الثلاثاء، 21 مايو 2013

أسوة بالقمح .. حملة قومية للنهوض بالذرة الصفراء


أمل خيري
جريدة الشعب

أعلن الدكتور باسم عودة، وزير التموين عن توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة الزراعة، للتوسع فى زراعة الذرة الصفراء، لتوفير الأعلاف للثروة الحيوانية والداجنة، وإنتاج الزيوت من خلال العروة الصيفية والنيلية، للحد من الاستيراد. وقال الوزير فى كلمته بمؤتمر مستقبل الحبوب ومنتجات الشرق الأوسط إن وزارة التموين حددت 330 جنيهًا كسعر ضمان توريد الذرة الصفراء، تشجيعًا للمزارعين، لسد العجز فى فجوة الأعلاف التى تعانى منها مصر منذ سنوات طويلة. 

فيما أكد عبد الرحمن شكري نقيب فلاحي مصر، أن النقابة تقوم بالإعداد لحملة قومية لزراعة محصول الذرة الصفراء وزيادة المساحات منها؛ للحد من مساحات الأرز؛ وبالتالي توفير المياه لزراعات أخرى وفي نفس الوقت سد النقص في الأعلاف والفجوة الزيتية التي تصل إلى 95%. 

يذكر أن حجم استهلاك الذرة الصفراء يتجاوز6 ملايين طن سنويا، ينتج منها محليا 1.1 مليون طن، فيما يتم استيراد أكثر من 5 مليون طن، بقيمة تتجاوز الـ 3 مليارات جنيه، مما يستوجب ضرورة السعي الجاد للتوسع في المساحة المنزرعة من الذرة الصفراء لتوفير هذه المليارات. ولتحقيق الاكتفاء الذاتي من الذرة الصفراء لابد من زراعة 2 مليون فدان حيث يبلغ متوسط إنتاجية الفدان ما بين 23-24 إردب، ويزن الإردب نحو 140 كيلو جرام، وهو الأمر الذي يسبب منافسة للمحاصيل الصيفية الأخرى كالأرز والقطن، ومع ذلك يمكن التغلب على ذلك بالعمل على زيادة إنتاجية الفدان. 

وتستورد مصر احتياجاتها من الذرة الصفراء من الولايات المتحدة والأرجنتين وروسيا وأوكرانيا تصل منزوعة الجنين لاستخدامه في بلاد المنبع في إنتاج زيت الجنين والمقويات والمنشطات التي تحتاجها شركات المنتجات الدوائية. 

يأتي ذلك بعد مطالبة شعبة منتجي الدواجن باتحاد الغرف التجارية، وزارة الزراعة، بزيادة مساحة الذرة الصفراء إلى مليوني فدان للاقتراب من تغطية الاحتياجات المحلية وخفض الكميات المستوردة من الأعلاف بنسبة 75%، وهو ما ينعكس على تخفيض أسعار إنتاج الأعلاف التي ارتفعت بشكل كبير بسبب استيراد أعلاف الدواجن من الخارج، فيما تعهد الاتحاد العام لمنتجى الدواجن بشراء كامل المحصول الذى ينتجه المزارعين والتعاقد فورا مع المزارعين على ذلك مهما بلغت الكميات المنتجة، وتعد مزارع الدواجن من أكبر مستهلكي الذرة الصفراء في السوق المحلية. ومن أهم المحافظات التى تتركز فيها زراعه الذرة الصفراء: الشرقية والمنوفية والبحيرة والمنيا. 

وبالإضافة لاستخدامها كأعلاف حيوانية تستخدم الذرة الصفراء في تغذية الإنسان، وتدخل كذلك في الصناعة، حيث يستخدم دقيق الذرة في صناعة النشاء والكحول وصناعة الشراب الصناعي، كما يستخرج زيت الذرة من أجنة حبوب الذرة، وتدخل بقايا النبات في صناعة البلاستيك والورق، وتدخل الحبوب في تصنيع شراب الذرة؛ ومن ثم فإن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الذرة الصفراء يوفر المليارات على الدولة من استيراد هذه المواد، خاصة أن مصر تستورد 98% من احتياجاتها من الزيوت والتي تقدر بنحو 1.1 مليون طن سنوياً. 

وكانت وزراة الزراعة قد وافقت الشهر الماضي على تقديم الدعم الفني اللازم لتنفيذ مشروع مصري لزراعة الذرة الصفراء في السودان على مساحة 30 ألف فدان بولاية نهر النيل، وأبدت الوزارة استعدادها لتلبية احتياجات المشروع المصري من التقاوي عالية الإنتاجية للوصول بالمستهدف من زراعة المساحات المخصصة للشركة المصرية وهو 300 ألف طن تساهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد من الدول الأجنبية والتوجه نحو المنطقة العربية والأفريقية بما يعود بالمصلحة على الشعوب. 



اقتصاد العالم في قبضة الثلاثة الكبار!


حقيقة الدور المشبوه لوكالات التصنيف الائتماني 

كتبت: أمل خيري 

جريدة الشعب 

للمرة السادسة منذ انطلاق الثورة المصرية أعلنت وكالة "ستاندرد آند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني تخفيض تصنيف الديون السيادية الطويلة الآجلة بالعملتين الأجنبية والمحلية من "B-" إلى "C+" مع نظرة مستقبلية سلبية، وأشارت الوكالة إلى أن تخفيض التصنيف الائتماني جاء على خلفية تصاعد المخاطر الخاصة بالمالية العامة للدولة، حيث يبدو الوضع المالي للدولة غير مستدام. 

ولم تكتف الوكالة بذلك بل أعلنت الخميس الماضي تخفيض تصنيفها لـ 4 بنوك محلية، وهي "الأهلي المصري"، و"مصر"، و"التجاري الدولي"، و"الأهلي سوسيتيه جنرال". وأرجعت الوكالة فى بيان لها، السبب وراء التخفيض إلى ما أسمته مخاطر قد تتعرض لها هذه البنوك من استثماراتها في الدين الحكومي المحلي. 

بالطبع سارع الكثير من خبراء الاقتصاد لإبراز المخاوف بشأن تردي الأوضاع المالية في مصر عقب هذا التخفيض في إشارة إلى أن الخبر سينعكس سلبا على الاستثمارات المحلية والأجنبية بالإضافة إلى مفاوضات صندوق النقد الدولي مع مصر وربما انهيار الاحتياطي النقدي. فهل لهذا التهويل ما يبرره؟ وماذا يعني خفض التصنيف الائتماني للدولة؟ وما أبرز الوكالات القائمة بهذا الدور وكيف تقوم بعملها؟ وهل تحكم هذه الوكالات قبضتها على اقتصاد الدول؟ وما حقيقة دورها المشبوه في تدمير الاقتصاد؟ 

شهادة ثقة اقتصادية 

التصنيف الائتماني أو درجة الجدارة لأي جهة يقصد به تقدير صلاحيتها للحصول على قروض وقدرتها المالية على تسديدها. وتضطلع بهذا الدور وكالات متخصصة للتصنيف، تعود نشأتها لعام 1975، استجابة لطلبات شركات التأمين الأمريكية من هيئة الأوراق المالية الأمريكية لتحديد حجم المخاطر التأمينية، ومع الوقت أصبحت هذه الوكالات تقوم بتصنيف الجدارة الائتمانية للدول كذلك. 

وتحتكر السوق العالمية في مجال التصنيف الائتماني ثلاث وكالات هي: "ستاندرد آند بورز" ، "فيتش" إضافة لوكالة "موديز"، ويستحوذ الثلاثة الكبار على أكثر من 90 % من السوق. وتتراوح درجة التصنيف بين جدارة ائتمانية عالية AAA، والتي تدل على استقرار الدولة المصدرة للسندات أو الصكوك، ثم جدارة متوسطة تبدأ من BBB، ثم CCC والتي تحمل درجة مخاطرة عالية، وأخيرا D والتي تشير إلى تعثر الدولة أو اقترابها لحافة الإفلاس. 

وبما إن الأسباب المعتادة لتخفيض تصنيف الدول تتلخص في انخفاض الاحتياطي النقدي وعدم الاستقرار السياسي والانفلات الأمني وغيرها من المؤشرات، فإن التخفيض الأخير لمصر تقف وراءه أسباب سياسية بالتأكيد؛ فلا يخفى على أحد أن هذا الإعلان جاء عقب ارتفاع الاحتياطي النقدي بمقدار مليار دولار خلال شهر أبريل، فكيف يتم تخفيض التصنيف الائتماني مع ارتفاع الاحتياطي؟، إضافة إلى الهدوء النسبي الذي تشهده البلاد. 

من هنا لا يمكن قراءة هذا الإعلان الأخير عن تخفيض التصنيف الائتماني لمصر إلا في ضوء الموافقة على قانون الصكوك، والإعلان عن البدء في مشروع تنمية إقليم قناة السويس، وزيارات الرئيس الأخيرة لدول البريكس وإبداء رغبته في انضمام مصر للمجموعة، فهذا التقييم جاء بعد يوم واحد فقط من زيارة مرسي للبرازيل، كما تأتي مع ارتفاع توريدات القمح التي تؤذن بانخفاض وراداته من الخارج خاصة من الولايات المتحدة أكبر مورد للقمح في مصر، مما يثير الشك حول عمل هذه الوكالات، في خطوة تبدو استباقية لإخافة المستثمرين من الإقبال على مشروع تنمية القناة أو الصكوك أو الإقدام على أي استثمارات في مصر، وكأنها تعاقب مصر على كل ما سبق ذكره من خطوات. يعزز ذلك ما أعلنته "ستاندرد آند بورز" : "نعتقد أن مصر على المحك، وتحتاج إلى حد كبير من التوافق السياسي والاقتصادي، لتتمكن من الوفاء بخدمة ديونها"، وهو تدخل سياسي سافر من قبلها. 

لعبة التصنيف 

فلنعد لمقولة توماس فريدمان الذي قال منذ أكثر من ثلاثة عقود:
" إذا كانت أمريكا تستطيع أن تدمر أى دولة بقوتها العسكرية فإن "موديز" تستطيع تدمير أى دولة من خلال تصنيف سنداتها ومنعها من الاقتراض من أسواق المال العالمية". وهذه المقولة صادقة تماما؛ فقد لعبت هذه الوكالات دورا مشبوها في تدمير الدول، حيث التلاعب بالتصنيف والذي على أثره يتخذ المستثمرون قراراتهم بالاستثمار في دولة ما أو التراجع عن ذلك الاستثمار. 

يكفي الإشارة إلى أنه في فترة السبعينيات كان المستثمرون أنفسهم يقومون بدفع المال لوكالات التصنيف مقابل الحصول على التقارير، إلا إنه بمرور الوقت أصبح مصدرو السندات أو المؤسسات الخاضعة للتقييم هي التي تدفع لهذه الوكالات مما يجعل مصداقيتها على المحك. 

وهناك أمر آخر يجعلنا نتشكك في مصداقية هذه الوكالات؛ فسوق التصنيف يسيطر عليه ما يسمى باحتكار القلة، فالوكالات الثلاث الكبرى استحوذت بمرور الزمن على الوكالات الصغيرة المنافسة، كما أن هناك تدخلا حكوميا سافرا يعزز هيمنة هذه الوكالات على السوق؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية لا يجوز إصدار وتداول سندات الدين في الأسواق ما لم يكن قد تم تصنيف هذه السندات من قبل وكالتين على أدنى تقدير، من الوكالات التي تعترف بها "اللجنة الأمريكية للأوراق المالية والتحويل الأجنبي"، إضافة إلى ما يكتنف عمل هذه الوكالات من عدم شفافية. 

من أجل هذا كله أخذ الكثير من وزراء المال الأوروبيين في التشكيك في هذه الوكالات عقب قيام الثلاثة الكبار بخفض تصنيف الوضع الائتماني للعديد من دول اليورو، مما دفع الأوروبيين للحديث عن إمكانية إنشاء وكالة تصنيف جديدة تواجه احتكار الثلاثة الكبار، فقد دعا رئيس المفوضية الأوربية "خوسية مانويل روسو" إلى تأسيس وكالة تصنيف ائتمانية أوربية للفكاك والتحرر من السيطرة الأمريكية. وكانت الصين قد تنبهت لهذه السيطرة الأمريكية فسارعت بإنشاء وكالة "داغونغ" للتصنيف الائتماني عام 1994. 

وكشف البعض عن انهيار سمعة هذه الوكالات عقب الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث انهارت مؤسسات مالية كبرى وبيوتات تجارية عملاقة وشركات صناعية عالمية كانت قد حصلت من الثلاثة الكبار على تصنيفات مالية ممتازة، فأصبحت سمعة هذه الوكالات محل شك. 

الخلاصة أنه لا يجب النظر لتصنيفات الوكالات على أنها صكوك ثقة وشهادات مصداقية، ولا يجب أن نعطيها كل هذا القدر من الأهمية دون النظر إلى ما يحيط بها من شبهات وما قامت به من دور مشبوه على مدى تاريخها في معاقبة الدول أو الأنظمة عبر تفزيع المستثمرين باستخدام لعبة التصنيف. 


الجمعة، 17 مايو 2013

في الذكرى 65 على إنشائها... ما يجب أن تعرفه عن مؤسسة "راند"


أمل خيري

تحتفل مؤسسة راند الأمريكية البحثية بالذكرى الخامسة والستين على إنشائها ولأن الكثيرين لا يعرفون حقيقة هذه المؤسسة وأدوارها المشبوهة ضد الإسلام أعيد على حضراتكم مقتطفات من مقالات ودراسات نشرتها من قبل للتعريف بهذه المؤسسة.

مؤسسة راند البحثية هي مؤسسة أمريكية بحثية ذات صلة مباشرة بالمحافل الماسونية، ومن أهم مؤسسات الفكر الأمريكية ذات التأثير في دوائر صنع القرار في الإدارة الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بشئون الشرق الأوسط الكبير. لذا كان لابد من إلقاء الضوء على طبيعة عمل هذه المؤسسة ودورها في تحريك الإدارة الأمريكية.

تعود نشأة مؤسسة راند إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وتحديدا عام 1948، حيث تأسست بإشراف سلاح الجو الأمريكي تحت اسم معهد راند " RAND Institute" على غرار بيت الخبرة البريطاني "Think Tank"، وظل سلاح الجو الأمريكي يرعى المعهد الذي ساهم في حل كثير من المشكلات التي تعترض صناع القرار في القوات الجوية. وبعد النجاح الذي أدى به المعهد دوره في خدمة صناع القرار في سلاح الجو الأمريكي ارتأت الإدارة الأمريكية توسيع نشاطه ليشمل فروع القوات المسلحة كافة ومن ثم أجهزة الدولة كلها فتحول ليحمل اسم مؤسسة راند " RAND Corporation" منظمةً بحثية غير ربحية تهدف إلى تطوير السياسات وآليات صنع القرار، وما زالت المؤسسة تتلقى دعمها المالي من الحكومة والتبرعات، وذات تأثير نافذ في السياسات الأمريكية، وتقدم خدماتها لكل من القطاعين العام والخاص. 

ويعود اهتمام راند بالإسلام وما أسمته بالخطر الإسلامي إلى عام 1999 أي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بنحو عامين ، حين أصدرت كتابا بعنوان " مواجهة الإرهاب الجديد" وقد أعدته مجموعة من الخبراء الأمريكيين، وحذر الكتاب أن خطر الإرهاب الجديد سيتركز في منطقة الشرق الأوسط ومن ثم سيشكل تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي والمصالح العليا للولايات المتحدة في المنطقة. ثم جاء تقرير راند عام 2004 بعنوان "العالم الإسلامي بعد الحادي عشر من سبتمبر" The Muslim World After 9/11”" [1] ، وقد مثل خطة محكمة لتوجيه الإدارة الأمريكية نحو لتعامل مع العالم الإسلامي، ويُعَدُّ التقرير خارطة طريق واضحة يتعين على الساسة الأمريكيين إتباعها في كل منطقة من مناطق العالم الإسلامي. حيث تم تقسيم العالم الإسلامي تقسيما جائرا؛ فهناك منطقة سلفية وأخرى معتدلة وثالثة راديكالية، ووجه التقرير صناع القرار الأمريكي إلى ضرورة احتواء شيعة العراق لصد المد الشيعي الإيراني.

تشكيل السياسة الأمريكية

ثم جاء تقرير "الإسلام المدني الديمقراطي: الشركاء والموارد والاستراتيجيات" "Civil Democratic Islam: Partners, Resources, and Strategies" [2]عام 2005 الذي عَدَّ الإسلام حائطا منيعا أمام محاولات التغيير، وقام بتصنيف المسلمين إلى أربع فئات:
أصوليين ، تقليديين، حداثيين، علمانيين.
ووجه التقرير الإدارة الأمريكية إلى كيفية التعامل مع كل فئة؛ فالأصوليين يجب استئصال شأفتهم، والتقليديين يجب دعمهم ليشككوا بمبادئ الأصوليين، ومن ثم يجب دعم الشيعة والصوفية، كما يجب دعم ما أسمتهم بالمسلمين الحداثيين والعلمانيين.

أما التقرير الأخطر الذي قدمته مؤسسة راند فكان بعنوان " بناء شبكات مسلمة معتدلة" " Building Moderate Muslim Networks " [3]، الصادر عام 2007 وأثار ضجة حينها وكان يهدف إلى رسم خطة متكاملة للسياسة الأمريكية في العالم أجمع وخاصة منطقة الشرق الأوسط، وقد قدم تعريفا أمريكيا خالصا لمفهوم الاعتدال، فالمسلم المعتدل هو من يرفض الشريعة، ويؤمن بالعلمانية!

وفي عام 2008 صدر كتاب لراند بعنوان "صعود الإسلام السياسي في تركيا" "The Rise of Political Islam in Turkey" [4]، ويصف الكتاب المشهد السياسي والديني في تركيا، والعلاقة بين الدين والدولة، وكيف تقيم الدولة التوازن بين القوى العلمانية والدينية ،وبين النخب الكمالية والفئات الاجتماعية الجديدة الناشئة . ويقدم أيضا تعريفا بالتحديات والفرص الجديدة للسياسة الأمريكية في تغيير البيئة السياسية التركية، ويحدد الإجراءات التي ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذها للحفاظ على تركيا مستقرة وديمقراطية، وصديقة.

وفي السياق نفسه قدمت راند عام 2009 كتابا بعنوان "الإسلام الراديكالي في شرق أفريقيا" " Radical Islam in East Africa". والخطورة في تقارير راند أنها تشكل المرجع الأساسي في توجيه صناع القرار الأمريكي، خاصة مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية، فيكفي الإشارة إلى أن بول بريمر الحاكم الأميركي المدني السابق في العراق قد ذكر صراحة في مذكراته عن غزو العراق [5] أنه ما إن وطئت قدماه أرض العراق وبدأ يسأل عن كيفية إدارة هذه الدولة، كان تقرير مؤسسة راند الاستراتيجي عن أفضل السبل لتسيير الوضع في العراق أول ما وضعه جيم دوبنز Jim Dobbins بين يديه، ومن المعروف أن دوبنز شغل سابقا منصبا دبلوماسيا وهو محلل سياسي بمؤسسة راند ذو خبرة طويلة[6] . بل يتهم بعض المراقبين راند بعلاقاتها القوية مع شركات تصنيع الأسلحة وأجهزة الاستخبارات والتي جعلتها تضطلع بمهمة تحفيز القادة الأمريكيين لما أسمته بالحروب الاستباقية التي شهدناها في أفغانستان والعراق، وراجت على إثرها مبيعات الأسلحة وأجهزة الاستخبارات، مما أثار تساؤلات عديدة حول دور المؤسسة في الدفع بالإدارة الأمريكية لخوض حروب لا مبرر لها.


([1])  يمكن تحميل التقرير كاملا من هذا الرابط:
 ([2])  يمكن تحميل التقرير كاملا من هذا الرابط:

([3])  يمكن تحميل التقرير كاملا من هذا الرابط:
([4])  الكتاب موجود على هذا الرابط:
([5])  جاءت مذكرات بول بريمر بعنوان "عامي في العراق: صراع لأجل مستقبل مشرق"My year in Iraq: the struggle to build a future of hope
([6])  انظر مذكرات بول بريمر: L. Paul BREMER, My year in Iraq: the struggle to build a future of hope,Simon and Schuster, New York, 2006, p.p.9,10.

الثلاثاء، 14 مايو 2013

الاقتصاد البرازيلي من هوة الإفلاس إلى سادس اقتصاد عالمي



دروس في التنمية والقضاء على الفقر 

كتبت: أمل خيري

جريدة الشعب

اختتم الرئيس محمد مرسي زيارته الرسمية للبرازيل، والتي استمرت ثلاثة أيام، التقى خلالها رئيسة الدولة ديلما روسيف. ورافق الرئيس خلال الزيارة وفد رسمي كبير بغرض بحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، كما شارك مرسي في افتتاح منتدي الأعمال بساو باولو، والتقى بممثلي منظمات الأعمال البرازيلية والشركات ومجموعة من أبناء الجالية المصرية. 

وبالإضافة إلى ما أسفرت عنه الزيارة من توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية بين الدولتين، فإن الزيارة استهدفت بالأساس السعي نحو الانضمام لتجمع البريكس من جهة والاستفادة من تجربة البرازيل الرائدة في التنمية ومكافحة الفقر وتطوير العشوائيات والعدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى خبرتها المُتميزة في إعداد مؤشرات لقياس مستوى التنمية المستدامة ونشر الوعي البيئي. 

كما أكد مرسي خلال لقائه بروسيف على سعي مصر للاستفادة من التجربة البرازيلية المُهمة فى انتاج واستخدام الوقود الحيوي من خلال استغلال المخلفات الزراعية والعضوية والصلبة فى انتاج الكحول كوقود من مخلفات قصب السكر وقش الأرز، وبحث إمكان تطبيقها فى مصر، وأهمية التعاون مع البرازيل في مجال الاقتصاد الأخضر، الذي يعتمد على موارد الطاقة النظيفة كانتاج الطاقة من الرياح، باعتبار أن الطاقة أحد أهم ركائز تحقيق النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى تعزيز السياحة البيئية. 

التجربة البرازيلية 

في عام 2002 تقدمت البرازيل بطلب لصندوق النقد الدولي لمنحها قرضا بقيمة 30 مليار دولار، وقوبل طلبها بالرفض خوفاً من عدم قدرتها على تسديده، إلا إنها في غضون سنوات قليلة استطاعت أن تتحول من دولة على وشك الإفلاس إلى سادس أقوى اقتصاد عالمي، متخطية المملكة المتحدة بناتج محلي إجمالي 2.5 تريليون دولار، بل وأصبحت دائنة لصندوق النقد الدولي بنحو 20 مليار دولار!، بفضل سياسات الرئيس السابق “لولا دا سيلفا”(2003-2010). 

من البرامج التي قام بها “دا سيلفا” برنامج صفر جوع، والذي أطلقه في العام الأول لحكمه، وتضمن العديد من البرامج الاجتماعية مثل برنامج "المنح العائلية"، والذي تتلقى بموجبه 13 مليون عائلة فقيرة جدا مساعدات من الدولة تتراوح بين 39 و78 دولار شهريا للفرد الواحد بشرط إرسال الأطفال للمدارس والخضوع للمتابعة الطبية، ونجح البرنامج في انتشال أكثر من 30 مليون شخصا من الفقر خلال 8 سنوات، كما انخفضت نسبة الفقر المدقع من 12% إلى 4.8%، إضافة إلى الحدّ من سوء التغذية بنسبة 25%. 

كما اشتمل على برنامج "مساعدة الفلاح البرازيلي" والذي استهدف إعادة توزيع الأراضي في إطار الإصلاح الزراعي، ودعم ملايين البرازيليّين في الخروج من دائرة الفقر، وهناك أيضا برنامج "Pro Uni" والذي قدم دعماً لطلاّب العائلات الفقيرة، كما وفر 14 مليون وظيفة، وارتفعت القيمة الحقيقية للحدّ الأدنى للأجور بنسبة 53.6%. أما مشروع التمويل الأصغر البرازيلي أو "الرفيق الدائن"، فقدم التمويل للمشروعات الصغيرة، واستفاد منه الملايين. 

وكان “دا سيلفا” قد أعلن عن برنامج للتقشف في بداية حكمه وطلب دعم الطبقات الفقيرة له والصبر على هذه السياسات، وقد أدت هذه السياسات إلى خفض عجز الموازنة وارتفاع التصنيف الائتماني للبلاد، فزادت الثقة في الاقتصاد البرازيلي وانهالت الاستثمارات والتي وصلت إلى 200 مليار دولار استثمارات مباشرة خلال الفترة من 2004 إلى 2011، مما أدى إلى رفع الطاقة الانتاجية للبلاد، ومن ثم توفير فرص العمل وحل مشكلة الفقر. 

اهتمت كذلك البرازيل بالتصنيع سواء الصناعات البسيطة أو المتقدمة، مع التوسع في الزراعة والاكتشافات البترولية. واتبعت البرازيل خطة لتنشيط قطاع السياحة فابتكرت سياحة المهرجانات معتمدة على تراثها الشعبي ونجحت في الترويج لهذا النوع من السياحة. 

وعلى المستوى الخارجي اتبع “دا سيلفا” سياسة انفتاحية، خاصة على البلدان النامية ومن بينها العالم العربي، فكان أول رئيس برازيلي يزور مصر وسوريا ولبنان، إضافة إلى توجهه الإفريقي. كما اتجه نحو التكتلات الاقتصادية كمنظمة الميروكسور التي تعد بمثابة سوق مشتركة بين كل من البرازيل والأرجنتين وباراجواى وأوروجواى وعضوية غير كاملة لفنزويلا وبوليفيا، وكذلك تجمع البريكس للاقتصادات الناشئة، كما أصبح لها دور بارز في إطار مجموعة العشرين G20. 

قائد منفتح وشعب واع 

ربما لا يعرف الكثيرون عن "دا سيلفا" أنه ولد لأسرة فقيرة تتكون من 8 أطفال تركهم والدهم لأمهم الأمية، وظل يتنقل بين المهن الوضيعة من ماسح للأحذية إلى خراط وميكانيكي وصبي في محطة بنزين، وفقد أحد أصابعه وهو في التاسعة عشر أثناء عمله في مصنع لقطع غيار السيارات. 

ورغم انتمائه للطبقة الفقيرة فقد تمتع بكرامة واحترام فائق للذات جعله يسعى لبناء دولة حرة ذات مكانة وكرامة، انعكست على رغبته في أن تكون لكل الدول النامية كرامة، فيقول: :"نحن نقرّر مصير علاقاتنا ونغيّر بشكل سريع الجغرافيا التجارية للعالم والجغرافيا السياسية للعالم، أي إننا في الجنوب نتعلّم بأننا شعوب ذات سيادة وأن علينا أن نقرّر مصير علاقاتنا السياسية والثقافية". 

وخلال فترة رئاسته الأولى قام بتحويل قرض إئتماني بقيمة112.1 مليون دولار من البنك الوطني للتنمية الاقتصادية لأكبر جمعية تعاونية تضم رفاقه قبل أن يصبح رئيساً للبرازيل، من جامعي القمامة وتدويرها في ساو باولو، مؤكدا بذلك وفاءه لأبناء طبقته ورغبته في إنصافهم. 

ومع ذلك فإن شخصية "دا سليفا" لم تكن تستطع وحدها تحقيق هذا النجاح لولا الإرادة الشعبية والوعي الجماهيري الذي جعل أبناء الشعب بجميع طبقاته يتحملون أعباء سياسات التقشف بلا ضجر ولا تذمر حتى استعاد الاقتصاد البرازيلي عافيته. 


بالأرقام ... لماذا فشلت مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال نصف قرن؟ وهل اقتربنا من تحقيق الحلم؟



أمل خيري 
جريدة الشعب

القمح ليس مجرد غذاء للمصريين، بل ظل على مدى عقود سلاحا استراتيجيا واستخدم كورقة سياسية للضغط على الحكومات المتعاقبة، وبعد أن كانت مصر تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح أصبحت أكبر دولة مستوردة على مستوى العالم. فهل تعرضت مصر لمؤامرة لمنع تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح؟ وما حقيقة الدور الأمريكي في هذه المؤامرة؟ وهل يمكن استعادة تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح؟ 

قبل ثورة يوليو 1952 لم تكن مصر تعاني من فجوة قمح، فقد كان إنتاجها يعادل استهلاكها، كما كان المصريون يعتمدون على الذرة في إنتاج الخبز أكثر من اعتمادهم على القمح، لذا كان سعر إردب القمح 4 جنيهات مقابل 3 جنيهات لإردب الذرة. 

بعد ثورة يوليو اتخذ مجلس قيادة الثورة قرارا ترتب عليه تحويل النمط الغذائي للمصريين من الذرة إلى القمح؛ حيث كان القرار بتخفيض سعر القمح، ومن هنا بدأت الفجوة تظهر بين الانتاج والاستهلاك؛ ففي عام 1955 استوردت مصر مليون طن من القمح، ومن يومها ظلت الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج تبعدنا كثيرا عن تحقيق الاكتفاء الذاتي. 

ويوضح الرسم البياني تطور نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح عبر أكثر من 50 عاما منذ عام 1960، حيث بلغت النسبة وقتها 60%، ثم ظلت تتناقص لتصل لأدناها عام 1984 بنسبة 22% فقط، ثم عادوت الزيادة وظلت تتأرجح ارتفاعا وانخفاضا حتى وصلت إلى نسبة 46% عام 2012، وهناك توقعات من الحكومة بأن تصل نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح خلال العام الحالي إلى 67%. 

وعلى الرغم من أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح أمرا لم يكن صعب المنال خاصة في ظل وجود منطقة الساحل الشمالي التي كان يمكنها أن تلبي حاجة الدولة من القمح اعتمادا على مياه الأمطار فقط، إلا أن تحقيق الاكتفاء مسألة مرتبطة في الأساس بالإرادة السياسية التي كانت تخشى من الضغوط الأمريكية، ويعزز ذلك ما قاله الرئيس السوداني عمر البشير صراحة عندما نقل عن الرئيس المخلوع قوله أنه "يخشي أن تغضب أمريكا منه لو دخل في اتفاق مع السودان للاكتفاء الذاتي من القمح الذي تعتبره واشنطن سلعة إستراتيجية تضغط بها على الدول العربية". 

ولم تتوان أمريكا في استخدام هذا السلاح مثلما حدث عندما قررت مصر بناء السد العالي، بل وكانت اتفاقيات المنح والقروض بين مصر وأمريكا دائما ما تنص على شرط ألا تستخدم أموال المنح في كل ما من شأنه تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، بل إن المعونة الاقتصادية الأمريكية والتي لا تتعدى 350 مليون جنيه سنوياً تخصص كلها لشراء القمح الأمريكي. 

إلا أن المفارقة أن المسئولين المصريين أنفسهم عبر عقود طويلة ظلوا يروجون لفكرة أن استيراد القمح أفضل من زراعته بحجة ارتفاع تكلفة القمح المحلي عن المستورد، وفي أوقات عدة رفضت الحكومة استلام القمح من الفلاحين، أو تقوم بشرائه بأسعار منخفضة مما جعل الفلاح يعرض عن زراعة القمح ويتجه لمحاصيل أخرى كالبرسيم، ناهيك طبعا عن أباطرة ومافيا مستوردي القمح الذين ظلوا المتحكمين في الواردات. 

والآن وبعد توافر الإرادة السياسية أعلنت الحكومة لأول مرة عن برنامجها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح؛ حيث تدور التوقعات حول الإنتاج هذا العام ما بين 8.5 و9.5 مليون طن لتتحقق نسبة اكتفاء قدرها 67% حسب المتوقع، مما يتطلب توسعا رأسيا  (بزيادة إنتاجية الفدان)، وآخر أفقيا(بزيادة المساحة المزروعة). 

من الناحية الواقعية لا يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح هذا العام ولا يتوقع أيضا خلال العام القادم، إلا إننا بدأنا على الأقل خطوة نحو انتزاع إرادتنا وكسر الاحتكار الأمريكي، ويعزز ذلك تصريح وزير التموين بأن "مصر لن تستورد قمحا إلا في الوقت الذي تريد وبالسعر الذي تريد ومن البلد التي تريد". 



الثلاثاء، 7 مايو 2013

شركات التسويق الهرمي تبيع الوهم لضحاياها بدعوى الكسب السريع


بعد سقوط عصابة تخصصت في النصب على المصريين عبر الانترنت

كتبت: أمل خيري
جريدة الشعب عدد 50

"هل تحب أن تصبح مليونيراً؟ "، "استثمر وقتك على الانترنت واكسب أموالا دون تعب"، "هل تؤمن بالفرص الحقيقية؟ إذن لا تضيع الفرصة لكسب مضمون وسريع".
عناوين يطالعها يوميا مرتادو شبكة الانترنت، تبشرهم بالكسب السريع دون تعب أو مجهود كأسلوب شائع لجذب عملاء جدد في الشركات التي تعمل بنظام التسويق الهرمي والذي انتشر بقوة في الآونة الأخيرة. إلا أن خبر نجاح أجهزة الأمن بالقاهرة في الكشف عن أكبر قضية نصب شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة دفع بالكثير ممن تعرضوا للاحتيال والنصب من قبل مثل هذه الشركات إلى التقدم ببلاغات مماثلة بعد اكتشاف تعرضهم لعمليات من النصب من قبل شركات تدعوهم إلى استثمار أموالهم والحصول على فوائد مقابل استثمارها في مجال تسويق الإعلانات عبر شبكة الانترنت، وبعد حصول هذه الشركات على الأموال لم يحصل المشتركون على الأرباح المزعومة.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على وكلاء شركة "جلوبال آد مارت" فى مصر، بعد العديد من البلاغات المقدمة ضد أصحاب الشركة لعدم دفعها أي أرباح لضحاياهم الذين وصل عددهم للآلاف من المواطنين، وقد نجح أفراد العصابة في جمع أكثر من60 مليون جنيه من المجني عليهم بزعم توظيفها بواقع1300 دولار لكل مشترك.
يذكر أن شركة "جلوبال آد مارت" قد انتشرت فى مصر بشكل واسع فى الربع الأخير من عام 2012 وتقوم فكرتها على أن يدفع المشترك من 500-1500 دولار امريكي، ويشاهد الإعلانات التجارية أسبوعيا فى مقابل أن يحصل على 50  دولار أسبوعيا، كما يحصل على 32 دولار عن كل شخص يشترك عن طريقه، وبهذا استطاع وكلاء جلوبال أن يجمعوا ملايين الدولارات فى خلال عدة شهور.


ما المقصود بالتسويق الهرمي ؟
يقصد بالتسويق الهرمي Pyramid scheme: إقناع الشخص بشراء سلعة أو منتج على أن يقوم بإقناع آخرين بالشراء، ليقنع هؤلاء آخرين أيضا بالشراء وهكذا، وكلما زادت طبقات المشتركين حصل الأول على عمولات أكثر، وكل مشترك يقنع من بعده بالاشتراك مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذا نجح في ضم مشتركين جدد يلونه في قائمة الأعضاء.
تشارلز بونزي

وتعود فكرة التسويق الهرمي إلى الإيطالي "تشارلز بونزي" (1882-1948) أحد أكبر المحتالين في التاريخ الأميركي، والذي أنشأ طريقة الاحتيال الشهيرة ب"سلسلة بونزي"، والتي أصبحت من أشهر طرق النصب والاحتيال وسرقة المال عبر الإنترنت. ويقوم هذا النوع من الاحتيال عن طريق دفع عوائد كبيرة جدا للمساهمين في المشروع الوهمي عن طريق مدخرات أو استثمارات المساهمين الجدد، وايهام الناس بأن هذه العوائد هي نتيجة الأرباح من المشاريع، وبهذه الطريقة يستطيع المحتال أن يعلن عن نفسه بشكل غير مباشر عن طريق المساهمين الذين استلموا أرباحهم أو رؤوس أموالهم في موعدها أو حتى قبل الموعد المخصص لاستحقاقها، وبهذا يكون المحتال قد كون له سمعة ممتازة يستطيع من خلالها استقطاب مساهمين آخرين .
وكان بونزي قد وعد في عام 1920 بدفع فائدة حجمها 50 % على ودائع لفترة 45 يوماً فيما أسماه بمحفظة بونزي، وزعم أنه يولد عوائد ضخمة من شراء وبيع العملات ومعدلات الفائدة. وانتشر خبر المحفظة، وبالفعل تم دفع الأرباح للمستثمرين؛ حيث كان يستخدم نقود المستثمرين الجدد كي يدفع إلى المستثمرين السابقين!.
وخلال سنة واحدة تجاوزت الأموال المستثمرة في المحفظة 2.5 مليون دولار. إلا أن ما يجهله الكثيرون أن مصير بونزي كان السجن عام 1934، وبعد إطلاق سراحه تم نفيه إلى إيطاليا ثم البرازيل، حيث أمضى السنوات الأخيرة من حياته في فقر مدقع، ثم أصيب بجلطة دماغية في عام 1948، وتوفي في أحد المستشفيات الخيرية بريو دي جانيرو في عام 1949.
ويجب التمييز بين التسويق الهرمي والتسويق الشبكي الذي قد تلجأ له شركات كبرى للتشجيع على جلب زبائن آخرين بمقابل مادي دون أن يكون على الزبون دفع أو إستثمار ماله الخاص، لكن عمليا، فإن شركات التسويق الهرمي لا تستعمل هذا المصطلح لوصف طريقة عملها وتستعمل مصطلح التسويق الشبكي كغطاء واسم لنشاطها التجاري وهو ما يجب أن يحذر منه الناس.
البيع الهرمي في القانون والشرع

من الناحية القانونية يعتبر البيع الهرمي ممنوعا بنص القانون في عديد من الدول، إلا أن الشركات الجديدة التي تنشأ تتحايل دائما في إخفاء طريقة عملها، ويظل الضحية هو الوحيد الذي بإمكانه كشف ذلك، إلا أن المفارقة أن بعض الضحايا بعد اكتشافهم عملية النصب يستمرون في سلسلة البيع الهرمي ويسعون لجلب ضحايا جدد حتى يتمكنون من إسترجاع استثمارهم الأصلي، وهو ما يجعل من الصعب اكتشاف هذه الشركات ومتابعتها قضائيا.
أما من الناحية الشرعية؛ فقد نصت فتوى لمجمع الفقه الإسلامي على أن البيع الهرمي حرام شرعا؛ ذلك أنها تضمنت الربا بنوعيه، ربا الفضل وربا النسيئة، فالمشترك يدفع مبلغا قليلا من المال ليحصل على مبلغ كبير منه، فهي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا هو الربا المحرم بالنص والإجماع.
كما يعد هذا البيع من الغرر المحرم شرعا، لأن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أم لا ؟.
إضافة إلى ما تنطوي عليه هذه المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس على الناس، من جهة إظهار المنتج وكأنه هو المقصود من المعاملة والحال خلاف ذلك، ومن جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالبا، وهذا من الغش المحرم شرعا.
وأضافت الفتوى أن هذه المعاملة تشتمل على أكل الشركات لأموال الناس بالباطل، حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة ومن ترغب إعطاءه من المشتركين بقصد خداع الآخرين، وهذا الذي جاء النص بتحريمه في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل).


السبت، 4 مايو 2013

كبسولات اقتصادية: التعاونيات The Co-operative

أمل خيري

تعرف الجمعية التعاونية وفق التحالف التعاوني الدولي International Co-operative Alliance، بأنها "جماعة مستقلة من الأشخاص، يتحدون اختيارياً، لتلبية احتياجاتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وتطلعاتهم المشتركة، من خلال الملكية الجماعية لمشروع، تتوافر فيه ديمقراطية الإدارة والرقابة".

وهناك سبعة مبادئ، تحدد عمل الجمعية التعاونية، وهي:
1- العضوية الاختيارية المفتوحة.
2-  ديمقراطية الأعضاء الإدارية والرقابية.
3- المشاركة الاقتصادية للأعضاء.
4- الشخصية الذاتية المستقلة.
5-  التعليم والتدريب والمعلومات.
6-  التعاون بين التعاونيات.
7- الاهتمام بشئون المجتمع .
وتساهم الجمعيات التعاونية في التخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية، وزيادة الاستقلالية والاعتماد على الذات لدى المنتجين، ومن ثم فإن لها دور حيوي في القضاء على الممارسات الاحتكارية التي تصاحب تطبيق النموذج الرأسمالي.

كما تضمن التعاونيات القضاء على الوسطاء المستغلين الذين يشترون المنتجات من المنتجين بأبخس الأثمان، ثم يبيعونها بأرباح طائلة، وبالتأكيد فإن الجهود الفردية المشتتة في الإنتاج تصبح أكثر عرضة للاستغلال، في حين تزيد الكيانات الجماعية من قوة التفاوض.

وفي كثير من بلاد العالم تساهم التعاونيات في زيادة الإنتاج، وتخفيف العبء على الدولة من خلال مشاركة القطاع العام في تحقيق التنمية. فعلى سبيل المثال يتم جني ومعالجة وبيع أكثر من نصف الإنتاج الزراعي في أوروبا، عن طريق نظام التسويق التعاوني، ففي الدانمارك يصل نصيب التعاونيات في إنتاج الألبان إلى أكثر من 60%، وفي هولندا تحتكر التعاونيات نسبة 59% من إنتاج الزهور، و28% من الخضراوات و57% من الفواكه التي يتم إنتاجها في البلاد، كما تساهم التعاونيات بنسبة 73% من إنتاج الأخشاب في النرويج. وتبلغ مساهمة التعاونيات في البرازيل نسبة 37,2% من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي عام 2009.

وقد نشطت الحركة التعاونية على مدى القرن الماضي عالميا، وكانت أحد العوامل الرئيسية التي قادت قاطرة التنمية في كثير من الدول. ويبلغ أعضاء الحركة التعاونية حاليا نحو 1,4 مليار من سكان العالم، وتتجاوز عائداتها فى السنوات الأخيرة نحو تريليون يورو، كما يوفر القطاع التعاوني 100 مليون وظيفة على مستوى العالم، أي بنسبة تزيد 20% عما توفره الشركات متعددة الجنسيات.

وتتكون الحركة التعاونية في مصر من الاتحادات التعاونية المركزية الخمسة (الاستهلاكي - الانتاجي - الزراعي - الاسكاني - الثروة المائية). ويبلغ عدد الجمعيات التعاونية الزراعية في مصر 5737 جمعية، كما يبلغ عدد أعضاء الجمعيات التعاونية 5,1 مليون عضو، وذلك وفق بيانات النشرة السنوية للنشاط التعاوني بالقطاع الزراعي عن عام 2010-2011، والتي أصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات في 19 سبتمبر 2012.

الأربعاء، 1 مايو 2013

تقرير لمنتدى "بيو" للأديان: 74% من المصريين يرغبون في تطبيق الشريعة




كتبت: أمل خيري


يحتل العالم الإسلامي أهمية بالغة لدى صانعي القرار في الدول الغربية، الأمر الذي يظهر في اهتمام مراكز الأبحاث الغربية برصد التحولات الأساسية في العالم الإسلامي، ورؤى وتصورات المسلمين حول قضايا الدين والمجتمع والسياسة.
ومن بين أهم مراكز الأبحاث المهتمة بدراسة العالم الإسلامي منتدى مركز "بيو" للدين والحياة العامة الذي أصدر تقريرا شاملا يوم 30 إبريل من 226 صفحة بعنوان "المسلمون في العالم: الدين والسياسة والمجتمع"، وكشف التقرير عن أن معظم المسلمون حول العالم أبدوا التزاما عميقا بدينهم، وعبر غالبيتهم عن رغبتهم في تطبيق الشريعة وأن تصبح القانون الرسمي في بلادهم.
وشملت الدراسة الاستطلاعية عينة من المسلمين من 39 دولة، حيث وصل عدد المشاركين إلى أكثر من 38,000 من المسلمين الذين يتحدثون أكثر من 80 لغة، من جميع أنحاء أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأفريقيا.  وذكر أغلب المشاركين أن الإسلام هو الدين الوحيد الحق، وأن تطبيق الشريعة الإسلامية يجب أن يكون في جميع المجالات السياسية والاجتماعية.
وقد تباينت نسبة المسلمين الراغبين في تطبيق الشريعة رسميا في بلادهم تباينا شديدا؛ ففي حين لم تتعد هذه النسبة 8% في أذربيجان، وصلت إلى 99% في أفغانستان. كما أبدى الكثير من مسلمي دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق آسيا رغبتهم في أن تصبح الشريعة المصدر الرسمي لكل القوانين؛ فبلغت نسبة المسلمين المطالبين بتطبيق الشريعة 71% في نيجيريا، و72% في إندونيسيا و74٪ في مصر، و89٪ في الأراضي الفلسطينية.
وأظهر الاستطلاع أن معظم المسلمين يؤيدون الحرية الدينية لأصحاب الديانات الأخرى، كما أن معظم المسلمين لا يرون تعارضا بين التدين والعيش في مجتمع حديث، ولا يرون تناقضا بين الدين والعلم.  كما أظهرت النتائج أن غالبية المسلمين يدينون العمليات الإرهابية والتفجيرات الانتحارية أو غيرها من أشكال العنف ضد المدنيين، فهناك 81% يرون أن هذه الأفعال لا مبرر لها من الشرع.
وذكر التقرير أيضا أن نصف المسلمين على الأقل في معظم الدول التي شملها الاستطلاع يشعرون بالقلق من الجماعات الدينية المتطرفة في بلادهم؛ ففي مصر بلغت نسبة الخوف من التشدد 67%، وفي تونس 67٪، وفي العراق 68٪، وفي غينيا بيساو 72%، وفي إندونيسيا 78٪.
كما تعارض الغالبية الساحقة من المسلمين السلوكيات المرفوضة من الإسلام بما في ذلك البغاء والشذوذ الجنسي والانتحار والإجهاض والقتل الرحيم وشرب الكحول، وذكروا أنها سلوكيات غير أخلاقية. في حين تباينت المواقف تجاه تعدد الزوجات والطلاق وتحديد النسل؛ على سبيل المثال، يعتبر تعدد الزوجات أمرا مقبولا أخلاقيا من قبل 4٪ فقط من المسلمين في البوسنة والهرسك وأذربيجان، وحوالي نصف المسلمين في الأراضي الفلسطينية (48٪) وماليزيا (49٪)، والغالبية العظمى من المسلمين في عدة بلدان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مثل السنغال (86٪) والنيجر (87٪).
ويعتقد غالبية المسلمين في ضرورة تطبيق الشريعة على المسلمين فقط، إلا أن مسلمي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عبروا عن اعتقادهم بضرورة تطبيق الشريعة على المسلمين وغير المسلمين؛ ففي مصر يرى 74% تطبيق الشريعة على غير المسلمين أيضا، وفي الأردن بلغت النسبة 58%، وفي العراق 38%، وفي المغرب 29%.
ويزيد حماس المسلمين لتطبيق الشريعة في مجال الأحوال الشخصية والميراث، غير أن ردود أفعالهم تباينت إزاء تطبيق الحدود؛ فبخصوص حد السرقة أيد الكثير من المسلمين قطع يد السارق، وصلت النسبة إلى 88% في باكستان، و81% في أفغانستان، 76% في فلسطين، و70% في مصر، 57% في الأردن.
أما حد الزنا فقد وصت نسبة الراغبين في تطبيقه إلى 89% في باكستان، و85% في أفغانستات، و81% في مصر، و74% في فلسطين و58% في العراق. ونادى الكثير أيضا بتطبيق حد الردة على المرتدين عن الإسلام؛ ففي مصر بلغت النسبة 86%، وفي الأردن 82%، وفي فلسطين 66%، وفي أفغانستان 79%، وفي باكستان 76٪.
وطرح الاستطلاع سؤال حول الموقف من الأحزاب السياسية الإسلامية، حيث ذكر الغالبية أن هذه الأحزاب أفضل من غيرها من الأحزاب الأخرى؛ وبلغت النسبة في مصر 55%، وفي تونس 55%، وفي أفغانستان 54%، وفي الأردن 46%، وفي ماليزيا 43%.
لتحميل التقرير كاملا
http://www.pewforum.org/Muslim/the-worlds-muslims-religion-politics-society.aspx

كبسولات اقتصادية: البيزنس الاجتماعي


أمل خيري

ماذا يعني مفهوم "البيزنس الاجتماعي"Social Business؟


يشير مفهوم البيزنس الاجتماعي إلى شركة ذات هدف اجتماعي وليس ربحي.

أي أن الهدف ليس تعظيم الربح من أجل الربح، بل التوسع في أعمال الشركة لتحسين الخدمة أو للوصول لعملاء أكثر لخدمتهم من الناحية الاجتماعية كخدمات صحية أو سكنية أو مالية أو المساهمة في حل مشكلات فئات مهمشة في المجتمع كالفقراء والمحرومين والنساء المعيلات والعاطلين والمشردين....  

أما مفهوم رواد البيزنس الاجتماعي "Social Business Entrepreneurs" فيشير إلى أشخاص مبدعين يملكون المال، وفي الوقت نفسه يتسمون بالإيجابية، ولديهم أفكار إبداعية خلاقة في مجال التغيير الاجتماعي؛ فهم مستثمرون ورجال أعمال لم يشغلهم المال والربح والمشروعات عن الاهتمام بالمجتمع وتنميته، ولديهم القدرة على المبادرة وتقديم الحلول الإبداعية لمشاكل المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

يقاس نجاح البيزنس الاجتماعي بمدى التأثير الإيجابي في المجتمع والبيئة المحيطة بالشركة وليس بمقدار الربح الذي حققته لأن الربح اجتماعي بالأساس وليس مادي.

ويقاس مدى نجاح رائد البيزنس الاجتماعي بمدى قدرته على التأثير وإحداث تغييرات إيجابية فيمن حوله ومدى مساهمته في حل مشكلات مجتمعه.

من أشهررواد "البيزنس الاجتماعي" الاقتصادي البنغالي محمد يونس الذي حاز على جائزة نوبل لعام 2006، صاحب فكرة وتجربة "بنك الفقراء" التي نجحت في بنجلاديش في مساعدة الآلاف على الخروج من مظلة الفقر.