الثلاثاء، 12 أغسطس 2008

العولمة والحوار في فكر طارق رمضان


أمل خيري

يحتل البروفيسور طارق رمضان اليوم مكانا مميزا بين المفكرين الإسلاميين؛ حيث يمثل جيلا جديدا من دعاة الإصلاح السياسي، حتى إن مجلة تايم قد عدته واحدا من أهم مائة مفكر في القرن الحادي والعشرين، وأطلق عليه بعض الكتاب الغربيين اسم "مارتن لوثر المسلمين".
وهو كباحث سويسري من أصول مصرية لا ينفك يدعو المسلمين في الغرب إلى الاندماج في مجتمعاتهم بدلا من رفضها، ويدعو للحوار بين الثقافات والحضارات، ويرفض تقوقع الحركات المناهضة للعولمة على نفسها، ويدعوها للحوار مع المسلمين، ويطالب بالاحترام المتبادل بين جميع الأديان.
وطارق رمضان يحمل درجة الماجستير في الفلسفة والأدب الفرنسي، والدكتوراه في الدراسات العربية والإسلامية من جامعة جنيف، ويعمل أستاذا للدراسات الإسلامية في عدد من الجامعات الغربية من بينها جامعة أكسفورد، وأستاذًا زائرًا بجامعة إيراسموس بهولندا، وهو حاليا زميل باحث في كلية سانت أنتوني (أكسفورد)، وجامعة دوشيشا (كيوتو، اليابان)، وهو ناشط على الصعيدين الأكاديمي والشعبي في مجال العدالة الاجتماعية والحوار بين الحضارات، ويشغل حاليا منصب رئيس الاتحاد الأوروبي للفكر "شبكة مسلمي أوروبا" (emn) في بروكسل.
عالم واحد
يرى طارق رمضان أن الأديان السماوية تنبع من مشكاة واحدة؛ لذا لا توجد دواع لإبراز أوجه الاختلافات بين هذه الأديان، بل إن العالم بأسره في حاجة إلى أن يسمو على الخلافات، والبحث عن سبل للعيش في جو من الوئام والثقة المتبادلة بين الشعوب والحضارات.
ويشدد رمضان على الحاجة للتقييم الذاتي الصادق، والتفكير النقدي، والالتزام بمبادئ عالمية واحدة، مشيرا إلى أن الأديان نفسها تدعو للاحترام المتبادل بين البشر، بغض النظر عما يعتنقونه من أديان، وهذا الحوار يتطلب فهم الشعوب الأخرى، ولكنه لا ينجح إلا بثلاثة أشياء ضرورية وهي: التعاطف الفكري، والإيمان العميق، ومزيد من العقلانية والروحانية.
وأولى الخطوات للخروج من حالة العداء الراهنة هي التواضع، والتعليم، ومعرفة الذات، كما يتطلب الحوار إزالة عدم الثقة باعتبارها نقيضا للحوار.
ويرفض طارق رمضان مبدأ صراع الحضارات والأديان، ويعتبره أبعد ما يكون عن الحقيقة، ولكن علينا إعادة النظر في المناهج الدراسية لتكون أكثر شمولا؛ بحيث نبحث عما يسمى بالتاريخ المشترك، والعمل على تنمية الانتماء، خاصة لدى المسلمين في المجتمعات الأوروبية، والتركيز على التحديات الحقيقية التي تواجه المجتمع ككل، مثل التكامل الاجتماعي، ومكافحة العنصرية، والعمل، والإسكان، وما يتصل بها من تمييز.
التنوع الثقافي
ويدعو طارق رمضان الجامعات في الغرب للتصالح مع نهج الحضارات والثقافات الأخرى لاسيما الإسلام؛ بحيث تشمل الدراسة في هذه الجامعات كافة الأديان، والتعرف عليها من خلال أصولها، هذا إذا كنا جادين بشأن احترام تنوع الحضارات فلابد من تعزيز القيم المشتركة، كما يجب التفرقة بين الإسلام والمسلمين من جهة، والإسلام السياسي والتطرف من جهة أخرى.
ويرى طارق رمضان أنه لا يزال هناك مجال لإعادة تقييم جادة وحاسمة في الكثير من الجامعات الغربية، وعلى الغرب أن يعي حقيقة أن الفكر الإسلامي كان جزءا من مكونات الثقافة الأوروبية تماما مثل الثقافة اليونانية والرومانية، وأن مساهمات المفكرين الإسلاميين عبر العصور قد أسهمت في دمج الثقافات اليونانية والرومانية والإسلامية في بوتقة واحدة شكلت الهوية الأوروبية.
وعلى مستوى المسلمين خاصة في الغرب فإن عليهم واجب الدعوة إلى الله بصورة تؤكد على صلة الأخوة بين البشر جميعا؛ باعتبارهم أبناء لآدم يجمع بينهم صلات النسب، وإن كانوا مختلفين في الدين أو الثقافة؛ لذا يدعو رمضان للإعلان عن هوية جديدة في الغرب تحت عنوان: "نحن"؛ حيث يدعو جميع الأديان للعمل معا، والتفاهم، واحترام الاختلافات في القيم بدلا من تغذية عقلية الأقلية، وأن مفهوم "نحن" يعد مقابلا لمفهوم "نحن والآخر" باعتبار أن الجميع لهم هدف واحد؛ هو تعزيز المواطنة والمستقبل المشترك، وفي ظل هذا المفهوم يجب النظر إلى الاختلافات الثقافية والحضارية والدينية على أنها مصدر للتنوع والثراء، وليست مصدرا للتهديد.
أيديولوجية الخوف
ويؤكد طارق رمضان أننا نمر حاليا بأوقات عصيبة لا تخلو من الغرابة، فربما يعتقد البعض أنه في عصر العولمة يجب أن تركز المناقشات الأيديولوجية على كيفية صنع خياراتنا الاقتصادية والسياسية، ولكنه لاح في الأفق اتجاه جديد لا مفر منه؛ فالمواجهة المباشرة بين مشجعي الحركة الرأسمالية العابرة للقارات والليبرالية الرأسمالية الجديدة وبين المدافعين عن وجود اقتصاد ذي بعد إنساني مستمد من نمط جديد للعولمة يرتكز على القيم الإنسانية والأخلاقية للاقتصاد والسياسة، هذه المواجهة لا تزال قائمة بالطبع، ولكننا اليوم نشهد ظاهرة تنامي أيديولوجية جديدة خالية من الأفكار والمثاليات، ولكنها تفرض نفسها بقوة على الساحة، وأصبحت ذات تأثير على كثير من الأحزاب السياسية، سواء اليمينية أو اليسارية، وسواء في شمال العالم أو جنوبه، بدأت من الغرب وانتشرت لباقي أنحاء العالم، وهي ما أطلق عليها طارق رمضان "أيديولوجية الخوف" والتي تذكيها الحملة الدولية ضد الإرهاب والتي عززت ثقافة الخوف وترسيخه في كل مكان في العالم، وهذا الخوف من شأنه أن يولد علاقة من عدم الثقة والصراع المحتمل مع الآخر، كما أن الخوف يمنعنا من التحليل الموضوعي العقلاني للأمور؛ حيث تطغى العواطف والانفعالات على العقل.
والمفارقة أننا نعيش حاليا في عصر الاتصالات، ولكن الخوف أصابنا بالصمم عن محاولة سماع الآخر، أو تفهم وجهة نظره، وهكذا لم ينجح عصر الاتصالات في إزالة الحواجز بين البشر، بل انتقل الخلاف بين "نحن" و"هم" من المجال الواقعي إلى المجال الافتراضي، وقد أصبحت تغذية أيديولوجية الخوف سلاحا سياسيا، خاصة في يد القوى الاقتصادية العظمى كجزء من الإستراتيجيات الانتهازية التي تسعى لتأصيل أيديولوجية الخوف؛ لما يعود عليها من مكاسب في تجارة الأسلحة بدعوى مكافحة الإرهاب، وتأمين المواطنين، والحفاظ على الأمن القومي.
في مواجهة العولمة
ويعتقد طارق رمضان أن عصر العولمة هو أحد الاضطرابات التي يشهدها العالم؛ حيث تطغى هيمنة الاقتصاد والأسواق المالية على جميع مجالات النشاط الإنساني، لكنه يعارض في الوقت نفسه الحركات المناهضة للعولمة، ويصفها بالسذاجة في التفكير، ويؤكد أنها لن تنجح إلا بالتنسيق مع العالم الإسلامي، فهذه الحركات الغربية المناهضة للعولمة والرافضة للرأسمالية الليبرالية الجديدة، وحتى تلك الرافضة للحرب الأمريكية في العراق هي نفسها تسعى لتأصيل نوع آخر من العولمة أكثر إنصافا وإنسانية وكرامة في نظرهم، معتقدين في إمكانية إيجاد عالم آخر، ولكنهم في الوقت نفسه لا يقدمون على دراسة جادة للتنوع الثقافي والديني، ولا يسعون للحوار مع الحضارات الأخرى والتي تشترك معهم في نفس الأهداف؛ مما يزيد من تعميق الفجوة بين الحضارات والأديان.
لذا يؤكد طارق رمضان أن حركة مناهضة العولمة الليبرالية الجديدة لا تستطيع أن تتجنب المكانة المركزية لتنوع الثقافات والأديان، ودورها في إطار مقاومة العولمة الليبرالية، ولا يمكنها أن تنكر المساهمة الكبيرة التي يمكن أن يقدمها هذا التنوع في مناهضة هذه العولمة الليبرالية الجديدة، لذا فإن الدعوة إلى نوع من العولمة المسلحة ليست إلا عبثا وهراء.
ويدعو طارق رمضان نقاد العولمة إلى تعميق فهمهم للإسلام، وفتح حوار مع العالم الإسلامي إن كانوا راغبين في الوصول إلى نتيجة مثمرة، وبالتالي فإن تحدي العولمة يمكننا أن نحوله إلى فرصة ليستفيد العالم من النهضة الإسلامية، ولتوثيق الحوار بين الحضارات والثقافات، وتحقيق تفاعل أفضل بين معتنقي الأديان المختلفة.
ويرفض طارق رمضان مصطلح التسامح، ويفضل مصطلح الاحترام عليه؛ حيث يرى أن التسامح قد يحمل معنى قبول الآخر؛ لعدم وجود بديل آخر، ولكن في نفس الوقت يتم تجاهل هذا الآخر وتستمر المعاناة من وجوده، وهذا الطريق لن يقدم الحل لمشاكل العالم، بل لابد من الاحترام المتبادل؛ لأن الاحترام يقوم على المعرفة، بينما التسامح يمكن أن يقوم على الجهل، فالاحترام لا يتأتى إلا بإتاحة وسائل المعرفة المتبادلة بين الثقافات والأديان حتى نستطيع القضاء على عقلية "نحن مقابل الآخر" ليحل محلها "نحن" فقط؛ باعتبارنا عالما واحدًا يواجه تحديات مشتركة، ويسعى لتحقيق أهداف مشتركة.

هوامش ومصادر:
1. Muslim-Christian dialogue can succeed only by recognizing realities : Tariq Ramadan, By TwoCircles.net staff reporter. 2. Tariq Ramadan , Da’wa in the West.
3. Barnaby Rogerson , Tariq Ramadan’s act of piety.
4. Tariq Ramadan , Studying Islam.
5. Tariq Ramadan , Islam Today: The Need to Explore Its Complexities.
6. Tariq Ramadan ,Manifesto for a new “WE”.
7. Tariq Ramadan , THE GLOBAL IDEOLOGY OF FEAR OR THE GLOBALIZATION OF THE ISRAEL SYNDROME.
8. Oscar Reyes , Living together: an interview with Tariq Ramadan
A man with a vision , by Intercultural Magazine.
Tariq Ramadan ,"Globalization Critics Are Naïve"
9. Globalization can be turned into opportunities says Professor of Islamic Studies at the University of Oxford Dr Tariq Ramadan.
10. Rosemary Bechler , A bridge across fear: an interview with Tariq Ramadan.

الاثنين، 4 أغسطس 2008

العولمة والحوار في فكر شاندرا مظفر


أمل خيري

في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات المؤيدة للعولمة سواء من داخل العالم الإسلامي أو خارجه يقف شاندرا مظفر ضد سياسات العولمة التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق هيمنتها العالمية.
وشاندرا مظفر هو أستاذ العلوم السياسية الماليزي ورئيس الحركة الدولية من أجل عالم عادل.
International Movement for a Just World" " ، وهو مفكر سياسي مهتم بالعلاقات الدولية وقضايا حقوق الإنسان، أسس حركة من أجل تعزيز الحوار بين الأديان والحضارات على أساس ما هو مشترك إنساني بين الجميع، ويرى الأمل في الصحوة الدينية لمجابهة سياسات العولمة والهيمنة.
العولمة المعاصرة
يؤكد مظفر أن الأديان السماوية كانت أول من دعا إلى وحدة البشرية، وبالتالي فإن ذلك يدفع بالبشر إلى نوع من العولمة، لكنها تختلف عن تلك العولمة التي نشهدها حاليا؛ لأن الوحدة الإنسانية في التصور الديني تقوم على وحدانية الله ومساواة البشر، بينما العولمة التي تتبناها الولايات المتحدة اليوم تستند للرؤى الرأسمالية وتستهدف مصالح اقتصادية بحتة بغرض إعادة تشكيل صورة العالم في شكل نظام عالمي واحد تكون الولايات المتحدة هي القائدة له والمهيمنة عليه.
وهذه العولمة تنطوي على تحرير السياسات الاقتصادية، وفتح الأسواق أمام الشركات المتعددة الجنسيات، وتهيئة المناخ الملائم لنمو الأعمال التجارية، ويعتقد مظفر أن العولمة بهذه الطريقة تتضمن جوانب إيجابية وسلبية معا، لكن الجوانب السلبية أكثر وضوحا وأشد تأثيرا.
فمن الجوانب الإيجابية للعولمة أن الاستثمار الأجنبي المباشر ساعد على الحد من الفقر وخلق فرص عمل وحسّن الدخل، كما أن انتشار التكنولوجيا والتقدم في وسائل الاتصال قد هيأ المناخ لنشر المعرفة في كثير من التخصصات، كما ساهم في خفض تكلفة الاتصال والتواصل بين الأفراد عبر العالم، وهذا من شأنه زيادة فرص التفاهم بين البشر، وبالتالي فإن العولمة تستطيع أن توحد مواقف البشر تجاه القضايا العالمية، مثل قضايا البيئة وحقوق الإنسان وغيرها من الاهتمامات الإنسانية المشتركة.
لكن العولمة في الوقت نفسه تنطوي على عدد من السلبيات التي لا يستهان بها، ومن أهمها التدهور البيئي بسبب قطع الأشجار من قبل الشركات التي لا تحرص إلا على تنمية أرباحها فقط، وعلى الرغم من توفير فرص العمل فإن العالم شهد اتساعا في الفوارق الاقتصادية الإقليمية، وفي الوقت نفسه فإن تدفق رءوس الأموال من بلد لآخر قد أضر بشكل واضح ببعض العملات الوطنية؛ مما أدى لانتشار البطالة في دول الجنوب خاصة مع التقدم التكنولوجي.
أيضا كان للعولمة جوانب ثقافية تتمثل في نشر ثقافة "البوب" الأمريكية وتصدير الترفيه إلى العالم النامي، فالولايات المتحدة تستغل صناعة الترفيه في تشكيل المواقف الشعبية سواء داخل الأمة أو خارجها من خلال الأفلام وأشرطة الفيديو والموسيقى والأغاني وأفلام الرسوم المتحركة، كل هذا بغرض تمحور الفرد حول ذاته وملذاته، أضف إلى ذلك أن انتشار ثقافة الاستهلاك صرفت الناس عن الاهتمامات الأساسية الإنسانية مقابل زيادة الاهتمام بتلبية الرغبات الذاتية، وفي النظم التعليمية أصبح الحرص على تعليم المهارات والتقنيات والتركيز بصورة أقل على التربية الأخلاقية، كما أدت العولمة لتدويل الجريمة ونشر الأمراض المستعصية وبذلك تصبح العولمة أحد أخطر التحديات التي تواجه الحضارة الإنسانية.
الهيمنة في ثوب العولمة
ويؤكد مظفر أنه ليس ضد الولايات المتحدة بذاتها، ولكنه ضد أسلوب الهيمنة الذي تتبعه تحت مسمى العولمة، وهذه الهيمنة هي التي جعلت الولايات المتحدة تتخذ الطريق الأحادي في السياسة الدولية، فهي ترى أن من حقها أن تفعل ما تشاء بالساحة الدولية دون أي اعتبار للرأي العام العالمي.
وهذا ما فعلته إبان غزو العراق وما فعلته أيضا في أفغانستان، بل هو ما دفعها لمد مخالبها في جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية فأنشأت القواعد العسكرية وبسطت سيطرتها على النفط في بحر قزوين، وتحرص الولايات المتحدة دائما على استخدام قوتها العسكرية للإشراف على الطرق البحرية الإستراتيجية لحماية التجارة الأمريكية.
ويعتقد مظفر أن القوة العسكرية هي الشرط الأساسي لحماية واشنطن ومصالح الرأسمالية الليبرالية الجديدة، وفي الوقت نفسه تشكل الثقافة والإعلام قوة أخرى، بحيث يمكن القول إن الولايات المتحدة تسخر القوة العسكرية والقوة الناعمة في سبيل بناء إمبراطوريتها العالمية.
الحوار بين الإسلام والغرب
أما على مستوى الحوار بين الإسلام والغرب فإن شاندرا مظفر يؤمن بأهمية هذا الحوار الثقافي والحضاري في بناء جسور التفاهم المشترك، ففي أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م عقدت المؤتمرات والحلقات الدراسية في مختلف أنحاء العالم لتعزيز الحوار بين الإسلام والغرب شارك فيها قادة الحكومات ودبلوماسيون وشخصيات دينية وأكاديميون ونشطاء المجتمع المدني، ومع هذا يرى مظفر أن الهوة بين الغرب والإسلام ما زالت تتسع أكثر فأكثر، وهذا ما تؤكده استطلاعات الرأي العام في الأعوام الأخيرة سواء على المستوى الإسلامي أو الغربي.
ويرجع مظفر السبب الرئيسي في هذه الهوة إلى عدم رغبة الأطراف الرئيسية للحوار -خاصة على الجانب الغربي- في علاج الأسباب الكامنة وراء اتساع الفجوة بين الحضارتين، بل إن جُل تركيزهم كان على محاولة إدراج ما سمي بالإرهاب الإسلامي في جدول الأعمال العالمي، وبالطبع فإن الاحتلال الأمريكي للعراق والإسرائيلي لفلسطين يشكل أهم حاجز للحوار والتفاهم بين المسلمين والغرب، بيد أن هذا الاحتلال كما يرى مظفر ما هو إلا جزء لا يتجزأ من مظاهر الهيمنة الأمريكية التي تستخدم حلفاءها لتأمين مصالحها، وهذه حقيقة يعرفها المسلمون جيدا، حيث إن الدافع الأساسي لهذا الاحتلال لا يخفى على أحد؛ وهو الرغبة في السيطرة على النفط في ثاني أكبر دولة منتجة له في العالم، وفي الوقت نفسه تعزيز قوة إسرائيل في الشرق الأوسط، لكن الكثير أيضا يجهل أن أحد أسباب سعي الولايات المتحدة للهيمنة يكمن في الحفاظ على مصالح الشركات المتعددة الجنسيات، والرأسمالية الجديدة.
ويعتقد مظفر أن زوال هذه الهيمنة الأمريكية هي السبيل لتمهيد الطريق للحوار والتفاهم الإسلامي الغربي ليحل محل الريبة والعداء.
وبطبيعة الحال فإنه حتى لو لم توجد هذه الهيمنة فإن هناك عقبات أخرى في طريق الحوار بين الحضارتين، وهي عقبات داخلية بالأساس؛ ففي داخل العالم الإسلامي هناك بعض الجماعات المتعصبة التي تفسر الدين بنظرة ضيقة وتسيء لصورة الإسلام بشكل أو بآخر، وفي الوقت نفسه فإن ازدواجية الغرب تجاه المعايير الأخلاقية والميراث الاستعماري المرير يؤصل العداء بين المسلمين والغرب، وبالتالي فإنه من الهام لكلا الطرفين أن يضطلع بدراسة نقدية ذاتية قبل الدخول في حوار مع الطرف الثاني.
دور إعلامي مشبوه
ويؤكد مظفر أن جذور الصدام الحالي بين الغرب والإسلام لا تعود للدين، بل لمصالح سياسية واقتصادية، فلا يخفى على أحد أن الاحتلال الأمريكي للعراق ليس بسبب تعاليم المسيحية، كما أن مقاومة المسلمين للاحتلال صحيح أنهم مأمورون بها، ولكن أي شعب أو أمة تتعرض للغزو أو الاحتلال بالتأكيد ستقاوم هذا الغزو أيضا، فهي قيم ودوافع إنسانية، بل إن الأديان جميعها تشترك في قواعد وتعاليم الحرب المشروعة، فلا قتل للمدنيين والأطفال والنساء والمسنين؛ ولذا فإن هناك أوجه شبه بين الإسلام والمسيحية في تعاليمها الأصلية.
لكن وسائل الإعلام خاصة الغربية تساهم أيضا في زيادة الفجوة بين الحضارتين حيث يتم التركيز على جوانب الصراع أكثر من التركيز على جوانب الاتفاق، فعلى سبيل المثال يتم تسليط الضوء على مسئول مسيحي انتقد الإسلام أو المسلمين، بينما لا يشار للمساعي المسيحية والإسلامية المشتركة في مكان ما للعمل معا على مساعدة متعاطي المخدرات في أوروبا أو أمريكا.
ويتساءل مظفر عن سبب ذلك، وإن كان يضع بعض الاحتمالات من بينها أن وسائل الإعلام الرئيسية ترى نفسها جزءا من هيكل القوة العالمي التي لا تريد تسليط الضوء على القضايا التي تتحدى هذا النظام، وأن كثيرا من هذه الوسائل الإعلامية ترى أن الدين لا ينبغي أن يعنى بقضايا الفقر والسلطة، وهو انعكاس طبيعي للهيمنة العلمانية عليها، وقد يعود ذلك أيضا لجهل وسائل الإعلام بدور الدين في عملية التحول الاجتماعي، إضافة إلى التحيز المتأصل لديها ضد الإسلام؛ مما يبعدها عن الموضوعية، كما أن دوافع الربح تجعلها تهتم بالإثارة المصطنعة الناتجة عن الخلافات والصراعات بين الإسلام والغرب على حساب إظهار أوجه الاتفاق بينهما.
ويرى مظفر أنه مهما كانت الأسباب الحقيقية فإن على وسائل الإعلام ألا تستمر في هذا الدور، بل يجب أن تساهم بفاعلية في تعزيز العلاقات الإسلامية الغربية.
الدين والعولمة
يعتبر شاندرا مظفر أن للدين تأثيره الواضح على المجتمع عبر التاريخ ولا يمكن اعتبار عصر العولمة استثناء من هذه القاعدة، فتراجع قوة الدين الاجتماعية من الساحة العامة مهد السبيل لعودة ظهور أنواع أخرى من التأثيرات الدينية دفع إليها الاغتراب الروحي الناجم عن التحضر والتحديث والمادية المفرطة الناتجة عن العولمة وهيمنة الرأسمالية والعلمانية الفاسدة، ولذا فإن الصحوة الدينية خاصة في الطبقات المتوسطة ساعدتها على إعادة اكتشاف معان وأهداف جديدة للحياة، فتدعو للبساطة والبعد عن الإسراف والبذخ؛ مما يدفع في اتجاه تحقيق توازن معيشي، وبالتالي فإن الحركات الدينية أصبحت تلتزم بالنضال من أجل العدالة والمساواة.
ومع ذلك فإن مظفر يعتبر أن الحركات الدينية لم تقم بدورها بفعالية، بل تنطوي على عدد من السلبيات، فالغالبية العظمى من النخب الدينية فضلت الصمت في وجه الإمبريالية الجديدة التي تهدد الجنس البشري بزعامة الولايات المتحدة التي تسعى للهيمنة العسكرية غير عابئة بالقيم الأخلاقية التي دعت إليها الأديان جميعا، مثل العدل والمساواة، وفي الوقت نفسه هناك جماعات دينية تدعم الإمبريالية الجديدة بشدة، وعلى رأسها الصهيونية واليمين المسيحي في الولايات المتحدة، كما أن هناك عناصر هامشية معظمها من داخل المجتمع الإسلامي تعارض هذه الإمبريالية، ولكنها قررت استخدام العنف الذي يستهدف في بعض الأحيان المدنيين مما يشوه صورة الإسلام ويلصق به تهمة الإرهاب، وما زالت بعض الجماعات الدينية تعمد لتهميش المرأة في المجتمع فتعطي الفرصة للغرب للانتقاص من شأن الإسلام.
وأخيرا فإن أهم سلبية للحركات الدينية تمثلت في التركيز المبالغ فيه على مظاهر العبادات والطقوس الدينية فأصبح الدين عبارة عن رموز وطقوس وابتعدت هذه الجماعات عن جوهر ومضمون الدين؛ مما أدى لإخفاق الدين في تلبية الحاجات الأساسية لأفراد المجتمع ورغبة كل فرد في النجاة بنفسه فقط فيفرط في مزيد من العبادات الفردية ويبتعد عن العبادات الجماعية وكل ما يربطه بالمجتمع.
وكل هذه السلبيات تعد تحديات تواجه المفكرين الإسلاميين وغيرهم من الديانات الأخرى والذين عليهم أن يضعوا سياسات أخلاقية تحكم الاقتصاد وحركة السوق بما يتفق مع الدين، ويرى مظفر أن الأمل الحقيقي الوحيد للبشرية يتمثل في تدويل القيم الأخلاقية داخل وعي الفرد والمجتمع؛ لأنه من المستحيل فرض رقابة على جميع المعلومات التي يتلقاها الفرد سواء عبر الإنترنت أو من خلال الفضائيات، فيجب أن يكون هناك تحول ديني حقيقي لتحقيق العدالة والمحبة والرحمة التي هي جزء من تعاليم كل دين سماوي، ولأول مرة في التاريخ أصبحت الفرصة متاحة لنقل رسالة الدين الحقيقية للجنس البشري كله في لحظات عبر هذه الوسائل الحديثة، وهي الفرصة لبناء مجتمع إنساني مشترك لا تستطيع العولمة مجابهته.

هوامش ومصادر:
1. Chandra Muzaffar ,Religion & Society in a Global Age.
2. Chandra Muzaffar ,The Empire: What it is and What it Means for All of Us?
3. Chandra Muzaffar ,Whither dialogue?
4. Chandra Muzaffar , It's not a clash between Christian and Islamic civilizations
5. Chandra Muzaffar , Islam and the West Dialogue: What achievements? What new effective measures?
6. Chandra Muzaffar , Globalization and Religion: Some Reflections.
7. Chandra Muzaffar , Re-affirming Our Common Humanity through Inter-Faith Dialogue.
8. Chandra Muzaffar , The Rejuvenation of Knowledge in the Islamic World.

الأحد، 3 أغسطس 2008

المراهقة ليست أزمة .. بل نافذة للإبداع


أمل خيري
تؤكد القاعدة التربوية أن الطفولة السوية تؤدي إلى مراهقة سوية، والمراهقة السوية تمهد إلى رشد سوي؛ ونظرًا لأهمية مرحلة المراهقة كمرحلة وسطى بين الطفولة والرشد فإن شبكة "إسلام أون لاين.نت" تحرص على مساعدة الوالدين في اجتياز هذه المرحلة بسلام والتعامل السوي مع مشكلات هذه المرحلة التي تمتد في الفترة العمرية من 11 إلى 19 عاما.
التربية الخلقية
ركز خطاب "إسلام أون لاين.نت" على بيان أهم تغيرات مرحلة المراهقة، سواء الجسدية أو النفسية أو العاطفية أو الاجتماعية أو العقلية، وفي الوقت نفسه أوضح أهم احتياجات المراهق الفسيولوجية والوجدانية، ومن خلالها حرصت الشبكة على تقديم مجموعة من المفاتيح التربوية الإيمانية للمراهق، ومن بينها اتباع الآباء أسلوب التبشير لا التنفير، مع الحرص على الحديث الإيجابي الهادئ بلا انفعال أو عصبية وتقوية الوازع الديني لدى الأبناء وتذكيرهم بمسئوليتهم أمام الله مع الدعاء المستمر لهم بالهداية.
كما أولى خطاب "إسلام أون لاين.نت" أهمية كبيرة بالقيم الخلقية التي يجب غرسها في المراهق، ومن أهمها الثقة بالنفس، والتي يمكن إكسابها للمراهق من خلال توطيد الوالدين علاقتهما بالأبناء، وحرصهما على قضاء فترات إيجابية أطول مع الأبناء المراهقين، مع إشراك الابن في اتخاذ القرارات داخل الأسرة، ومن الأمور الهامة إحاطة الأبناء بالحب والاحتواء الحقيقي وتشجيع الابن على المشاركة في أنشطة المجتمع.
أما قيمة تقدير الذات فإن استخدام الوالدين للثناء يعد من أهم المحفزات التربوية التي يمكن للآباء أن يقوموا بها لمساعدة الأبناء على نمو تقدير الذات لديهم، فهو يشعر الأبناء بالرضا والفخر بأنفسهم مما يحفزهم لمزيد من المحاولات والسلوكيات الإيجابية والإنجازات.
كما يمكن غرس قيمة الدقة في المراهق من خلال تعويده على اتباع الأسلوب العلمي لحل المشكلات مع مساعدته على وضع بدائل لحل مشكلته، كما أن القدوة أمر هام لتعويد الابن على الدقة في أقواله وأفعاله والتزام مواعيده؛ لأنه يكتسب السلوك مما تعود أن يرى عليه والديه.
ولغرس قيمة التعاون يمكن للأسرة تنظيم بعض البرامج والأنشطة الجماعية التي تساعد على تنمية قيم ومهارات التعاون والإيثار والتسامح، وهذه الأنشطة مثل الدروس الأسرية والرحلات الخارجية والزيارات العائلية وجلسات الشورى المنزلية.
التربية الجنسية
تعتبر "إسلام أون لاين.نت" التربية الجنسية وسيلة لتعريف الآباء بواجبهم التربوي نحو أولادهم، وأهم مفاتيح التربية الجنسية للمراهق تتمثل في أن مسألة الجنس والنمو الجنسي ليس عيبا ولا خطأ يتجنب الآباء الحديث فيه مع الأبناء، بل إن للآباء دورا هاما في تعليم الأبناء الحدود والضوابط الشرعية، ويبدأ الوالدان بالتمهيد للأبناء بمظاهر النمو الجنسي قبل البلوغ بفترة كافية حتى لا يفاجئوا بالتغيرات، ويمكن تقريب وتبسيط مسألة الجنس من خلال قصة الخلق.
وقد يتعرض المراهق لبعض المشكلات الجنسية، مثل العادة السرية أو الشذوذ الجنسي، وواجب الوالدين هنا يتمثل في الحوار المفتوح مع المراهق ليتفهم طبيعة المراهقة وماهيتها وما يجري فيها من تغيرات على كل المستويات؛ وبالتالي فسيكون من الطبيعي فتح مسألة المشاعر العاطفية ناحية الجنس الآخر بصورة عامة، والمشاعر الجنسية بصورة خاصة لتوضع في إطارها الصحيح الذي شرعه الله وتعويده على التسامي على غرائزه وعدم الانقياد لها مع الحرص على تقوية الوازع الديني، خاصة في مسألة الشذوذ الجنسي، نظرا لمخالفته الفطرة البشرية، وعلى الوالدين الربط بين هذه الرغبة الشاذة أو التفكير فيها بدخول النار تدريجيا حتى ينصرف تفكيره ورغبته عن هذا الشذوذ، وفي بعض الحالات قد ينصح باللجوء لطبيب متخصص لوضع برنامج علاجي للمراهق.
مشكلات سلوكية
يكتسب بعض المراهقين في مرحلة المراهقة عادات وسلوكيات خاطئة، مثل التدخين أو إدمان المخدرات، ومن شأن التربية الإيمانية وتقوية الوازع الديني أن يعصما المراهق من الوقوع في حبائل هذه الآفات الخطيرة، والمصارحة أيضا من شأنها إشعار الابن بحب والديه له وحرصهما على مصلحته، ويجب على الوالدين توعية الابن بالمخاطر والأضرار الصحية المترتبة على هذه الآفات، ويفضل متابعة علاج الابن المدمن لدى طبيب نفسي مختص، ولا بد أن يقوم العلاج على إعادة بناء الشخصية وتنظيم الحياة من جديد.
تغلب على بعض المراهقين السلبية والتواكل، ويمكن التغلب عليهما من خلال اتباع أسلوب الثواب والعقاب مع الابن، فيعاقب إذا مال إلى التواكل والسلبية واللامبالاة، ويشجع إن قام بدور إيجابي وعاون في شئون البيت، مع تذكير الأبناء بأن جميع أفراد الأسرة شركاء في بيت واحد، وبالتالي غير مسموح بالأنانية والاتكالية.
وقد يبتلى البعض بإدمان التلفزيون إلا أن المراهق يلجأ غالبا للتلفزيون حينما يعاني من الشعور بالفراغ؛ لذا لا بد من ملأ فراغه بالبدائل، مثل الأنشطة الرياضية والأدبية والكشفية، مع تعليمه قيمة الوقت والحرص عليه وقيمة العمل النافع وخدمة الآخرين، والتأكيد أن منع المراهق من مشاهدة التلفزيون ليس حلا، بل الحل بالحوار والتفاهم معه في تنظيم وقته وفيما يشاهده وما يجب ألا يشاهده.
ويدمن البعض المواقع والمجلات الإباحية، وللوقاية من هذا الابتلاء يفضل وضع جهاز الكمبيوتر والتلفزيون في مكان عام في البيت، فلا يوضع في غرفة الابن الخاصة أو في أي مكان منعزل، مع تحديد ساعات معينة لدخول الابن للإنترنت، ويفضل أن تكون في النهـار وتحت إشراف الأبوين، وتوجيه المراهق لاستغلال رغبته في الإبحار في عالم النت من خلال تكليفه بعمل بحوث في مختلف المواضيع التي تكون قريبة من ميولـه، وينصح بإشراك الابن في النشاطات الاجتماعية العائلية، وكذلك الأنشطة الرياضية والثقافية لتوزيع اهتماماته، كل هذا مع تنمية الوازع الديني لدى الابن وتذكيره بفضيلة غض البصر.
مع الأسرة
تظهر بعض المشكلات بين المراهق وأسرته، سواء مع أشقائه أو مع الوالدين، وفي حالة المشاكل بين الأشقاء فيُنصح الوالدان بالامتناع عن التدخل بين الأشقاء في كل صغيرة وكبيرة وإشعارهم أنهم قد أصبحوا كبارا ويستطيعون حل مشكلاتهم بأنفسهم مع العمل على إحداث نوع من التقارب بين الإخوة، وإشعار كل منهم على حدة بحب الآخرين له وتشجيعهم على القيام بأنشطة أسرية جماعية مع إخوتهم مما يزيد بينهم التقارب.
أما في العلاقة مع الوالدين فيجب أن يتحليا بسعة الصدر والاستيعاب للابن المراهق ومشاكله واحترام خصوصياته وإظهار الاستعداد للأبناء للحديث والحوار معهم في أي وقت وفي أي مجال، مع الاستماع الجيد والإنصات للمراهق وإشعاره بالثقة، كما أن نجاح الوالدين في التفاوض مع المراهق من شأنه أن يحسن العلاقة بينهما ليصلا إلى حل يرضي جميع الأطراف.
مع المجتمع
والمراهق قد يتعلق بأصدقائه الذين قد يكونون من أصحاب السوء وعلى الأهل أن يوازنوا بين عدم التدخل في حياة المراهق وبين توجيهه لحسن الاختيار حتى يتقي الوقوع في المشاكل، وذلك عن طريق الحوار والتفاهم، ومن الأفضل أن يتعرف الوالدان على مجموعة الأصدقاء ودعوتهم في البيت أو خارجه والاستماع إليهم وإلى أفكارهم.
كما يصاب بعض المراهقين بحمى الاستهلاك والرغبة في شراء الجديد من الملابس والموبايلات وغيرها، وعلى الأهل إدراك حجم الضغوط التي يعاني منها جميع الناس، وخاصة المراهقين، في هذا العصر من جراء وباء السوق والاستهلاك وحمى الشراء مع عدم السقوط في براثن الرضوخ لكل طلبات المراهق المادية، وأن يكون الوالدان قدوة في أنفسهم بعدم الإسراف في الكماليات مع مناقشة الابن بالتعقل عن حقيقة الوضع المادي للأسرة ومشاركة الابن في اقتراح بدائل لما يطلبه ويفيد إطلاع الابن على أحوال من يعيشون في مناطق الاحتلال أو في المناطق العشوائية الفقيرة، وكيف لا يجدون المأوى والطعام والشراب فيحمد الله على نعمته، كما يجب توجيه المراهق لضرورة بناء شخصيته الاستقلالية بعيدا عن التقليد الأعمى لغيره والانجراف وراء مفاسد المجتمع.
مع النفس
يعاني بعض المراهقين من مشكلات نفسية كالعصبية والعناد والانطواء والكسل والخمول والشعور بالاضطهاد الذي قد يصل إلى الرغبة في الانتحار وبالطبع فإن مفاتيح التعامل مع كل مشكلة تختلف عن الأخرى.
إلا أن هناك مجموعة من الخطوط العامة التي وضعتها "إسلام أون لاين.نت" تجاه المشكلات النفسية للمراهق، ومن أهمها إشعار الابن بالأمان والحب والاحتواء والعدل في التعامل مع الأبناء مع إعطاء المراهق قدرا من الاستقلالية وتخفيف السلطة الأبوية عن الأبناء وإعطائهم الثقة بأنفسهم بدرجة أكبر مع المراقبة والمتابعة عن بعد، فشعور الاستقلالية شعور محبب لدى الأبناء خصوصا في هذه السن، وهذا لا يتنافى مع ضرورة الحزم في الوقت المناسب مع الحرص على عدم ترديد الجانب السلبي من سلوك الابن كثيرا حتى لا يصدقه فيتقمصه، ومن أهم الخطوات أيضا إعطاء الابن فرصا للتعبير عن النفس واستخدام أسلوب التعزيز الإيجابي والسلبي، وتساهم الأنشطة الرياضية والأدبية والفنية وغيرها في تعزيز السلوكيات الإيجابية وتقليل فرص السلوكيات السلبية، كما تساهم في تفجير طاقات الإبداع لدى المراهق واستكشاف كوامن قوته، ومن المهم ألا تتحول العلاقة بين الوالدين والأبناء إلى علاقة صدام بل حوار ومصارحة ومحبة حتى تتحول المراهقة من أزمة إلى مرحلة استقرار نفسي.


*الأصل دراسة قدمتها الباحثة بعنوان "رؤية إسلام أون لاين.نت للمشكلات التربوية للمراهقين".