الاثنين، 22 نوفمبر 2010

موظف بالبيجامة ومكتب في المطبخ!

يوميات صحفية من منازلهم
الحلقة الثالثة
أمل خيري

من أطرف التعليقات التي قرأتها لرجل قرر ترك الوظيفة والعمل من المنزل قائلاً: "وداعا لرابطة العنق أهلا بالعمل بالبيجامة".

سيدة أخرى تقول "ما أجمل أن يكون مكتبك في المطبخ أو في غرفة المعيشة!"

صحيح من أفضل مميزات العمل من المنزل الأريحية التي تجدين نفسك فيها، لا ملابس رسمية، لا شكليات، لا مواعيد، لا مكاتب ضيقة وغير مريحة.

أنت بحريتك الكاملة تختارين مكان عملك، ربما يروق لك أن تضعي لاب توب في المطبخ اليوم لتتابعي الطبخ أثناء العمل، أو تنقليه في الغد لغرفة الأطفال لتتابعي مذاكرتهم أو تشاركيهم لعبهم.

الوظيفة أم!

أنت حرة أيضا في اختيار وقت العمل، ربما تفضلين العمل في منتصف الليل إن كان لديك طفل رضيع يستيقظ طوال الليل فتعملين وأنت تحملينه أو تضعينه أمامك في سريره ليستمتع بألعابه ورؤيتك، أو تقررين العمل في فترة غياب الأطفال في المدرسة، أو تقومين بالعمل أثناء إعداد الطعام فتتناوبين على المطبخ والعمل في نفس الوقت، وربما تقومين لنشر الغسيل ثم تعودين للعمل، ثم تقومين مرة أخرى لإطعام طفلك وتعودين للعمل، وهكذا.

لديك الحرية كذلك في ارتداء ما يروق لك من ملابس، فأنت في بيتك ومملكتك وبين أسرتك، لا تعقيد بعد اليوم، لا ملابس خانقة في الحر، ولا تحفظ أمام الغرباء، ولا تكلف أمام الزملاء، ناهيك عن توفير ثمن الملابس والحقائب والأحذية!.

ما أجمل أن تعملي وأنت تستمعين لإذاعة القرآن الكريم بهدوء وسكينة، أو تستمعين لإنشاد هادئ بلا موسيقى صاخبة، لست في حاجة لوضع السماعات على أذنك حتى تصابي بالصمم، وليس هناك من يدعوك لخفض الصوت، بل ربما تعملين على أنغام بكاء طفلك وصراخه!.

على من يقع اللوم؟

إذا كنت قررت العمل من المنزل وترغبين في الاستمتاع بكل ما سبق.. فانتظري.. فالطريق ليس مفروشا بالورود، ولا ينجح الجميع في هذه التجربة، أنت تحتاجين لمؤهلات شخصية ومهارات عملية وبداية صحيحة.

من اليوم لابد من الالتزام والعمل الجاد، ليس هناك مدير أو زملاء عمل يمكن أن يقع عليهم اللوم إذا حدث خطأ أثناء العمل، أنت وحدك الملومة إذا فشلت، فلا تعتقدين أنك بمجرد عملك من المنزل لا حاجة لك للتدريب، أو لصقل مهاراتك، أو لاكتساب خبرات جديدة، بل على العكس أنت ليس لديك الفرصة للاستفادة من خبرات الآخرين؛ لأنه لا يوجد غيرك؛ لذا تزداد حاجتك للتطوير، فحاولي أن تحافظي على إبداعك وتطوري من مهاراتك فتحصلين على تدريب مستمر سواء عبر الإنترنت أو بالتدريب المباشر.

أنت في حاجة كذلك للقراءة والتثقيف والاطلاع على مجريات الأمور، وفي حاجة لاستكمال دراساتك العليا، أو على الأقل الالتحاق بدورات أكاديمية بين الحين والآخر لتتعرفي على الجديد من مجال عملك.

أنت في حاجة للبحث والتنقيب عن سبل لتطوير ذاتك وصقل مواهبك، واكتساب خبرات جديدة، سواء بالمشاركة في الشبكات الاجتماعية التي تقترب من مجالك، أو المشاركة في المجموعات البريدية، أو المنتديات العلمية، أو في خدمة الRSS في المواقع والمجلات والصحف التي تناسب اهتمامك لتتعرفي على كل ما هو حديث.

طوري مهاراتك

ربما كان لديك في وظيفتك سكرتيرة تقوم بالأعمال الإدارية، وأخصائي دعم فني يقوم بإصلاح أعطال الكمبيوتر، وعامل نظافة يهتم بنظافة المكاتب، بينما الآن أنت تقومين بكل العمل؛ لذا فالأعباء تزيد عليك فأنت في حاجة لتنظيم مواعيدك وترتيب أوراقك وتنسيقها، وإذا تعطل الكمبيوتر فعليك أن تقومي بإصلاحه بنفسك، والأمر ليس صعبا فصديقنا العزيز جوجل يقوم عنك بالمهمة، يكفي بعدة نقرات على الكيبورد وضغطة زر واحدة أن تبحثي عن سبب العطل لتجدي مئات المواقع التي تشرح لك كيفية إصلاح الأعطال بالصور، بل ومقاطع الفيديو على اليوتيوب، فلا حجة لك إذن بعد الآن، ولن تحتاجي لعامل صيانة، وتستطيعين أن تقومي بتحميل ما تشائين من البرامج المفيدة لعملك، وتتعلمين كيفية استخدامها بكل أشكال الوسائط المتعددة.

المهم أن تتعودي المرونة في مواجهة أي عقبات تواجهك واستمعي للنصيحة من الآخرين وتعلمي من أخطائك دوما.

ليس معنى العمل من المنزل افتقاد المهنية والحرفية؛ فالعملاء الذين ينتظرون منك مهام، سواء في تصميم مواقع الإنترنت أو الترجمة أو الكتابة أو غيرها من المهام يرغبون دوما في التعامل مع أشخاص محترفين ومهنيين ولديهم كفاءة، فلا تسمحي لأطفالك بالرد على تليفونات العمل، وعوديهم على عدم مقاطعتك أثناء تلقي مكالمات العمل، ولا يصح أن يصرخوا ويتعاركوا أثناء ردك على المكالمات التليفونية حتى لا تعطي انطباعا سيئا عن نفسك وعملك، وحددي لهم أوقاتا لا يقاطعونك فيها إذا أردت التركيز في تنفيذ مهمة.

لكل شيء حدود

ستواجهك كذلك مشكلة الحدود والفواصل، ففي الوظيفة المكتبية لديك وقت محدد للعمل، وبمجرد انصرافك منه وعودتك للمنزل فوقتك أصبح لك ولأسرتك، بينما في العمل المنزلي لا حدود ولا فواصل بين العمل والحياة الخاصة والأسرية، فالعمل دائما حولك ومعك؛ لذا احرصي على وضع نظام للعمل وحددي ساعات عمل يومية أو أسبوعية أو شهرية، واجعلي وقتا للعمل وآخر للأسرة والأصدقاء وآخر لراحتك، تعلمي متى تتوقفين عن العمل ومتى تعودين.

أما المشكلة التي تعاني منها الكثيرات اللاتي قررن العمل من المنزل فهي العزلة، تخيلي أنك لا زملاء عمل، ولا تقابلين أناسا في الطريق، ولا تتعرفين على أشخاص جدد أثناء المواصلات، ليس أمامك إلا جهاز أصم أو أوراق بكماء، فربما تنسين الكلام، وبمرور الوقت تفقدين مهاراتك الاجتماعية، وكيفية التواصل مع البشر؛ لذا لا تدعي عملك من المنزل يلهيك عن حياتك الاجتماعية ويعزلك عن الواقع، ولا يكفي أن تقيمي علاقات عبر الفضاء الشبكي وحده، ويجب أن تجددي اتصالك بأصدقائك القدامى وزملاء الدراسة، وتبادلي معهم الزيارات، واخرجن للحدائق والنوادي، واشتركي في عمل تطوعي في مدينتك، وتابعي حضور مؤتمرات أو ندوات قريبة من مجال عملك، واحرصي على اكتساب معارف جدد، واشتركي في مواقع الشبكات الاجتماعية لتتعرفي على أخبار الزملاء، شريطة أن تحددي لها وقتا حتى لا تتوهي في غياهب الإنترنت.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق