الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

الأساطير المؤسسة للإسلاموفوبيا


أمل خيري
إسلام أون لاين
ربما لم يسمع الكثير من المسلمين عن ملحمة رولاند ""Chanson de Rolland، على الرغم من كونها من أهم المصادر التاريخية التي اعتمد عليها الغرب في تأريخ الحروب الصليبية. فهذه الملحمة تمثل أبلغ تعبير عن الشعور الذي ساد أوروبا في فترة الحروب الصليبية تجاه المسلمين، حيث تم تصوير المسلمين على أنهم كفار يعبدون الأوثان، يتسمون بالغدر فيهجمون على مؤخرة الجيش الفرنسي ليقتلوا البطل رولاند ابن أخ الإمبراطور الفرنسي شارلمان ويبيدوا المئات من جيشه، فما كان من شارلمان إلا أن عاد مسرعا بحملته الصليبية ليثأر لابن أخيه ويقضي على المسلمين ويخترق حصونهم.

وتعد ملحمة رولاند العنصر الرئيسي في دراسات الحضارة الغربية في جميع الكليات والجامعات في مختلف أنحاء البلاد. حيث يستهل الدارس قراءاته حول الحروب الصليبية التي بدأت عام 1095م بهذه القصيدة، والأدهى من ذلك أن هناك العديد من الأجيال المسيحية-اليهودية قد نشأت على كراهية المسلمين بسبب هذه القصيدة، التي تصور المسلمين على أنهم هؤلاء الأعداء الغادرين الذين قاموا بتهديد أسس الحضارة الغربية في يوم من الأيام.

لكن ما لا يعرفه الكثيرون عن ملحمة رولاند أنها تأسست على أساطير وأكاذيب مخترعة، وهذا ما كشف عنه جون فيفر المدير المشارك لمشروع السياسة الخارجية تحت المجهر، التابع لمعهد الدراسات السياسية بواشنطن، ومدير الشؤون الدولية في مركز العلاقات الدولية، وهو مؤلف العديد من الكتب والمقالات، عمل سابقا رئيس تحرير مجلة السياسة العالمية، ومن أهم مؤلفاته "الأحادية الأمريكية والإستراتيجية العالمية بعد 11 سبتمبر " القومية الجديدة في أوروبا: الدول والأقليات في الصراع"، "موجات الصدمة: أوروبا الشرقية بعد الثورات"، وخلال عام 2011 سيقوم بنشر كتابه الجديد عن الإسلاموفوبيا.

فن صناعة الأساطير

في مقاله الأخير بعنوان "أكاذيب الإسلاموفوبيا" والذي نشر بموقع Foreign Policy In Focus ، فند جون فيفر الأكاذيب والخرافات التي يروجها الغرب حول الخوف من الإسلام، ودرسها في سياق تاريخي يعود لفترة الحروب الصليبية، حيث بدأ من ملحمة رولاند السابق الإشارة إليها والتي خلدت معركة رنسيفو التي جرت أحداثها في القرن الثامن الميلادي، ولكنها فيما بعد نسبت إلى القرن الحادي عشر لترويج خرافة لا أصل لها، والمشكلة في نظر جون فيفر أن تقوم ملJohn fefferحمة كاملة على أكاذيب مخترعة، فالجيش الذي هجم على رولاند وجنوده الفرنجة لم يكن من المسلمين على الإطلاق. ففي المعركة الحقيقية التي جرت عام 778م ، كان الهجوم من فرنجة الباسك المسيحيين الغاضبين آنذاك من شارلمان لقيامه بنهب مدينتهم "بامبلونا"، لم تكن ملحمة على الإطلاق كما سجلتها القصيدة، فهي مجرد معركة صغيرة من المعارك التي شهدتها أسبانيا في العصور الوسطى. وبعدها بثلاثة قرون كاملة بدأت الحروب الصليبية حين حشد الملوك والباباوات والفرسان جنودهم للقيام بأول حملة صليبية، حيث قام شاعر مجهول بإعادة اقتباس أبيات القصيدة لإشعال الحماس في قلوب الجنود المسيحيين حاملي الصليب الذين يخوضون حربا مقدسة ضد أعداء الله من المسلمين.

ويضيف فيفر أن الغرب ما زال يفكر في الحروب الصليبية على أنها نوع من "صدام الحضارات" التوراتي بين أتباع يسوع وأتباع محمد. وفي نسخة شعبية من روايات الحروب الصليبية، تم إحلال الخصم المسلم محل الكثير من أعداء المسيحية سواء كانوا يهود أو زنادقة، حيث تم استبدال هؤلاء بالمسلمين في الروايات لتصويرهم على أنهم الأعداء، ولا يخفى ما في ذلك من تزوير وتشويه للتاريخ وقلب للحقائق.

الأمر في نظر فيفر لم يتوقف فقط عند الحروب الصليبية، فبعد هذه الفترة بكثير ، وخلال الحرب الباردة، قام صانعو الأساطير في واشنطن بفعل مماثل، حيث استبدلوا الأعداء الذين عرفوا باسم الشيوعيين الملاحدة بمجموعة متباينة من القوميين المعادين للإمبراطورية في محاولة لتحويل النزاعات في أماكن نائية مثل فيتنام ، وغواتيمالا ، وإيران، وتصويرها على أنها ملحمة في صراع كبير بين قوى العالم الحر وقوى الشر. وفي السنوات الأخيرة، قامت إدارة بوش بكل هذا مرة أخرى من خلال تصوير القوميين العرب على أنهم أصوليين إسلاميين متعطشين للدماء كمحاولة لتبرير غزو العراق والتهديد بإسقاط النظام السوري.

الفوبيا المصطنعة

وتستمر صناعة الأساطير حتى اليوم كما يرى فيفر، فالخوف المرضي الذي يشوب الولايات المتحدة اليوم قد أصبح في أشده، فالرئيس الحالي المسيحي تماما يعتقد الكثير من الأمريكيين أنه مسلم، والمفكر الإسلامي طارق رمضان ينظر له بول برمان وآخرون من الكتاب على أنه أصولي منغلق التفكير. كما أن أحد المراكز الإسلامية في مانهاتن، والذي أسسه مجموعة من أنصار الحوار بين الأديان، صار يطلق عليه مسجد الجرواند زيرو الإرهابي المتطرف في نشرات الأخبار والخطب السياسية، وفي المدونات والمواقع الالكترونية التابعة لمجموعة من الناشطين اليمينيين.

هذا التشدد تجاه الإسلام انعكس كذلك بشدة في رسوم الكاريكاتير، مما ينذر بوصول الولايات المتحدة لمنعطف خطير، فالخطاب المعادي للإسلام ارتفعت نبرته بشدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وازدادت جرائم الكراهية على الرغم من عدم وقوع هجمات إرهابية كبيرة في الولايات المتحدة أو أوروبا منذ تفجيرات لندن في 2005.

ويضيف فيفر أن الأمريكيين والأوروبيين قد ألفوا هذا الهراء وهذه الأكاذيب منذ الكذبة الكبرى التي روتها ملحمة رولاند وكأنهم توقفوا بذاكرتهم عند القرن الحادي عشر، حيث ظلوا من حينها في معركة أبدية بين "نحن" و"هم". وعلى الرغم من انتهاء الحروب الصليبية منذ القرن السابع عشر، فما زال المسلمون هم العدو، ومنذ انتهاء الحرب الباردة عام 1991، استبدل العدو السوفيتي الشيوعي بالعدو المسلم الإرهابي المتطرف، وذلك تحت اسم الحرب العالمية على الإرهاب، والتي تنتشر في عدة مناطق في أفغانستان،والعراق واليمن وباكستان وغيرها.

ويعتقد فيفر أن هذا الخوف المرضي من الإسلام لن يجلب سوى المزيد من الغضب في مناطق متفرقة من العالم وتهدر في سبيله الكثير من الأموال والثروات وتزهق المزيد من الأرواح، ولن ينتهي كل ذلك إلا إذا تخلص الغرب من عقدة الحروب الصليبية وخرافاتها المصطنعة، فالخوف من الإسلام خوف غير عقلاني، فحتى لو قام بتنفيذ بعض الهجمات الإرهابية أصوليون مسلمون، وحتى لو مازالت بعض الجماعات الإرهابية تتبنى تنفيذ مخططات إرهابية، فمن الخطأ وضع كل هذه الجماعات في بوتقة واحدة واعتبارها تمثل الإسلام نفسه.

وعادة ما تتأصل المخاوف غير المنطقية لدى الأفراد منذ طفولتهم المبكرة وتستقر في العقل الباطن، وعلى نفس النمط يرصد فيفر ثلاث خرافات موروثة منذ الحروب الصليبية لدى العقل الغربي ، وهذه الخرافات الثلاث تشكل جوهر كراهية الإسلام حتى اليوم، وهي: المسلمون يتسمون بالعنف بطبيعتهم، المسلمون يريدون السيطرة على العالم ، المسلمون لا يمكن الثقة بهم.

الحملات الصليبية ما زالت مستمرة

الحقيقة – كما يراها فيفر- أن خرافة "الإسلام دين السيف" والتي كانت من دعائم الأدب والفن الصليبي، تجافي الواقع تماما، فما ارتكبه المسلمون من قتل للصليبيين على مدى الحروب الصليبية لا يقارن أبدا بالفظائع التي ارتكبها الصليبيون والمجازر الوحشية التي نفذوها بحق المقدسيين أثناء اقتحامهم القدس عام 1099م حيث حولوا المدينة إلى حمام دم حقيقي، وصارت الشوارع مغطاة بأكوام من القتلى، حتى أن بعض المسلمين الذي نجوا من المذبحة اضطروا لحمل الجثث خارج أسوار المدينة وحرقها في محارق هائلة وغسل الشوارع من الدماء، في الوقت نفسه لاقى اليهود مصيرا مماثلا على يد الصليبيين الذين أحرقوا منهم الكثير وهم أحياء وذبحوا الكثير أيضا في معبدهم الكبير. أما لو عدنا بالذاكرة لأربعمائة سنة سابقة لرأينا على النقيض من ذلك أن الخليفة عمر بن الخطاب دخل القدس بلا سيف، بل وقام بالتوقيع على العهدة العمرية التي تعهد فيها بعدم إكراه أحد من المسيحيين على الإسلام.

هذه الخرافة الأولى عن عنف الإسلام ساهم الكثير في تأصيلها وتكريسها، فالقس بات روبرتسون أعلن في عام 2005 أن الإسلام "يحض على العنف" ، واللواء جيري كاري الذي خدم في الجيش الأمريكي منذ عهد كارتر يقول "القرآن يعلم العنف ومعظم المسلمين، بما في ذلك من يسمون أنفسهم بالمسلمين المعتدلين، يتسمون بالعنف ويؤمنون به".

أما الخرافة الثانية كما يراها فيفر فقد اخترعها الصليبيون لتبرير العنف والوحشية التي تعاملوا بها مع المسلمين، حيث أكدوا أن هذا العنف تم لأن المسلمين كانوا مصممين على السيطرة على العالم، صحيح أن الإمبراطورية الإسلامية قد توسعت في أيامها الأولى لتوسيع دار الإسلام، إلا أن هذا الفكر التوسعي لم يكن موجودا أثناء الحروب الصليبية كما يؤكد فيفر، بل على العكس كان من أحد أهداف الحرب الصليبية رغبة البابا في بسط نفوذه على بقاع الأرض، حتى أن البعض من الصليبيين حاول استخدام القوة الناعمة لتحويل المسلمين عن دينهم خلال الحرب الصليبية الخامسة.

هذه الخرافة مازال الغرب يرددها حتى اليوم، فالمُدَوِنة المتطرفة باميلا جيلر تحذر من بناء مسجد الجراوند زيرو بنفس الحجة القديمة، أن الإسلام دين سياسي يهدف للهيمنة والتوسع، وأن الهدف النهائي للإسلام هو حكم العالم كله، ويعتقد جون فيفر أن هاتين الخرافتين (العنف المتأصل في الإسلام والرغبة في التوسع) قد أدتا إلى اقتناع راسخ بأن المسلمين بحكم طبيعتهم غير جديرين بالثقة، فأصبحت تلك هي الخرافة الثالثة.

فروبرت أوف كيتون الذي ترجم القرآن في القرن الثاني عشر اتهم النبي محمد بالكذب والتناقض، بل لقد غالى البعض في اتهام أي مسيحي ينادي بالتعايش مع الإسلام والتشكيك في نواياه فعلى سبيل المثال يعتبر البابا جريجوري أن القائد الصليبي فريدريك الثاني كان عدوا للمسيحية لأنه عمل على توثيق علاقاته مع المسلمين.

الخرافات مستمرة

يؤكد فيفر أن هذه الخرافات ما تزال مستمرة؛ فالكثير من الغربيين يعتبرون أن الإسلام هو دين العنف وأن مسلمي أوروبا المسالمين ما هم إلا قنابل موقوتة ومشروعات جهادية كامنة، وحتى المسلمون في أمريكا مطالبين بأن ينبذوا دينهم وإلا اعتبروا طابورا خامسا يجب القضاء عليه، بل لم يسلم من الاتهام بعض الأمريكيين المسيحيين الذي يتبوءون مناصب رفيعة، مثل عضو الكونجرس كيث إليسون، وفي إحدى المقابلات مع شبكة CNN عام 2006 قال جلين بيك ، "لقد كنت عصبيا جدا جراء هذه المقابلة ، فقد شعرت كما لو كنتم تودون القول : سيدي ، أثبت لنا أنك لا تعمل مع أعدائنا".

وفي نظر جون فيفر أن هذه الأساطير الثلاث للإسلاموفوبيا تزدهر في عصرنا ، تماما كما حدث منذ ألف عام بسبب الخلط الماكر بين نوع معين من الأصولية الإسلامية والإسلام نفسه. وقد عبر بيل أوريلي بدقة عن هذه العقلية الصليبية عندما أكد مؤخرا أن "التهديد الإسلامي للعالم ليس منعزلا بل هو في غاية الضخامة!"، والأمر نفسه ينطبق على نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشئون الاستخبارات السابق الجنرال ويليام بويكين الذي أدلى بتصريحات مسيئة ومشينة في خطبة شهيرة له عام 2003 حين دعا صراحة لحمل السلاح بأمر من الله وكأنه يعيد الصيحات الصليبية من جديد.

وفي عام 1951 ، قامت وكالة الاستخبارات المركزية والنخبة الناشئة المناهضة للشيوعية -والتي ضمت من بين أعضائها دوايت ايزنهاور الذي أصبح رئيسا للولايات المتحدة -، قامت بإنشاء الحملة الصليبية من أجل الحرية باعتبارها عنصرا أساسيا من حملة الحرب النفسية المتزايدة الموجهة ضد الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق أوروبا، وكانت لغة هذه الحرب الصليبية لغة دينية عمدا. حيث استهدفت تلك الشعوب المتجذرة في تراث الحضارة الغربية ، والتي تعيش وراء الستار الحديدي المفروض عليها من قبل الديكتاتورية الملحدة، في دعوة صريحة لتحرير العالم الشيوعي ، وأثناء هذه الحرب الإعلامية تم إعادة ترديد نفس الخطاب الصليبي القديم منذ ما يقرب من ألف عام من ضرورة "استعادة القدس والبؤر الاستيطانية المسيحية الأخرى".

أسطورة الشمولية

يؤكد جون فيفر أن نفس الخرافات التي يرددها الغرب حول الإسلام كانت تردد آنذاك عن الاتحاد السوفيتي في إطار الحرب الباردة، فهو عدو يحارب بوحشية فريدة من نوعها من أجل نشر أيديولوجيته، ويرغب في التوسع والسيطرة على العالم، ولا يمكن الثقة بخطابه حول التعايش السلمي أو حول خطر الحضارة الغربية، بل من المفارقات أن الغرب قد آمن حينها بمبدأ "عدو عدوي هو صديقي"، فعمل على استخدام جماعات الإسلام الراديكالي كسلاح لمواجهة الشيوعية، مثلما أشار الصحفي روبرت درايفوس لذلك في كتابه "لعبة الشيطان" ، حيث ذكر تفاصيل قيام الولايات المتحدة بتمويل المجاهدين في أفغانستان كأحد أساليب حملتها الصليبية ضد الشيوعية في العالم الإسلامي.

وعلى الرغم من انتهاء الحرب الباردة بالسقوط المفاجئ للاتحاد السوفيتي في عام 1991، فإن كثير من العقول المفكرة والمؤسسة للخرافات والأساطير حول الشيوعية ظلت على نفس النمط من التفكير، كل ما في الأمر أنها بدلت العدو السوفيتي بالعدو الإسلامي.

ويتابع فيفر في مقاله رصد الخرافات التي يروجها الغرب حول الإسلام فيعتبر أن البعض قد تمادى بوصف الإسلام بنفس الصفة التي سبق وألصقوها بالشيوعية ألا وهي الشمولية، فصار هناك إسلاما شموليا على غرار الشيوعية الشمولية، وصار هناك إسلاما فاشيا وفق أنصار مدرسة "الإسلام الفاشي"، التي تضم نورمان بودهورتز ، ديفيد هورويتز ، بيل أورايلي ، باميلا جيلر. فقد أصبح الأصوليون ببساطة هم "الشموليين الجدد" ، تماما كما كان يطلق على الشيوعيين. ويكفي أن تسمع مقولة المفكر اليميني الليبرالي بول برمان الذي حاول إثبات أن "المسلمين المعتدلين" هم أصوليون في ثوب إصلاحي.

ووفقا لجون فيفر فإن هؤلاء ينظرون لكل العالم الإسلامي على أنه كتلة واحدة، تماما كما كانوا ينظرون للاتحاد السوفيتي والشيوعية، وكما فشلت الإدارة الأمريكية في مكافحة الشيوعية حين ساوت بين ليونيد بريجنيف الشيوعي المتشدد، وميخائيل جورباتشوف الشيوعي المصلح، فإنها ستفشل كذلك في مكافحة الإسلام حين تساوي بين المتشددين والمصلحين، وحين ترى أن جذور الإرهاب كامنة في الإسلام نفسه لا في تصرفات فئات متطرفة من المسلمين، تماما كما كان يُنظر إلى الشعب السوفيتي أثناء الحرب الباردة.

سياسة صليبية واحدة

من اللافت للنظر حسبما يرى جون فيفر أن الرئيس أوباما كان حريصا بصورة مبالغ فيها أثناء حملته الانتخابية على تأكيد هويته المسيحية، فكثيرا ما شوهد يصلي في الكنائس، مع تجنبه المساجد وكأنه حريص على طمس أي آثار للهوية الإسلامية في ماضيه، وبطبيعة الحال ركز منافسوه أيضا خلال الحملة الانتخابية على اسمه الأوسط حسين، وأكدوا على تعاطفه مع الفلسطينيين، كما حاولوا تحويل الدوائر الليبرالية - ولا سيما تلك اليهودية الأمريكية - ضد الرئيس المفترض.

وفور وصوله للسلطة أعلن تخليه عن سياسات إدارة بوش تجاه العالم الإسلامي، وأعلن عن عزمه سحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، وحاول الضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف توسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومن أجل العودة للمفاوضات (على الرغم من عدم اللجوء إلى هذا النوع من الضغوط الذي قد يكون مفيدا ، مثل الخفض أو حتى وقف صادرات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل). ولكنه ما إن وصل القاهرة وألقى خطابه الشهير الذي وجهه للعالم الإسلامي في يونيو 2009 ، حتى استعار نفس المصطلح الذي أطلقه بوش باسم "الحرب العالمية على الإرهاب".


وبعد مرور ما يقرب من عامين على توليه الرئاسة الأمريكية ما زالت القوات الأمريكية مرابطة في الأراضي الأفغانية، وتصاعدت الهجمات على الحدود الباكستانية والتي شنتها طائرات أمريكية بدون طيار، وانتشرت القوات الأمريكية الخاصة المتمركزة في 75 دولة حول العالم أي أكثر مما كان في عهد بوش بأكثر من 15 دولة، وفي نفس الوقت ما زالت معسكرات جوانتانامو مفتوحة ، وما تزال الولايات المتحدة تمارس عمليات الملاحقات الأمنية والتسليم والاغتيالات كجزء من الأدوات التي تتبعها واشنطن.

فمعظم المدنيين الذين قتلوا في هذه العمليات العسكرية من المسلمين، وأغلب المعتقلين والملاحقين الذين يتم استجوابهم من المسلمين، وأكثر المباني التي دمرت هي للمسلمين، وكنتيجة لذلك كما يرى جون فيفر أن هذا الخطاب الصليبي والممارسات الصليبية قد أدت لانخفاض شعبية أوباما الآن داخل العالم الإسلامي كثيرا عن بداية فترة رئاسته، ففي مصر انخفضت نسبة تأييده من 41٪ عام 2009 إلى 31٪ الآن، وفي تركيا انخفضت من 33٪ إلى 23٪، وفي باكستان من 13٪ إلى 8٪.

في الوقت نفسه يؤكد فيفر أن ما يشهده العالم الغربي أحيانا من هجمات حاليا دافعها الانتقام لما ارتكبته أمريكا منذ الحادي عشر من سبتمبر وليس دافعها الدين، والكثير من المسلمين اليوم يرون إدارة أوباما كامتداد لإدارة بوش تماما في التصعيد ضد المسلمين.

ويختتم فيفر مقاله بالتحذير من استمرار الإسلاموفوبيا؛ فالانتصارات التى حققتها حركة الشاي الأمريكية وتصاعد أصوات الجمهوريين المتشددين في الكونجرس، ناهيك عن نهضة اليمين المتطرف في أوروبا، كل هذه الشواهد توحي بأن الغرب سوف يعيش مع هذا الخوف المرضي لبعض الوقت. فيقول "إذا كانت الحروب الصليبية قد استمرت مئات السنين، دعونا نأمل أن الإصدار الثاني من الحملات الصليبية، وعصر الظلام الذي وضعنا أنفسنا فيه، يكون أقصر عمرا من ذلك بكثير".


رابط النشر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق