الاثنين، 29 أكتوبر 2007

عقد الزواج.. خبرة صفحة مشاكل وحلول بإسلام اون لاين

إعداد : أمل خيري

مقدمة:

تعد فترة عقد القران من أهم مراحل الزواج في الوقت الحالي نظرا للصعوبات المادية والاقتصادية التي يواجهها المقبلون على الزواج ويفرضها المجتمع بعرفه وعاداته فأصبحت هذه الفترة هي المرحلة الوسيطة بين الخطبة والزواج تسمح للعاقدين بمزيد من التقارب والتفاهم والتخطيط لبناء مستقبلهما معا في إطار شرعي يباركه الدين والعرف.

إلا أن هذه الفترة يحيطها مجموعة من الالتباسات ويكتنفها بعض الغموض خصوصاً في طبيعة العلاقة بين العاقدين بين الشرع والعرف والتقاليد وفي كثير من الأحيان لا يحسن العاقدان إستغلال هذه الفترة للإستعداد للزواج والتخطيط للمستقبل لذا كان لابد من إلقاء الضوء على أهم الموضوعات المتعلقة بهذه الفترة الهامة والتساؤلات والمخاوف التي تصاحبها باستعراض خبرة صفحة مشاكل وحلول لاستقراء ما يقرب من 60 استشارة واردة للصفحة لمحاولة استخلاص رؤية الصفحة تجاه أبرز المحاور المتعلقة بفترة العقد.

تقسيم الدراسة:

تنقسم الدراسة إلى أربع محاور أساسية في مرحلة العقد وهي:

· ما قبل العقد.

· أثناء العقد.

· الخلافات أثناء العقد.

· الاستعداد للزواج.

· فسخ العقد.

**************

أولاً : ما قبل العقد:

1. مراجعة الاختيار على أعتاب العقد:

من أهداف فترة الخطبة إتاحة الفرصة للخاطبين للتعرف أكثر على شخصية كل منهما ولذلك وفي كثير من الأحيان بعد انقضاء فترة الخطبة وقرب الدخول في مرحلة العقد يكتشف أحد الأطراف أو كلاهما أن اختياره ربما لم يكن صحيحاً ويتساءل هل يستمر في إجراءات العقد أم يطيل الخطبة قليلاً أم يتراجع عن الخطبة نفسها؟

وبالطبع فلا يوجد قاعدة عامة لهذه المشكلة فالأمر يقدر بقدره ولكن تبين من خلال ردود المستشارين مجموعة من الخطوط العامة:

- أن الحد المعقول من التعارف بين الزوجين قبل الدخول من شأنه أن يجنبهما العديد من العثرات بعده، وهذا التعارف لا يتحقق – في بعض المجتمعات – إلا بالخطبة والارتباط؛ ولكن في أحيان أخرى لا يتحقق إلا بالعقد نتيجة لعدم التفاعل المباشر أثناء الخطبة .

- فإذا كانت الخطبة قد حققت قدراً لا بأس به من التفاعل بما يسمح بالتعرف الحقيقي على سلبيات الطرف الثاني أو انعدام التوافق فليكن مد الخطبة لفترة أخرى محاولة أخيرة للوثوق من حقيقة هذه المخاوف وفي هذه الحالة فلا ينصح بالإقدام على العقد قبل حدوث الحد المعقول من التقارب والتوافق والاطمئنان لحسن الاختيار وإلا فإن فسخ الخطبة أفضل من الدخول في دائرة العقد ثم فسخه.

- وفي حالة أن الظروف المحيطة بالخاطبين في فترة الخطبة لم تسمح لهما بالتعارف الكامل والتفاعل المباشر ويبدو أنها لن تسمح مهما طالت الخطبة فإن العقد قد يوفر بديلاً أفضل لمزيد من التعارف والاطمئنان على حسن الاختيار.

- المهم أن تكون هذه المراجعة حول الأسس والأشياء التي لا يمكن التنازل عنها أو في حالة وجود تباين شديد بين الطرفين في مسائل خلافية حادة ، وليست المراجعة الناتجة عن وجود توقعات أو تصورات في الذهن لم يجدها الطرف في شريكه لأنه من الطبيعي ألا يجد الإنسان كل ما يريد ولكن ما لا يقبل التنازل عنه.

كما تكررت مشكلة اكتشاف النحافة أو البدانة أو عدم تحقق المواصفات الشكلية ..... في المخطوبة بعد الخطبة أو العقد مما يبين أن ثمة خلل ما أثناء الاختيار وحينما يصل الأمر إلى أن يتساءل الشخص عن استمراره في إتمام إجراءات العقد أم لا ؟

فإن هذا الأمر يثير نقطتين :

- أن المواصفات الشكلية غالباً ما تكون ظاهرة للخاطب حين يتقدم للخطبة فلماذا يغفلها الخاطب في مرحلة الاختيار والخطبة ثم يعود ليبرز مخاوفه قبي العقد؟

- مسألة الشكل كأحد مقاييس الاختيار، حيث يظن البعض أن الحديث عن الشكل ومقاييسه، سواء من حيث الحجم أو الطول أو اللون أو غيرها من الأمور التي لا يجب أن يفصح الإنسان عن رغباته فيها أو أن يضعها في الاعتبار عند الاختيار، وهذا أمر غير صحيح؛ حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دعا إلى الظفر بذات الدين، فإنما كان يوجه إلى الأمر ذي الأولوية، ولكن لا يعني ذلك أن يغفل الخاطب بقية الاعتبارات من الكفاءة والاجتماعية أو الاقتصادية أو حتى الشكلية، ودعا الرجل من الأنصار الذي علم أنه خطب بغير أن يرى من سيتزوج، دعاه إلى أن ينظر إليها عسى أن يُؤدم بينهما.. ولم يكتفِ رسول الله بقبول الرجل لدين الزوجة، بل دعاه إلى رؤيتها حتى يرى منها ما يدعوه إلى زواجها، وطبعًا ما سيراه سيكون متعلقًا بالشكل والمقاييس الجسمية، ووصل بعض الفقهاء في ذلك إلى حدود قد يتعجب لها البعض في مسألة ما يراه الخاطب فيمن يرغب أن يتزوجها.

لذا لابد هنا من الوضوح مع النفس قبل الإقدام على العقد إن كانت هذه المواصفات الشكلية ستمثل له عائقاً بعد الزواج أم لا وإن كان سيظهر منه دوماً ما يشعرها بعدم رضائه بها فمن الظلم أن يعقد عليها ثم يتزوجها ويعيش معها وهو كاره لها أو يشعرها بنقص لديها لا ذنب لها فيه.

2. السؤال عن الخاطب :

على الطرف الآخر نجد الفتاة على أعتاب العقد مترددة بين إتمام العقد وهي لم تطمئن بعد لاختيارها الصحيح وربما لم تتح لها فترة الخطبة أي تقدم في هذا الاتجاه فإن السؤال عن هذا الشخص مرات عديدة وخصوصاً معارفه وزملائه في العمل وجيرانه قد يوفر لها الاطمئنان النفسي.إن جمع المعلومات الصحيحة هو الطريق السليم إلى قرار صحيح، وإن الأخذ بالمظاهر والأشكال لا يغني عن الجوهر والمضمون شيئا.

3. مخاوف قبل العقد:

من أهم المخاوف التي تتردد في النفس قبل العقد الخوف من تغير الطرف الثاني بعد العقد عما كان عليه أثناء الخطبة باعتبار أن فترة الخطبة في الغالب يبالغ فيها الناس في التجمل والمظاهر الخادعة.

وهذا التخوف له وجاهته بالفعل لأن فترة الخطبة والعقد تتميز بقدر من التجمل، ولكن الزواج ينجح بأمرين -بعد فضل الله عز وجل- وهما:
أولا: أن تكون العناصر الأساسية للتوافق بين الشخصيتين موجودة اجتماعيا وثقافيا ودينيا مع وجود قدر من المودة والقبول.
ثانيا: أن يستعد كل من الطرفين للتغاضي عن عيوب الآخر؛ لأن الكمال لله وحده، وأن يبدأ رحلة الصبر وحسن العشرة والمعاملة حتى يغير ما يمكن تغييره من هذه الطباع والعيوب.

4. المصارحة والوضوح قبل العقد :

- تتكرر نفس المشكلة كثيراً يحن يكون التخوف من المصارحة والوضوح سواء قبل الخطبة أو العقد بخصوص ذنوب اقترفها أحد الأطراف قبل الخطبة وهل يخبر الطرف الثاني أم لا وبالطبع تتزايد المخاوف كلم اقترب العقد وقد تم تفصي القول في ذلك في دراسة الخطبة ولكن نذكر بالقاعدة العامة:

أن شروط التوبة هي أن يستغفر الفرد الله، وأن يندم على ما فعل، وأن يصمم على ألا يعود، فإن فعل ذلك فليس من المنطق أن يفضح الإنسان نفسه لأي فرد كائنًا من كان، ويذكر له ما وقع من معصية، خاصة إذا لم تترتب على هذا الذكر أو المصارحة أي نتائج فعلية أو إيجابية..
- والمشكلة الثانية هي محاولة الخاطب إجبار خطيبته على الاعتراف بكل ما كان منها في طفولتها أو مراهقتها فتعترف له بهفوات ارتكبتها بعد أن يعدها بنسيان ما ستعترف به ولكنه يظل يتمادى في الشك فيها.

والحل هنا ألا يفتح الخاطب على نفسه هذا الباب من الشكوك والظنون فيمن سيعقد عليها وتكون زوجته طالما أنه اختارها وفق معايير الاختيار السليمة من دين وخلق .... أما إذا وصل الأمر لهذه الحافة من الشكوك فإن إتمام العقد والزواج سيحيل حياتهما إلى جحيم إذا لم يتخلص تماماً من هواجسه قبل الإقدام على العقد .

**************

ثانياً : أثناء العقد :

1. أهمية فترة العقد :

المقصود بفترة العقد هي الفترة الواقعة بين إجراء العقد الشرعي المكتمل الأركان وقبل الزفاف.

ويجب أن تكون فترة العقد هي التطورالطبيعي لفترة خطوبة ناجحة وصل فيها الخطيبان لحالة من الحب العذري أو الرومانسي مع قناعة عقلية بأنهما يصلحان لأن يكونا زوجين مرتبطين شرعيا ، ويحتاجان للعقد من أجل أن يتحول الحب بينهما إلى قصة حب واقعية يزداد فيها تعارف الطرفين ؛ فيزداد تقاربهما وعمق مشاعرهما. فتتآلف الطباع وتتكامل الصفات، وتتفاعل النفوس، إنه تزاوج النفوس والحواس بشكل تدريجي متفق عليه والذي يسمح بالمزيد من التعرف علي خصال الحبيب وصفاته، المزيد من الاندماج وزيادة المساحات المشتركة بين الزوجين وتقليل مساحات الاختلاف ، معرفة كل زوج ما يسعد زوجه ، هو تفاهم يصل لإدراك معنى النظرة أو الإيماءة، هو أن يكتشف الطرفان أن بينهما أمورا كثيرة مشتركة.

هذا هو دور فترة العقد... إنه الأساس الذي يقوم عليه البنيان، إنه الجذر الذي تقوى به الشجرة.. هذا ما على الزوجين أن يسعيا للوصول إليه حتى يأتي الزفاف كخطوة تلقائية. لم يعد الزوجان يحتاجان إلا أن يجمعهما سقف واحد، يريد الحبيب أن ينفرد بحبيبته في حياة واحدة مشتركة... هذه هي الثمرة الصحيحة لعلاقة عقد زواج صحيحة لمن أراد زواجا صحيحا.

2. مدة العقد :

فإذا كانت فترة العقد بهذه الأهمية فهل لها مدة محددة وهل من الأفضل إطالة مدة العقد أم يفضل أن تكون قصيرة؟

لا يمكن التعميم على كل الحالات والمجتمعات.

إلا أنه من الأفضل ألا تزيد هذه المدة لأن مساحة العلاقة بين العاقدين تكون أكبر بكثير من فترة الخطوبة التي يقتصر فيها الأمر على مقابلات في وجود المحارم أما العقد فيسمح بما هو أكثر من ذلك وبما أن فترة العقد فترة مضطربة المعالم.. حتى إنها لم يكن لها وجود إلا في آخر 30 أو 40 سنة، ويحدث فيها صراع بين الزوج والأهل حول الطاعة والإنفاق والحصول على الحقوق الشرعية، كما يحدث فيها صراع نفسي حول حدود العلاقة الجسدية.. لكل هذا يفضل أن تكون قصيرة.

3. العلاقة بين العاقدين :

من الأمور الشائكة أثناء فترة العقد والتي تثير جدلاً وربما خلافات بين العاقدين أو مع الأهل مسألة حدود العلاقة بين العاقدين والمسموح به وغير المسموح به إضافة إلى إثارة مسألة حدود طاعة الزوجة لزوجها في هذه الفترة وحقوق وواجبات كل من الزوجين أثناء العقد وسنفصل في هذه الأمور بشكل كبير لأن هذا المحور دارت عليه أغلب الاستشارات :

- حدود العلاقة بين العاقدين:

تتمثل الخطوط العامة لرؤية الصفحة حول هذا الأمر فيما يلي:

أ - إن عقد الزواج إذا تم مستوفيا أركانه وشروطه فيكون العقد قد وقع صحيحا وتترتب عليه آثاره الشرعية، ولكن قد يحدث أن يتم عقد القران، وتبقى الزوجة في بيت أبيها مدة من الزمن قد تطول أو تقصر، ففي هذه الحالة يتنازع الموقف أمران:
الأمر الأول: أن المرأة بعد كتابة العقد الشرعي صارت زوجة للرجل، له عليها ما للرجل على زوجته.
الأمر الثاني: أنها ما زالت في بيت أبيها ولم تزف إليه.
ب - لذا فإنه يستثنى من تحقيق آثار العقد الشرعية في هذه الحالة أمران:

الأول: طاعة الزوج:فلا طاعة للزوج حتى تنتقل الزوجة إلى بيت الزوجية وما دامت في بيت أبيها فالطاعة واجبة لأبيها.

الأمر الثاني: معاشرة الزوجة: فالعلاقة الجنسية التامة لا تكون إلا بعد أن تزف الزوجة إلى بيت زوجها، لأن (النكاح) مرتبط في الإسلام بـ(الإشهار).. يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أشيدوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدفوف". ومعنى الحديث أن هناك إشهارا بأن هذا الرجل قد نكح (أي تزوج زواجا كاملا) هذه الفتاة، أما في حالة العقد بشكله الحالي فإن الإشهار هنا يعني فقط أن هناك ورقة رسمية تربط هذا الشاب بهذه الفتاة، وأنه لم يدخل بها بعد؛ بمعنى إذا حملت مثلا هذه الفتاة فإن المجتمع لا يرحب ولا يحتفل بهذا، ويعتبرها مخطئة؛ لأنه لم يحدث إشهار للنكاح وإنما للعقد فقط.

ج - وكل ما هو باستثناء ذلك فإنه في دائرة المباح، ومن ذلك خروج العاقدين إلى الأماكن العامة بدون محرم، بل كل استمتاع دون الجماع فهو في دائرة المباح مع التأكيد على أن القواعد العامة لا تصلح هنا، ومراعاة العرف السائد من توجيهات شرعنا الحنيف فإنه حتى في وجود العقد نظرنا هل نحن بصدد طرفين تلعب بقلبيهما عاطفة جامحة يُخشى معها استباق الأحداث، وتطورها الطبيعي في مجتمع لا يعترف بالزواج إلا بعد الدخول أم نحن في ظروف أخرى بالنسبة للطرفين والبيئة المحيطة، والأمور تختلف من مكان لآخر.
لذا فإن المسموحات في الحقيقة ما يسمح به الأهل لأنه في كثير من الأحيان يرفض الأهل مجرد الاستمتاع البسيط أو حتى مجرد الخلوة فلا مناص من إرضاء الأهل .

د - لا بد أن نفرق بين تبادل الكلمات العاطفية، واللمسات الدافئة، .... وبين مقدمات الوطء من ناحية أخرى، فقد أبدى المستشارون تحفظا شديدا بشأن مقدمات الوطء في فترة العقد؛ لأن من الناس من يستطيع كبح جماح نفسه، ومنهم من لا يملكها، وقد كان رسول الله يقبل عائشة وهو صائم، وتعليقها على ذلك ـ رضي الله عنها ـ أنه كان يملك نفسه وشهوته، وبالتالي إذا دخل العاقدان في مقدمات الوطء نصبح أمام طريقين لا ثالث لهما، إما أن يحدث الوطء فعلاً، أو نظل نقف على الباب ومشكلة المداعبات "الثقيلة" التي لا تصل إلى الوطء تشبه الماء المالح الذي يعطش من يشرب منه، فيشرب أكثر، ويعطش أكثر، وإذا طال أمد هذه المداعبات فقد تورث بعض العادات السيئة، وتحفر بعض الدهاليز للوصول إلى اللذة عن غير الطريق الطبيعي، ويسبب هذا بعض الانزعاج للزوجين، ويحتاجان إلى إعادة تأهيل وتدريب ومن سلبيات هذه المداعبات في فترة العقد نظرة الطرفين إليها، فقد ترغب بها المرأة، وتراها دليلا على الحب، وقد تستحي منها لكونها ما تزال في بيت أبيها، وقد تستنكرها خوفًا من عواقبها، وأحيانًا بل غالبًا تختلط مشاعرها تجاه هذه الممارسة، أما الشاب فغالبًا ما يريد الوطء من أول يوم، وشهوته تدفعه إلى هذا وتلح عليه، والأخذ بالأحوط قد يحرم الطرفين من لذة حلال يريدها كل طرف لحاجة في نفسه، بينما فتح الباب يضعنا أمام كل الاحتمالات.

ومن سلبيات هذه المقدمات أيضاً أنها قد تدخل الطرفين في فخ شائع، وذلك حين تعتبر الفتاة رغبة العاقد عليها في معاشرتها مجرد شهوة تبحث عن تفريغ، بينما هي تريد رومانسية وعواطف، ويغذي هذا التفكير الشائع ما يتناثر وينتشر من مفاهيم مستوردة أو محلية من أن الرجل يريد فقط شهوته، بينما المرأة تبحث عن العواطف والمشاعر، على الرغم من أن المسألة ليست بهذا التصور؛ فالرجل الطبيعي يعتبر ممارسة الجنس جزءا من التعبير عن مشاعره تجاه من يحب، والمرأة الطبيعية تريد الجنس جزءا أساسيا من علاقتها بمن ترتبط به عاطفيا وشرعيا، ووضع الرومانسية في مقابل رغبات النفس الجنسية هو محض خلل واختلال، لكنه شائع.

إضافة إلى أن فترة العقد مثالية جدا لاستكشاف مريح للطرف الآخر، ومن دون أي حرج نفسي أو شرعي، وفرصة ذهبية للبدء في بناء علاقة انسجام وتفاهم حين تتم رؤية تضاريس الطرف الآخر الذهنية والشخصية عن قرب، ومن دون رتوش التجمل أو المداراة التي كانت في فترة الخطبة.

ولعله من المفهوم أن يندفع الطرفان المحرومان من الجنس إلى ممارسته بعد الحصول على الرخصة، ولكن في غمرة هذا الاندفاع، أو محاولة كبحه منهما أو من غيرهما تضيع الأسئلة المهمة حول كيفية وصل الروابط وبناء العلاقة الإنسانية؛ الأمر الذي يوصلنا في النهاية إلى تبادل الكراهية والنفور وربما الطلاق، دون أن يأخذ الطرفان فرصة حقيقية لتعارف وثيق عميق وتقارب وامتزاج وإفضاء لبناء الزواج؛ ذلك الميثاق الغليظ كما أشار إليه القرآن الكريم.

ه - أما من يريد إتمام الزواج ولا يقدر على الانتظار فعليه الإسراع بإتمام الزواج، مع التنازل عن الكماليات، فإذا كانت الظروف غير مواتية لإتمام هذا الزواج.. فالأفضل لهما معا أن يستثمرا فترة العقد هذه في دعم الترابط بينهما والاستمتاع بالمشاعر والتعبيرات الرومانسية وفي التخطيط لحياتهما الزوجية.

- الطاعة:

من الأمور الشائكة أيضاً مسألة حدود طاعة المعقود عليها للعاقد حيث يظن العاقد في أغلب الأحيان أن مجرد العقد يعطي له الحق في الحجر على زوجته ويوجب عليها استئذانه في كل صغيرة وكبيرة وكثيراً ما تقع الفتاة في حيرة بين طاعة زوجها وطاعة أبيها .

ورؤية الصفحة أن مجرد العقد دون إتمام الزفاف لا يوجب طاعة الزوجة لزوجها لأنه من المتعارف عليه بين الناس هو أن الفتاة ما دامت في بيت أبيها فإن حق الطاعة ثابت لأبيها لا للعاقد عليها، وكذلك فإنها تستأذن أباها في الخروج من البيت فهو صاحب الأمر والنهي لا العاقد عليها ، كما جرى العرف أيضا بأن الأب هو الذي ينفق على البنت المعقود عليها ما دامت عند أبيها ولا يطالب العاقد بالإنفاق عليها إلا بعد الزفاف، ويجب شرعا مراعاة هذه الأعراف الصحيحة والتي لا تعارض الأحكام الشرعية فالعرف الصحيح الذي لا يصادم النصوص الشرعية معتبر عند أهل العلم.

أما إن طلب العاقد من زوجته إخباره بالأماكن التي ستخرج إليها قبل خروجها، إذا كان ذلك من باب الاطمئنان عليها وليس الاستئذان فلا بأس من هذا، بل إن هذا الأمر من الأسباب الجالبة للثقة بين الزوجين وبث أسباب الطمأنينة في الأسرة الناشئة، على أن يكون هذا من باب الاطمئنان لا الاستئذان طالما كانت الفتاة في بيت أبيها، وكان خروجها لسبب مأذون فيه شرعا.

- الحقوق والواجبات والقوامة:

من المشاكل المثارة أيضاً في العلاقة بين العاقدين مسألة الحقوق والواجبات بينهما وحق الرجل في القوامة وحق الزوجة في النفقة...

ويمكن إيجاز الخطوط العامة لرؤية الصفحة فيما يلي:

أ - الأصل أن عقد النكاح إذا تم بشروطه من الصداق، والشهود، والولي فإنه يترتب عليه آثار العقد الشرعية ومن هذه الآثار الشرعية: وجوب نفقة الزوجة على زوجها، ولكن لما كان الزوج ممنوعا من الاستمتاع الكامل بالمعقود عليها بالعرف أو بالشرط، فإن ذلك لا يوجب عليه النفقة بل هي على الأب فالنفقة لا تجب إلا إذا زفت الزوجة إلى زوجها في بيت الزوجية المتفق عليه، وأصبحت بين يديه سكنا ولباسا.

ب - يترتب على ذلك أنه لا قوامة للزوج أثناء العقد بل الولاية للأب.

ج – من الخطأ عند الحديث بين العاقدين أو المتزوجين التحدث بلغة الحقوق والواجبات كما يقول الدكتور محمد عمارة: "إذا تحولت العلاقة بين الزوج والزوجة إلى حقي وحقك، فإن هذا لن يكون بيت زوجية، وإنما سيكون دكانا". إذا تحدثنا بلغة الحقوق والواجبات فقط فإن عش الزوجية سيكون أقرب لقسم الشرطة أو الثكنات العسكرية. هناك مبادئ وقيم إسلامية وإنسانية في ضوئها نستطيع أن نفهم ونطبق الحقوق والواجبات، ولقد تحدث ديننا الكريم عن هذه المبادئ والقيم أكثر مما تحدث عن الحقوق والواجبات؛ تحدث سبحانه وتعالى عن السكن والمودة والرحمة.
فما أكثر المتحدثين عن العلاقة الزوجية، لكن على طريقة: حقوق وواجبات الزواج، وكيف تسعدين زوجك؟ وكيف تسعد زوجتك؟ ناهيك عن دورات تطوير الذات، وإدارة العلاقات، وتعلم كيفية الإصغاء، ولغة الجسد... إلخ، كل ذلك من دون أن يقدم أحد للزوجين فكرة عن كيفية بنائهما علاقة إنسانية وعاطفية سليمة، وكأن هذه العلاقة تحدث بشكل تلقائي أو أوتوماتيكي، بمجرد أن يكون الطرفان تحت سقف واحد يتشاركان الفراش ومائدة الطعام؛ فنادرا ما نرى أحدا يقول للزوجين: كيف يمكنهما التعبير عن مشاعر الحب أو الغضب أو الكراهية حين يشعران بها والخطاب المستند إلى ديباجات دينية يبدو بدائيا وعاجزا عن الاستنباط من كتاب الله العزيز، أو من خبرات البشر بدءا من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ما يساعد الزوجين في تعريفهما كيفية بناء علاقة إنسانية وعاطفية راشدة وسليمة؛ فغالبية هذا الخطاب يكتفي برص الآيات وسرد الأحاديث دون أي اجتهاد يساعد في التوصل إلى توجيهات أو ملاحظات خاصة بهذه القضية المصيرية في حياة أي أسرة وهنا يكون التساؤال عن حقوق وواجبات فترة العقد دون الانتباه إلى ما هو أهم من ذلك .

4. أخطاء تحدث في العقد :

هناك مجموعة من الأخطاء التي تحدث في العقد وتؤدي لعواقب وخيمة كتسرع العاقدين في العلاقات الجنسية أو عدم إستغلال الفترة في التعارف الجيد والتقارب أو الاندفاع في العواطف أو على النقيض الجفاف العاطفي....

ويهمنا أن نعرض لرؤية الصفحة التفصيلية في كل هذه الأخطاء.

الخطأ الأول: دخول العاقدين في علاقة جنسية ناقصة أو كاملة في غير ميعادها مع القلق من نتائجها: يخرج فترة العقد من دورها، الذي من المفترض أن تكون تطورا طبيعيا لفترة خطوبة ناجحة كما ذكرنا سابقاً كما أنه يحمل مجموعة من السلبيات على الوجه الذي تم تفصيله.

الخطأ الثاني:عدم التقارب الكافي بين العاقدين في هذه الفترة سواء كان بسبب الأهل الذين يمنعون العاقد من الجلوس مع زوجته والخروج معها إلا بصحبة أحد المحارم مما يمنع تواصلا وتفاعلاً حقيقياً بينهما أو بسبب سوء فهم العاقدين لهدف العقد والغاية منه فيكون التركيز على الأمور المادية لبناء البيت وإغفال عنصر التآلف النفسي والتقارب الروحي بينهما.

الخطأ الثالث: الاندفاع في العواطف من طرف واحد بينما الطرف الثاني ما زال يحتاج لفترة طويلة من التدرج في عواطفه فيتهم بأنه بارد المشاعر أو جاف العاطفة أو ربما يظن الطرف المندفع في حبه أن شريكه لا يقبله أو لا يبادله المشاعر .

وهنا يجب التأكيد على أن البشر يتفاوتون في طريقة التعبير عن مشاعرهم فمنهم من يصرح ومنهم من يلمح كما أن نمو العاطفة لا يكون بنفس الدرجة لدى كل البشر طالما توافر الحد المعقول من القبول النفسي والتوافق الروحي فإن نبتة الحب تحتاج إلى الرعاية وعدم التسرع.

الخطأ الرابع : تعريض الطرف الثاني للاختبارات: كمن يضع زوجته في اختبار مستمر ليختبر مدى حبها أو اهتمامها به بشكل يعقد حياته وحياتها وفي نفس الوقت تخفي هي حقيقة مشاعرها خجلاً ومن مشكلات الشباب أحيانا أنهم لا يضعون أنفسهم مكان الطرف الآخر قبل التصرف، وهذه حكمة قليل من يدركها، ولنا في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأسوة "التمس لأخيك سبعين عذرا"، فالتماس الأعذار لا يكون إلا بتصور نفسك مكان هذا الشخص قبل أن تحكم عليه. كما أن إخفاء المشاعر تحت أي مسمى لا يجني الطرفان من ورائه إلا الألم والحسرة لذا لابد أن يعيش العاقدان على طبيعتمها بلا تكلف وبلا اختبارات .

**************

ثالثاً : الخلافات أثناء العقد :

1. أهم مشاكل العقد :

نرصد في البداية حقيقة أن فترة (العقد) بشكلها الحالي هي فترة لم يكن لها وجود تقريباً في تاريخ الكون حتى السنوات الثلاثين الأخيرة، كانت هناك فترة خطوبة قصيرة غالباً، وفي أثنائها يزور الخاطب خطيبته على فترات متباعدة نسبياً ويكون ذلك في حضور والدها أو والدتها، ثم يأتي العقد والزفاف معاً، أو بينهما وقت قصير، لكن للأسف مع وجود الأزمات الاقتصادية في بعض البلدان، وامتداد فترة التجهيز للزواج إلى سنوات، أو انتظار أن تستكمل العروس دراستها، في ظل هذه الظروف ظهرت فترة (العقد).
وهي في الحقيقة فترة محيرة جدًّا شرعاً وعرفاً وبسبب ما ذكر سابقاً من الالتباسات حول حدود العلاقة بين العاقدين وعن الأخطاء التي يقع فيها العاقدان ينتج مجموعة من المشكلات والخلافات والتي تكون إما بين العاقدين أنفسهما أو مع الأهل حول الأمور المادية أو غيرها وهذه المشكلات لا تظهر إلا بعد العقد وربما يؤدي ذلك لمرتجعة قرار إتمام الزواج من عدمه وسنعرض لأهم هذه الخلافات والمشكلات كما ظهرت خلال الاستشارات.

2. اكتشافات ما بعد العقد :

هل يمكن أن يحدث بعد إحسان الاختيار والاستشارة والاستخارة والخطبة اكتشافات أخرى بعد العقد؟

بالطبع هذا أمر وارد في كل وقت فالمواقف الكاشفة التي تتاح أثناء العقد قد تكشف عن أشياء لم تظهر في فترة التجمل أثناء الخطبة كاكتشاف الكذب أو الادعاء أو زيف التدين .... وربما ينتج ذلك أيضاً عن سوء الاختيار نفسه كأن يركز على عنصر واحد دون غيره ثم تظهر الشخصية على حقيقتها بلا رتوش بعد العقد .

أهم هذه الاكتشافات والخلافات التي وردت في الاستشارات:

أ - العناد بين العاقد والمعقود عليها : والعناد صفة سيئة.. ولا ننصح بالاستسلام لها.. والمواجهة لا بد أن تكون بالرفق أحيانا وبأخذ موقف أحيانا وبالحب والأمان أحيانا وبالفتور أحيانا، ولكنها صفة مدمرة للبيت.
ولكن تمسك العاقد بالرأي مثلا لا يعتبر عنادا؛ فأي إنسان طبيعي من حقه أن يتمسك برأيه، وليس مفترضا أن يسمع كلام الطرف الآخر حتى لا يعتبره عنيدا؛ بل على الطرف الآخر عندئذ أن يتبع الحجة والمنطق في الإقناع برأيه، وإلا فلا سلطان له على أحد.

وبالطبع ربما يكون أمر الخلاف بين زوجين في اتخاذ قرار بشأن شراء أو فعل أو ما شابه لا علاقة له بوجهات نظر مختلفة، وأكثر ما فيه أنه تصارع إرادات إن صح التعبير.. بمعنى أن الفكرة الأصلية وراء الخلاف ليست وجهة نظر معينة تخص هذا الخلاف بعينه ولكنها قضية جوهرية حاكمة، ألا وهي:
من ينفذ إرادته أو من يفرض إرادته أو من يتخذ القرار؟؟؟
الأمر متعلق بجدلية العلاقة بين الرجل والمرأة في منظومة الزواج، ويدخل في المسألة مفهوم القوامة وتحديده ومفاهيم اجتماعية حول علاقة الرجل بالمرأة وطبيعة الزواج، ليكون الناتج في النهاية هو هذا الخلاف الذي يتجسد عند كل اختيار، بدءًا من شراء أصغر شيء في البيت ووصولاً لملابس الزوجة عند الخروج وانتهاءً بقرارات أكثر مصيرية في حياة الزوجين.
أي أن التشخيص الصحيح للمشكلة يؤدي إلى حلها، ولكن التشخيص السطحي لشكل العناد يؤدي إلى خطأ أكبر فالزواج هو هذه العلاقة الفريدة بين طرفين من أجل تكوين الكيان الزوجي. هذا الكيان المؤلف من الزوجين يتكون من:
-بنقاط التقاء (يتحدا فيها).
-ونقاط تميز (تتكامل وتتفاعل من أجل تقوية هذا الكيان الزوجي).
-ونقاط خلاف (ستبقى ولكن على كل طرف أن يتكيف معها لأنها لن تتغير، ولكنها في ذات الوقت يجب ألا تؤدي إلى تشتت الكيان أو تمزقه، فهي نابعة من الطابع الخاص لكل شخصية. هذا الطابع الذي استمده من تربيته وبيئته ولا نستطيع تغييره).
الكيان الزوجي يحتاج إلى تفاهم وتفاعل من الطرفين لتقوية نقاط الالتقاء وتكامل نقاط التميز وتقبل نقاط الخلاف. والأمر مطلوب من الطرفين على حد سواء بنفس القدر مع فهم واضح لطبيعة دور كل طرف في هذا الكيان حتى يستمر ويستقر.
فقوامة الرجل هي قوامة الاحتواء بالقيام على أمور الأسرة ولكن في إطار الحب والرحمة؛ فالرجل يدير ويوجه، وسلطانه في القلب وفي النفس هو الذي يعطيه قوة الإدارة والتوجيه وليس سلطان التحكم والجبروت.
والمرأة ترعى وتجمع وتظلل على عشها وتنشر الحب الذي يضمن استمرار هذا الكيان، وهي تعود خطوة للوراء حتى تكون خلف زوجها ليس تقليلاً من شأنها ولكن فهمًا لدورها الخاص الذي ليس شرطًا أن يكون هو دور الندية في العلاقة مع زوجها.
إنه تقسيم أدوار، لكن لا يعني أن أحد الدورين هو الأهم؛ لأن الكيان لا ينشأ ولا يستمر إلا بالدورين معًا وإلا ما أصبح كيانًا، وهو ما سمي كيانًا إلا بالتحام طرفين. وأخطر ما يواجهه أن يظل كل فرد وحده.
فالأمر إذن لا يتعلق بصراع إرادات يحاول كل طرف فيه أن يفرض إرادته ويفرض التغيير على الطرف الآخر ويتصور أنه سيغيره أو يربيه أو يقنعه، بل كل منهما مطالب بالتغير طواعية والتكيف عن رضا حتى تسير الحياة. وبالتالي فإن أكسير الحياة لهذا الكيان هو الحوار والتفاهم والتواصل، وهو حوار لن يكون له دور في مجتمعاتنا لو لم يبدأ في بيوتنا.
ب – شعور الفتاة بالفتور تجاه العاقد أو كأنه أحد محارمها ولا تتخيل أنه سيكون زوجها له حقوق شرعية عليها وهنا لا يخلو الأمر من احتمالين: إما أن يعبر هذا الموقف عن أحد صور الحياء الشديد وفي مثل هذه الحالة فإن التحسن سيستمر مع مرور الوقت، وأن هذه الرهبة ستزول مع اللمسات الأولى، فالحياء يشبه الحاجز الذي يحول بينها وبين الطرف الثاني.

والاحتمال الثاني: أن يكون هناك ة نفسية ما متعلقة بنظرة الفتاة للعلاقة الجسدية بين الرجل والمرأةويفيد فيها التعرف على ما طبيعة العلاقة بين والدي الفتاة ؟ هل هناك حب وتفاهم؟ أم اضطراب وتناحر؟ وما مدى تأثير هذا عليها؟
• هل كانت لها تجربة عاطفية سابقة؟ وما تأثير هذا عليها أيضا؟
• هل هناك تجربة في طفولتها حدثت لها أو شاهدتها عن قرب، أو حتى في وسائل الإعلام تتعلق بالعلاقات الجسدية؟
• ما هي نظرتها لهذه العلاقة؟ هل تحترمها أم تستقذرها؟ ولماذا؟
والأمر قد يحتاج -في بعض الأحيان- إلى اللجوء للطب النفسي إذا وصل لدرجة مرضية.

ج – شعور الفتاة أن خطيبها لا يهتم بها بعد العقد بشكل كاف ولذا يجب التأكيد على أن الناس يختلفون في التعبير عن المشاعر، والحب ومشاعره والتعبير عنه يحدث بالتدريج و من المحتمل أن يكون جمود العاقد العاطفي نابع من محدودية التفاعل بينهما أو مرتبط بطباعه الشخصية وسيظهر هذا في تجاوبه مع مبادرات ومحاولات الفتاة فإذا تبين لك أن هذا طابع فيه؛ فسيكون عليها أن تحسم أمرها قبل استمرار خطوات الارتباط: هل تقبل بهذا العيب وتغض الطرف عن هذه الجزئية في مقابل النواحي الإيجابية الأخرى في هذا الإنسان ، أم أنها لا تقبل بهذا الطبع والوضع، وبالتالي من حقها فسخ العقد، وإنهاء العلاقة وإن كان هذا الاحتمال وارد، وقد يبدو مؤلمًا، ولكن خسائره تبدو أقل بكثير من عذاب العمر بمعاشرة زوج لا تقبل زوجته بطبع في شخصيته لا تحتمله – وهذا حقها – بينما قد تمرره أخريات ليس لديهن الاهتمام نفسه بهذا الجانب والانفصال عندها قد يكون أخف الضررين.

د – ضيق العاقد من عدم تبعل زوجته له في مرحلة العقد والذي قد ينتج من حيائها لأنها ما زالت في بيت أهلها أو بسبب التربية المتشددة في الطفولة التي تمنع الفتاة من التعبير عن أبسط رغباتها وبالتالي نضوج شخصيتها. والحل أن يلعب العاقد على وتر المودة والرأفة وتعليمها ما تجهله عن العواطف بالحسنى مع مناقشتها إمكانية تغيرها بعد الزواج إذا كانت تستحيي من أهلها، أو قدرتها على تغيير طبعها الجدي إلى المرح ولو قليلا. فالطباع المختلفة ليست دليلا على عدم نجاح الزواج إذ كثيرا ما يكمل الأول نقص الثاني، والزواج ما هو إلا السعي وراء الكمال الإنساني والإسلام رغب أن يكون الباعث على الاشتراك في الحياة الزوجية أمرا نفسيا يربط بين قلبي الزوجين برباط وثيق من المودة والألفة، ففي الآية: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} المودة تنمو مع الزمن، ولا تزيدها الأيام إلا توثقا؛ لأنها مبنية على إعجاب كل من الزوجين بخلق صاحبه واستقامته وما الزواج إلا سكن نفسي واطمئنان روحي وتواصل قلبي، ولا يكون هذا إلا مع الخلق الفاضل والمنبت الحسن.
أما إذا فشلت كل محاولاته ولم يستطع أن يستخدم الجانب الإيجابي في خطيبته لصالح ارتباطهما فلا عليه أن ينفصل عنها، فإن يفعل ذلك وهو لم يدخل بها خير من أن يقرر ذلك بعد الدخول أو بعد مجيء الأطفال؛ فتزيد حياته وحياتها تعاسة.

ه – الغيرة الشديدة بين العاقدين: والحقيقة أن غيرة الرجل على امرأته أمر محمود، والرسول عندما نزلت سورة "النور" واعترض أحدهم على وجوب الشهود الأربعة لإثبات واقعة الزنى رد عليه الرسول "إنك تغار، والله أغير منك"، وعندما تحدث (صلى الله عليه وسلم) عن الجنة وعن رؤيته لقصر عمر بن الخطاب في الجنة فقال : "فتذكرت غيرتك يا عمر فوليت مسرعًا"، فضحك عمر وقال: "أمنك أغار يا رسول الله؟".
إذًا فالغيرة خلق محمود، ولكنه مثل صفة من الصفات البشرية يكون محمودًا إذا كان وسطًا بلا إفراط ولا تفريط. والضابط لأمر الغيرة بحيث لا تتجاوز حدودها الثقة بين الزوجين؛ فأن يغار من نظر الرجال إلى زوجته فهذا أمر عادي.. أما أن يطلب منها ألا تنظر يمينًا أو شمالاً، أو ألا تحدث أحدًا أبدًا فهذا أمر غير طبيعي ويحتاج إلى وقفة ومراجعة لمدى ثقته فيها فالثقة هي الخصلة الوحيدة في العلاقة بين الزوجين التي لا تتجزأ؛ فإما ثقة أو لا ثقة، ولا علاقة لذلك بالغيرة. إذا اختلطت الغيرة بعدم الثقة تحولت إلى غيرة مرضية تحتاج من صاحبها العرض على الطبيب النفسي؛ حيث تحول حياة صاحبها وشريكة حياته إلى جحيم لا يطاق؛ لذا فلا بد من العلاج منها دوائيًا ونفسيًا.
و – اختلاف التفكير والميول والمعاملات : وهذا بالطبع أمر وارد فلا يوجد إنسان كامل، وكذلك لا يوجد شخصان متطابقان تماما، لذلك لا يحلم كل طرف لا بالكمال ولا بالتطابق الكامل مع الطرف الثاني.
لا شك سيكون فيه من الصفات ما يحاول تغييره فينجح، وهناك من الصفات ما يحاول تغييره فيفشل ويضطر للتأقلم معها، وكذلك الطرف الثاني أيضا.
لذلك فنحن نختار الشريك صحب العيوب التي يمكن تحملها بالنسبة لنا، والأمر نسبي بالطبع.ويحتاج الأمر للمعالجة بالتدريج مع الوقت.

ز – طلب العاقد من زوجته إنقاص وزنها باستمرار وهي المشكلة التي تكررت وسبق الإشارة إليها ويجب على الفتاة أن تسأله بوضوح إن كان من نوعية الشباب الذي يصنع نموذجًا معينًا للجسم في من يريدها لا يريد أن يحيد عنه، أم هي مسألة تتعلق بالصحة والمحافظة على القوام بصورة عامة.. إن هوس النحافة الذي أصاب الناس بصورة متزايدة والذي هو محاولة لفرض صورة معينة للجسم المثالي اتجاه ضار وغير صحي.. إن لكل مجتمع مقاييسه الجمالية الخاصة المتفقة مع طبيعته.. إن الفتاة العربية لا يجب أن تكون مقاييس جمالها هي مقاييس الفتاة الغربية. فيجب محاولة التفاهم مع الزوج على الحد دون إفراط أو تفريط.
وننصح بحسم هذا الموضوع قبل إتمام الزفاف، لأن حجمها معرض للزيادة بعد الحمل والولادة ورغبة الزوج هذه إذا استمرت وزادت ستمثل ضغطًا هائلاً عليها، وعلى استقرار الأسرة.

3. الخلافات مع الأهل :

فترة العقد من أكثر الفترات التي تثير مشكلات وخلافات مع الأهل خصوصاً مع أهل الزوجة والتي يمكن أن تستمر روافدها لما بعد الزوج.

أ - تدخل أم الزوجة بين ابنتها والعاقد عليها ومحاولتها إفسادها عليه فيخشى الشاب من تأثر زوجته بكلام والدتها ولكن

شاءت إرادة الله أن من أراد أن يستمتع بالورد أن يُجرَح بأشواكهفإذا كان الشاب والفتاة مرتبطان ببعضهما، والزوجة على خلق ودين، فإنه على قدر ارتباط الزوجة بزوجها وقدرته على احتوائها يكون تخلصه من الشراك التي تنصبها بعض الأمهات لأزواج بناتها، متصورين أن ذلك نوع من الاختبار لمدى جدية الزوج في الاحتفاظ بزوجته والدلالة على غلوها عنده.
لذا لا يجب أن يقع الزوج في هذا الشراك، ويصل به التفكير إلى فسخ العقد؛ لأن هذا فيه ظلم بيّن، فلا يشغل باله كثيرا بالأمر، ولا يحاول أن يفتش وراء ما قالته الأم وتأثرت به البنت، أو يحاول أن يرجع كل ما تقوله البنت إلى تأثرها بأمها.
مع الموضوعية والنقاش في أي قضية بهدوء وحكمة، ووضع الأسباب المنطقية لقبول أو رفض أي موضوع بدون حساسية، ستدرك الزوجة عندها أنه رجل قوي ذكي يحبها وتعمل على راحتها وإسعادها؛ فحتى إن أعطت أذنها لفترة لأمها فإنها سرعان ما تكتشف أن زوجها رجل موضوعي يبحث عن المصلحة الحقيقية بغض النظر عن مصدر الكلام، مع إظهار حسم واضح لأي محاولة مباشرة من الأم للتدخل في حياته.
مع الأخذ في الاعتبار أن اتفاق الزوج وزوجته على مبادئ حياتهما، التي من أهمها عدم تدخل أي فرد كائن من كان فيما يدور بينهما، وعدم علم أي شخص بما يريان ألا يطلع عليه آخر، هذا الاتفاق سيكون عونًا لهما على استمرار حياتكما، خاصة أن فترة العقد فترة مؤقتة ستنتقل بعدها الزوجة إلى بيت زوجها ، ولن يكون للأم أي دور في حياتهما.
مع الاجتهاد في عدم الصدام بالأم مع الحسم عند التدخل المباشر، ومحاولة التقرب باللطف والسياسة الهادئة؛ فهي في النهاية أم ثانية للرجل، وجدة لأولاده القادمين فيما بعد.

ب – رفض الأهل لإعطاء مساحة للخصوصية بين العاقدين فالبعض من الآباء يرفض أن تجلس ابنته بدون حجاب أمام زوجها ويرفض خروجهما معاً ويرفض خلوتهما ولو لحظات ... كل هذا يمكن تلافيه في فترة ما قبل العقد حيث أن الاتفاقات تكون هامة جداً لأن المبدأ هو أن الحكم بيننا عندما نختلف هو الشرع. وما يفعله الأهل هنا مخالف للشرع، وإذا كنا نرفض التجاوز الذي يحدث بين العاقدين فإننا أيضًا نرفض التعنت في تحديد العلاقة بينهما فلا إفراط ولا تفريط.
في كل الأحوال يحتاج الأمر إلى وقفة جادة وحاسمة من الشاب مستندًا إلى حقه الشرعي، في صراحة واضحة يتحدث إلى "حماه" معلنًا له أنه يشعر بالضيق والعنت، وأنه يحتاج إلى رؤية زوجته في كامل زينتها وفي النزول معها والتواصل بصورة طبيعية معها في الحدود الشرعية التي يرضاها الله وليدافع عن حقه الذي فرط فيه سابقًا بعدم الاتفاق الواضح قبل العقد ويتعامل مع الأمر بحكمة وبحسم.

ومن المهم ألا يحمل زوجته المسئولية تحت زعم أنها تخاف أباها؛ لأنها ما زالت في بيته ولا تستطيع تحديه أو مخالفته. إنها مشكلة الزوج مع أهل زوجته وعليه أن يحسمها هو .

ج – الخلافات بين أهل كل من الزوجين وتأثيرها على العاقدين :وهنا يجب تفهم أن الزواج ليس علاقة بسيطة بين فردين، ولكنه علاقة شديدة التركيب بين أسرتين، واندماج ومصاهرة – أي انصهار – في بوتقة هذا الكيان الجديد الذي يشمل فرعا من شجرة يتضافر مع فرع آخر من شجرة أخرى، وفي البداية يشبه الأمر زراعة الأعضاء في جسم لم يألفها، فتلفظه للوهلة الأولى ثم يستوعب الطرفان الأوضاع الجديدة، وهي أنهما قد أصبحا عائلة واحدة هي مزيج من طرفين لم يكن بينهما أية علاقة قبل مشروع الزواج.
إذا فهمنا هذا واستوعبناه أدركنا أن الأصل هو هذا الرفض الفطري المتبادل في بدايات المصاهرة، ومع الوقت، وبفعله أيضا، يحدث نوع من التكيف والتطبيع، وتتداخل الخطوط، وتنطوي الصفحات الأولى لندخل في متن الموضوع.
وهذا التجاوز والتكيف مشروط بأن تتوافر لدى الأطراف الحدود الدنيا من الحكمة وتفهم هذه السُنة الاجتماعية المعروفة، ومشروط أيضا بأن يكون محور الخلاف بسيطًا، وليس مما يقدح في الأعمدة الرئيسية لأسرة المستقبل، مثل: التكافؤ الاجتماعي، والالتزام الديني... إلخ.
ومما يسرع بطي صفحة الخلافات العابرة أن يجتهد الطرفان الرئيسيان – الزوج الجديد وزوجته – في تذويب الجليد بين الأسرتين، والوسائل في هذا السبيل كلها مشروعة، وحتى الكذب مباح في الإصلاح بين المتخاصمين، ويمكن إدخال أطراف أخرى في إصلاح العلاقات.
د – موازنة الفتاة بين أهلها وزوجها حين يحدث خلاف بينهما أثناء العقد : وهي مشكلة تؤرق كثير من الفتيات حيث تتساءل عن كيفية الحفاظ على العلاقة بين الطرفين دون توترات . وهذا الأمر يحتاج إلى درجة عالية من الذكاء والحكمة حتى تستطيع التوازن بين الأمرين.
يجب أن تحري على تأكيد حبها المخلص لزوجها، وأن تستثمر كل فرصة لإثبات هذا الحب، وأن تحترم آراءه وتُظْهر له ذلك جيدا؛ حتى تكسب شعوره بالأمان والثقة.
وفي الوقت نفسه لا تتوقف عن الإشارة له بأنها تحترم أهلها وتحرص على إرضائهم والحفاظ علي مشاعرهم، وأنها تطلب منه أن يعينها على هذا؛ لأنها هي وهو أسرة واحد ويجب أن يتواصيا معا على ما يرضي الله ويبارك لهما حياتهما بعيدا عن الأمور التي يمكن تجاوزها والانتصار للنفس والتشبث بالرأي وهذا الذكاء والحكمة سيساعد كثيرا في وضع النقاط علي الحروف، وفي ضبط الحياة الزوجية فيما بعد.

مع الحرص على التأكيد من خلال المواقف للأهل بالحب والبر حتى لا يشعروا باستغناء الفتاة عنهم .

ه - تأجيل أهل الزوجة الزفاف عن موعده المتفق عليه: وهي مشكلة تكررت أيضاً والحل أنه ينبغي وضع النقاط على الحروف بتوسيط ذوي الحكمة والقربة من عائلة الزوجة لسؤالهم عن الأسباب الحقيقية وراء التأجيل، وتحديد مدى زمني كحد أقصى يقبله هو في حالة وجود موانع حقيقية أو وجيهة تمنع من الزفاف العاجل فليس من حق الأهل أن يؤخروا من الموعد المتفق عليه دون أسباب حقيقة.
و – الخلاف حول الاتفاقات المادية: على عكس ما هو متوقع لم ترد مشكلات حول خلافات مادية أثناء العقد وإنما كانت مشكلة من حساسية أحد الأزواج تجاه مساعدة والد زوجته له في شراء شقة وتجهيزها وحيرة الفتاة بين اعتبار الزوج هذه المساعدة إهانة له وبين سماحة والدها ورغبتع الحقيقية في الجمع بينهما وبالطبع فلا توجد مشكلة أن تساعد الفتاة مع الشاب في البداية حتى يكونا أنفسهما ويستقلا في حياتهما، وكثير من الشباب يبدءون حياتهم بمساعدة الأهل، وقد يضطرون للسكنى مع الأهل إذا لم تتوافر الشقة وينبغي عدم زيادة الحساسية تجاه هذا الأمر.

**************

رابعاً : الاستعداد للزواج :

1. الجهل والتثقيف الجنسي :

ذكرنا في الدراسة الخاصة بالخطبة أن من الأفضل تأجيل الحديث عن العلاقة الخاصة بين الزوجين إلى ما بعد العقد وخطورة تبادل هذه الأحاديث أثناء الخطبة ولكن كيف يتم ذلك أثناء العقد ؟ وهل يجوز للزوج أن يقوم بتثقيف زوجته جنسياً في هذه الفترة ؟

نوجز رؤية الموقع فيما يلي:

- التربية الجنسية المنضبطة والمتدرجة تحمي الأبناء من كل التأثيرات السلبية للجهل، وتقيهم من السقوط في براثن الوهم والأساطير المضللة، وكذلك تحميهم من السقوط في براثن التحرش الجنسي، وبرغم أهمية هذا الأمر فإن تطبيقه غائب عن أذهان الكثيرين منا، وحتى يحدث هذا فإننا نتعامل مع أحد تأثيرات غياب هذه الصورة المنشودة.. ألا وهي الجهل الذي يولد الخوف من المجهول الذي يولد الأساطير والذي يولد سوء الفهم وبالتالي سوء الممارسة.. ولقد حاول الموقع منذ البداية أن يتعامل مع هذا الجهل بصور شتى مثل المقالات والدورات الالكترونية .

- أن العاقد يحل له الاستمتاع بخطيبته فيما دون المباشرة أو مقدماتها المباشرة ومن باب أولى يجوز له الحديث في الأمور الجنسية. ومع أن الحديث في الأمور الجنسية بين العاقدين في دائرة المباح إلا أنه ينصح للعاقدين بعدم الإفراط في مثل هذه الأمور؛ لأن الحديث في هذه الأمور يؤجج بداخل كل منهما نار الشهوة، ولا سبيل لإطفائها.

- وهناك عدة اقتراحات يمكن للعاقد أن يقوم بها من أجل تثقيف زوجته بدون الكلام المباشر المثير للشهوة في غير موضعها منها مثلا:
* إهدائها مجموعة من الكتب المتنوعة عن العلاقة الزوجية، تتعرض لهذا الأمر في بعض فصولها.
* ومن الممكن أيضا أن يشير للأمر بشكل عام غير مباشر أثناء حديثه مثلا عن موقع إسلام أون لاين والموضوعات التي يناقشها.
* ويمكن أن يلجأ لأخت كبرى أو شخصية مقربة لها وله لتقوم بهذا الدور.
المهم أن تأخذ الفتاة فكرة عن الموضوع، ثم بعد الزواج تأتي الممارسة والمناقشة.. ولا مانع أن يأخذا وقتهما بعد الزواج حتى يطمئن كل طرف ويتحقق التوافق.

- أما عن الموعد المفضل لفتح هذه الأحاديث فلا ينصح الزوج بالقفز للحديث عن تفاصيل الأمور الجنسية فور العقد مع فتاة كانت غريبة عنه حتى أيام قليلة لذا فلا ينصح بالاهتمام بالتفاصيل في هذه الفترة المبكرة؛ لأن العلاقة الجنسية لدى المرأة تحتاج (للتدريب) أكثر من (المعلومات). ويفضل أن يكون ذلك قبل الزفاف مباشرة .

- مع إدراك أن اللقاء الزوجي الحميم هو مرآة للعلاقة العاطفية بين الزوجين وليس أمرا منفصلا عنها، وأن هذا اللقاء كي ينجح لا بد أن تكون تفاصيل الحياة اليومية بين الزوجين ناجحة وبها التعاطف والتراحم والتسامح والتفاهم المتبادل وأن يكثر الطرفان من اللمسات العاطفية أثناء اليوم، وأن يهتم كل منها بمظهره داخل البيت ويشعر الطرف الآخر أنه يقبله بكل مزاياه وعيوبه ولا يطلب منه شروطا إضافية لكي يقبل به سواء في العلاقة العاطفية أو الحسية.. ولا شك أن هذا القبول سيرضي الطرف الآخر وسيحرضه على بذل المزيد من الجهد من أجل تقارب أفضل عاطفي وحسي..

2. التخطيط للحياة الزوجية :

على الرغم من مناداة الصفحة كثيراً لضرورة استغلال العاقدين لفترة العقد في التخطيط للحياة الزوجية إلا أنه لم يظهر من خلال الاستشارات هذا الاهتمام فكانت التساؤلات في أغلبها كما أسلفنا حول حدود العلاقة بين العاقدين واقتصرت في كثير منها على الجوانب الجسدية دون النفسية أو العاطفية وهذا مما يدل على قصور الفهم لدى الشباب حول هذه الفترة وأهميتها ويتعجل الشاب الحصول على ما يعتقده حقوقاً له دون أن يبدي اهتماماً بمستقبل حياته فيما بعد وربما يعود ذلك إلى عدم قيام الواليدن والمجتمع والإعلام وعلماء بدورهم في توعية الشباب وفي نفس الوقت النظرة القاصرة للزواج واختزاله في شكل علاقة جسدية يتعجل الحصول منها على ما يشاء وكأن أمر إعداد البيت وتخطيط الحياة الزوجية أمراً من الكماليات وليس من الأساسيات .

لذا افتقرت الاستشارات إلى استشارات حقيقة حول كيفية التخطيط في هذه الفترة للحياة الزوجية وأهم الاتفاقات التي يجب أن تتم بين الطرفين حول حياتهما المستقبلية معاً وإنما وردت بعض الإشارات فقط في أدنى حد مثل:

أ - الاستفسار حول السكن مع أهل الزوجة في حال عدم توافر السكن المستقل أم الصبر على عدم جمع شمل الأسرة إلى حين تدبير السكن ، مع إمكانية معاشرة الزوجة بين الحين والآخر حين تسمح الظروف في بيت أهله أو أهلها؟

ودائما نقول: لا يوجد اختيار فيه كل المميزات وآخر فيه كل العيوب، وكل مهمة المستشارين هي توضيح إيجابيات وسلبيات كل اختيار حتى يكون الإنسان على بينة عند اتخاذه لقراره.
فالاختيار الأول: يحمل سلبية عدم الحرية، وأن الزوج عندئذ لن يتمتع بالحياة المستقلة، وإنما سيكون معه شركاء في البيت، وعليه أن يحترم وجودهم ويقدم بعض التنازلات في سبيل ذلك.
الاختيار الثاني: رغم أنه يحصل على الحرية بامتياز، إلا أن أهم سلبياته أن التحكم في النفس ورغباتها يكون في غاية الصعوبة، وأن عاقبة ذلك قد تكون وخيمة، فاللص يكون دائما في حالة نهم وفي حالة شعور بالحرمان، وفي حالة رغبة للحصول على المزيد، ويصعب جدا السيطرة على الموقف مما قد ينتهي بفضيحة، كما أن الزوجة عندئذ تشعر بمهانة شديدة مع مرور الوقت، وتأتي عليها لحظة لا تستطيع أن تكمل هذا الوضع، فتكثر الخلافات وتسوء الأوضاع.
و نحن لا نختار الطريق الذي يحمل الإيجابيات الكثيرة، ولكننا نختار الطريق الذي نتحمل سلبياته.

ب - حيرة الفتاة حول مستقبلها المهني على الرغم من تشجيع زوجها على العمل بعد الزواج لكنها الخشية من عدم التوفيق بين العمل والزواج وصحيح أن المرأة في ديننا الحنيف لا تخرج للعمل إلا إذا احتاجت إلى المجتمع، أو احتاج المجتمع إليها، فإذا احتاجت إلى المجتمع مثلاً عند قصور الزوج وعدم قدرته على القيام بالنفقات وحده أو مرضه أو غير ذلك، أو احتاج المجتمع إليها في بعض المهن المحددة كطبيبة النساء، التوليد مثلا أو غير ذلك.
ولكن مع ذلك فالمجتمع يحتاج إلى مساهمة الملتزمات في بنائه خاصة في بعض المواقع.
وطالما أن الجميع يتيح لها فرصة الاختيار، فتستطيع دراسة هذين البديلين بين الجلوس في البيت والعمل بسبب تأثير كل منهما عليها أو على المنزل أو على الآخرين ممن هم في محيط عملها، وبحسب احتياج المجتمع لها في هذا المجال.
وإن كان ينصح بالعمل في بداية حياتها حتى تقوم بتقييم هذا الأمر عمليًا على الطبيعة، وتأخذ حظها من التجربة، وحتى لا تشعر بهضم حقها في العمل.
وعند إنجاب المولود الأول ستأخذ هدنة ليست بالقليلة تستطيع خلالها تقييم كلتا الحالتين والمقارنة بينهما، ولعلها تجد خيارًا توفيقيًا بالعمل لبعض الوقت أو بما يتناسب مع ظروفها الأسرية في ظل وجود الأطفال، وبما لا يخل بالرعاية المطلوبة لهم ولبيتها.

3. مخاوف قبيل الزواج :

تعاني كثير من الفتيات قبيل الزفاف من مخاوف متكررة وسبق الإشارة إلى بعضها وأهمها بالطبع الخوف من فقد العذرية والرهبة من العلاقة الجسدية والخوف من الاستمرار على العادة السرية أو حتى مخاوف من كيفية التعامل مع الزوج وتسليمه قيادة البيت وهل يلغي ذلك شخصية الزوجة وكيفية التخلص من حب قديم .... سنعرض لأبرز هذه المخاوف كما جاءت على ألسنة بعض الفتيات.

- بالنسبة للعادة السرية وأثرها على الغشاء فالأمر يعتمد على طريقة ممارسة العادة، وهل كانت تتم من خلال الاحتكاك الخارجي أم من خلال إدخال جسم غريب إلى داخل المهبل لأنه في الحالة الأخيرة سيؤدي ذلك إلى هتك الغشاء؛ لذافإنه من الأفضل في كل الحالات حسم هذا الأمر بالعرض على طبيبة متخصصة.

- وبالنسبة لمسألة تسليم القيادة والخوف من سيطرة الزوج فإن الأمر يشوبه لدى بعض الفتيات كثير من سوء الفهم لطبيعة الزواج والعلاقة مع الزوج فليست القضية من يتسلم القيادة أو من يغير من منحى لسنا بصدد معركة يغير فيها أحدنا الآخر ويقوده.. إننا بصدد حياة مشتركة نستفيد فيها من الاختلاف من أجل إثراء هذا الحياة بحيث يكمل كل طرف الآخر من أجل بناء هذا الكيان الزوجي والذي لكل طرف فيه دورة والذي يتغير فيه كل طرف وليس طرف واحد من أجل هذا الكيان المشترك... ولذا يجب استغلال فترة الخطوبة والعقد من أجل التعرف على الزوج المستقبلي تعارفا حقيقيا وبناء جسور الحب والتفاهم معه بحيث يصلا القناعة أنهما يصلحا لأن يعيشا تحت سقف واحد في حياة تجمعهما.

- وبالنسبة لمن كانت على علاقة مسبقة بشاب قبل الزواج وتجاوزت في علاقاتهما معا ورغم عقدها القران على شخص آخر فإنها لا تشعر مع الزوج الجديد بنفس الشعور الذي كانت تشعر به مع حبيبها السابق الذي اكتشفت خيانته لها وتخشى أن تظلم الزوج الجديد أو لا تجد معه نفس المتعة فإن هذه المشكلة تستحق الكثير من التفصيل لأنها تبين لنا كذب دعوى الذين يقولون بفتح التجارب الجنسية قبل الزواج أمام الشباب والشابات؛ لأن الرجل يستطيع إذا كان له تجربة جنسية أن يعلم زوجته دون حرج ويستمتع بها كيف يشاء، أما المرأة فعلى فرض أنها تستطيع أن تعلم زوجها وتطلب منه ما تشاء فإن طبيعتها في الارتباط العاطفي بمن تسلمه نفسها يجعل استمتاعها أقل وألمها يزداد في كل مرة تكرر التجربة.
ولتعلم أن أمر الارواء الجسدي ليس هو الهدف الوحيد من الزواج وإلا فماذا تفعل مع الزوج الذي يرويها جسديا ولكنه يؤذيها بأفعاله ويخونها عشرات المرات ؟

والمطلوب أن تقارن الفتاة زوجها بمن عرفته مسبقا وأن تجعل المقارنة كاملة بينهما؛ فهل تقبل أن تتزوج الأول وبنفس الوقت تسمح له أن يخونها كل يوم مع واحدة؟ إذا كانت لم تحتمل خيانته لها مع أخرى قبل الزواج والارتباط.. فهل ستقبل بخياناته المتكررة لها بعد الزواج؟
إن ما يحكم طبيعة المرأة هو حبها للرجل الذي يقدرها ويخاف عليها، وليس الذي يرضيها ويرويها جنسيا؛ فالأمان الذي تبحث عنه المرأة، والذي طُبعت على البحث عنه في جِبلتها وفطرتها لا تجده إلا عند الرجل الذي يريدها أما لأولاده ورفيقة لدرب حياته وليس شريكة في الجنس فحسب.
الحياة بعد الزواج أيضا بحاجة إلى أن تكون مستقرة؛ لأن الزواج ليس حبا فحسب ولا جنسا فقط، إنما هو بناء أسرة وتربية أولاد وهموم مشتركة ومصاعب مختلفة؛ لذلك فالاختيار بحاجة إلى السند العقلي، وإلا فإن سفينة الحياة الزوجية تنقلب براكبيها قبل أن تقلع؛ لأن الخلاف على قيادة المركب واتجاه السير ومهام البحارة يؤدي بها إلى الغرق المحتم.
ولقد عبر القرآن عن هذين المنحيين (العاطفة والعقل) أجمل تعبير وأصدقه بالآية: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}؛ فالمودة هي الحب بحكمة، أي هي الحب المنضبط بالعقل وليس الحب الأهوج، والرحمة هي أكبر دليل على إنسانية الزوجين وتضحيتهما كل واحد من أجل أن يسعد الآخر. ولذلك فإن الفتاة العاقلة هي التي تبحث عن زوج يحمل صفة التدين الحقيقي؛ لأنه الوحيد الذي تسكن إليه نفسها، ويطمئن إليه قلبها بأنه إذا أحبها أكرمها، وإذا كرهها لم يظلمها مما سبق يمكن استنتاج أنه من الخطأ مقارنة الزوج الحالي بالصديق القديم .

والأمر يسهل بالاعتياد على الزوج وأن تغمره بحبها دون أن تخبره بتجربتها السابقة.

- أما مسألة تغير الشعور وتحول المزاج العاطفي بعد العقد فإن الأمر يحتاج لحسم قوي مع النفس لماذا تغيرت المشاعر هل لعيوب فادحة في الطرف الثاني أم أنه أمر عارض لا يلبث أن يزول مع الوقت وفي كل الأحوال، لا بد من الحوار المفتوح الصريح بين الطرفين فالأمر يتعلق بمستقبل أسرة في مرحلة التكوين، يشعر أحد طرفيها بتغير في مشاعره نحو الطرف الآخر، قد يكون سببه هو شعور بعدم التفاهم الناتج من عدم اللقاء أو عدم الحديث أو عدم التواصل.. فليحدث اللقاء والحديث، وليتم التواصل، ويتم بعدها الحكم على المشاعر بعد التفهم والتعرف الجيد على شريك الحياة وإن تطلب الأمر تأجيل الزفاف لفترة .

- الخطوبة التقليدية وما يترتب عليها في أحيان كثيرة من عدم التعارف الجيد كانت هاجسا لدى كثير من الفتيات من الخوف من عدم حدوث التوافق العاطفي مع الزوج خاصة في حالة الزوج الذي لا يظهر مشاعره بقوة .والزواج التقليدي غالبًا يكون زواجًا ناجحًا؛ لأنه قد روعي فيه غالبًا كل عناصر النجاح من تكافؤ اجتماعي وثقافي وأسري.
وإذا كان الزوجان لم يقتربا من بعضهما بالقدر الكافي منه رغم القران؛ فليعتبرا أنهما ما زالا في البداية، وليبدءا معًا.. يحتاج كل غريبين إلى بضعة شهور من التعامل اللصيق حتى تذوب بينهما كل الحواجز والكلفة، وعادة ما يكون الرجال شديدي الرفض للفكرة.
فصندوق مشاعرهم ليس قريبًا من سطح الأحداث، ولكن إن توصلت الزوجة إلى مفتاحه فسيظل هذا الصندوق يمنحها الحنان والحب والرعاية إلى الأبد.
فلتحاول الفتاة أن تفتح معه أحاديث مختلفة حول موضوعات عامة تقترب من النفس والمشاعر؛ فلا سياسة ولا اقتصاد… ربما شعر أو قصة تمثيلية أو فيلم… موقف عائلي عام… قد لا تجد منه استجابة فورية دافئة.. ولكن مع المواظبة على ذلك بحنان ستحدث الاستجابة مع الاهتمام بما يحب ومراعاة عمله وطموحه.

**************

خامساً : فسخ العقد :

تنوعت الاستشارات حول دوافع ومبررات لفسخ العقد وأيضاً حول أبرز المخاوف التي تنتاب الشخص أثناء مرحلة الإقدام على الفسخ وأخيراً بيان آثار فسخ العقد وكيفية تجاوز سلبياتها.

1. أسباب فسخ العقد :

أهم الأسباب والدوافع التي كانت سببا لفسخ عقد الزواج والتي ظهرت من الاستشارات:

- اكتشاف سمات شخصية سلبية في شريك الحياة مثل عدم احترام الآخرين ، الصوت المرتفع ، الحوار الجاف والعصبي .

- ظهور الطرف الثاني بشكل مخالف لما كان عليه قبل العقد كإدعاء الرومانسية والحنان والأدب والهدوء ثم ظهور الشخص على حقيقته بعد العقد.

- التسرع في العقد دون السؤال الكافي عن الطرف الثاني ثم اكتشاف كذبه ونصبه وادعاءاته أو معرفة رغبته الوصولية من خلال الزواج.

- رغبة رجل في طلاق زوجته بسبب ما يدعيه من تلبسه بالجن وتسبب قرينته في فسخ أي ارتباط له .

2. دوافع التفكير في الفسخ :

أما أهم الدوافع والمخاوف التي كان الشخص يتساءل عنها وهو في مرحلة التردد قبل الإقدام على الفسخ ويرسل استشارته للمساعدة في اتخاذ القرار المناسب وهل الفسخ يعد الخيار الأنسب أم لا فقد تباينت بشدة واختلفت الردود حسب هذه الدوافع بشكل كبير ونظراً لمحدودية عدد هذه الاستشارات فسنذكر كل حالة على حدة.

- فتاة جادة وخطيبها أقل منها في المستوى التعليمي وبه ميوعة ورومانسية كما أنها تقارن بينه دائماً وبين زميل لها أحبته من قبل زوبالتالي فهي لا تستطيع التقرب من زوجها الحالي.

وهذه الحالة بالطبع تظلم هذا الخطيب من خلال مقارنته بحب وهمي ولم تعطه الفرصة ليتقرب إليها بادعاء أنها أجبرت على العقد فإما أن تعطي نفسها فرصة أخيرة مع زوجها الحالي دون استعلاء والمضي في العقد قدماً والبحث عن ايجابيات شريك حياتها أو توقف هذه العلاقة حتى لا تظلم الزوج بمقارنة ظالمة بينه وبين من لم يستطع الارتباط بها .

- شاب عقد قرانه بعد أن أخبره أهل زوجته أنها أصيبت بحروق في بطنها وأجريت لها عملية تجميل ويخشى أن يؤثر ذلك عليه بعد الزواج .

وبالطبع ليس من اختصاص المستشار اتخاذ القرار بالانفصال أو الاستمرار لأنه لا أحد يستطيع تقدير مدى تأثير ذلك من عدمه غير نفس الشخص ؛ لأن ما يقبله شخص ربما يرفضه شخص آخر، وما يعارضه شخص ربما يستهوي شخصا آخر، وبما أنها زوجته الآن فيجوز له أن يطلع على موضع العملية ليقدر بنفسه ويحدث الاطمئنان ولا داع للانتظار بعد الزفاف حتى يحدث ذلك، حتى لو استدعى الأمر وجود آلام للزوجة وما شابه ذلك أثناء عملية إطلاعه على هذه العملية، وبعدها يكون تفكيره بناء على ما رأى وأيقن، وليس على ما ظن أو تخيل.وحسم الأمر الآن خير من بعد ذلك؛ حيث حتى لو كان قراره بالانفصال فسيكون أثره ووقعه الآن أفضل من أثره ووقعه بعد الزفاف.
- شاب ارتبط بابنة خالته وبعد أن سافر إلى بلد أوربي وعاد اكتشف أن خطيبته لا تستطيع الاستقلال برأيها واعتمادها على أهلها في تصريف شئونها.

وهذه مشكلة ناجمة عن غربته وأفكاره التي تغيرت بنسبة 180 درجة وفي رؤيته للأمور، فأصبح يعقد المقارنة بين الفتيات المحليات اللاتي يستطعن تصريف أمورهن بصورة أفضل، وبين ابنة خالته التي ما فتئت تعيش حياتها في جمع لا تستطيع معه التعامل مع أمورها.

وهذا يتطلب الصراحة مع النفس هل بالفعل لم تعد هذه الفتاة مناسبة بحيث لا يستطيع تغييرها أو الصبر على تغييرها فيكون الطلاق الحل المثل حتى لا يتسبب في ظلم فتاة لا ذنب لها وطبعاً قرار الانفصال من الاستمرار لا يحدده سوى نفس الشخص بناء على مواجهته لنفسه.

شاب ارتبط بفتاة بدا فيها نوع من التحرر ورفضها أهله فتقدم لأخرى بمباركة أهله وتم العقد ولكنه ما يفتؤ يقارن بين زوجته الحالية وخطيبته السابقة والآن لا يشعر معها بالسعادة وقد اقترب موعد الزفاف ويخشى من موقف أهله الداعم لهذه الفتاة.

والشاب هنا بالفعل لن يشعر بالسعادة المطلقة أو الكاملة سواء مع زوجته الحالية أو خطيبته السابقة فالاختيار الأول: وهو الارتباط بخطيبته السابقة المتحررة والتي يرفضها أهله هو خيار محاط بالمشكلات ايضاً بسبب رفض أهله وبسبب الاختلاف بينه وبين الفتاة في كثير من الطباع، والتي ستلقي بظلالها على كل موقف من مواقف حياتهما، وكذلك على تربية أبنائهما، وعلاقتهما بالآخرين.

والاختيار الثاني وهو استكمال الارتباط بزوجته ذات الخلق التي اجتذبت حب أهله لها سيعكر دوما صفو حياته فتور مشاعره نحوها .

إلا أن الاختيار الثاني ترجح كفته لأن الفتاة هي زوجته بالفعل وأنه يشعر معها بنوع من القبول والارتياح فليستثمره وينميه وليشعر بالسعادة من داخله عندما يقرر أن يساعد نفسه من الداخل ليكون سعيداً، وليعطِ نفسه فرصة لإحياء علاقته بزوجته بعد قطع الأمل في الماضي .

ولا يوجد اختيار صحيح وآخر خاطئ وإنما هناك قواعد عامة تساعد على اتخاذ القرار وهي:

الأول: السعادة الكاملة ليست هنا ولا هناك.

الثاني: السعادة تنبع من داخلنا، وعلى حسب نظرتنا للأمور ورضانا عن حياتنا.

الثالث: الطلاق ليس قراراً سهلاً..

أما إن لم يتحقق بينهما حد أدنى من القبول والرضا فقد يكون من الأفضل الانفصال والطلاق.

- فتاة مشكلتها في أن أسرتها تتفوق على أسرة زوجها في الأناقة والترتيب ويؤثر فيها كلام الناس رغم شخصية زوجها المرتبة .

وكما أننا نختار قراراتنا وأهدافنا في الحياة، ولا نختار آباءنا وأمهاتنا. نختار طباعنا وسلوكياتنا ولا نختار طباع أو أسلوب آبائنا أو أمهاتنا. فكيف يحاسبنا الآخرون على شيء لا نملكه ولم نختره.
والأناقة والترتيب أسلوب في الحياة، يختار كل منا لنفسه ما يناسبه من خلاله، فلا يجب أن نعطي للناس قيمة أكبر، لاسيما أن هذا ليس عيباً جوهرياً.
وليكن التعامل كما يلي:

- اغلاق الاذن والقلب عن الانصات لكلام الناس.

- تذكر أن الاحباط سيتوقف حين يملأ القلب الشعور الحب .

- تذكر مزايا هذا الزواج وعدم التركيز على الشكليات والمظاهر

- محاولة التأقلم مع حياته وحياة أهله وأسرته.
التركيز على المناطق الجميلة فيه وفي أهله وحفرها في القلب والعقل والقناعة

- الحذر من ايذاء مشاعره أو التعالى عليه.

3. آثار فسخ العقد :

يبدو أن آثار فسخ العقد تنعكس بالسلب على الفتاة أكثر من الشاب سواء بالشعور بفقد الثقة بالآخرين أوفقد الثقة في النفس في الحكم على الآخرين أو التأثير السلبي على كيفية اختيار شريك الحياة المقبل.

ولتجاوز هذه الآثار يمكن وضع قواعد عامة:

- لا داعي لظلم النفس أو فقدان الثقة بالنفس فالإنسان عبارة عن مجموعة قرارات واختيارات.. ويجب أن يكون واضحا مع نفسه وشجاعا ومقداما، ثم لا يندم على اختياراته، وحتى لو أخطأ فإنه يتأكد أولا أنه أخطأ، ثم يتعلم من هذا الخطأ.

- الحكم على الآخرين مهارة نكتسبها مع الأيام، ويعيننا في ذلك الشخصيات الحكيمة من حولنا.

- لا داعي لتكرار الخطأ نفسه مرتين فليكن الاختيار القادم مبني على أسس ومعايير ثابتة وواضحة يراعى فيها تجاوز سلبيات الاختيار السابق.

الخاتمة والتوصيات

- لم يتم تناول موضوع التخطيط المستقبلي أثناء العقد بشكل كاف.

- لم يتم تناول موضوع فسخ العقد وآثاره بالشكل الكافي.

- ملفات خاصة أو بحوث فرعية يمكن التوسع فيها:

· التخطيط المستقبلي أثناء العقد.

· نظرة المجتمع للمطلقة بفسخ العقد قبل الدخول.

· تجاوز الآثار النفسية والاجتماعية الناتجة عن فسخ العقد.

· العلاقة مع أهل شريك الحياة أثناء العقد.

· الخلافات أثناء العقد وكيفية التغلب عليها.

· كيف تقترب من شريك حياتك في فترة العقد؟

- الصور التي يمكن إخراج المنتج النهائي فيها:

· دورة إلكترونية

· دورة أوف لاين

· كتاب ورقي

· إعادة تدوير الملف الإعلامي وإثرائه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق