الثلاثاء، 30 مايو 2006

اليوم العالمي لصحة المرأة.. الفلسطينيات خارج دائرة الضوء

تقرير- أمل خيري..........
احتفل العالم نهاية مايو الجاري باليوم العالمي لصحة المرأة، ورغم أن الاحتفال جاء مواكبًا لتقاريرَ دوليةٍ حذَّرت من تعرُّض المرأة للاضطهاد والاغتصاب، إلا أن أيًّا من هذه التقارير لم يتحدَّث عمَّا تعانيه المرأة الفلسطينية باعتبارها رمزًا للبطولة والتضحية، ورغم ما تعانيه المرأة الفلسطينية من تردٍّ صحي زاد لدرجة الخطورة نتيجة الحصار الأمريكي والصهيوني والأوروبي لحكومة حماس، فإن اليوم العالمي لم يهتمَّ حتى بتوجيه نداءٍ دولي لتخفيف الأعباء عن كاهل المرأة الفلسطينية مع توفير الحدِّ الأدني من الخدمات الصحية لها وسط كم التدمير والقتل والتجويع.

إلا أن الصحة لم تكن وحدها اللاعب في الساحة الدولية، فمنذ بداية القرن الماضي بدأ الاهتمام بشكل كبير بقضايا المرأة، ودرجت المنظمات العالمية- وعلى رأسها الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها مثل منظمة الصحة العالمية- على الاحتفال السنوي بأحداثٍ عالمية تخص المرأة، ومنها اليوم العالمي للمرأة، واليوم العالمي للعنف ضد المرأة، واليوم العالمي لصحة المرأة الذي احتُفل به في يوم الثامن والعشرين من شهر مايو 2006.

ومع كثرة وتنوع المؤتمرات التي تناقش مشكلات المرأة سواء كانت جادة أم تقتصر على الدعاية والإعلام فقط فإننا نسأل عن أوضاع المرأة في الأراضي المحتلة، وما نصيبها من الاهتمام العالمي الذي أصبح الحديث عنه بمناسبة وغير مناسبة أمرًا يثير العديدَ من الأسئلة، وأحيانًا الكثير من الشبهات، حيث دأبت المنظمات الدولية على الضغط على حكومات دول العالم الثالث، من أجل التوقيع على اتفاقيات دولية تمس خصوصية البناء الأسري والمجتمعي في الدول النامية، وهو الأمر الذي لا مبرِّر له؛ لكون هذه المجتمعات استقرَّت على منظومةٍ مجتمعيةٍ لن يفيد كثيرًا نقلُ المفاهيم الوافدة إليها، بل في كثير من الأحيان يكون هذا النقل ذا آثارٍ سلبيةٍ، ولا يقدِّم خدمةً حقيقيةً لهذه المجتمعات، والدليل على ذلك ما يجري ضد المرأة في فلسطين المحتلة، حيث تنال المرأة الفلسطينية النصيبَ الأكبرَ من نقص الرعاية الصحية وتفاقم الأمراض، ويؤكد تقريرٌ أصدره الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية أن الأوضاعَ السياسيةَ المرتبطةَ بالقضية الوطنية للشعب الفلسطيني ووجود الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال أو في مخيمات الشتات قد عكست نتائجَ خطيرةً على مجمل أوضاعه الاجتماعية وحجم الخدمات الضرورية المقدَّمة له في مجالات الرعاية الصحية والتعليمية والتنشئة الاجتماعية.
مخيم الطالبية

1- فقد تدنَّى إلى أبعد الحدود- وتحديدًا في السنوات الأخيرة- حجمُ الخدمات الصحية والتعليمية؛ بسبب إجراءات الاحتلال والاعتقالات بالجملة، إضافة إلى خفض ميزانية وكالة الغوث المقدَّمة للاجئين الفلسطينيين في المخيمات داخل الوطن وخارجه، مما حال دون حصول المرأة على الخدمات الصحية الأولية فيما يتعلق بالأمومة والطفولة وإغلاق المدارس والجامعات تبعًا للظروف السياسية الطارئة.

2- عدم توفر عامل الأمن الاجتماعي لدى الأسرة الفلسطينية، وتعرُّض مراكز الخدمات الصحية والتعليمية للتدخلات المستمرَّة من قِبَل الاحتلال أو نقص الموازنة بسبب إجراءات وكالة الغوث الدولية بتقليص خدماتها.

مأساة اللاجئات
أما أوضاع اللاجئات في المخيمات الفلسطينية فقد زادت سوءًا، حيث تقدر وفيات الأمهات في المخيمات بـ 25 لكل 100 ألف حالة بشكل عام، وتشكل أمراض تصلب الشرايين
في الدماغ، والقلب والسرطان (عامل الوفاة الأول) لدى النساء اللاجئات، وتمثِّل الأمراض المعدية هاجسًا كبيرًا، ويعود انتشارها إلى الاكتظاظ في المساكن، وتردي الوضع البيئي، حيث تمثِّل المخيمات المركزَ الأول في تردِّي الوضع البيئي والاكتظاظ السكاني في العالم، مما أدَّى إلى ارتفاع معدل العدوى والطفيليات المعوية، فنظام التصريف الصحي غير متوفر، أما فيما يتعلَّق بالمياه الجوفية، فتختلف طبيعتها من منطقة إلى أخرى؛ ففي قطاع غزة على سبيل المثال تحوي المياه الجوفية مستوياتٍ عاليةً من مادة الفلور الذي يعتبر سببًا في تصبغ الأسنان وأمراض العظام، إضافة إلى قرص الحشرات والتهاب الأمعاء وأمراض الجهاز التنفسي.
مخيم جرمانا

وتشير الدراسات إلى أن سوء التغذية وفقر الدم بين الأطفال والنساء الحوامل تتجاوز نسبته 20 %، وقد ارتفع خلال هذه الانتفاضة إلى نحو 120 ضعفًا عن معدلاته الطبيعية، كما أن الأنيميا "فقر الدم" قد بدأ ينتشر بشكل ملفت بين الأطفال والحوامل، وقد وصلت نسبته إلى 36 %، فيما تعتبر أمراضٌ معديةٌ خطيرةٌ شائعةَ الانتشار مثل: التهاب الكبد الوبائي "اليرقان" والتيفوئيد والحمى المالطية، حيث يقدَّر انتشارُها في الضفة والقطاع بـ 300 حالة لكل 100000 مواطن، مقارنةً بأسبانيا، والتي تضم أعلى نسبة انتشار لهذه الأمراض في أوروبا، حيث تصل إلى 29 لكل 100000 حالة، ومن المشكلات الصحية الأخرى التي تعاني منها المخيمات الفلسطينية ارتفاع حوادث الإصابات الناتجة عن العنف والنقص في إجراءات السلامة المهنية، بالإضافة إلى الحوادث المنزلية، والتي يعتبر الاكتظاظ السكاني والظروف السكنية المتردية مناخًا خصبًا لها، ويشمل ذلك النقص الكبير في وسائل التدفئة المناسبة خلال فصل الشتاء.

أسيرات الاحتلال
أما الأسيرات فيعانين أوضاعًا صحيةً مأساويةً، فوفق تقرير صادرٍ عن نادي الأسير الفلسطيني في 11/5/2006 ذكر أنه منذ بداية انتفاضة الأقصى التي اندلعت في العام 2000، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ما يزيد عن 500 امرأة فلسطينية، بقي محتجزًا منهن داخل السجون 120 امرأة وفتاة فلسطينية يقبعن في سجني تلموند والرملة للنساء، من بينهن 6 أسيرات قاصرات، و22 أسيرةً من الأمهات اللواتي يَعُلن أطفالاً.. وخلال هذه الفترة أنجبت داخل السجون 3 نساء فلسطينيات كان أخرهن الأسيرة سمر صبيح التي أنجبت ابنها براء في مستشفى مئير/كفار سابا بتاريخ 30/4/2006 بعد خضوعها لعملية قيصرية.

ويذكر أن الأسيرة سمر صبيح معتقلةٌ منذ تاريخ 29/9/2005 وتبلغ من العمر 22 سنة، وبعد اعتقالها أبلغت المحققين في مركز تحقيق المسكوبية أنها حامل، ولكنهم لم يصدقوا ذلك إلا بعد إجراء الفحوصات الطبية. وبالرغم من الحمل تعرَّضت لضغوطاتٍ قاسيةٍ ومضايقاتٍ أثناء التحقيق معها، وقد حُقِّق معها بشكل مكثف من الساعة السادسة صباحًا وحتى الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل وهي جالسةٌ على كرسي دون مراعاة وضعها ووضع الجنين، ولم يحضروا لها الطعامَ المناسبَ للحفاظ على الجنين، وقد مكثت مدة شهرين في مركز تحقيق المسكوبية، ولم يُسمح لها في ذلك الوقت بلقاء محاميها ولا بزيارة أفراد عائلتها، ولم يتمكن الصليب الأحمر من زيارتها طوال مدة التحقيق.

وتعاني الأسيرات في سجون الاحتلال من حرمان من العلاج وعدم مراعاة الوضع الصحي، حيث يؤكد بيان لنادي الأسير الفلسطيني أن أهم الأمراض التي تعاني منها الأسيرات: أمراض الكلى والكبد والأنيميا الحادة وأمراض في الرحم وأمراض الظهر، والجميع يعاني من آلام في المعدة والرأس والمفاصل من جرَّاء تعرضهن للتعذيب والضرب المبرِّح، خاصةً في هذه الأماكن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق