الخميس، 18 سبتمبر 2008

مكتبة الملك فهد الوطنية رائدة توثيق الفكر السعودي




أمل خيري

تحتلُّ مكتبة الملِك فهد الوطنيَّة مكانًا متميِّزًا في الممْلكة العربيَّة السعوديَّة في مجال المعلومات والنَّشر المكتبي، استطاعتْ في فتْرة قصيرة أن تحقِّق العديد من الإنجازات في مجالات التَّوثيق، وحفظ الإنتاج الفِكْري السعودي، وتقديم الخِدمات المعلوماتيَّة للمواطنين.

النشأة والأهداف:
أنشِئَت مكتبة الملك فهْد الوطنيَّة كهيْئة مستقلَّة مرتبِطة إداريًّا بديوان رئاسة مجلس الوزراء، ولها ميزانيَّة مستقلَّة، وقد تمَّ تنفيذ مشْروع بناء المكْتبة في عام 1406 هـ / 1986 م، وذلك بناءً على رغْبة أهالي مدينة الرِّياض في التَّعبير عن تقديرهِم لخادم الحرمَين الشَّريفين بمناسبة تولِّيه مقاليد الحكم، وذلك من خلال إقامة معلم تذكاري، فكان الإعلان عن مشروع المكتبة في الاحتِفال الَّذي أقيم في عام 1403هـ /1983م.

وفي عام 1410هـ /1989م صدر قرار مجلِس الوزراء بتحْويل مكتبة الملِك فهْد إلى مكتبة وطنيَّة، وتمَّ الموافقة على النِّظام الأساسي للمكتبة.

وتسْعى المكْتبة إلى اقتِناء الإنتاج الفكْري السعودي، وتنظيمه وضبْطه وتوثيقه، والتَّعريف به ونشْره.

لذا فقدْ حرصت المكتبة على تنفيذ ما يلي:
جمْع كل ما ينشر داخل المملكة، وما ينشره أبْناء المملكة خارجها، وما ينشر عن المملكة، وما يعدُّ من الموضوعات الحيوية للمملكة من إنتاج فكْري عالمي.
جمع كتُب التُّراث والمخطوطات والمصوّرات النَّادرة والمطبوعات والوثائق المنتَقاة، وبالأخصِّ ما له علاقة بالحضارة العربيَّة الإسلاميَّة.
تسْجيل ما يودع لديها وفقًا للأنظمة.
إصْدار الببليوغرافية الوطنيَّة والفهارس الموحَّدة، وغيرها من أدوات التَّوثيق.
إنشاء قواعد للمعلومات الببليوغرافيَّة.
تقديم الخدمات والدِّراسات المرجعيَّة للأجهزة والهيئات الحكوميَّة والخاصَّة.
إقامة وتنظيم معارض الكتُب والنَّدوات والمؤتمرات.
تَمثيل المملكة في اللقاءات والمؤتمرات في مجال اختصاصِها.
التعاون وتبادل المعلومات والمطبوعات مع المكتبات والهيئات والمنظمات الدولية.
قيادة وتطوير أعمال وخدمات المكتبات ومراكز المعلومات.

داخل المكتبة:
وتبلغ مساحة مكتبة الملك فهد الوطنية 58000 متر مربع، وتبلغ مسطحات مبناها الرَّئيس 27000 متر مربع، ويتكوَّن المبنى من دور أرضي تعلوه ثلاثة أدوار تغطِّيها قبَّة سماوية، وقد صمِّم المبنى بطابع معْماري حديث، مزيَّن بالزَّخارف العربيَّة والنقوش الرُّخامية، وتتوافر داخل المكتبة أماكن للاستِراحة والانتِظار، ويبلغ عدد مقتنيات المكتبة 1290922 وعاء، ويبلغ عدد الباحثين الذين استفادوا من خدمات المكتبة 136387 باحثًا، ويتردَّد عليْها سنويًّا 14466 زائرًا.

ومع الزيادة المستمرَّة في مقتنيات المكتبة، كانت الحاجة لتوْسِعة المبنى الحالي بِمبْنى جديدٍ يَحتوي على فراغات تسَع هذه المقتنيات، وتضمُّ مكتبة خاصَّة للنِّساء وقاعة للنَّدوات، وقاعات للأوعِية السَّمعيَّة والبصريَّة وغيرها؛ ليصبح المبنى مَعلمًا حضاريًّا متميِّزًا من معالم مدينة الرِّياض؛ ليتمكن من استيعاب 3,3 ملايين مادة مستقبلاً، إضافة إلى توْفير مواقف للسيارات علويَّة وسفليَّة.

وفي مجال المخطوطات تقْتني المكتبة مجموعة كبيرة ومتنوِّعة من المخطوطات الأصليَّة والمصوّرة، ونوادر المطبوعات والمسْكوكات، ومن أبرز المقتنيات مجموعة جامعة برنستون الأمريكية التي يصل مجموعها إلى خمسة وعشرين ألفًا من المخطوطات والمطبوعات النَّادرة المصوَّرة في العلوم العربيَّة والإسلاميَّة، إلى جانبِ عشرات المكتبات الخاصَّة، كما أنْجزت المكتبة حتَّى الآن مسح أكثر من 36 ألف مخطوطة أصليَّة في مشْروع حماية التُّراث الوطني المخطوط.
كما تضم المكتبة العديد من المكتبات الخاصَّة، من بينها مكتبة الشيخ محمد بن عبدالعزيز المانع، والشيخ عبدالله بن محمد بن خميس، والشيخ عثمان بن حمد الحقيل، والأديب محمد حسين زيدان، وفوزان بن عبدالعزيز الفوزان، ومكتبة المؤرخ سعد العبد الله الجنيدل، وعشرات غيرها من المكتبات الخاصَّة، كما تلقَّت المكتبة العديد من الإهداءات من مثقَّفين ومؤلِّفين، مثل مجموعات الشَّيخ عثمان بن عبدالعزيز الأحمد، والشيخ عبد المحسن المحيسن، والدكتور يوسف إبراهيم السلوم، وغيرها الكثير.

كما أضيف لمقتنيات المكتبة عدد من المخطوطات المصوَّرة على القرص الصلب تقدر بـ 2200 مخطوطة، معظمها من المخطوطات المحفوظة في المكتبات الخاصَّة في اليمن.

وتحوي المكتبة القاعة التركية العثمانية، والتي تهدف لتعْريف الزوَّار بالإصدارات التركية والمجلات المختلِفة، وترجمة الوثائق العثمانيَّة الخاصَّة بِتاريخ المملكة، وتعْميق التَّعاون الثَّقافي بين المكتبة ودائرة المعارف الإسلاميَّة الجديدة في تركيا.

إنجازات المكتبة:
خلال البضع والعشرين عامًا الماضية منذ إنشائها، حقَّقت مكتبة الملك فهد الوطنية العديد من الإنجازات والأهداف، ففي مجال التَّسجيل والإيداع، تمكَّنت المكتبة من تسْجيل وفهرسة أربعة آلاف عنوان سعودي، ومِئات المجلاَّت والنَّشرات والأوعية السَّمعيَّة والبصريَّة، وبلغت مقتنيات المكتبة في الموادِّ ذات العلاقة بالممْلكة ما يُقارب مائة ألف مادَّة.

وفي مجال الضَّبط الببليوغرافي الوطني، فقد أصدرت المكتبة منذ عام 1416هـ / 1996 م 18 مجلدًا من الببليوغرافية الوطنية السعودية، حيث تمَّ توثيق 34000 مادَّة ثقافيَّة ممَّا صدر في الممْلكة أو أصْدره السُّعوديُّون ما بين السَّنوات 1301 - 1418 هـ في كلِّ اللُّغات، وفي حوالي 20 دولة.

كما قامت المكْتبة بتنفيذ عديدٍ من الأنشِطة، ونشْر عددٍ من الإصْدارات المرجعيَّة ذات الصِّلة بالإنتاج الفكري السُّعودي والثَّقافة الوطنيَّة، من بينها معرِض الصُّور التاريخيَّة للممْلكة، كما أصدرت أعدادًا خاصَّة من مجلَّة المكتبة، ونشْرة أخْبار المكتبة حول المكتبات والكِتاب السعودي، إضافة إلى إصْدار مجموعة من الكتُب والمراجع حول الأدَب والإنتاج الفكْري السعودي، ودليل الدَّوريَّات السعودية والملصقات التوعويَّة والإرشاديَّة للاهتِمام بالكتاب وتشْجيع القراءة.

وفي مجال حِفْظ المقتنيات، تُشْرِف المكتبة على عمليَّات الطِّباعة والنسخ، وإنتاج المصغَّرات الفيلميَّة وأعمال التَّجليد والصيانة والتَّرميم لمقتنيات المكتبة، كما قامت المكتبة بتوْفير خدمات طباعة الكتُب والنَّشرات والتَّصوير الضوئي للمقتنيات؛ خدمةً للباحثين والهيئات الحكوميَّة.

وفي مجال التَّصنيف والفهرسة حقّقت المكتبة العديدَ من الإنجازات، من أهمها:
إنجاز الببليوغرافية السعودية ومراجعة رؤوس الموضوعات.
إنجاز الطَّبعة الثَّانية من مداخل الهيئات وتقنينها.
إنجاز الطَّبعة الثَّانية من المنهج المتكامل للتَّصنيف والفهرسة.
المشاركة في نشاطات التدريب وتقديم الخدمات الاستشارية لبعض المكتبات.

خدمات المستفيدين:
تقدِّم المكتبة خدمات المعلومات للمستفيدين، تتنوَّع ما بين الإرْشاد والإجابة عن الأسئِلة البحثيَّة، وجَمع المعلومات، إلى إصْدار التَّقارير والإحْصاءات والببليوغرافية الموضوعية وترْجمة المعلومات، كما تقدِّم المكتبة خدمات مرجعيَّة بمجموعةٍ كبيرة من مصادر المعلومات المختزَنَة على القرص المدْمج، أو المرْبوطة بالشَّبكات المحلّيَّة والخارجيَّة، حيث يبلغ عددُها 132 عنوانًا.

وتشترك المكتبة في ثلاث قواعد بيانات تغطِّي حوالي 4260 دوْريَّة أجنبية كاملة النصوص منذ 1986.

كما تُساهم المكتبة في العديد من الأنشِطة التَّعاونيَّة والثَّقافية، وتقديم الخدمات الفنّيَّة والاستشاريَّة لعدد من المكتبات والهيْئات، كما تُشارك المكْتبة في معارض الكتُب لكي تتمكَّن من:
التَّعريف بالكتاب السعودي ونشره.
نشْر إصدارات المكتبة والتَّرويج لها.
تنمية مجموعات الكتب.
التَّعريف بالمكتبة الوطنيَّة.

ربط علاقات أوْسع مع المكتبات والمؤسَّسات الثَّقافيَّة ودور النَّشر المحلّيَّة والعالميَّة.

ومكتبة الملك فهد الوطنية هي الجهة المنسِّقة للإعارة التَّعاونيَّة بين المكتبات في مدينة الرِّياض.

ويعد الفهرس الإلكتروني للمكتبة أكبر فهرس لمكتبة عربيَّة؛ إذ تقترب محتوياته من 400 ألف عنوان، كما يتصفَّح حوالي نصف مليون زائر موقع المكتبة الإلكتروني.

منشورات ومطبوعات:
تعمل المكتبة على نشر الأبحاث في مجال علوم المعلومات والببليوغرافيا، حيث أصْدرتْ أكثر من 145 مطبوعة من الأعمال الببليوغرافية والبحوث والكتُب والتَّرجمات، وفي عام 1428هـ / 2007م قامت المكتبة بإصدار كتاب يَحوي مطبوعاتها حتَّى تاريخ إصداره.

وقد توزَّعت إصدارات المكتبة على ثلاث سلاسل متخصِّصة في علوم المكتبات والمعلومات، بالإضافة إلى سلسلة رابعة حرَّة.

السلسلة الأولى: تهتمّ بنشر المؤلَّفات والدّراسات التي تتناول تطْوير المكتبات والمعلومات في الممْلكة.
السلسلة الثَّانية: تُعْنى بنشر الدراسات والبحوث في إطار علم المكتبات والمعلومات بشكْلٍ عام.
السلسلة الثَّالثة: تختصّ بنشْر الببليوجرافيات والكشَّافات والفهارس والأدلَّة، وهي أدوات حصْر للإنتاج الفكري قديمة وحديثة.
السلْسلة الحرَّة: وهي تعْنى بالدِّراسات والبحوث التي تؤرِّخ وتوثق للحياة الفكريَّة والثقافية للممْلكة قديمًا وحديثًا.

وبالإضافة للسَّلاسل السَّابقة تصْدر المكتبة أرْبع نشرات دورية تغطي كل منها أحد المجالات وهي:
مجلَّة مكتبة الملك فهد الوطنية، وهي مجلَّة نصف سنويَّة محكمة تعْنى بالدِّراسات والأبحاث، وعروض الكتُب الخاصَّة بمجال المكتبات والمعلومات.
نشْرة الإيداع السعودي، وهي تغطي الأوْعية المسجَّلة والمودعة لدى إدارة التَّسجيل والتَّرقيمات الدوليَّة في المكتبة.
نشرة المستخلصات، وهي نشرة فصليَّة لمستخلصات المقالات الأجنبيَّة.
نشرة أخبار المكْتبة، وهي إخباريَّة فصليَّة تهدف إلى تغْطية أخبار المكتبة وما يتعلَّق بها.

كما قامت المكتبة بدوْرِها الكبير في تعزيز الدِّراسات ودعْمها، وتطوير معايير تتعلَّق بالنشر والتَّنظيم والتَّخطيط، وبثّ المعلومات المهنيَّة والتَّرجمة من اللغات الأُخرى إلى العربيَّة؛ لذا فقد تبنَّت المكتبة كثيرًا من البحوث والدِّراسات، وأسْهمت في تسْهيل الدَّعم لبعْض الأعْمال المتخصِّصة.

وما زالت مكْتبة الملك فهد الوطنيَّة تضطلع بدوْرِها الرَّائد كمكتبة وطنيَّة تُساهم في الحفاظ على تراث الممْلكة العربية السعوديَّة، وتزويد الباحثين في مجال المعلومات والببليوجرافيا بالدراسات والأبحاث الهامَّة.
---------------
المراجع:
د. سالم محمد السالم، مكتبة الملك فهد الوطنية: دراسة لوظائفها ضمن بنية البناء الوطني للمعلومات في المملكة العربية السعودية، الرياض، مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية، السلسلة الأولى (21)، 1417هـ /1996م.
الموقع الإلكتروني لمكتبة الملك فهد الوطنية: http://www.kfnl.gov.sa/
سريع محمد السريع، نشأة وتطوّر المكتبات وخدماتها في المملكة العربيَّة السعوديَّة، مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية، مج 7، ع 1، المحرم - جمادى الآخرة 1422هـ/ إبريل - سبتمبر 2001م.
عبدالله محمد حسين العبد المحسن، الإنتاج الفكري المطبوع في مكتبة الملك فهد الوطنية قائمة ببليوجرافية، مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية، مج 7، ع 1، المحرم - جمادى الآخرة 1422هـ/ إبريل - سبتمبر 2001م.
ماجد حسين بكار، مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية (1408 - 1423هـ) توثيقًا واستخلاصًا، مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية، مج 9، ع 1، المحرم - جمادى الآخرة 1424هـ /مارس - أغسطس 2003م.
محمد الراشد، نظام الإيداع في مكتبة الملك فهد الوطنية دراسة حول تطبيق النِّظام خلال عام 1414هـ، مجلة مكْتبة الملك فهد الوطنيَّة، مج 1، ع 1، المحرم - جُمادى الآخرة 1416هـ /يونيو - ديسمبر1995م.
علي بن سليمان الصوينع، توثيق الإنتاج الفكري السعودي تجربة مكتبة الملك فهد الوطنية، مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية، مج 6، ع 1، المحرم - جمادى الآخرة 1421هـ /يونيو - ديسمبر2000م.
مجموعة أعداد من نشْرة أخبار المكتبة.
رابط النشر:
http://www.alukah.net/Culture/0/9513/

كتاب مطبوعات مكتبة الملك فهد يمكن تحميله مباشرة من الرابط
http://www.kfnl.gov.sa/idarat/products/prodct/King%20fahad%20Library.pdf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق