لأدوارهم أدوارا أخرى.
إذاً تنظر هذه الحركة إلى النسوية باعتبارها جاءت في مصلحة الرجل، وليس في مصلحة المرأة كما روج لها دعاة النسوية وحاولوا إقناع النساء بها، فبدلا من أن تتحرر المرأة في ظل النسوية كُبِّلت أكثر بالمهام والأدوار التي أثقلت كاهلها من ناحية، ولا تتلاءم مع طبيعتها الأنثوية من ناحية أخرى.
ثانيا: إن هذه الحركة حاولت تعزيز أفكارها باستدعاء النصوص الإنجيلية، الأمر الذي ربما جاء متكلفا ومصطنعا، لكنها ضربت على الوتر الحساس لدى أي مجتمع، ألا وهو وتر الإيمان والفضيلة، فقد اعتبرت أن الإنجيل لم يطلب من المرأة سوى أن تكون تابعا للرجل ومعاونا له على أداء دوره في المجتمع، إذاً دور الرجل أصلي بينما دور المرأة فرعي.
بل يدافع أنصار الحركة عن مقولة أن الله خلق المرأة لتعاون الرجل، وهذه هي وظيفتها الحقيقية، ويستنتجون من ذلك كما يقولون "أن المرأة لو لم تخلق لهذا الدور لم يكن ثمة حاجة لوجودها".
ولا يخفى ما في هذا الاستنتاج من تأويل متكلف للنصوص؛ فكيف تستقيم الحياة برجل فقط من دون امرأة؟ مهما بلغت قوته وأهمية دوره في المجتمع.
المرأة والإسلام
ثالثا: رددت الأختان بوتكين أكثر من مرة أن المسيحية هي الدين الوحيد الذي عامل المرأة أفضل معاملة، في الوقت الذي تلقى فيه المرأة المهانة والإذلال في جميع الأديان الأخرى كاليهودية والإسلام والبوذية... وهذا الفهم قاصر بالطبع؛ فقد ساوتا بين الإسلام وغيره من المذاهب والأديان الأخرى في معاملة المرأة، فمن ناحية جاء الإسلام بعد المسيحية وبالتالي فهو امتداد لها ولرسالتها، فإذا كان الله قد كرم المرأة في المسيحية بعد قرون من الذل والاضطهاد في ظل المذاهب والديانات السابقة كما يقولون، فهل يمكن أن يأتي بعدها بقرون عدة ليعيد إذلالها مرة أخرى!
ومن ناحية ثانية تعبر هذه المقولات عن افتقار الأختين بوتكين للثقافة والإطلاع، بل وعن تحيزهما المسبق ضد الإسلام، فقد بنتا فكرتهما عن تكريم المسيحية للمرأة بناء على نصوص إنجيلية، بينما بنتا فكرتهما عن مهانة المرأة في الإسلام بناء على واقع تعيشه بعض المسلمات من اضطهاد، لا على النصوص القرآنية.
فلو تأملتا الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية التي تعرضت للمرأة لوجدتا حقوقا ومساواة لم تحظ بها المرأة في الشرائع الأخرى.
كما أن واقع المرأة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أو في العهود التالية يؤكد مشاركة المرأة في الحياة بكافة مناحيها، فلم تكن المرأة ذلك الكائن القابع في البيت الذي لا يدري شيئا عن شؤون الدنيا، فهناك من كانت تمارس التجارة وتشارك في الحياة العامة والحروب واتخاذ القرارات، والتاريخ الإسلامي يشهد بأن فترات ازدهار الحضارة الإسلامية حظيت فيها المرأة بدور فاعل وإيجابي، بينما تزامنت فترات الانحدار مع تراجع دور المرأة والنظرة الدونية إليها.
رابعا: ثمة ملاحظة حول العلاقة الجدلية بين المرأة والخطيئة والشرور في الفكر البطريركي بشكل عام، وهذا ما يختلف في طرحه عن الفكر الإسلامي فيما يتعلق بالمرأة، فالإسلام لم يحمل المرأة وحدها عبء الخطيئة والانحراف بل جعل الرجل والمجتمع بكامله شركاء في استقامة المجتمع أو انحرافه.
لذلك وضع الإسلام من التشريعات الموجهة لكل من المرأة والرجل بغض البصر والابتعاد عن مواطن الشبهات، وأمر المرأة بالاحتشام ووضع شروطا لزيها، وفي الوقت نفسه أوجب على المجتمع ككل الحفاظ على القيم والأخلاقيات.
فليس صحيحا أن خروج المرأة للمجتمع سبب انحرافه، ولا أن عودة المرأة للبيت ستقي المجتمع من الشرور، فالأصل هو الالتزام بالتعاليم وقيام المجتمع بدوره في حراسة القيم.
النظام الأبوي والقوامة
خامسا: تحظى الأسرة ومؤسسة الزواج لدى الحركة البطريركية بمكانة مقدسة؛ فهم ينظرون لمجتمع ما بعد الحداثة والفكر (الجندري) باعتباره المؤدي لتفكك الأسرة وانحلال المجتمع، فتداخل أدوار المرأة والرجل الذي دعا إليه دعاة المساواة كان سببا في التفكك الأسري، والمسيحية بحسب هذه الحركة تولي اهتماما بالغا بالأسرة وتماسكها.
وتعتبر فكرة تمايز الأدوار هي الفكرة المحورية لدى الحركة البطريركية فيما يخص الأسرة، وهذا التمايز من وجهة نظر الحركة يضمن قيام كل فرد بمسؤولياته على الوجه الأكمل، إلا أن هذه الأدوار تتسم بعلاقة تبعية لا علاقة تكافؤ؛ فالزوجة تابعة للرجل لأسباب عدة، من بينها أن الرجل هو الذي يقوم بدور الحماية ولا يمكن للمرأة في ظل ضعفها البدني أن تحمي نفسها ناهيك عن حماية أسرتها.
وفي الوقت نفسه يمثل الرجل سلطة الضبط الاجتماعي فيما يتعلق بالأبناء، ولا يمكن للمرأة القيام بذلك لرقتها وحنانها الفطري، وبالتالي يجب أن تتسم العلاقة بالتبعية من جانب الزوجة والأبناء لرب الأسرة الذي هو حاميها وراعيها وفق فكر الحركة.
فالأسرة كما أرادها الله وفق هذا الفكر تقع تحت النظام الأبوي، وما أحدثته الثورة الصناعية من تداخل في الأدوار يعد تحولا في النظام الإلهي للأسرة كما أراده الله، والنظام الأبوي يوجه الرجال لمسؤولياتهم كأزواج وآباء عن رعاية أسرهم.
ويدافع أنصار الحركة البطريركية عن النظام الأبوي بقوة الكتاب المقدس كما يقولون، فيطالبون الكنيسة بضرورة إعلان المذهب الإنجيلي الذي يركز على النظام الأبوي في الكتاب المقدس باعتباره النمط الذي وضعه الله من أجل رفاه الأسرة والمجتمع والأمم جميعها.
وإذا تأملنا ظاهر هذه الرؤية تجاه الأسرة لوجدناها لا غبار عليها، فتمايز الأدوار مطلوب ووجود راع ومسؤول عن الأسرة أمر محمود، ومفهوم القوامة هو البديل الإسلامي لفكرة السلطة الأبوية، لكن تبقى العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تكافؤ فليست المرأة أدنى منزلة من الرجل بحكم خلقتها، فالنساء شقائق الرجال، وتمايز الأدوار لا يعني أفضلية بعض الأدوار على غيرها، فلا فضل في الإسلام إلا بالتقوى. ومع ذلك فإن فكر الحركة لا ينسى التذكير بأن اتباع النظام الأبوي المقدس هو الكفيل بحماية المجتمع من العقائد الوثنية كالإسلام!
وهذا أيضا ينم عن جهل مطبق بحقيقة الإسلام، فالأسرة في الإسلام أيضا هي اللبنة الأساسية للمجتمع، ووضع الإسلام العديد من التشريعات التي تضمن تماسك الأسرة، كما جعل كل فرد من أفراد الأسرة راع ومسؤول عن رعيته، لكنه التحيز المسبق ضد الإسلام الذي ينعتونه بالدين الوثني.
تبقى حركة " ابقي في البيت يا بنتي" حركة مثيرة للجدل، تطرح العديد من الأفكار وتطرق القضايا الشائكة، لكنها مع ذلك تعتبر فكرها الفهم الأوحد الصحيح للدين، وتظل نظرتها الدونية إلى المرأة مثار انتقاد الجميع حتى الأديان التي وصمتها بالتخلف والوثنية.
http://www.islamonline.net/ar/IOLArticle_C/1278407301066/1278406720653/IOLArticle_C
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق