الاثنين، 26 أبريل 2010

بحث عن بنية منظمة المؤتمر الإسلامي

أمل خيري

بنية منظمة المؤتمر الإسلامي

أولا :الأجهزة الرئيسية:

1. القمة الإسلامية، وتتألف من ملوك ورؤساء الدول والحكومات في الدول الأعضاء، وهي أعلى هيئة فـي المنظمة، وتجتمع مرة كل ثلاث سنوات للتداول واتخاذ القرارات وتقديم المشورة بشأن جميع القضايا ذات الصلة بتحقيق الأهداف، ودراسة القضايا الأخرى التي تحظى باهتمام الدول الأعضاء والأمة.

2. مجلس وزراء الخارجية:

يجتمع بصفة دورية مرة كل سنة ويدرس سبل تنفيذ السياسة العامة للمنظمة من خلال أمور من بينها:

اتخاذ قرارات ومقررات بشأن مسائل تحظى بالاهتمام المشترك في سبيل نيل الأهداف وتنفيذ السياسة العامة للمنظمة؛

استعراض ما يتم إحرازه من تقدم في تنفيذ القرارات والمقررات الصادرة عن مؤتمرات القمة ومجالس وزراء الخارجية السابقة.

3. الأمانة العامة: أنشئت بموجب قرار صادر عن المؤتمر الإسلامي الأول لوزراء الخارجية الذي عقد في جدة بالمملكة العربية السعودية في محرم 1390هـ (فبراير 1970م ).تتألف الأمانة العامة من الأمين العام، وهو المسؤول الإداري الرئيسي للمنظمة، والموظفين الذين يقتضيهم عمل المنظمة.

الأمين العام:ينتخب مجلس وزراء الخارجية الأمين العام لفترة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. وينتخب الأمين العام من بين مواطني الدول الأعضاء وفق مبادئ التوزيع الجغرافي العادل والتداول وتكافؤ الفرص بين الدول الأعضاء كافة، مع مراعاة الكفاءة والاستقامة والخبرة.

4. محكمة العدل الإسلامية الدولية
هي جهاز قضائي رئيسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي تباشر مهامها وفقاً لأحكام قانونها الأساسي.
كان إنشاء المحكمة بقرار من القمة الإسلامية الثالثة، وتتكون من سبعة أعضاء ينتخبهم مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية وتتحمل الدول الأعضاء مصاريف المحكمة وتكون لها ميزانية مستقلة.
تشمل أهلية المحكمة جميع القضايا التي يتفق أعضاؤها على إحالتها إليها، كما تشمل كذلك كافة المسائل المنصوص عليها في الاتفاقيات والمعاهدات النافذة من مثل:
- النظر في الخلافات التي قد تنشأ بين الأعضاء بصفة عامة.
- النظر في الخلافات التي قد تنشأ عن تفسير أو تأويل ميثاق المنظمة.
- تقديم فتاوى في المسائل القانونية بطلب من مؤتمر الملوك والرؤساء أو مؤتمر وزراء الخارجية أو سائر أجهزة المنظمة بعد إذن مؤتمر وزراء الخارجية.

ثانيا:الأجهزة المتفرعة:

هي الأجهزة المنشأة في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي بناء على قرار من المؤتمر الإسلامي للملوك ورؤساء الدول والحكومات أو المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية ، وتكتسب عضويتها بصورة تلقائية من الدول الأعضاء ، ويتم تمويلها بوساطة مساهمات الدول الأعضاء الإلزامية والمساهمات الطوعية ومن المداخيل المتأتية مما تقدمه مـن خدمات . وتقر ميزانياتها من قبل المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية.

وفيما يلي أسماء الأجهزة المتفرعة ومقارها :

1. مركز البحوث الإحصائية والاقتصاديـة والاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية ، أنقرة ، تركيا .

2. مركز البحوث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية ، إستانبول ، تركيا .

3. الجامعة الإسلامية للتكنولوجيا ، داكا ، بنغلاديش .

4. المركز الإسلامي لتنمية التجارة ، الدار البيضاء ، المملكة المغربية .

5. مجمع الفقه الإسلامي ، جدة ، المملكة العربية السعودية .

6. صندوق التضامن الإسلامي ووقفه ، جدة ، المملكة العربية السعودية

7. الجامعة الإسلامية في النيجر

ثالثا:المؤسسات والأجهزة المتخصصة

هي المؤسسات والأجهزة المنشأة في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي بموجب قرار من مؤتمر القمة أو المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية ، وتكون عضويتها مفتوحة بصورة اختيارية أمام الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ، وتتميز بأن ميزانياتها مستقلة عن ميزانية الأمانة العامة أو ميزانيات الأجهزة الفرعيـة ، وتعمتد ميزانيات هذه الأجهزة النصوص والتشريعات في أنظمتها الأساسية .

وقد استحدثت إلى حد الآن أربع مؤسسات متخصصة هي :

1. البنك الإسلامي للتنمية ، جدة ، المملكة العربية السعودية .

2. المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ، الرباط ، المملكة المغربية .

3. وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا) ، جدة ، المملكة العربية السعودية .

4. منظمة إذاعات الدول الإسلامية (إسبو) ، جدة ، المملكة العربية السعودية .

رابعا:المؤسسات المنتمية للمنظمة

يحق للمؤسسات والأجهزة التابعة للدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي أن تنضم بصفة اختيارية إلى عضويتة هذه المؤسسات. وميزانياتها مستقلة عن ميزانيات الأمانة العامة والأجهزة المتفرعة والمتخصصة . ولقد أنشئت برعاية مؤتمرات القمة الإسلامية والمؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية . ويجوز منح المؤسسات المنتمية صفة مراقب بموجب قرار يصدره المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية ، كما يجوز لها تلقي مساعدات طوعية من الأجهزة المتفرعة والمتخصصة وكذلك من الدول الأعضاء.واهم المؤسسات المنتمية:

1. الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، كراتشي، باكستان .

2. منظمة العواصم والمدن الإسلامية ، مكة المكرمة ،السعودية .

3. الاتحاد الرياضي لألعاب التضامن الإسلامي، الرياض، المملكة العربية السعودية .

4. اللجنة الإسلامية للهلال الدولي، بنغازي، ليبيا.

5. الاتحاد الإسلامي لمالكي البواخر، جدة، السعودية.

6. الاتحـاد العالمي للمدارس العربية الإسلامية الدولية، القاهرة ،جمهورية مصر العربية.

7. منتدى شباب المؤتمر الإسلامي للحوار والتعاون، اسطنبول ، تركيا.

8. الاتحاد العالمي للكشاف المسلم.

9. الأكاديمية الإسلامية العالمية للعلوم.

10. اتحاد المستشارين في البلدان الإسلامية.

11. المجلس العام للمصارف الإسلامية والمؤسسات المالية.

12. اتحاد المقاولين في البلدان الإسلامية.

13. فريق الاستجابة للطوارىء الحاسوبية لمنظمة المؤتمر الإسلامي

خامسا:اللجان الرئيسية /الدائمة والهيئات الخاصة

1- لجنة القدس : أنشئت لجنة القدس طبقا للقرار الصادر عن المؤتمر الإسلامي السادس لوزراء الخارجية الذي عقد في جدة خلال الفترة من 12 إلى 15 يوليو 1975م (بالمملكة العربية السعودية).

أهدافها:

(أ‌) متابعة تنفيذ القرارات التي اتخذها ويتخذها المؤتمر الإسلامي ، ومتابعة قرارات الهيئات الدولية الأخرى التي تؤيد موقف المؤتمر أو تتمشى معه ، والاتصال مع أية هيئات أخرى ، واقتراح ما تراه مناسبا على الدول الأعضاء لتنفيذ المقررات وتحقيق أهدافها واتخاذ ما تراه من إجراءات تجاه المواقف التي تستجد ضمن حدود هذه الصلاحيات.

(ب‌) تنفيذ جميع قرارات المؤتمر الإسلامي المتعلقة بمواضيع الصراع العربي الإسرائيلي نظرا للترابط الجذري بين قضية القدس فلسطين وهذا الصراع .

وقد استحدثت وكالة تابعة لهذه اللجنة تسمى : وكالة بيت مال القدس الشريف

بمبادرة من جلالة الملك الحسن الثاني ، رحمه الله الذى قدم مبادرته للجنة القدس فى إجتماعها الخامس عشر المنعقد فى (إفران ) بالمملكة المغربية سنة 1995 وتم تقديم فكرة إنشائها الى مؤتمر وزراء الخارجية الثالث والعشرون المنعقد فى كوناكرة بجمهورية غينيا 1995 وتقرر إنشاء وكالة بيت مال القدس وتمت الموافقة على نظامها الأساسي وأضفت عليها صفتها القانونية النهائية عندما عينت أول مدير لها وأذنت بانطلاق نشاطها رسميا يوم 30 يوليو 1998م . للوكالة الأهداف التالية :

إنقاذ مدينة القدس الشريف.

– تقديم العون للسكان الفلسطينيين والمؤسسات الفلسطينية في المدينة المقدسة.

الحفاظ على المسجد الأقصى المبارك والأماكن المقدسة الأخرى في المدينة وتراثها الحضاري والديني والثقافي والعمراني وترميمها .

2- اللجان الدائمة

· اللجنة الدائمة للإعلام والشؤون الثقافية (كومياك)

· اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (كومسيك)

· اللجنة الدائمة للتعاون العلمي والتكنولوجي (كومستيك)

3- اللجنة الإسلامية للشؤون الاقتصادية والثقافية والاجتماعية

4- اللجنة الدائمة للشؤون المالية

5- هيئة الرقابة المالية

الأحد، 25 أبريل 2010

بحث عن خصائص النظام الدولي الجديد

أمل خيري

برز على الساحة الدولية مصطلح النظام الدولي الجديد ليعبر عن حقبة جديدة في العلاقات الدولية لها سماتها وخصائصها المميزة والتي بشر بها البعض على أنها نهاية التاريخ بينما يراها الأكثرية مجرد مرحلة من مراحل تطور العلاقات الدولية التي مرت عبر تاريخها بالعديد من الدورات والنظم وستأتي وتنتهي كغيرها ليحل محلها نظام دولي جديد ومرحلة لاحقة من مراحل العلاقات بين الدول.

لذلك سوف نسلط الضوء على هذا الموضوع من خلال تناول تعريف النظام الدولي ، ومراحل تطوره، والمقصود بمصطلح النظام الدولي الجديد ثم ننتقل لعرض أبرز خصائص هذه المرحلة.

أولا: تعريف النظام الدولي:

يقصد بالنظام الدولي مجموعة الوحدات السياسية -سواء على مستوى الدولة أو ما هو أصغر أو أكبر- التي تتفاعل فيما بينها بصورة منتظمة ومتكررة لتصل إلى مرحلة الاعتماد المتبادل مما يجعل هذه الوحدات تعمل كأجزاء متكاملة في نسق معين.وبالتالي فإن النظام الدولي يمثل حجم التفاعلات التي تقوم بها الدول والمنظمات الدولية والعوامل دون القومية مثل حركات التحرير والعوامل عبر القومية مثل الشركات المتعددة الجنسية وغيرها.

ثانيا: تطور النظام الدولي:

المرحلة الأولى 1648 – 1914

تبدأ هذه المرحلة من معاهدة وستفاليا سنة 1648 والتي أنهت الحروب الدينية وأقامت النظام الدولي الحديث المبني على تعدد الدول القومية واستقلالها، كما أخذت بفكرة توازن القوى كوسيلة لتحقيق السلام وأعطت أهمية للبعثات الدبلوماسية، وتنتهي هذه المرحلة بنهاية الحرب العالمية الأولى.

وكانت قوة الدولة مرادفة لقوتها العسكرية، وكانت أوروبا تمثل مركز الثقل في هذا النظام. أما الولايات المتحدة الأميركية فكانت على أطراف هذا النظام ولم يكن لها دور فعال نتيجة سياسة العزلة التي اتبعتها.

كانت الفكرة القومية هي الظاهرة الأساسية في النظام الدولي فهي أساس قيام الدول وأساس الصراع بين المصالح القومية للدول، ولم تكن الظواهر الأيدولوجية الأخرى قد ظهرت بعد مثل الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية وغيرها.

المرحلة الثانية 1914 –1945 Multi-polarity

تبدأ هذه المرحلة من الحرب العالمية الأولى وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية ، وقد تميزت هذه المرحلة بزوال أربع امبراطوريات ،كما اقتحمت أوروبا موجة جديدة من الجمهوريات ،وتحول عدد كبير من الدول الأوربية لديكتاتوريات ، وشجع حق تقرير المصير على ظهور قوميات جديدة طالبت بالاستقلال، وظهرت الولايات المتحدة كدولة ذات نفوذ وأخيرا ظهرت اليابان وروسيا كدولتتي عظميين، ومن أجل ذلك اتسمت هذه المرحلة بالأزمات التي أدت إلى عدم التفاهم بين الدول ومن ثم نشوب الحرب العالمية الثانية.

المرحلة الثالثة 1945- 1989

نشأت مع الحرب العالمية الثانية وامتدت حتى عام 1989م والتي وصفت بأنها مرحلة (الحرب الباردة) واتسمت بالثنائية القطبية Bipolarity حيث شهدت هذه المرحلة صعوداً سريعاً لقوتين كبيرتين متنافستين هما الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية. وكانت القنبلتان النوويتان اللتان ألقتهما الولايات المتحدة الأمريكية على "هيروشيما ونجازاكي" في شهر أغسطس عام 1945م إيذاناً ببدء عصر تكون لأمريكا فيه اليد الطولى، سواء كان ذلك على الصعيد العسكري أم السياسي أم الإقتصادي، إذ تم تدعيم الموقف العسكري بموقف سياسي من خلال مبدأ ترومان المعلن في مارس 1947م، واقتصادياً ببرنامج (مارشال) للمساعدات المعلن في يونيو 1947م والذي ساعد على إعادة إعمار أوروبا الغربية واليابان، كما ساعد في تدعيم الاقتصاد الأمريكي.

وخلال هذه المرحلة ظهرت الأيدولوجية كإحدى أهم الظواهر في المجتمع الدولي وأخذ الانقسام داخل النظام الدولي يأخذ طابع الصراع الأيدولوجي بين المعسكر الشرقي الاشتراكي والمعسكر الغربي الرأسمالي، وتبع ذلك ظهور عدد من الظواهر مثل الحرب الباردة والتعايش السلمي والوفاق الدولي وغيرها.

المرحلة الرابعة 1989 حتى الآن

تبدأ هذه المرحلة من نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي بانهيار الاتحاد السوفيتي وحتى الآن، ويطلق عليها النظام الدولي الجديد وأخيراً العولمة، وتعود بدايات شيوع هذا المفهوم إلى حرب الخليج الثانية (1990) حيث بدأت الدعاية الأميركية بالترويج لهذا المفهوم ،حيث ظهر لأول مرة عند إعلان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب من على منصة قاعة اجتماع الهيئة التشريعية لمجلس النواب الأمريكي في 17 يناير 1991 بداية النظام العالمي الجديد New World ويلاحظ استخدام كلمة Order ولم يستخدم كلمة System مثلاً وذلك لأن في كلمة Order من القسر والتوجيه والأمر ما ليس في غيره.ونتناول فيما يلي أهم خصائص النظام الدولي الجديد.

ثالثا:خصائص النظام الدولي الجديد:

1- القطبية الأحادية Uni-polarity:

فالسمة الأساسية هي هيمنة hegemony الولايات المتحدة على النظام الدولي من الناحية السياسية والعسكرية ، وانفرادها بقيادة العالم والتصرف بصورة فردية دون حاجة للحلفاء بدلاً من القطبية الثنائية السابقة.

· فعلى المستوى السياسي قامت أمريكا بدور المنظم للمجتمع الدولي، وراود الكثيرين في العالم الأمل بانتهاء الحرب والاتجاه بخطوات ثابتة نحو السلام العالمي، ومنذ أحداث 11 سبتمبر ظهرت نوعية جديدة من الاستقطاب وحلت ثنائية جديدة تتمثل في مواجهة بين الولايات المتحدة وقوى الإرهاب ودول وصفتها أميركا بالدول المارقة والتي تشكل ملاذاً للإرهاب. وفي هذا الصدد كشف التحرك الفردي للولايات المتحدة تجاه الحرب على أفغانستان واحتلال العراق عن عجز أوروبا عن أن تشكل قوى سياسة تتبوأ مكاناً يليق بقوتها إلى درجة وصفها بأنها عملاق اقتصادي لكنها ليست سوى قزم سياسي.

· وعلى المستوى العسكري استندت الولايات المتحدة في فرض زعامتها على العالم، إلى قوتها العسكرية والنووية الكبيرة،مما أدى إلى انفرادها بالقرارات العسكرية دون الالتزام بالشرعية الدولية،بحكم قوتها الاقتصادية والعلمية والعسكرية في مجال الاستخبارات والتجسس الالكتروني والمراقبة بواسطة الأقمار الاصطناعية والعدة الحربية المتطورة من السفن والطائرات والمدفعيات والصواريخ الرشاشات... ،كما يتسم النظام الدولي الجديد بحل الأحلاف العسكرية الاشتراكية السابقة كحلف وارسو، إقامة القواعد العسكرية الأمريكية في مناطق مختلفة من العالم وخاصة في الشرق الأوسط- كالكويت والسعودية وقطر والضغط على الدول المنتجة للسلاح وخاصة النووي كإيران وكوريا الشمالية.

· وعلى المستوى الثقافي نجد هيمنة العولمة الثقافية الغربية والأمريكية تحديدا، وتسخيرها لآليات إعلامية وفنية ولغوية لفرض نفوذها وتهديد وجود الهويات الثقافية المحلية على الصعيد العالمي ويطلق عليها البعض ثقافة الكاوبوي.

· أما على المستوى الاقتصادي فيمكن القول أن النظام الحالي هو نظام متعدد الأقطاب تبرز فيه قوى اقتصادية كبرى سواء في أوروبا أو في دول شرق آسيا ،خاصة مع تصاعد حدة الأزمة المالية العالمية التي أظهرت هشاشة الاقتصاد الأمريكي.

2- تعدد الفاعلين الدوليين:

بتعدد وتوزع مصادر السلطة على مستوى العالم نتيجة تصاعد قوة الشركات المتعددة الجنسية والمنظمات عبر القومية والمنظمات غير الحكومية التي أصبحت تشكل تحدياً لسيادة الدولة وسلطتها،كما يمكن القول إن النظام الدولي قد عرف فاعلا جديدا كعنصر من عناصر المجتمع الدولي يتمثل في عولمة الإرهاب، فقد خرج الإرهاب من رحم العولمة الأمريكية ليمثل نوعاً من العولمة المضادة، وهو فاعل ليس قطرياً ولا إقليمياً ولا يمر عبر مؤسسات الدول وله مقوماته الذاتية واستقلاليته وكثير من الجماهير المتعاطفة معه ، وهناك أيضا تزايد دور منظمات ولجان حقوق الإنسان والدفاع عن البيئة.

3- تعدد الدول:

يتسم النظام الدولي الجديد بزيادة عدد الدول الداخلة فيه فبعد أن كانت الدول الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة 51 دولة من بينهم مصر أصبح اليوم عدد الدول الأعضاء 203 دولة تشمل جميع القارات، ومن ثم سقط مفهوم الاجماع حول الأولويات الدولية.

ويطلق البعض على هذه المرحلة مرحلة الإستقطاب Polarization ،حيث يرى بعض المحللين أن السنوات القادمة وتحديدا خلال العقد الثاني من القرن الحادي ‏والعشرين ستعيد الى الواجهة عدد من المتنافسين العالميين المتنمرين الصغار كالهند واليابان الى ‏الساحة الدولية وعودة بعض القوى الكبرى كالصين وروسيا الى رقعة الشطرنج الدولية كذلك ‏كدول متحدية ومنافسه للولايات المتحدة الاميركية ، وهو ما سيحول النظام الى نظام تعددي أكثر ‏من ميوله الى نظام ثنائي القطب ، ولكن سيكون أقرب الى التعددية القطبية الفضفاضة منه الى ‏المحكمة ، حيث سيبدو نظام التعددية القطبية فيه على شكل تحالفات بدلا من تكتلات.

وفي مقال للكاتب "دانيال دريزنر" تحت عنوان "ما بعد النظام العالمي الجديد" أو "جديد النظام العالمي الجديد" The New New World Order والذي نشرته مجلة Foreign affairs 2006، حيث يوضح أن المعطيات التي فرضها الواقع الدولي من تصاعد قوى ذات ثقل اقتصادي وسياسي متنام أصبحت محددات لا يمكن لأمريكا غض الطرف عنها. وفي سبيل بحث الولايات المتحدة عن مصالحها ربما تجد من الأفضل أن تتلاقى مصالحها مع مصالح هذه القوى المتنامية؛ لتعيد تشكيل النظام أحادي القطبية إلى نظام متعدد الأقطاب ، غير أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى تأسيس جديد لنظام متعدد الأقطاب بقدر ما تسعى إلى احتواء هذه القوى الصاعدة، وخاصة العملاقين الصيني والهندي.

4- وجود السلاح النووي وسيادة مبدأ توازن الرعب النووي:

كانت إستراتيجية الولايات المتحدة العسكرية تتبنى سياسة الردع والاحتواء مع الاتحاد السوفياتي والدول المعادية الأخرى، وتقوم هذه السياسة على إقناع العدو بضرورة الابتعاد عن تهديد الأمن والمصالح الأميركية خوفاً من اللجوء إلى الأسلحة النووية والتدمير الشامل، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي اتجهت السياسة الأمنية الأميركية نحو تقليل تدخل الولايات المتحدة عسكرياً في الخارج وظهر هناك نوع من التوافق الدولي نحو تجنب الحرب والعمل على تسوية المنازعات بالطرق السلمية.

إلا أنه بعد أحداث 11 سبتمبر تحولت هذه الإستراتيجية نحو إعطاء أولوية للحرب على الإرهاب وتبني سياسة الضربات الوقائية ، وفي الوقت نفسه احتفظت السياسة الأميركية لنفسها بحق استخدام الأسلحة النووية بشكل محدود ضد الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة دول مارقة ترعى الإرهاب وتهدد السلم العالمي بامتلاكها لأسلحة الدمار الشامل مثل العراق وإيران وكوريا الشمالية، وقد قادت هذه السياسة إلى وجود مفهوم جديد للأمن .

أما على صعيد الأسلحة الإستراتيجية، فإن التوجه الدولي العام هو ضبط مثل هذه الأسلحة، خصوصاً وأن اتفاقية [ستارت2] START2 بين الولايات المتحدة وروسيا في العام 1993 قضت بتخفيض الترسانتين النوويتين بنسبة عالية. وهناك تعاون روسي - أميركي لضبط الأسلحة النووية الموجودة في أوكرانيا وروسيا البيضاء وكازاخستان. على أن التفجيرات النووية المتلاحقة في الهند وباكستان، وامتلاك إسرائيل لمئات الرؤوس النووية، من العلامات البارزة على انتشار السلاح النووي وبقاء المخاطر المهدّدة للإنسانية.

وفي نفس الوقت عقد مؤتمر الانتشار النووي بنيويورك في الفترة من 3مايو إلى 28 مايو الجاري لضبط المخزون النووي وتقنيات استعمالاته الحربية والغرض المباشر من هذا المؤتمر هو طبعاً ضبط المخزون النووي في دول الاتحاد السوفياتي السابق لمنع تسربه إلى الشبكات المعادية، وفي الوقت نفسه التضييق على الدولتين غير الخاضعتين لهذه المنظومة (إيران وكوريا الشمالية) لمنع تسريبهما التقنية والمواد لأطراف ما.

5- اضمحلال دور القانون الدولي وازدواجية المعايير:

ثمة مشاهد عن تجاهل القانون الدولي العام، أو عن التناقض في تطبيق قواعده في غير منطقة من العالم، سواء بالنسبة لحقوق الإنسان، أو حفظ السلام، أو حماية البيئة الطبيعية من التلوث والتدمير... ، حيث نجد ازدواجية في المعايير وتجاوزات عديدة في مفهوم حقوق الإنسان ، فحصار العراق على مدى سبع سنوات سبّب أضراراً بالغة في أوساط الشعب العراقي، من وفيات الأطفال إلى التهديد البيولوجي لحياة الملايين من المدنيين. هذا رغم احتجاجات الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الصحة العالمية على الإبادة الجماعية، المنافية للقانون الدولي،
كما سبّب حظر التجارة الأميركية المضروب على كوبا زيادة معدل الوفيات، وانتشار الأمراض التي تحملها المياه، وفي فلسطين تستمر انتهاكات القواعد الدولية من خلال الأوضاع المأساوية للمساجين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

6- تآكل سيادة الدول :

في الوقت نفسه تدهورت سلطة الدولة القومية ومن ثم سيادة الدولة وتضاءل دور المنظمات الدولية في تسوية الصراعات الدولية وحل المشكلات الدولية ليحل محلها دور الولايات المتحدة قائدة العالم ،ويعود تراجع مكانة الدولة في العلاقات لعدة عوامل أهمها:

· بروز فاعلين أقوياء في شبكة التفاعلات الدولية: الشركات المتعددة الجنسية، المنظمات الإقليمية والدولية، المنظمات غير الحكومية، رجال الأعمال، الأسواق التجارية..الخ.

· التحول في سلوك المنظمات الدولية، فقد كانت المنظمات الدوليــة في السابق عبارة عن مؤسسات تابعة للدولة القومية، أما الآن فقد غدا للمنظمات الدولية وجود متميز ومستقل عن إرادات الدول المنشئة لها. وليس أدل على ذلك من إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1991م الذي أيد التدخل الإنساني من دون طلب أو حتى موافقة الدولة المعنية كما حدث من استخدام القوة لمصلحة "السكان المدنيين" في الصومال.

· التحول الكبير الذي طرأ على مفهوم السيادة للـدولة القومية، حيــث أنهت الاختراقات الثقافية والإعلامية الوظيفة الاتصالية للدولة، ما جعل من نظرية سيادة الدولة نظرية خالية من المضمون. وليست عملية التشابك الاقتصادي الدولي التي جعلت من سيطرة الدول على عملها أمراً غير واقعي، إلا إحدى تجليات انتهاء السيادة بمفهومها السابق.

7- استمرار عدم التوازن في القوى:

نلاحظ أن مجلس الأمن الدولي لا يزال يعكس موازين القوى السائدة منذ مؤتمر يالطا عقب الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب الباردة، فما زالت الدول تستخدم حق الفيتو إلا أنه برز النفوذ الأميركي في قرارات هذا المجلس، انعكاساً لموازين القوى الجديدة بعد انهيار الإتحاد السوفياتي. فالقرارات المتعلقة بالغزو العراقي للكويت جاءت من دون اعتراض دولة من الدول الدائمة العضوية خاصة بعد غياب "الفيتو السوفييتي" .

8- تغير مفهوم القوة وظهور المنظمات الاقليمية:

في السابق كانت القوة العسكرية تتمتع بمزايا لا مثيل لها في تحقيق الفائدة السياسية والاقتصادية للدولة. لكن تحولات العصر وتطوراته قد جعلت الأداة الاقتصادية في سلم أدوات السياسة الخارجية وأصبحت القوة الاقتصادية المقياس الفعلي لقوة الدولة، وقد ترتب على هذا الأمر ما يأتي:

· ‌أصبحت هناك دول تمتلك قدرات عسكرية فائقة، ومع ذلك فإن أمنها مهدد مثل روسيا.

· ‌وكذلك أصبحت هناك دول لا تمتلك قدرات عسكرية جبارة ومثالها اليابان، ومع ذلك فإن أمنها غير مهدد.

· ‌تغيرت طبيعة التحالفات من تحالفات عسكرية إلى تحالفات ذات طبيعة اقتصادية ومثالها: النافتا، الاتحاد الأوروبي، آسيان، وابيك...الخ.

9- الميل نحو التكتلات الدولية الكبيرة:

من أبرز ملامح النظام الدولي الجديد هو اتجاهه نحو التعامل «الكتلي» أي إلى الكتل والمجموعات الكبرى ، إن لم تعد الدولة مرتكزاً أساسياً في رسم تصورات المستقبل مهما كان من حجم لهذه الدولة على المستوى السياسي أو العسكري أو الاقتصادي أو السكاني ، ولذا فإن أنظمة الدول المستقلة لن تجد لها مكاناً بارزاً إلاّ من خلال تكتلات كبرى بدت ملامحها من المجموعة الأوربية التي تشكل أقوى قوة اقتصادية إلاّ أن هذه التكتلات لا تتوقف عند نقطة المصالح الاقتصادية بل تمد نظرها إلى أفق بعيد أرحب وأشمل للتحول بعد ذلك إلى كتل سياسية كبرى . ولعل نموذج الوحدة الأوربية واضح في هذا الأمر فالعصر القادم هو عصر التكتلات أو المجموعات السياسية الكبرى الذي تحتفظ فيه الدول القطرية بشخصيتها القانونية ومكانتها وسيادتها ، إلاّ أنها تدور في فلك واسع هو الكتلة التي تنتمي إليها .

10- الثورة التكنولوجية:

من السمات المميزة لهذه المرحلة الثورة الهائلة في وسائل الاتصال ونقل المعلومات وسرعة تداولها عبر الدول، والتي انعكست بشكل كبير على سرعة التواصل وفي معدل التغير. فإذا كانت البشرية قد احتاجت ما يقرب من 1800 عام حتى تبدأ الثورة الصناعية الأولى واحتاجت كذلك إلى مائة عام تقريباً حتى تدخل الثورة الصناعية الثانية، فقد احتاجت إلى ما لا يزيد على ربع قرن لتدخل الثورة الصناعية الثالثة التي نعيشها الآن عبر التطور الكبير في مجالات الفضاء والمعلومات، والعقول الالكترونية، والهندسة الفضائية.

ونتج عن ذلك عولمة المشكلات والقضايا التي تواجهها الجموع البشرية مثل الفقر والتخلف والتلوث البيئي والانفجارات السكانية وغيرها الكثير، حيث لم تعد تقتصر نتائج هذه المشكلات على دولة محددة أو مجموعة دول، وإنما تعدى ذلك إلى دول أخرى بعيدة جغرافيا.

11- خاصية اللاتجانس:

فالنظام السياسي الدولي يشكل نظاماً غير متجانس، حيث تتجلى مظاهر عدم التجانس في:

· حالة التباين الشديد بين وحدات النظام الدولي من حيث الحجم والقوة رغم تمتعها نظرياً بالسيادة والمساواة أمام القانون.

· العلاقة غير المتوازنة بين دول الشمال ودول الجنوب، فعلى صعيد التجارة الدولية تستحوذ الدول الصناعية النصيب الأعظم من النشاط التجاري العالمي في حين لا يمثل نصيب الدول النامية إلا قدراً ضئيلاً.

· وتظهر حالة انعدام التجانس في ازدياد الهوة التكنولوجية بين الشمال والجنوب، ما خلق حالة من التبعية التكنولوجية نتيجة سيطرة الشمال على أدوات الثورة العلمية والتكنولوجية.

12- تصاعد التوترات والصراعات:

فقد تزايدت التهديدات الإرهابية على الصعيد العالمي للمصالح الغربية والأمريكية تحديدا ، كما تزايدت التحديات البيئية التي تواجه العالم كالاحتباس الحراري والتصحر والتغيرات المناخية والأعاصير والفيضانات والتلوث،مع تزايد الحروب الأهلية والإقليمية بأسباب دينية أوعرقية أو اقتصادية مثل باكستان،الصومال،رواندا بروندي،رواندا وحاليا العراق وأفغانستان...ثم تنامي الهجرة القسرية بسبب الحروب والفقر والكوارث الطبيعية...وتزايد التوتر السياسي في الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان وإفريقياالوسطى.

كما تزايدت حملات الولايات المتحدة الأمريكية في العالم بعد نهاية الحرب الباردة فقد شنت حملة عسكرية شنيعة على العراق سنة 1991 أعقبها حصار اقتصادي ساحق إلى غاية سنة 2003،لتعود الولايات المتحدة وحلفائها إلى احتلال العراق دون موافقة الأمم المتحدة.كماتدخلت عسكريا بشكل منفرد في الصومال خلال سنتي 1992-1994.وفي سنة 1999 أقحمت حلف شمال الأطلسي في حملتها العسكرية على يوغوسلافيا،كما شنت غزوا عسكريا بغطاء أممي على أفغانستان في سنة 2001 وفي الفترة الحالية يتخوف المجتمع الدولي من تداعيات التهديدات والضغوط التي تشنها ضد إيران وكوريا الشمالية وسوريا .

ومن أجل ذلك قامت الولايات المتحدة بتقسيم العالم إلى مناطق إقليمية وتسهيل قيادة هذه المناطق الإقليمية للدول التي تقبل بالزعامة الأمريكية وتقبل أن تكون حليفة للولايات المتحدة الأمريكية؛ بحيث تتولى هذه الدول ضبط الأوضاع في هذه المناطق مما لا يضطر الولايات المتحدة الأمريكية للتدخل في كل صغيرة وكبيرة في العالم ما سيترتب على ذلك من تكاليف مالية وبشرية لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية تحملها.

ختاما ومن خلال استعراض أهم خصائص النظام الدولي الجديد في مرحلته المعاصرة يتبين أننا على أعتاب مرحلة جديدة تبدو فيها الولايات المتحدة بيدها خيوط التأثير الدولي إلا أنها في الوقت نفسه تؤمن بضرورة إفساح المجال للقوى الصاعدة إقتصاديا لا لتزاحمها في مجال الصدارة بل لاحتوائها وطيها في ركابها والأيام القادمة ربما تكشف عن ملامح مرحلة جديدة من النظام الدولي تشهد نوع من القطبية المتعددة ولكن من طراز مختلف.

الثلاثاء، 20 أبريل 2010

بحث عن منهج الوسطية والمدارس اللاوسطية المعاصرة

أمل خيري

لا جدال حول أهمية الوسطية والاقرار بها كمبدأ وقد وصف الله أمة الإسلام (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)

والتوسط: كل خصلة محمودة لها طرفان مذمومان فالسخاء وسط بين البخل والتبذير والإنسان مأمور بتجنب كل مذموم.

والوسطية كطريقة تفكير :أن يلتزم الانسان خط الاعتدال وعدم المبالغة في كافة الأمور سواء كانت دينية أو دنيوية.

ففي الأمور الدينية:يقول تعالى "فاتقوا الله ما استطعتم" ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" ، وفي الأمور الدنيوية: يقول تعالى "ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا" ، كما في الحديث "كلفوا من العمل ما تطيقون".وجاء الفقه ليؤكد على روح التيسير والسماحة وليجعل من القواعد الأصولية: قاعدة المشقة تجلب التيسير ، لا ضرر ولا ضرار، الضرورات تبيح المحظورات.الوسط محفوف برذيلتين الافراط والتفريط ،قال الشاعر:

حب التناهي غلط خير الأمور الوسط

يقول الأوزاعي: ما من أمر أمر الله به إلا عارض الشيطان فيه بخصلتين ولا يبالي أيهما أصاب:الغلو والتقصير.

يقول وهب بن منبه: إن لكل شيء طرفين ووسطا فإذا أمسك بأحد الطرفين مال الآخر فإذا أمسك بالوسط اعتدل الطرفان فعليكم بالأوسط من الأشياء.

مظاهر الوسطية في الإسلام:

1- الوسطية في العبادات والشعائر: هناك شرائع تلغي الجانب الرباني العبادي وركزت فقط على الجانب الأخلاقي كالبوذية وهناك شرائع طلبت من أتباعها التفرغ للعبادة كالرهبانية . وكانت نظرة الإسلام وسطا بين أولئك وهؤلاء ولعل أوضح مثال على ذلك قوله تعالى " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(9)فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".

2- الوسطية في الأخلاق: الإسلام وسط في الأخلاق بين غلاة المثاليين الذين تخيلوا الإنسان ملاكا فوضعوا له قيم وىداب لا يستطيعها وبين غلاة الواقعيين الذين حسبوه حيوانا. الإنسان في نظر الإسلام مخلوق مركب فيه العقل والشهوة وروحانية الملاك وهو مهيأ بفطرته للسبيلين (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها).

3- الوسطية في التشريع: أبرز مثال التوازن بين الفردية والجماعية فالرأسمالية تعلي من الفردية والاشتراكية تعلي الجماعية والإسلام يراعي الجانبين فهو نظام وسط هدل لا يجور على الفرد لحساب المجتمع ولا العكس (لا ضرر ولا ضرار) ، (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).

إذا كان هذا هو واقع الفكر الإسلامي في منبته وتطوره فإننا رزئنا في عصور الظلام الحالية بأصحاب مذاهب وأفكار نأت بالإسلام عن وسطيته.

•خريطة مدارس اللاوسطية

§ مدرسة البلادة الفكرية

تيار التنطع

الدراويش

التيار الحرفي

§ مدرسة التطرف الفكري

تيار التجني على المذاهب الفقهية

العصبية المذهبية

العصبية اللامذهبية

تيار التكفيريين

تيار القرآنيين

§ المدرسة الحداثية

من يضرب في العقيدة (ماركسي -الحادي)

من يضرب في الأحكام (علماني -لاديني)

المدرسة الأولى: مدرسة البلادة الفكرية:

هذه المدرسة تضم الحمقى ممن يعظمون سفاسف الأمور وينشغلون بالفرعيات وهؤلاء ليس لهم الاشتغال بالعلم لأن سمت من يطلب العلم كما قال الشعبي (من اجتمعت فيه خصلتان :العقل النسك فان كان ناسكا ولم يكن عاقلا قال (اى الناسك)هذا أمر لا يناله إلا العقلاء فلم يطلبه وان كان عاقلا ولم يكن ناسكا قال ( اى العاقل ) هذا أمر لايطلبه إلا النساك فلم يطلبه فقال الشعبي ولقد رهبت أن يطلبه اليوم من ليس فيه واحدة منهما ( اى لاعقل ولانسك )،وخاطبهم الحديث الشريف "إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها". فهؤلاء ينصب جل اهتمامهم على إحياء فرعيات لايفهمون مكنونها أو أهميتها اومكانتها في الدين ويدفعون الناس دفعا نحوها بحثا وكتابة وفعلا بالرغم مما قد يشكله سلوكهم هذا من مخاطر معينة يعانى منها المسلمون بين فينة وأخرى بإدخالهم في بوتقة المشقة والعنت ،إن هؤلاء الأغبياء ليس لهم الاشتغال بالعلم لانهم يريدون من كل من اقترب من الدين أن يخلع عقله كما يخلع نعليه ويسير في أروقة وعوالم الدين السحرية والغامضة بلا رأس تفكر ولا عين تبصر .وتنقسم إلى ثلاث تيارات:

التيار الأول: تيار التنطع :

التنطع هو : التعمق و مجاوزة الحد في الأقوال و الأفعال ، ويقترب من نقطة الوسوسة القهرية حيث التعنت في السؤال وفي الأفعال العبادية. روى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلك المتنطعون قالها ثلاثاً، "عليكم بالعلم قبل إن يقبض، و قبضه أن يذهب بأصحابه عليكم بالعلم ، فإن أحدكم لا يدري متى يفتقر إليه ، و يفتقر إلى ما عنده إنكم ستجدون أقواما يزعمون إنهم يدعون كمال كتاب الله و قد نبذوه وراء ظهورهم ، فعليكم بالعلم، و إياكم و التبدع ، و إياكم و التنطع ، و إياكم و التعمق ، و عليكم بالعتيق".

أسبـــــاب التنطــع :

1. البيئة : قد ينشأ الإنسان في بيئته شأنه التنطع ، والغلو وليست لديه حصانة فكرية أو عقائدية فيحاول الاقتداء بهولاء و حينئذ يقع في آفة التنطع .

2. التكوين النفسي و الفكري : كأن يحرم هؤلاء من المربي و الموجه الذي يرشدهم و يوجههم إلى بعد النظر ، واتساع الأفق ، فينشئون عن الشكليات و يهملون اللباب والجوهر ، و ذلك هو عين التنطع.

3. الاعتماد على النفس في تحصيل العلم: و قد يكون لدى المسلم الرغبة في تحصيل العلم ، والمعرفة و لا دراية له بالطريق فيأخذ في الاعتماد على نفسه من أول الأمر ، و يجعل جل اهتمامه مراجعة الكتب ، فتنجنح به هذه الكتب نحو التنطع.

4. الأخذ والتلقي عن الجاهلين :و قد يكون لدى المسلم الرغبة في تحصيل العلم ، والمعرفة ، و لا يعرف على يد من يكون الأخذ ، و التلقي ، و تلقى به المقادير في أيد الجاهلين ، و تصير العاقبة الوقوع في التنطع .يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا

5. خلو الساحة من العلماء الذين يضبطون التصور والسلوك :لا سيما إذا كانت حماسة أو قوة الإيمان وعاطفة تدفع إلى علم لدين الله ، و التمكين له في الأرض نحو ما وقع مع شباب الصحوة الإسلامية ، اليوم ،فقد شاهدوا انكماش العلماء ، فتقدموا لحمل الراية ، و اعتمدوا على أنفسهم في الفقه و الاستنباط فوقعوا في التنطع و الغلو .

6. التصدر للفتوى و الاجتهاد قبل الاستواء و كمال النضج : من ضرورة ربط الجزئيات بالكليات ، ورد المتشابهات إلى المحكمات ، وتحاكم الظنيات الى القطعيات ، وعدم الأخذ بظاهر النص إلا بعد التغلغل في فهم نحواه ، ومعرفة أهدافه ومقاصده .

أمثلة على التعنت في السؤال:

جاء رجل إلى ابن عمر وأنا جالس، فسأله عن دم البعوض؟ - وفي طريق أخرى للحديث أنه سأله عن محرم قتل ذبابا ً - فقال له: ممن أنت؟ قال: من أهل العراق. قال: ها! انظروا إلى هذا، يسأل عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعني الحسين رضي الله عنه ) وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هما ريحانتاي من الدنيا.

أمثلة على التعنت في الأفعال:

عن جابر قال خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه فقال هل تجدون لي رخصة في التيمم فقالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب شك موسى على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده.

ومن الأمثلة الحديثة من القضايا التي تحتاج إلى العرض على طاولة البحث ما يمكن أن نسميه (صناعة البلاهة وتمجيد الغباء) فالبعض منهم ممن يصعدون المنابر يرددون على مسامعنا العبارة التالية (الحمد لله الذي سخر لنا الكفار كي يخترعوا ونحن نتفرغ لعبادة الله ) أنهم يمجدون الغباء لا الجد في البحث العلمي ويستدلون بأحاديث ضعيفة بل موضوعة منها (أكثر أهل الجنة من البله) مع أن ذلك يتعارض مع النص الثابت بان أهل الجنة من أولى الألباب .

آثار التنطع في الدين: أ- على العاملين أو الدعاة :

1- كراهية الناس و نفورهم من التنطع أو المغالى في الدين .

2- الفتور والانقطاع " كلفوا من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وإن أحب العمل إلى الله ادومه وإن قل"

3- تضييع العمر ، و تبديد الجهد في غير ما طائل و لا فائدة .

ب- على العمل الدعوي والإسلامي: الفرقة والتمزق

علاج التنطع أو الغلو في الدين:

أولا : تشجيع العلماء العاملين و الدعاة المخلصين على أداء دورهم و القيام بواجبهم نحو الإسلام و المسلمين عامة .

ثانيا :التبصير بفقه العبودية والدعوة إلى الله والفتوى وترتيب الأولويات .

ثالــــثا : معاملة هؤلاء المتنطعين والمغالين في الدين بروح الأبوة والأخوة والشفقة.وأن نتجنب اللجوء إلى القوة والبطش لتصفية هذا الفكر ومطاردة أهله .

رابعــــا : شغل أوقات الفراغ بالنافع المفيد من خلال وضع و تنفيذ برامج تعليمية و إعلامية و ترفيهية و تدريبية بحيث تتجاوب هذه مع الفطرة و لا تتعارض مع الشريعة فإن هذا من شأنه يمتص الطاقات الكامنة عند هؤلاء فلا يبقى هناك مجال للتنطع أو الغلو .

التيار الثاني: الدراويش:

ويقصد بهم الصوفية ، لكن ينبغي التفرقة بين التصوف الفلسفي والتصوف السلوكي، فالتصوف الفلسفي مرفوض بالكلية ومن أمثلته ابن عربي حين قال أن فرعون نجا وأنه من أهل الجنة لأنه آمن ومات طاهرا ونرد عليه بالآية "ءالآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين" ، وبالتالي فالتصوف الفلسفي يخرج عن العقيدة. ومن الأمثلة الضالة لهم:

1- الدروشة تلغى شخص المريد 2- الخرافات الفكرية 3- الطوفان في أحذية الأولياء 4- التضرع لغير الله والتوسل بهم إلى الله 5- تعظيم الأغبياء والهبل والاعتقاد بأنهم أولياء ومن أمثلة هؤلاء البلهاء( اى الغافلون ) عن المحرمات ومن عباراتهم المشهورة (التخلية قبل التحلية ) على حد زعمهم وهى أن يتخلى عن الذنوب قبل التحلي بالصفاء.

أما التصوف السلوكي فمقبول ونستفيد منه لكن بشرط الانضباط بضوابط الشريعة لأنه يهتم بأعمال القلوب قبل أعمال الجوارح.

من أمثلة التصوف السلوكي (نذكر مواقف للحسن البصري أو أبو الحسن الشاذلي):

· قال الحسن البصري لفرقد بن يعقوب بلغني أنك لا تأكل الفالوذج فقال يا أبا سعيد أخاف ألا أؤدي شكره قال الحسن يا لكع هل تقدر تؤدي شكر الماء البارد الذي تشربه.

· قال أحد المغفلين من الصوفية: أنا لا آكل الخبيص؛ والخبيص: نوع من أنواع الحلوى، فقيل له: لماذا؟ قال: إني لا أقوم بشكره، فقال الحسن : "هذا أحمق، وهل يقوم بشكر الماء البارد؟!"

· كان أبو الحسن الشاذلي يقول لغلامه : يا بنى برد الماء فإنك اذا شربت الماء السخن فقلت الحمد لله قلتها بكزازه واذا شربت الماء البارد فقلت الحمد لله استجاب كل عضو منك بالحمد لله.

التيار الثالث: تيار الحرفيون (الشكليون/ الظاهريون الجدد):

وهم الذين يقفون جامدين عند ظواهر النصوص وهؤلاء ينسبون أنفسهم لابن تيمية مع أن بن تيمية كان بعيدا كل البعد عن الحرف وبالتالي فهو منهم براء .فهؤلاء دائما يضيقون ماوسع الله ويحرمون ما أحل الله حسب آرائهم وأهوائهم الفاسدة والتي لاتنبع من كتب علماء ونسوا قول الله عز وجل (ياأيها الذين آمنوا لاتحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لايحب المعتدين ) وكأن الله خاطبهم وهو يعلم أن هذه الفئة الضالة ستظهر يوما ما .وأبلغ رد على هؤلاء حديث الرسول صلى الله عليه سلم ( إن الله يحب إن تؤتى رخصه كما يكره تؤتى معاصيه ) .

ومن عيوب هؤلاء:أنهم تركوا أنفسهم لدوامة الفشل ولا يفهمون الجزئيات ويعتبرون هذه الجزئيات كليات ويختلفون في أمور جزئية فيها سعة . وعلى الرغم من كل ذلك فان لكل فكر من هذه الأفكار مميزاته وعيوبه ., ولكن عيوب هؤلاء تفوق مميزاتهم بكثير

أما الفضائل التي يمكننا الاستفادة منها:

1- كان لهم الفضل في إحياء آداب إسلامية مهجورة كالدعوة لاعفاء اللحى ، الالتزام بالحجاب ، صلاة العيد في الخلاء، خروج النساء لصلاة العيدين ......

2- كان لهم فضل التوعية بأنواع من الفساد بدأت تنتشر فنبهوا لها كارتياد أماكن اللهو المحرم، التدخين .....

أما عيوبهم :

أنهم يقفون على ظاهر النص اعتقادا أن السلف لم يتركوا شيئا للخلف لذا يبتعدوا عن أي جديد ، وهذا ناتج عن فهم خاطئ للدين.يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها".وهنا لا تأتي المشكلة في القطعيات لكن في الظنيات لو أخذنا بظاهر النص ومن أمثلة ذلك:

· حديث "من أفطر يوما من رمضان من غير عذر و لامرض ،لم يقضه صيام الدهر و إن صامه" والحديث إسناده ضعيف ولكن من يأخذ بظاهر النص يفتي بأن القضاء أو الكفارة لا يكفيان .

· مثال على ذلك من رجل إيطالي أسلم حديثا وأفطر يوما في رمضان فذهب لمن يفتيه فذكر له الحديث فقام الرجل بالانتحار.

· والأمثلة كثيرة على الأخذ بظاهر النص مثل حديث " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة".

المشكلة تأتي أن هؤلاء يريدون أن يفصلوا بحكم قاطع في منطقة الظنيات رغم أن الله تركها محل اجتهاد وفي الحديث " الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر".

وهؤلاء يمكن تسميتهم أنصاف المتعلمين أو أنصار العلم السطحي لأنهم لم يأخذوا سوى ظاهر العلم، لأننا يجب أن نفرق بين الحديث الشريف الذي لا يتعلق بحكم شرعي وبين الحديث الذي يتعلق بحكم شرعي:

فالحديث الشريف الذي لا يتعلق بحكم شرعي : مثل حمل العصا في الخطبة او الأكل باليد أو الأكل على الأرض ........

ومثال واضح آخر حديث "عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر" فهل يلزم المسلمون الأخذ بهذه الوصايا؟

ولذلك هم يتهمون الذي لا يتمسك بهذه الأحاديث بمخالفة السنة والفسق.

أما الأحاديث التي تتعلق بأمر شرعي : فقد تكون الدلالة خلافية فقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم أوامر فهل هي للوجوب أم الاستحباب؟ واستعمل نواهي فهل هي للتحريم أم الكراهة؟

فإذا كان من عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم تفاوتوا في فهم دلالة الحديث فكيف بنا نحن؟

أمثلة على ذلك :

· الاختلاف في قوله صلى الله عليه وسلم لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة)....فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، لم يكن إلا أن وضع سلاحه فجاءه جبريل فقال أوضعت السلاح والله إن الملائكة لم تضع أسلحتها ؟ فانهض بمن معك إلى بني قريظة ، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم وأقذف في قلوبهم الرعب فسار جبريل في موكبه من الملائكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على أثره في موكبه من المهاجرين والأنصار وقال لأصحابه يومئذ لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة فبادروا إلى امتثال أمره ونهضوا من فورهم فأدركتهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا ، فصلوها بعد عشاء الآخرة وقال بعضهم لم يرد منا ذلك وإنما أراد سرعة الخروج فصلوها في الطريق فلم يعنف واحدة من الطائفتين ....)

· عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام قال : فنزلنا منزلاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنكم دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم " . فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر ، ثم نزلنا منزلاً آخر فقال : " إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا " وكانت عزمة ، فأفطرنا ، ثم قال : لقد رأيتنا نصوم مع سول الله بعد ذلك في السفر . رواه مسلم

ومن مقولات تيار الحرفيين :لا نقلد أحدا ولكن نقلد النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن الأمثلة على أخذهم بالنص الحكم بفسق من ترك إعفاء اللحية ، حرمة كشف الوجه بل إن بعضهم اشترط ارتداء المرأة لثوب خارجي عبارة عن جلباب فوق ثيابها لقوله تعالى " يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتِك وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ" ، وهنا نميز بين الغاية والوسيلة : فالغاية ستر المرأة أما الوسيلة فتختلف فقد خاطبهم الله بما هو موجود في عصرهم ويعرفونه وهو الجلباب ، لكن المهم هو استيفاء شروط الحجاب لا التقيد بشكل معين.وهناك أمثلة أخرى مثل التشدد في تحريم التصوير الجغرافي أخذا بظاهر النصر وتحريم التليفزيون. وقد كانت هناك معارضة شديدة من جانب هؤلاء للإمام المواردى عندما ايد تولى المرأة الحكم واخذوا بظاهر الحديث ( ماأفلح قوم ولوا أمورهم امرأة ) مع أن بن تيمية أيد تولى بعض الظالمين وظائف في الدولة.

طبعا لا مانع من الأخذ بالتشدد طالما اقتنع الشخص بالأمر وجعله ديدنه لكن يراعي نصيحيتين:

1-لا ينبغي على المسلم أن يتحول لمجموعة من الأحوطيات فالنبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ونحن واجب علينا اتباع النبي.

2-لا يقبل أن يفرض الشخص الآراء المتشددة على غيره أو على المجتمع بعضه أو كله.

فأما بعضه فنذكر مثال لشابين مصريين علق أحدهما صورا لآثار الدمار الذي احدثته روسيا في أفغانستان فقام الثاني بتمزيق الصور.

أما كله فبعض الناس كانوا يحرمون التليفزيون والتصوير الفوتوغرافي على المجتمع بينما لو تدبرنا امر التصوير لوجدنا أنه حل كثير من المشكلات ورفع المشقة مثلا ملاحقة المجرمين، وبالنسبة للتليفزيون ففيه فوائد كمتابعة دروس العلم أو متابعة أحوال المسلمين وكثير ممن أفتوا سابقا بتحريم لاتليفزيون غيروا فتاواهم الآن.

أمثلة أخرى:

· في أمريكا كان هناك رجل ينكر على المسلمين أكل اللحوم المذبوحة من طعام أهل الكتاب لكنه في الوقت نفسه لا يبالي أن تكون الخمر على مائدته.

· ويذكر الدكتور القرضاوي أمثلة أخرى ففي أحد المراكز الإسلامية أثار البعض جدلاً عنيفاً ، لأن المسلمين يجلسون على الكراسي في محاضرات السبت والأحد، ولا يجلسون على الحصير أو السجاد كما يجلس أهل المساجد، ولأنهم لا يتجهون في جلوسهم إلى القبلة، كما هو أدب المسلم، وأنهم يلبسون البنطلونات لا الجلاليب البيض، ويأكلون على المناضد لا على الأرض... الخ.

· وفي مركز إسلامي آخر، أقاموا الدنيا وأقعدوها من أجل عرض فيلم تاريخي أو تعليمي في المسجد، وقالوا: قد حوّلوا المسجد إلى سينما! ونسي هؤلاء أن المسجد وضع لمصلحة المسلمين الدينية والدنيوية.

· ويغفل هؤلاء عن فقه الأولولويات أو فقه الموازنات فنجد البعض يثير الخلاف حول وضع اليد في الصلاة تحت السرة أم فوق السرة غافلا عن الذين لا يصلون أصلا.ونرى الكثير من الرسائل التي تحمل عناوين قوية مثل (الصواعق في تحريم الأكل بالملاعق) ،حرمة دخول المجالس النيابية،القول البتة في تحريم الكرفتة ،بدعة الجهر بالبسملة في الصلاة، وفي تعليق فكاهي من أحد الظرفاء مثل هذه الشعارات الرنانة، فقد أطلق هو الآخر شعار كأحد شعاراتهم، فقال: "السلبية والإنهزامية لمن اكل على الطبلية".،وهناك من يتعنت مع المسلم ويتساهل مع غيره.

· الاستشهاد بالظواهر الكونية كعقاب للخارجين على هذه السنن مثل إعصار تسونامى الظاهرة الطبيعية والتي يمكن أن تصيب كل الناس فقد سجل احدهم منها آلاف الاسطوانات وقال هذا عقاب الكفار مع أن اندونيسيا دولة إسلامية , ونسوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهر الرجل الذي قال إن الشمس كسفت لموت إبراهيم (ابن رسول الله ) صلى الله عليه وسلم .وكذلك استشهاد العديد من الصحابة في غور الأردن بطاعون عمواس مثل ( معاذ بن جبل – شرحبيل بن حسنة – أبو عبيدة بن الجراح – سعد بن أبى وقاص ) فهل هؤلاء الصحابة من الكفار!؟

( النصارى يريدون أن ينصروا المسلمين والمسلمين يريدون أن يأسلموا النصارى وهناك مئات الملايين من ليس لهم دين )

هل تعلم انه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تم افتتاح 20002كنيسة فى ديار المسلمين وأرسلت الجمعيات المسيحية المساعدات وهذا هو الهدف المعلن أما الهدف المبطن فهو تحويل هؤلاء عن دينهم .

وهناك من يسمون أنفسهم بالقرآنيين الذي كتبوا في موقعهم من شروط النشر أنهم يدعون العلمانيين للكتابة وكأن العلمانيين هم من سينقذون الإسلام.

بعض مظاهر من عموم البلوى لدى المسلمين اليوم:

1- أنهم أهملوا فروض الكفاية المتعلقة بمجموع الأُمة: كالتفوق العلمي والصناعي والحربي، الذي يجعل الأمة مالكة لأمر نفسها وسيادتها حقاً وفعلاً، لا دعوى وقولاً . . ومثل الاجتهاد في الفقه واستنباط الأحكام، ومثل نشر الدعوة إلى الإسلام، ومثل إقامة الحكم الشورى القائم على البيعة والاختيار الحر، ومثل مقاومة السلطان الجائر، والمنحرف عن الإسلام، ناهيك بالمعادي له!
2- وأهملوا بعض الفرائض العينية، أو أعطوها دون قيمتها، مثل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي قدَّمها القرآن على الصلاة والزكاة في وصف مجتمع الإيمان، ومثل التفريط في بر الوالدين.
3- واهتموا ببعض الأركان أكثر من بعض، فاهتموا بالصوم أكثر من الصلاة، فلهذا لم يكد يوجد مسلم مفطر في نهار رمضان ولا مسلمة. وخصوصاً في القرى والريف، ولكن وُجِد من المسلمين - والمسلمات خاصة - من يتكاسل عن الصلاة، ووُجِد من ينقضي عُمره دون أن ينحني لله راكعاً ساجداً، كما أن أكثر الناس اهتموا بالصلاة أكثر مما اهتموا بالزكاة، مع أن الله تعالى قرن بينهما في كتابه الكريم في (28) موضعاً، حتى قال ابن مسعود: أُمرنا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ومَن لم يزك فلا صلاة له!.
وقال الصِّدِّيق أبو بكر: والله لأُقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، وأجمع الصحابة على قتال مانعي الزكاة، كما قاتلوا أدعياء النبوة ومن اتبعهم من المرتدين، وكانت الدولة المسلمة أول دولة في التاريخ تقاتل من أجل حقوق الفقراء!
4- واهتموا ببعض النوافل أكثر من اهتمامهم بالفرائض والواجبات، كما هو ملاحظ عند كثير من المتدينين، الذين أكثروا من الأذكار والتسابيح والأوراد، ولم يولوا هذا الاهتمام لكثير من الفرائض، وخصوصاً الاجتماعية، مثل: بر الوالدين؟ وصلة الأرحام، والإحسان بالجار، والرحمة بالضعفاء، ورعاية اليتامى والمساكين، وإنكار المنكر، ومقاومة الظلم الاجتماعي والسياسي.
5- واهتموا بالعبادات الفردية، كالصلاة والذِكْر، أكثر من اهتمامهم بالعبادات الاجتماعية التي يتعدى نفعها، كالجهاد، والفقه، والإصلاح بين الناس، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالصبر والمرحمة، والدعوة إلى العدل والشورى، ورعاية حقوق الإنسان عامة، والإنسان الضعيف خاصة.

6- وأخيراً اهتم كثير من الناس بفروع الأعمال، وأهملوا الأصول، مع قول الأقدمين: من ضَّيع الأصول، حُرِم الوصول. وأغفلوا أساس البناء كله، وهو العقيدة والإيمان والتوحيد، وإخلاص الدين لله.
7- ومما وقع فيه الخلل والاضطراب: اشتغال كثير من الناس بمحاربة المكروهات، أو الشبهات، أكثر مما اشتغلوا بحرب المحرَّمات المنتشرة، أو الواجبات المضيعة، ومثل ذلك: الاشتغال بما اختلف في حِلِّه وحُرمته عما هو مقطوع بتحريمه. وهناك أناس مولعون بهذه الخلافيات، مثل مسائل التصوير والغناء والنقاب ونحوها، وكأنما لا هم لهم إلا إدارة المعارك الملتهبة حولها، ومحاولة سَوْق الناس قسرا إلى رأيهم فيها، في حين هم غافلون عن القضايا المصيرية الكبرى التي تتعلق بوجود الأمة ومصيرها وبقائها على الخريطة.
ومن ذلك: انصراف الكثيرين إلى مقاومة الصغائر مع إغفال الكبائر الموبقات، سواء أكانت موبقات دينية، كالعرافة، والسحر، والكهانة، واتخاذ القبور مساجد، والنذر، والذبح للموتى، والاستعانة بالمقبورين، وسؤالهم قضاء الحاجات، وكشف الكربات: ونحو ذلك مما كدر صفاء عقيدة التوحيد. أم موبقات اجتماعية وسياسية، مثل: ضياع الشورى، والعدالة الاجتماعية، وغياب الحرية، وحقوق الشعوب، وكرامة الإنسان، وتوسيد الأمر إلى غير أهله، وتزوير الانتخابات، ونهب ثروة الأمة، وإقرار الامتيازات الأسرية والطبقية، وشيوع السرف والترف المدمر.
هذا الخلل الكبير الذي أصاب أمتنا اليوم في معايير أولوياتها، حتى أصبحت تُصغِّر الكبير، وتُكبِّر الصغير، وتُعظِّم الهين، وتُهوِّن الخطير، وتُؤخِّر الأول، وتُقدِّم الأخير، وتهمل الفرض وتحرص على النفل، وتكترث للصغائر، وتستهين بالكبائر، وتعترك من أجل المختلَف فيه، وتصمت عن تضييع المتفَق عليه .. كل هذا يجعل الأمة اليوم في أمَسِّ الحاجة - بل في أشد الضرورة - إلى " فقه الأولويات "، لتُبدئ فيه وتُعيد، وتناقش وتحاور، وتستوضح وتتبين، حتى يقتنع عقلها، ويطمئن قلبها، وتستضيء بصيرتها، وتتجه إرادتها بعد ذلك إلى عمل الخير وخير العمل.

· نتذكر موقف عبد الله بن المبارك والفضيل بن عياض:

يروى أن الفضيل ابن عياض عرف عنه كثرة تعبده حتى عرف باسم عابد الحرمين فأرسل له الإمام عبد الله بن المبارك هذه الابيات:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب

من كان يخصب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا رهج السنابك والغبار الأطيب

ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوي وغبار خيل الله في أنف امرء ودخان نار تلهب

هذا كتاب الله ينطق بيننا ليس الشهيد بميت لا يكذب

فلما قرأها الفضيل ابن عياض بكى وسالت دموعه على خده.

المدرسة الثانية: مدرسة التطرف الفكري (التكفيريين):

يمكن تحديد مفهوم التطرف الفكري من الناحية الاصطلاحية بأنه : " الغلو والتنطع في قضايا الشرع، والانحراف المتشدد في فهم قضايا الواقع والحياة "، فالميل نحو أي طرف سواء كان غلواً أو تقصيراً تشدداً أو انحلالاً يعتبر أمراً مذموماً في العقل والشرع..

فالتطرف الفكري لا يمكن أن يكون خصيصة دينية أو سمتاً للمسلمين، بل هو انحراف عن الإسلام عانى منه الصحابة والتابعون عقوداً من الزمن، كما في شأن الخوارج بطوائفهم المختلفة وجنوحهم الفكري والذي لم يزل نتاجه الشاذ يتوالد عبر القرون، كأنموذج فظيع للتطرف الفكري وإن زعموا أنهم مسلمون وإن قرؤوا القرآن.. ويندرج تحتها ثلاث تيارات:

التيار الأول :التجني على المذاهب الفقهية : وداخله فريقين:

1- فريق العصبية المذهبية (غلاة التمذهب):

التعصب المذهبي هو حالة خمول فكري طرأت في العالم الإسلامي وبين علماء المسلمين المنتمين إلى المذاهب الفقهية الأربعة ، وكانت تقضي بالتقليد وعدم الاجتهاد بعد استقرار المذاهب الأربعة ووجوب الرجوع إليها .ومن علماء المسلمين من وصل به التعصب المذهبي إلى القول بكفر من يخالف مذهبه ولا يقلده ، ومن هؤلاء العلماء أبو محمد الجويني الشافعي .وقد تصدى الكثير من العلماء لهذا التعصب المذهبي وحاربوه ، وقرروا ضرورة الاجتهاد والاستدلال بالكتاب والسنة ، ومن هؤلاء العلماء ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله .

وهؤلاء يتمسكون بحرفية المذهب والأمثلة عديدة:

· اختلفوا في حكم تزوج الحنفية بالشافعي ،وحكم صلاة الشافعي خلف الحنفي

· وقال الحنفي صاحب كتاب مراقي الفلاح (ماء البئر النجس الذي وقع فيه حيوان ثم مات وانتفخ فإن عجن بمائها يلقى للكلاب أو يعلف به المواشي أو يباع لشافعي!)

· مؤسس المدرسة الرواحية في دمشق كتب في صك الوقف أن المدرسة لا يلتحق بها أحد من اليهود أو النصارى أو الحنابلة.

· بعض الشافعية كانوا لا يتحرجون من إلحاق الحنابلة بأمتي اليهود والنصارى لذلك قال أحدهم:

فواجب تقليد حبر منهم كما حكى القوم بلفظ يفهم

· قالوا هذا ينطبق على المفتي فلو وجد في القرآن والسنة دليل قاطع وبان له صحته فليتبع ما قاله إمام مذهبه.

من المهم التأكيد على خطأ الظن أن تأكيد أسلاف المذهب على وجوب اتباع مذهب أصحابهم وعدم الخروج عليه بحال هو من قبيل التعصب للمذاهب لأن اتباع المذاهب يعود لأمرين:

1- أمر جبلي : فكل إنسان يحب ما هو مختار لأصحابه وقومه حتى في الزي والمطاعم.

2- أو لدليل قوي ظهر لديه واستحسنه العقل.

الفريق الثاني: العصبية اللامذهبية (غلاة اللاتمذهب)

قالوا طالما القرآن واحد والسنة واحدة فلماذا لا نتخذ كلنا مذهبا واحدا؟

حتى أن بعضهم قال (أنا لا أعترف بالمذاهب الأربعة بل أعترف فقط بما قاله ابن تيمية وابن القيم) رغم أنهما من المتأخرين.

ومن خصائصهم الجرأة على الفتوى حتى قيل عنهم (إن أحدهم يفتي في المسألة لو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر) ، فجعلوا علوم الإسلام كلا مباحا بينما في العلوم الدنيوية لا يختلف أحد على ضرورة احترام التخصص.

ففي حديث صحيح في معناه وإن كان الألباني قد ضعفه " أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار"

أمثلة لتحوط العلماء في الفتيا:
· قال عبد الله بن مسعود : إن كل مَن يُفتي الناس في كل ما يَستفتونه لمجنون ! قال الأعمش : فَذَكَرْتُ ذلك للحاكم ، فقال : لو حَدَّثْتَنِي به قبل اليوم ما أفتيت في كثير مما كنت أُفْتِي به !.
· وقال أبو داود في مسائله : ما أحصي ما سمعت أحمد سُئل عن كثير مما فيه الاختلاف في العلم فيقول : لا أدري.
· قال : وسمعته يقول : ما رأيت مثل ابن عيينة في الفتوى أحسن فتيا منه ، كان أهون عليه أن يقول لا أدري .
وقال عبد الله بن أحمد في مسائله : سمعت أبي يقول : وقال عبد الرحمن ابن مهدي : سأل رجل من أهل الغرب مالك بن أنس عن مسألة ، فقال : لا أدري ، فقال : يا أبا عبد الله تقول لا أدري ؟! قال : نعم ، فأبلغ من وراءك أني لا أدري !
· وقال عبد الله : كنت أسمع أبي كثيرا يُسأل عن المسائل فيقول : لا أدري ، ويقف ، إذا كانت مسألة فيها اختلاف ، وكثيرا ما كان يقول : سَلْ غيري . فإن قيل له : مَن نَسأل ؟ قال : سَلُوا العُلَماء ! ولا يكاد يُسَمِّي رَجلا بِعَينه . قال : وسمعت أبي يقول : كان ابن عيينة لا يُفْتِي في الطلاق ، ويقول : مَن يُحْسِن هذا ؟
· نَقَل هذا ابن القيم ثم عقد فَصْلا في تَوَرّع السلف عن الفتيا :قال فيه : وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرّع في الفتوى ، ويودّ كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره ، فإذا رأى أنها قد تَعَيَّنَتْ عليه بذل اجتهاده في معرفة حُكْمها من الكتاب والسنة ، أو قول الخلفاء الراشدين ، ثم أَفْتَى .
· وقال الشاطبي عن الإمام مالك : وسأل رجل مَالِكًا عن مسألة وذَكَر أنه أُرْسِل فيها من مسيرة ستة أشهر من المغرب ، فقال له : أخبر الذي أرسلك أنه لا عِلم لي بها ! قال : ومن يعلمها ؟ قال : مَن عَلَّمَه الله .
· وسأله رجل عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب ، فقال : ما أدري ما ابتلينا بهذه المسألة ببلدنا ، ولا سمعنا أحدا من أشياخنا تكلّم فيها ، ولكن تَعُود فلما كان من الغد جاء وقد حَمل ثقله على بغله يقوده ، فقال : مسألتي ! فقال : ما أدرى ما هي ، فقال الرجل : يا أبا عبد الله تركتُ خلفي مَن يقول : ليس على وجه الأرض أعْلم منك ، فقال مالك غير مُستوحش : إذا رَجعتَ فأخبرهم أني لا أحسن ! وسأله آخر فلم يُجِبه ، فقال له : يا أبا عبد الله أجِبْني ، فقال : ويحك ! تُرِيد أن تجعلني حُجَّة بينك وبين الله ، فأحتاج أنا أولاً أن أنظر كيف خلاصي ثم أخلِّصُك !
وسُئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فقال في اثنتين وثلاثين منها : لا أدري .

وسُئل من العراق عن أربعين مسألة ، فما أجاب منها إلاَّ في خمس !

وقال : قال ابن عجلان : إذا أخطأ العالم لا أدري أُصِيبَتْ مَقَاتِله . ويروي هذا الكلام عن ابن عباس .
وقال : سمعت ابن هرمز يقول : ينبغي أن يُورِث العالم جلساءه قول لا أدري ، وكان يقول في أكثر ما يُسأل عنه : لا أدري . قال عمر بن يزيد : فقلت لِمَالِك في ذلك ، فقال : يَرْجِع أهل الشام إلى شامهم ، وأهل العراق إلى عراقهم ، وأهل مصر إلى مصرهم ، ثم لعلي أرجع عما أرجع أُفْتيهم به ! قال : فأخبرتُ الليث بذلك ، فَبَكَى .

· قال أبي ليلى أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيهم أحد يسأل عن شيء إلا أحب أن يكفيه صاحبه الفتيا وإنهم ها هنا يتوثبون على الأمور توثبا

· عن عقبة بن مسلم قال: صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهراً، فكان كثيراً ما يسأل، فيقول: لا أدري، ثم يلتفت إليَّ فيقول: أتدري ما يريد هؤلاء؟. يريدون أن يجعلوا ظهورنا جسوراً على جهنم، يقولون أفتانا بهذا بن عمر!!.

· وقد قال الإمام مالك: من سئل عن مسألة فينبغي له قبل أن يجيب فيها أن يعرض نفسه على الجنة والنار، وكيف يكون خلاصه في الآخرة، ثم يجيب فيها.

· وقال ابن القاسم: "سمعت مالكا يقول: إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة، فما اتفق لي فيها رأي إلى الآن ".

· وسمعه ابن مهدي يقول: "ربما وردت علي المسألة، فأسهر فيها عامة ليلي ".

· قال مصعب: "وجهني أبي بمسألة -ومعي صاحبها - إلى مالك يقصها عليه، فقال: ما أحسن فيها جواباً، سلوا أهل العلم ".

· قال ابن أبي حسان: "سئل مالك عن اثنتين وعشرين مسألة، فما أجاب إلا في اثنتين بعد أن أكثر من "لا حول ولا قوة إلا بالله ".

والشأن اليوم كما قال أبو الحسين الأزدي: إن أحدهم ليفتي في المسألة لو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر!

*- وجه أحد الطلبة سؤالا إلى يوسف القرضاوى : لما لا يلتقي الجميع على الرأي الذي عليه النص فأجاب الشيخ:
1- لا بد أن يكون النص صحيحا عند الجميع وأن يكون صريح الدلالة 2- يسلم من معارض مثله أو أ قوى منه

3- ان يكون من النصوص القاطعة الدلالة عند الإتيان بالدليل .

وهناك نقاش دار بين بعضهم ود. / عبد الفتاح الشيخ فقالوا (أليس لنا عقول ولهم عقول ) فرد عليهم قائلا ( لهم عقول ولكنكم ( عجول ) .وقال د/ القرضاوى (لماذا لا يحى الجميع على النص أو الرأى الذي جاء به النص).

والسؤال لماذا اختلفت الأمة؟ والاجابة في هذا الموقف:

خلا عمر رضي الله عنه ذات يوم، فجعل يحدث نفسه: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد؟ فأرسل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة - زاد سعيد: وكتابها واحد؟ - قال: فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين: إنما أنزل علينا القرآن فقرأناه، وعلمنا فيما أنزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرءون القرآن ولا يدرون فيما نزل، فيكون لكل قوم فيه رأي، فإذا كان كذلك اختلفوا.

وقال سعيد: فيكون لكل قوم فيه رأي، فإذا كان لكل قوم فيه رأي اختلفوا فإذا اختلفوا اقتتلوا! قال: فزجره عمر وانتهره عليّ.. فانصرف ابن عباس، ونظر عمر فيما قال، فعرفه. . فأرسل إليه وقال: أعد علي ما قلته، فأعاد عليه، فعرف عمر قوله وأعجبه.

حجج الفريق الرافض للمذاهب والرد عليها:

1- أن المذاهب فرقت المسلمين : وهذا الكلام مردود لأن فقه الاختلاف العلمي الذي عرف في عهد الصحابة والتابعين وأئمة الهدى لم يكن سببا للوقيعة بين المسلمين سوى في أيامنا هذه لأنها اختلافات لا تتعلق بمنطقة القطعيات وإنما بمنطقة الظنيات وتلك ينطبق عليها الحديث "من اجتهد فأصاب......)

حتى أن هؤلاء أسسوا ما يعرف بأدب الخلاف أو كما يسميه الدكتور سلمان العودة فقه الائتلاف.

ومن المعروف إن الأمور الخلافية لم تكن يوما سببا للوقيعة بين المسلمين ولكن عليك بإلقائها في بحر الشريعة ستجدها تحتمل .فلا إنكار من احد على احد في الأمور الاجتهادية طالما لاتتعرض مع أسس الخلاف المعتبر عند أهل العلم مثال إخراج الزكاة نقدا :فهذه ظروف خاصة لاتستوجب ولاتعنى الخلاف لأنها راعت لاح الفقير وهو مايحدث الآن ( إذا كثرت الحبوب وقلت النقود وكانت حاجة الفقير إلى النقود أكثر فإخراجها نقود مباح والعكس وقد رأى بعض أهل العلم في الذين يبيعون الزكاة ه بثمن بخس وشراء إغراض حرمها الإسلام مما قد يضر بمن يعول أجازوا بان تخرجها لهم (طعام جاهز ) (طبيخ مثلا) . , وهذا الخلاف لايستوجب السب أو الضرب ولا يحل اليد والسكين . فقد غير الإمام الشافعي منهجه تماما من القديم في العراق إلى الجديد في مصر بتغير الظروف والأحوال والمكان .فإذا كان من حقي إن اجتهد فلا بد إن أعطى هذا الحق للطرف الآخر وإذا أعطيته ذلك الحق فلابد من وجود الخلاف . وهناك مقولة معتبرة ( مراجعة الحق خير من التمادي في وجود الخلاف )

فهذا الخلاف ليس تناقضا في الشريعة بل تأكيدا لسموها وثراءها، فقد تركوا مدرسة شرعية فقهية على تنوع آرائها لنختار منها ما يتوائم مع كل حال وعصر ومصر . معنى ذلك أنه لا تناقض في الأحكام القطعية فالكل مجمع عليها أما الأحكام غير القطعية فيتعدد فيها وجه الصواب بتغير الزمان والمكان والحال.

أما تغير الزمان: اقتناء الإمام ابن أبي زيد القيرواني كلبا للحراسة وهو مالكي مخالفا بذلك الأثر الوارد عن مالك من كراهية ذلك فلما لامه من لامه على مخالفته لإمام مذهبه قال: لو كان مالك في زماننا لإتخذ أسدا ضاريا.

أما تغير المكان: فالفقهاء يقررون أن من أنكر الفرائض أو المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة يحكم عليه بالردة إلا أن يكون ناشئا (مقيما إقامة كدائمة) ببادية بعيدة عن أمصار الإسلام ومواطن العلم فيعذر لبداوته ويعطى فرصة ليتعلم ويتفقه.

أما تغير الحال: عقوبة شارب الخمر على عهد أبي بكر 40 جلدة وجعلها عمر 80 جلدة حين رأى الناس تمادوا في الشرب فرأى زيادة العقوبة ردعا وزجرا.

لهذا قال عمر بن عبد العزيز(تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من فجور)

ومن ضمن ما يحسب للشيخ نصر فريد واصل أنه تبنى مسألة اعدام المغتصب وعرضت عليه حالات حكم فيها بالاعدام حتى لو تعدد الجناة.

ورحم الله ابن الوزير اليماني حين قال:

تسل عن الوفاق فربنا قد **** حكى بين الملائكة الخصاما
كذا الخضر المكرم والوجيه ـ **** المكلم إذا ألم به لمـامـا
تكدر صفو جمعهما مرارا **** وعجل صاحب السر الصراما
ففارقه الكليم كليم قلب **** وقد ثنى على الخضر الملاما
فدلَّ على اتساع الأمر فيما **** الكرام فيه خالفت الكراما
وما سبب الخلاف سوى اتساع **** الـعلوم هناك بعضا أو تماما

2- أن تباين الأحكام يوحي بتناقض الشريعة: ونرد على هذا الزعم بأن تباين الأحكام هو تباين تنوع لا تضاد ولذلك لم ينكر كل فريق على الآخر ،فاختلاف فقهاء المذاهب الإسلامية اختلاف في مسائل العمل ولا يمس الاعتقاد أو أصول الدين وفيه من الرحمة والتيسير بالأمة شئ عظيم ، كما أن هذا الاختلاف بين فقهاء الأمة يمثل ثروة تشريعية عظيمة.

ومنبع الاختلاف بين الفقهاء وأهل العلم إنما يكمن في تفاوت قدرات وملكات العقول البشرية في فهم نصوص الشريعة، واستنباط الأحكام منها ، وما من الله به على كل عالم من ملكة الفهم والاستنباط للأحكام من أدلتها، ومن قدرة على إدراك أسرار التشريع وعلل الأحكام الشرعية ، ولهذا نجد أنه لم يحدث خلاف في الأدلة القطعية التي تدل على الحكم يقينا وقطعا لقطعية ثبوتها ودلالتها على الأحكام كالقرآن والسنة المتواترة والمشهورة والإجماع، وإنما يقع الاختلاف في المسائل التي لم يرد بشأنها نص قاطع في الدلالة على الحكم.

والرواية التالية تدلل أكثر على هذا التنوع:

ما جاء عن عبدالله بن أبي قيس قال: سألت عائشة عن وتر رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كيف كان يُوتر: من أول الليل، أو من آخره؟ فقالت: كلُ ذلك قد كان يصنع، ربما أوتر من أول الليل، وربما أوتر من آخره. فقال: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة.

فقلت: كيف كانت قراءته، أكان يُسر بالقراءة أم يجهر ؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل، قد كان ربما أسر، وربما جهر، قال: فقلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة.

قلت: فكيف كان يصنع في الجنابة ؟ أكان يغتسل قبل أن ينام، أو ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل، فربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام. قلت الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة.

التيار الثاني تيار التكفيريين :

وهم شرذمة قليلة من المتنطعين المتجرئين على الفتيا وتعاني منهم المجتمعات الإسلامية اليوم ويمارسون إرهابا فكريا على المسلمين ويتساهلون في إطلاق شعارات الكفر على من يخالفهم ويستحلون الدماء والأموال بل هناك من اعتبر ديار الإسلام كلها ديار كفر وأن مقاتلة الحكومات أولى من مقاتلة الكفار.

أسباب وقوعهم في التكفير :

1- إساءة فهم المصطلحات الكثيرة التي جاءت في الشرع ومنها مصطلح الكفر نفسه فمثلا حديث :

( لايزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن .....) فهذا ليس دليل كفر يخرج من الملة . ويمكن الرد عليهم بما يلي : لماذا تعددت العقوبات على جرائم الزنا والقتل والسرقة ) مع أن ارتكاب هذه الجرائم لاتخرج من الملة بالإجماع بديل انه لايعطى حكم المرتد من يفعل هذه المعاصي . وهناك دليل آخر أن الرسول صلى الله عليه وسلم(نهى عن لعن من يشرب الخمر)،فقد لعنه الصحابة فقال لاتلعنوه فاني اعلم انه يحب الله ورسوله ( وكانت هذه في شخص معين )

حديث ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ) قيل هو كفر دون كفر . كما أن قوله تعالى ( ومن لم يحكم بما انزل الله فألئك هم الكافرون ..... .....) ليس دليل كفر ولا تبديل لدين ولا مرتد ولم يعطل حدا من حدود الله والكفر هنا إطلاق مجازى يطلق على كا فه المعاصي . حديث ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب واذاوعد اخلف وإذا اؤتمن خان ) فهذا ليس المنافق الذي نزلت فيه سورة كاملة والذي قال عنه الله عز وجل ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ) .... فهذا قياس خاطئ .

2- هذه الفئة عملت على تذويب الفوارق بين الأحكام ومراتبها في الدين .

فليس الكفر كالمعاصي وان كانت كبائر كما ان الكبائر ليست كالصغائر وليست الصغائر كالمشتبه فيه ةلا المتروك تحريما كالمتروك تنزيلا ويدل على ذلك قوله تعالى : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ان ربك واسع المغفرة ) . وزعيم هذه الجماعة شكري مصطفى الذي وضع عدة مبادئ:

1- تكفير أمة الإسلام حكاما -لأنهم لا يحكمون بما أنزل الله- ومحكومين -لأنهم رضوا بذلك- وعلماء –لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا هؤلاء- ومن لم يكفر الكافر فهو كافر، وتكفير كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها.

2- اعتبار العصور الإسلامية بعد القرن الرابع كلها عصور كفر لتقديسها لصنم التقليد المعبود من دون الله.

3- الطاعة العمياء للأمير بمقتضى عقد البيعة (من مات ولي في عنقة بيعة مات ميتة جاهلية)

4- يتعين اعتزال المجتمعات القائمة والانسحاب منها إلى الجبال والكهوف فتركوا الوظائف الحكومية والمدارس والجامعات ولا يصلون في المسجد إلا إذا كان الامام منهم.

5- إذا دخل العدو البلاد فلا يجوز المشاركة في الدفاع عن البلد لأنها بلد كفار بل منهم –فرقة الجهاد-من يرى أن قتال الحكام أولى من قتال اليهود وتحرير القدس.

وللرد عليهم:

1- هم يتناسون أنهم ينزعون سلطان الله لأنهم يحكمون على العقيدة والضمير يقول ابن القيم:

الكفر حق الله ثم رسوله بالنص يثبت لا بقول فلا
من كان رب العالمين وعبده قد كفراه فذاك ذو الكفران

2- في خلافة علي حينما خرج عليه الخوارج فسئل عنهم هل هم كفال؟ فقال: من الكفر فروا، فقيل :أمنافقون؟ فقال: المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلا. فقيل له فما هم؟ فقال إخواننا بغوا علينا.

3- أنهم جعلوا المعاصي نواقض للإسلام مع أنه قد انعقدت كلمة الأئمة على أنه لا يكفر أصحاب المعاصي والكبائر إلا إذا استحلوها. يقول ابن حنبل (ويخرج الرجل من الايمان إلى اإسلام ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم أو يرد فريضة من فرائض الله جاحدا بها فإن تركها تكاسلا أو تهاونا كان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه)

يقول حافظ حكمي:

ولا نكفر بالمعاصي مؤمنا إلا مع استحلاله لما جنى

وتقبل التوبة قبل الغرغرة كما جاء في الشرعة المطهرة

4- أن القاعدة المعروفة في الفقه أن الأحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السرائر (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله) ، لهذا أنكر النبي على أسامة حين قتل الرجل في المعركة بعد أن نطق بالشهادتين فقال (قتلت رجلا يقول لا إله إلا الله كيف أنت إذا خاصمك يوم القيامة بلا إله إلا الله؟‏!‏ فقال أسامة‏:‏ يارسول الله إنما تعوذ من القتل ، فقال له الرسول‏:‏ هلا شققت عن قلبه حتي تعلم اقالها خوفا أم لا وظل النبي يردد امامه وهو حزين أقتلت رجلا يقول لا إله إلا الله حتي قال اسامة‏:‏ وددت أني لم أكن اسلمت إلا يومئذ ثم استغفرله المصطفى ـ صلي الله عليه وسلم ــ وأمره بعتق رقبة‏.‏

5- أما بخصوص تكفير الحكام فقد نهى الحديث عن الخروج على الأئمة (إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان) فلا يبيح الإسلام الخروج على الحاكم المسلم وقتله ما دام مقيما على الإسلام ويعمل به وإذا خالف يتولوه بالنصح (الدين النصيحة)، أما آيات سورة المائدة فيقصد بها من لم يحكم بشيء مما أنزل الله ابتداء وقال ابن عباس في هذه الآيات (ليس بكفر ينقل عن الملة).

وأنصار المدرسة التكفيرية يمثلون نماذج تافهة لا علاقة لها بالدراسات الاسلامية والفتوى علما وخلقا:

فمن الناحية العلمية هم ليسوا أهل تخصص ويتساهلون في الفتوى.

ومن الناحية الخلقية هم أصحاب تدين سطحي مزيف (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم) ، وربما هذا ما جعل أحد العلماء حين وقع في يد بعض الخوارج فسألوه عن هويته فقال مشرك مستجير يريد أن يسمع كلام الله فقالوا حق علينا أن نجيرك ولو قال لهم مسلم لقطعوا رأسه، يقول ابو بكر (لو لم أجد للسارق والزاني وشارب الخمر إلا ثوبي لأحببت أن أستره به)

التيار الثالث : تيار القرآنيين:

ظهروا في العصور المتأخرة رفضوا السنة تماما وزعموا الالتزام بالقرآن فقط ففيه الكفاية وإذا استشهدوا بالسنة فمن باب إثبات زيفها وتعارضها مع القرآن ،فيعتقدون بعدم جواز أن ينسب حديث للنبي فيما يعرف بالسنة أو ينسب قولا لله تعالى عبر الأكذوبة المسماة بالحديث القدسي ويتجرأون بأقوال تجاوزت كل الحدود على سلفنا الصالح مثل:عفن التراث ، السلف غير الصالح......

من أقوالهم (أما بالنسبة لمن ماتوا من أئمة التراث ......هنا لا بد ـ فى نصرة الاسلام المظلوم ـ من توضيح عدائهم للاسلام بالأدلة القرآنية وبما كتبوه بأيديهم وفى تراثهم.......أولئك كذبوا على الله تعالى وعلى رسوله فيما يسمى بالسنة والحديث، وتلاعبوا بالكتاب العزيز فيما يعرف بالتفسير والتأويل وقاموا بحذف أحكامه بزعم النسخ ، وكتبوا أقاويل تطعن فى معظم سور القرآن وتشكك فيه تحت اسم ( علوم القرآن ).

هذا الصنف مكذب بالقرآن لأن الله تعالى يقول "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"

ناهيك عن تناقضهم مع أنفسهم في تطبيق الآيات فكيف ينفذون أوامر الله بالصلاة والصيام والحج وكل ذلك في حال الاستغناء عن السنة التفصيلية التي أوضحت تلك الأحكام؟

المدرسة الثالثة: المدرسة التبريرية (الحداثة- التنويرية التقريبية):

وتسمى بالمدرسة التنويرية التقريبية على اعتبار أنها ترمي إلى تقريب الاقتصاد الاسلامي من الاقتصاديات الوضعية وليس العكس وتنقسم هذه المدرسة إلى تيارين:

التيار الأول : العلمانيين اللادينيين (يضربون في الأحكام)

تعرف العلمانية Secularism - وترجمتها الصحيحة اللادينية أو الدنيوية- بأنها دعوة إلى إقامة الحياةعلى العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين وتعني في جانبها السياسيبالذات اللا دينية في الحكم ، وهياصطلاح لا صلة له بكلمه العلم وقد ظهرت في أوربا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلىالشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنانوسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر . أما بقية الدول العربيةفقد انتقلت إليها في القرن العشرين ،وقد اختيرت كلمه علمانية لأنها اقل إثارة منكلمه لادينية.
ومدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياةالمجتمع وإبقاءه حبيساً في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فانسمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاةونحوهما.
تتفق العلمانية مع الديانة النصرانية في فصل الدين عن الدولة حيثلقيصر سلطة الدولة ولله سلطة الكنيسة وهذا واضح فيما ينسب للسيد المسيح من قوله(أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) . أما الاسلام فلا يعرف هذه الثنائية والمسلم كلهلله وحياته كلها لله ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)، من اشهر دعاة العلمانية في العالم العربي الإسلامي : احمد لطفي السيد ، إسماعيلمظهر ، قاسم امين ، طه حسين ، عبد العزيز فهمي ، ميشيل عفلق ،أنطوان سعادة ،سوكارنو ، سوهارتو ، نهرو، مصطفى كمال اتاتورك.

يغلب على أنصار هذه المدرسة التغريب عن مجتمعهم، والتأثر بالأنماط الغربية وبأفكار المستشرقين , إلى درجة نبذ الأحكام الشرعية، واستبدالها بالنظم الوضعية، بدعوى مواكبة المعاصرة والحداثة، حتى تتقدم الأمة صناعيًا وماديًا، لا روحيًا وخلقيًا، وهذا باب واسع للتفلت من أحكام الشريعة , من خلال آراء محشوة سما وضلالا وخطا ، على الرغم من رفض قادة ومفكرين نصارى للتبعية والذوبان في النموذج العلماني الغربي مفضلين عليه النموذج الإسلامي مثل مكرم عبيد "نحن مسلمون وطنا ونصارى دينا".

ومن أقوال العلمانيين المنحرفة:

· أن النص القرآني ليس وحيًا من الله، وإنما هو منتج ثقافي مستمد من البيئة، لا فارق بينه وبين الشعر الجاهلي أو المعلقات إلا في المدة التي تكون فيها (نصر حامد أبو زيد).

· أن النص القرآني نصاً أدبيًا، يعامل كأي نص أدبي بحيث يمكن تأويله، والاقتباس منه دون الإلتزام بحرفية النصوص القرآنية.

· أن النص القرآني مثل البقالية ( السوبر ماركت ) يمكن للمجتهد أن ينتقى منه ما يشاء من دون الالتزام بحرفية النصوص القرآنية , لان هناك كثيرا من الآيات القرآنية بينها تناقض وخاصة ما يتعلق بالتسامح والدعوة !

· السخرية من الأسماء الحسنى لله تعالى بوصف أسماء المهيمن والجبار والمتكبر بأنها أسماء تدل على الديكتاتورية للذات الإلهية !, وانه يجب حذف تلك الأسماء . ( حاشا لله)

· حمل آية السارق على أن المراد بها مكافئة السارق وإعطاؤه شيئا مما سرق وليس قطع يداه ! كما يقول اقطعوا لسان الشاعر الفلاني اى أعطوه مالا أو أن الحد لا يطبق على السارق إلا إذا تكررت منه السرقة !

· اعتبار الحجاب عادة عصرية ! على أساس اختلاف العلماء في فرضيته مما يعنى أن فيه سعة بحيث يصبح عادة أو موضة ! ( اقبال بركة –أمينة السعيد) ، وقد خلطوا بذلك بين اختلاف الفقهاء على درجات الحجاب وليس على فرضيته فكلهم أوجبوه .

· عدم فهمهم للفرق بين العلة والحكمة فأخذوا الحكمة وجعلوها علة ثم بنوا عليها الإحكام الشرعية ., فمن أحكامهم الغريبة أن الخنزير إذا قضى على الدودة الشريطية فيه فهو حلال !, والزنا إن لم ينتج عنه اختلاط الأنساب فهو حلال ! والخمر إن تمكن الطب من تفادى ما يسببه من قرحة في المعدة فهو حلال !, مع أن العلة تدور مع الحكم وجودا وعدما أما الحكمة التي تمثل الغاية من التحريم فقد يفطن الإنسان إليها وقد تكون خفية ,. فالعلة من تحريم الخمر الاسكار . أما الحكمة من تحريمه فما يسببه من قرحة وكذلك الزنا ولحم الخنزير فعلة الحرمة تعبدية .

· أجاز بعض الاقتصاديون منهم الفائدة المصرفية لأنها ليست ربا وإنما هي ثمن أو مقابل مشروع للتضخم !. أي أنها تعويض مشروع عن فارق سعر العملة نتيجة التضخم بين وقت الإقراض ووقت السداد وهذا مناف للواقع . لان البنوك تنص على نسبة الفائدة بغض النظر عن ارتفاع أو ثبات أو انخفاض قيمة النقود لهذا يجب سدادها حتى ولو تزايدت قيمة النقود , والربا والفائدة واحد وهو الزيادة في العوض من غير مقابل فهي من وجهة نظر إسلامية اقتضاء التعويض ممن لم يتسبب فيه .

فهذه الآراء المنحرفة غير المنضبطة بالقواعد الشرعية، والتي يرددها هؤلاء القوم من سفاحي الثقافة ومنحلي الفكر، لا يراد بها الخير للأمة كما يروجون، وإنما تهدف إلى تصفية الشريعة تحت ستار التجديد المزعوم من قوم هزموا نفسيًا أمام الحضارة الغربية، يستميتون عن جهل أو عمد في تبرير الواقع المفروض على الأمة الإسلامية للتحلل من أحكام الشريعة، مدعين أن ذلك «فقه الواقع»، الهدف منه مسايرة الواقع ومحاولة إضفاء الشرعية عليه، بحجة تسهيل الأحكام الشرعية على الناس وتيسيرها.

ولهؤلاء نقدم لهم بعض الأقوال:

إن كان رافضًا حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي

وقال آخر: "اللهم إن كان التمسك بالكتاب والسنة رجعيًا؛ فأحيني رجعيًا، وأمتني رجعيًا، وأحشرني في زمرة الرجعيين"

وقال الشاعر:
وليس يصح في الأفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل

هؤلاء يتعمدون الخلط بين العلة والحكمة، فإذا كان تحريم الخمر والخنزير والزنا يرجع إلى علة، فإنها تزول بزوال هذه العلة، إي يحل أكل الخنزير إذا تم القضاء على الدودة الشريطية، وإذا أمكن منع عدم اختلاط الأنساب من العلاقات غير الشرعية، فالزنا حلال، وإن تمكن العلم الحديث من تفادي آثار الخمر السيئة على الجسم، وعدم تسبب الخمر لقرحة المعدة، فأنها في هذه الحالة تصبح حلال.

وللأسف الشديد، إننا نجد هؤلاء من أصحاب الفكر عندما يصلون إلى مركز مرموق، فأنهم يستغلون منصبهم في دعم أفكارهم ومعتقداتهم، وفي الجانب الآخر، نجد أن أصحاب الحق من المسلمين الذين يتسمون بالوسطية والعقلانية، لا يستفيدون من مراكزهم تورعًا.

ومن أكثر الأمثلة على استغلال المراكز والمناصب لتغيير الأوضاع من أجل المبادئ التي يتبناها أصحاب هذه المراكز ما قام به أتتاتورك في تركيا، مدعوماً بكل من القوى الغربية، والمؤسسة العسكرية التركية، حيث قام بالتالي:

- إلغاء النص الدستوري بأن الإسلام دين الدولة

- عدم إذاعة القرآن الكريم في وسائل الإعلام.

- جعل حروف الكتابة لاتينية بدلاً من الحروف العربية.

- جعل القوانين أوربية روحًا، ولحمًا، وعظماً.

- ساوى بين المرأة والرجل، وأعطى لها حق الزواج بغير ديانتها.

- منع المرأة من إرتداء الحجاب واستبدلها بالقبعة الأوربيو.

مثل هؤلاء يجعلون الخواجة يرتدي عمامة الشيخ المسلم، ويحاولون إيجاد المبررات المتعددة لنشر أفكارهم، بما تقبله العقول المسلمة، ومثال لذلك: أنه لا يوجد تنمية بلا اقتصاد، وليس هناك اقتصاد بدون بنوك، والبنوك لا وجود لها بدون فوائد، إذن فقد قامت الضرورة الاقتصادية على حل التعامل بالفوائد الربوية.

هؤلاء يريدون نسف كل قديم، حتى قال عنهم الرافعي: "يريدون أن يغيروا الدين، واللغة، والشمس، والقمر".

التيار الثاني : الالحاديون-الماركسيون (يضربون في العقيدة)

الإلحاد Atheism مذهب فكري فلسفي يقوم على فكرة(عدمية)أساسها إنكاروجود الله الخالق!!والميل بنصوص الكتاب والسنة عن الحق الثابت لها كتعطيل أسماء الله وصفاتهوغير ذلك.

هؤلاء يرفضون كل الأديان، وعلى رأسهم الإسلام، إلا أن لديهم دقة في العبارة، وقدرة كبيرة على العلم والمعرفة، وقدرة هائلة في استخدام الشعارات، كقولهم نريد التغيير الثوري، والتنظيم الثوري، الاشتراكية الثورية، .... واتصاف كل شيء لديهم بالثورية، كعبارة للتجديد الفكري.

وأكثر من انتقد الإفراط في الشعارات الرئيس السوفيتي السابق خرشوف، فقال: "إن الشعوب إذا لم نعدهم بغير هذه الشعارات فسيحكون رؤسهم، ويقولون فلتذهب الشعارات إلى الجحيم، أليس من الأفضل أن نطعم الجولاش بدلاً من هذه الشعارات".

والمثل يقول: إن كنت تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، فإنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت.

من أهم أفكارهم ومعتقداتهم:

·إنكار وجود الله سبحانه ، الخالق البارئ ، المصور ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .
·إن الكون والإنسان والحيوان والنبات وجد صدفة وسينتهي كما بدأ ولا توجد حياة بعد الموت .
·أن المادة أزلية أبدية وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت .
·النظرة الغائية للكون والمفاهيم الأخلاقية تعيق تقدم العلم .
·إنكار معجزات الأنبياء لأن تلك المعجزات لا يقبلها العلم ، كما يزعمون . ومن العجب أن الملحدين الماديين يقبلون معجزات الطفرة الوحيدة التي تقول بها الداروينية ولا سند لها إلا الهوس والخيال .
·عدم الاعتراف بالمفاهيم الأخلاقية ولا بالحق والعدل ولا بالأهداف السامية ، ولا بالروح والجمال .
·ينظر الملاحدة للتاريخ باعتباره صورة للجرائم والحماقة وخيبة الأمل وقصته لا تعني شيئاً .
·المعرفة الدينية ، في رأي الملاحدة ، تختلف اختلافاً جذرياً وكلياً عن المعرفة بمعناها العقلي أو العلمي !!
·الإنسان مادة تنطبق عليه قوانين الطبيعة التي اكتشفتها العلوم كما تنطبق على غيره من الأشياء المادية .
·الحاجات هي التي تحدد الأفكار ، وليست الأفكار هي التي تحدد الحاجات .
·نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ ونظرية فرويد في علم النفس ونظرية دارون في أصل الأنواع ونظرية دوركهايم في علم الاجتماع من أهم أسس الإلحاد في العالم .. وجميع هذه النظريات هي مما أثبت العلماء أنها حدس وخيالات وأوهام شخصية ولا صلة لها بالعلم .

أما أصحاب الماركسية من المؤيدين في الشرق الأوسط، فيطلقون عليها شعارات الإسلام اليساري، أو اشتراكية الرسول، أو اشتراكية أبو ذر، أو اشتراكية عمر، كوسيلة لإضفاء الشرعية الإسلامية على هذه الأفكار المدسوسة، وقد تناسوا أن هذه الاشتراكية وافد جديد على الإسلام، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، قد أتوا قبل هذا الوافد، الغير مرحب به، فكيف ينسب للقديم ما أتى به الحديث؟!.

هؤلاء قوم تهكموا في تجمعهم على الإسلام، واعتدوا على المولى عز وجل، فتذكر إحدى الروايات أن مدرس من هؤلاء السفهاء، اجتمع مع تلاميذهم، فقال لهم: هل ترون الله، فقالو: لا، ثم سألهم: هل تحسون الله، فأجابوا بالنفي ... حتى قام تلميذ منهم، وقال: هل تروا عقل الأستاذ؟، فأجابوا جميعًا: لا، فقال: إذن عقل الإستاذ غير موجود.

ويرى شكيب أرسلان: "إنما ضاع الدين بين جامد وجاحد، ذلك ينفر الناس منه بجموده، وهذا يضلهم منه بجحوده".

وينتشر الآن الملحدون العرب على شبكة الانترنت من خلال عدة منابر ومنتديات كشبكة اللادينيين العرب وشبكة الإلحاد وغيرها يحاولون إستمالة الشباب العربي المسلم ويطعنون في الدين والنصوص الثابتة وكثير من الشباب المتحمس للإسلام ارتاد مثل هذه الشبكات بدافع الرد على هؤلاء وإذا به يتأثر بأفكارهم ويتحول عن دينه.

وهؤلاء معالجتهم بالفكر، حيث لا يفل القلم إلا القلم، ولا يقاوم الشبه إلا الحجة، ولا يعارض كلام اللسان، بكلم السنان.

ولكن يتصدى لذلك رجال العلم المتخصصين لا الشباب المتهور سطحي الثقافة.


*من محاضرة للدكتور عبد الباسط وفا ألقاها على طلاب تمهيدي ماجستير قسم الاقتصاد بمعهد الدراسات الإسلامية