تحقيق- أمل خيري
﴿و َأَذِّن فِي النَاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ﴾ (الحج).. ها قد أشرق موسم الحج، وها هم وفود الحجيج يتوافدون على البلد الحرام ملبين مكبرين أتوا من أقاصي الأرض من كل حدبٍ وصوبٍ يحدوهم الشوق لبيت الله الحرام، والحج موسم دعوى رابح للدعاة والمصلحين، فالناس فيه مقبلون على الخير وقد تجرَّدوا عن مشاغلِ الدنيا ومتاعها.
والدعوة إلى الله- تعالى- في موسمِ الحج سنة نبوية منذ فجر الإسلام؛ إذ كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يعرض دعوته على الناسِ في مواسم الحج، كما أرسل العديدَ من أصحابه- رضي الله عنهم- لذلك، وفي حجةِ الوداع نصح الأمة غاية النصح وبلغ البلاغ المبين، وقد استمرَّ علماء الإسلام ودعاته الصادقون على مرِّ العصورِ في استغلال هذا الموسم العظيم دعويًّا مستفيدين منه في إيقاظِ القلوب وإنارة البصائر وعرض الإسلام النقي والتحذير من مخاطرِ الشركِ وشوائب البدع والمنكرات.
إلا أنه مع تزايدِ أعداد الحجاج سنويًّا فإنَّ الأمرَ يحتاج لجهود الدعاة المخلصين من كل بقاعِ الأرض لدعوةِ وإرشاد حجاج بيت الله الحرام فضلاً عمَّا يقومُ به الأخوة والعلماء بالمملكة العربية السعودية بواجبهم تجاه وفود الحجيج.
تقول ليلى محمد: حرصتُ العام الماضي أثناء رحلة الحج أن أملأ حقيبتي بعددٍ من المطوياتِ والكُتيبات الصغيرة وأشرطة الكاسيت لكبار العلماء لأقوم بتوزيعها على رفاقِ الرحلة أثناء ركوب الباخرة.
وفي الفندق الذي أقمت به في مكة والمدينة، وكذلك حرص زوجي على أخذ مطويات عن تحريم التدخين وعن حكم تارك الصلاة، وكذلك عدد من كُتيبات الرقائق والإيمانيات مثل التي تتحدث عن حبِّ الله أو الطريق للجنة، وكان لذلك أطيب الأثر بفضل الله على المحيطين.
بينما يروي الحاج محمد علي (65 سنة) تجربة حدثت معه حيث سافر هو وزوجته للحج بصحبة مجموعة من الشباب كان من بينهم شاب وزوجته أثَّرا بشخصيتهما أبلغ الأثر؛ حيث كانا في خدمتهما وحِرصا على مساعدتهما في أداءِ المناسك فكانا يحملان عنهما الحقائب ويتقاسمان معهما الطعام، وكانا دائما التذكير للرفقة كلها بذكر الله وتذكر النية، وكان الشاب كثيرًا ما يؤمهم في قيامِ الليل ويقوم بإلقاءِ كلمةٍ بسيطةٍ للمجموعةِ يُذكرهم فيها بضرورةِ المداومة على العبادةِ وطاعة الله ويختم بدعاءٍ مؤثرٍ يجعل الدموع تتدفق، ومع أنه كانت تصدر منا بعض الأخطاء في صلاتنا بحكمِ تعودنا عليها إلا أنهما كانا يقومان بتوجيهنا برفقٍ ولينٍ والآن ورغم مرور خمس سنوات على هذه الحجةِ إلا أنهما مازالا يتصلان بنا ويقومان بزيارتنا ولا يكفان عن إهدائنا الكتب والأشرطة.
مطلوب التروي من الدعاة
رأينا أنَّ الدعوةَ ليست توزيع كتاب أو إقامة نشاط أو إلقاء كلمة، بل محاولة تأثير على المدعو وسعي لتفهيمه الإسلام النقي ليعمل به، وتغيير لما يُوجد لديه من معتقدات وسلوكيات مخالفة للشرع.
ومن الحكمة مراعاة أحوال الحجيج واختلاف بيئاتهم التي نشأوا فيها ومراعاة أعمارهم، ولكن قد تصدر من بعض الحجيج بعض المنكرات والمواقف التي لا يرتضيها الداعية أو يستنكرها فكيف يواجهها؟
تقول الأستاذة ناهد بنت عيد السميري- مديرة المعهد العلمي العالي لإعداد معلمات القرآن والسنة بجدة-: إنَّ الحجَ من أهم مجالات الدعوة إلى الله، ومما لا شكَّ فيه أنَّ الحجَ فرصة جيدة وثمينة للدعوة إلى الله؛ فالناس في الحج مقبلون لا مدبرون، وتُعتبر مدة الحج طويلة من حيث الاحتكاك بهم والتواجد معهم طوال اليوم، فالحج بيئة خصبة للعمل الدعوي إذ بطول الخلطة تظهر نقاط الخلل وتتعدد أساليب النقاش والاتصال، وهذه ميزة لا تظهر في أي اجتماعاتٍ أخرى.
وهنا نلفت النظر إلى أنَّ أساليبَ الدعوة في الحج مختلفة وهي غاية في الدقة، خصوصًا وأنَّ حالَ الناسِ يظهر منه التجرد الكامل لله تعالى والقلوب فيه منكسرة، والجميع مقبلٌ على الله متلبّس بإحرامه، ساعٍ في تكميل حجه بعيدًا عن الجدل والرفث والفسوق.
لذا فمن المظاهر السلبية أن تجد من الدعاة هداهم الله، من عندهم الحماس والاندفاعية للدعوة، والذي ينتج عنه الانطلاق للدعوة بلا منهجية، وهذا لا فائدةَ فيه، بل ضرره أكثر من نفعه، والهدف من وجود التوعية في الحج هو مساعدة الحجاج على أداءِ مناسكهم على الوجه الصحيح واغتنام فرصة التجرد لربط القلوب بالله وحده، وهذا هو دور الداعية إلى الله.
وتقترح الأستاذة ناهد أن يصطحب الداعية معه بعض الكُتيبات المتعلقة بفتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء وفقه العبادات وبعض الكتب المتعلقة بالخطب المنبرية لكبار العلماء (لاحتوائها على موضوعات متعددة قد تواجه الداعية في الحج وهو غير مستعد لها بتحضير).
وكتب مُعدَّة للتوزيع على فئات محدودة (توزيع فردي) مثل: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم- صفة الوضوء- الأذكار- الحجاب- السحر- الشرك، بعض المنشورات والمطويات النافعة.
برنامج متكامل
أخي الحاج: إذا كانت أي رحلة دنيوية حتى لو إلى مكانٍ قريبٍ لا تنجح إلا إذا كان لها برنامج واضح ومعد جيدًا.. فما هو برنامجك الدعوي في رحلة الحج؟
يضع الأستاذ عبد الملك القاسم برنامجًا متكاملاً لموسم الحج يشتمل على:
- الاستخارة والاستشارة: فلا خابَ مَن استخار ولا ندمَ من استشار، فاستخر الله في الوقتِ والراحلة والرفيق.
- إخلاص النية لله عزّ وجلّ: فيجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة لتكون أعماله وأقواله لله عزَّ وجلَّ، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
- النفقة الحلال: التي تكون من الكسبِ الطيب حتى لا يكون في حجك شيء من الإثم، ففي الحديث عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"إذا خرج الحاج بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه منادٍ من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، حجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الحرام الخبيثة ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك. ناداه مناد من السماء: لا لبيكَ ولا سعديك.. زادك حرام، وراحلتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور".
- تعلُّم أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما: وتعلُّم شروط الحج وواجباته وأركانه وسننه حتى تعبدَ الله على بصيرةٍ وعلم، وحتى لا تقع في الأخطاءِ التي قد تُفسد عليك حجك، عن طريقِ مراجعة شرح كتاب الحج من كتب الفقه والاستماع لبعض الأشرطة أو المدارسة مع أحد طلبة العلم أو الحرص على حضورِ محاضرةٍ ولو واحدة على الأقلِ عن الحج وخصوصًا إذا كانت عن الفوائد التربوية في الحج.
- توفير المؤنة لأهلك والوصية لهم بالتقوى: فينبغي بمَن عَزَمَ على الحج أن يُوفِّر لمَن تجب عليه نفقتهم ما يحتاجون إليه من المال والطعام والشراب وأن يطمئن على حفظهم وصيانتهم وبعدهم عن الفتن والأخطار.
- الحرص على اختيار الرفقة الصالحة: فإنهم خير معين لك في هذا السفر؛ يُذكرونك إذا نسيت ويعلمونك إذا جهلت ويحوطونك بالرعاية والمحبة، وهم يحتسبون كل ذلك عبادة وقربة إلى الله عزَّ وجلَّ.
- تفقد الأهل والأقارب: وحضهم على اغتنام فرصة الحج خصوصًا مَن لم يحج الفريضة.
- التوبة إلى الله عزَّ وجلَّ من جميع الذنوب والمعاصي: قال الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (النور: من الآية 31).
وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي وتركها والندم على فعل ما مضى والعزيمة على عدمِ العودة إليها، وإن كان عنده مظالم للناس ردَّها وتحللهم منها سواء كانت عرضًا أو مالاً أو غير ذلك.
- عليك بالالتزام بآداب السفر وأدعيته المعروفة: والتي منها دعاء السفر والتكبير إذا صعدت مرتفعًا والتسبيح إذا نزلت واديًا، ودعاء نزول منازل الطريق وغيرها، والحرص على تذكير الرفقة بهذه الآداب.
- غض بصرك عن الحرام: واتق محارم الله عزَّ وجلَّ فأنت في أماكن ومشاعر عظيمة، واحفظ لسانك وجوارحك ولا يكن حجك ذنوبًا وأوزارًا تحملها على ظهرك يوم القيامة.
ولا تنسَ أخي الحاج أن تُذكِّر كل من حولك بالله وطاعته، ووجوب الإقلاع عن المعاصي وإظهار حسن الخلق، وذلك بأن تُقدم لهم من نفسك مثالاً عمليًّا وقدوة يُحتذى بها وقد قيل: إذا أثنى على الرجل معاملوه في الحضر ورفقاؤه في السفر فلا تشكوا في صلاحه.
وما زالت النصيحة الفردية من أهم الوسائل الدعوية لكل مسلم، في أيةِ مناسبة التقيت به؛ في سيارة، أو في أي مكان عند البيت، في منى.. في مزدلفة.. في عرفة.. وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم-:"الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة فقيل يا رسول الله ما بر الحج؟ فقال : طيب الكلام وإطعام الطعام" تقبل الله منك حجك وجعله مبرورًا وأعانك على أداءِ واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
﴿و َأَذِّن فِي النَاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ﴾ (الحج).. ها قد أشرق موسم الحج، وها هم وفود الحجيج يتوافدون على البلد الحرام ملبين مكبرين أتوا من أقاصي الأرض من كل حدبٍ وصوبٍ يحدوهم الشوق لبيت الله الحرام، والحج موسم دعوى رابح للدعاة والمصلحين، فالناس فيه مقبلون على الخير وقد تجرَّدوا عن مشاغلِ الدنيا ومتاعها.
والدعوة إلى الله- تعالى- في موسمِ الحج سنة نبوية منذ فجر الإسلام؛ إذ كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يعرض دعوته على الناسِ في مواسم الحج، كما أرسل العديدَ من أصحابه- رضي الله عنهم- لذلك، وفي حجةِ الوداع نصح الأمة غاية النصح وبلغ البلاغ المبين، وقد استمرَّ علماء الإسلام ودعاته الصادقون على مرِّ العصورِ في استغلال هذا الموسم العظيم دعويًّا مستفيدين منه في إيقاظِ القلوب وإنارة البصائر وعرض الإسلام النقي والتحذير من مخاطرِ الشركِ وشوائب البدع والمنكرات.
إلا أنه مع تزايدِ أعداد الحجاج سنويًّا فإنَّ الأمرَ يحتاج لجهود الدعاة المخلصين من كل بقاعِ الأرض لدعوةِ وإرشاد حجاج بيت الله الحرام فضلاً عمَّا يقومُ به الأخوة والعلماء بالمملكة العربية السعودية بواجبهم تجاه وفود الحجيج.
تقول ليلى محمد: حرصتُ العام الماضي أثناء رحلة الحج أن أملأ حقيبتي بعددٍ من المطوياتِ والكُتيبات الصغيرة وأشرطة الكاسيت لكبار العلماء لأقوم بتوزيعها على رفاقِ الرحلة أثناء ركوب الباخرة.
وفي الفندق الذي أقمت به في مكة والمدينة، وكذلك حرص زوجي على أخذ مطويات عن تحريم التدخين وعن حكم تارك الصلاة، وكذلك عدد من كُتيبات الرقائق والإيمانيات مثل التي تتحدث عن حبِّ الله أو الطريق للجنة، وكان لذلك أطيب الأثر بفضل الله على المحيطين.
بينما يروي الحاج محمد علي (65 سنة) تجربة حدثت معه حيث سافر هو وزوجته للحج بصحبة مجموعة من الشباب كان من بينهم شاب وزوجته أثَّرا بشخصيتهما أبلغ الأثر؛ حيث كانا في خدمتهما وحِرصا على مساعدتهما في أداءِ المناسك فكانا يحملان عنهما الحقائب ويتقاسمان معهما الطعام، وكانا دائما التذكير للرفقة كلها بذكر الله وتذكر النية، وكان الشاب كثيرًا ما يؤمهم في قيامِ الليل ويقوم بإلقاءِ كلمةٍ بسيطةٍ للمجموعةِ يُذكرهم فيها بضرورةِ المداومة على العبادةِ وطاعة الله ويختم بدعاءٍ مؤثرٍ يجعل الدموع تتدفق، ومع أنه كانت تصدر منا بعض الأخطاء في صلاتنا بحكمِ تعودنا عليها إلا أنهما كانا يقومان بتوجيهنا برفقٍ ولينٍ والآن ورغم مرور خمس سنوات على هذه الحجةِ إلا أنهما مازالا يتصلان بنا ويقومان بزيارتنا ولا يكفان عن إهدائنا الكتب والأشرطة.
مطلوب التروي من الدعاة
رأينا أنَّ الدعوةَ ليست توزيع كتاب أو إقامة نشاط أو إلقاء كلمة، بل محاولة تأثير على المدعو وسعي لتفهيمه الإسلام النقي ليعمل به، وتغيير لما يُوجد لديه من معتقدات وسلوكيات مخالفة للشرع.
ومن الحكمة مراعاة أحوال الحجيج واختلاف بيئاتهم التي نشأوا فيها ومراعاة أعمارهم، ولكن قد تصدر من بعض الحجيج بعض المنكرات والمواقف التي لا يرتضيها الداعية أو يستنكرها فكيف يواجهها؟
تقول الأستاذة ناهد بنت عيد السميري- مديرة المعهد العلمي العالي لإعداد معلمات القرآن والسنة بجدة-: إنَّ الحجَ من أهم مجالات الدعوة إلى الله، ومما لا شكَّ فيه أنَّ الحجَ فرصة جيدة وثمينة للدعوة إلى الله؛ فالناس في الحج مقبلون لا مدبرون، وتُعتبر مدة الحج طويلة من حيث الاحتكاك بهم والتواجد معهم طوال اليوم، فالحج بيئة خصبة للعمل الدعوي إذ بطول الخلطة تظهر نقاط الخلل وتتعدد أساليب النقاش والاتصال، وهذه ميزة لا تظهر في أي اجتماعاتٍ أخرى.
وهنا نلفت النظر إلى أنَّ أساليبَ الدعوة في الحج مختلفة وهي غاية في الدقة، خصوصًا وأنَّ حالَ الناسِ يظهر منه التجرد الكامل لله تعالى والقلوب فيه منكسرة، والجميع مقبلٌ على الله متلبّس بإحرامه، ساعٍ في تكميل حجه بعيدًا عن الجدل والرفث والفسوق.
لذا فمن المظاهر السلبية أن تجد من الدعاة هداهم الله، من عندهم الحماس والاندفاعية للدعوة، والذي ينتج عنه الانطلاق للدعوة بلا منهجية، وهذا لا فائدةَ فيه، بل ضرره أكثر من نفعه، والهدف من وجود التوعية في الحج هو مساعدة الحجاج على أداءِ مناسكهم على الوجه الصحيح واغتنام فرصة التجرد لربط القلوب بالله وحده، وهذا هو دور الداعية إلى الله.
وتقترح الأستاذة ناهد أن يصطحب الداعية معه بعض الكُتيبات المتعلقة بفتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء وفقه العبادات وبعض الكتب المتعلقة بالخطب المنبرية لكبار العلماء (لاحتوائها على موضوعات متعددة قد تواجه الداعية في الحج وهو غير مستعد لها بتحضير).
وكتب مُعدَّة للتوزيع على فئات محدودة (توزيع فردي) مثل: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم- صفة الوضوء- الأذكار- الحجاب- السحر- الشرك، بعض المنشورات والمطويات النافعة.
برنامج متكامل
أخي الحاج: إذا كانت أي رحلة دنيوية حتى لو إلى مكانٍ قريبٍ لا تنجح إلا إذا كان لها برنامج واضح ومعد جيدًا.. فما هو برنامجك الدعوي في رحلة الحج؟
يضع الأستاذ عبد الملك القاسم برنامجًا متكاملاً لموسم الحج يشتمل على:
- الاستخارة والاستشارة: فلا خابَ مَن استخار ولا ندمَ من استشار، فاستخر الله في الوقتِ والراحلة والرفيق.
- إخلاص النية لله عزّ وجلّ: فيجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة لتكون أعماله وأقواله لله عزَّ وجلَّ، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
- النفقة الحلال: التي تكون من الكسبِ الطيب حتى لا يكون في حجك شيء من الإثم، ففي الحديث عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"إذا خرج الحاج بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه منادٍ من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، حجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الحرام الخبيثة ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك. ناداه مناد من السماء: لا لبيكَ ولا سعديك.. زادك حرام، وراحلتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور".
- تعلُّم أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما: وتعلُّم شروط الحج وواجباته وأركانه وسننه حتى تعبدَ الله على بصيرةٍ وعلم، وحتى لا تقع في الأخطاءِ التي قد تُفسد عليك حجك، عن طريقِ مراجعة شرح كتاب الحج من كتب الفقه والاستماع لبعض الأشرطة أو المدارسة مع أحد طلبة العلم أو الحرص على حضورِ محاضرةٍ ولو واحدة على الأقلِ عن الحج وخصوصًا إذا كانت عن الفوائد التربوية في الحج.
- توفير المؤنة لأهلك والوصية لهم بالتقوى: فينبغي بمَن عَزَمَ على الحج أن يُوفِّر لمَن تجب عليه نفقتهم ما يحتاجون إليه من المال والطعام والشراب وأن يطمئن على حفظهم وصيانتهم وبعدهم عن الفتن والأخطار.
- الحرص على اختيار الرفقة الصالحة: فإنهم خير معين لك في هذا السفر؛ يُذكرونك إذا نسيت ويعلمونك إذا جهلت ويحوطونك بالرعاية والمحبة، وهم يحتسبون كل ذلك عبادة وقربة إلى الله عزَّ وجلَّ.
- تفقد الأهل والأقارب: وحضهم على اغتنام فرصة الحج خصوصًا مَن لم يحج الفريضة.
- التوبة إلى الله عزَّ وجلَّ من جميع الذنوب والمعاصي: قال الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (النور: من الآية 31).
وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي وتركها والندم على فعل ما مضى والعزيمة على عدمِ العودة إليها، وإن كان عنده مظالم للناس ردَّها وتحللهم منها سواء كانت عرضًا أو مالاً أو غير ذلك.
- عليك بالالتزام بآداب السفر وأدعيته المعروفة: والتي منها دعاء السفر والتكبير إذا صعدت مرتفعًا والتسبيح إذا نزلت واديًا، ودعاء نزول منازل الطريق وغيرها، والحرص على تذكير الرفقة بهذه الآداب.
- غض بصرك عن الحرام: واتق محارم الله عزَّ وجلَّ فأنت في أماكن ومشاعر عظيمة، واحفظ لسانك وجوارحك ولا يكن حجك ذنوبًا وأوزارًا تحملها على ظهرك يوم القيامة.
ولا تنسَ أخي الحاج أن تُذكِّر كل من حولك بالله وطاعته، ووجوب الإقلاع عن المعاصي وإظهار حسن الخلق، وذلك بأن تُقدم لهم من نفسك مثالاً عمليًّا وقدوة يُحتذى بها وقد قيل: إذا أثنى على الرجل معاملوه في الحضر ورفقاؤه في السفر فلا تشكوا في صلاحه.
وما زالت النصيحة الفردية من أهم الوسائل الدعوية لكل مسلم، في أيةِ مناسبة التقيت به؛ في سيارة، أو في أي مكان عند البيت، في منى.. في مزدلفة.. في عرفة.. وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم-:"الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة فقيل يا رسول الله ما بر الحج؟ فقال : طيب الكلام وإطعام الطعام" تقبل الله منك حجك وجعله مبرورًا وأعانك على أداءِ واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق