الجمعة، 19 مايو 2006

صحة المرأة إلى أين؟


بقلم: أمل خيري.........
شهد القرن الماضي اهتماما كبيرا بقضايا المرأة و درجت المنظمات العالمية وعلى رأسها منظمات الأمم المتحدة و المنظمات المنبثقة عنها كمنظمة الصحة العالمية على الاحتفال السنوي بأحداث عالمية تخص المرأة و من هذه الأحداث اليوم العالمي للمرأة و اليوم العالمي للعنف ضد المرأة و أيضا يحتفل العالم في يوم الثامن و العشرين من شهر مايو باليوم العالمي لصحة المرأة . و يدور هنا تساؤل لماذا كل هذا الاهتمام بالمرأة و خاصة صحة المرأة و الممارسات التي تؤثر على صحة المرأة؟ و تبدو الإجابة واضحة للعيان حيث أن المرأة هي أساس المجتمع فهي الأم والأخت والزوجة، . وهي العنصر الأهم في استمرارية الحياة البشرية. وإضافة إلى ذلك فهي أكثر شرائح المجتمع عرضة للخطر وخاصة في فترات النمو المختلفة، وعلى الأخص فترة الإنجاب. لذلك كان الاهتمام بالمرأة وخاصة صحتها.ففي كثير من البلدان النامية تعتبر المرأة هي المدبر الأول للموارد والبيئة في المنزل ، كما أنها هي أول من يقدم الرعاية للأطفال، ومع ذلك فكثيرا ما تلقى صحتها الإهمال الصارخ مقارنة بصحة الرجال ، لذلك يؤكدتقرير للأمم المتحدة إن الاهتمام بصحة المرأة و تقديم الخدمات الصحية لها هو المفتاح لمكافحة الفقر في العالم.و على الرغم من كل الجهود الدولية في مجال صحة المرأة إلا أنها مازالت تعاني من تدني الخدمات الصحية المقدمة لها و تفاقم الأمراض التي تعاني منها .ففي عام 2000 توصلت 189 دولة عضو في الأمم المتحدة إلى إعلان الأهداف الإنمائية للألفية التي تشكلت من ثمانية أهداف من بينها تحسين صحة الأم، محاربة أمراض نقص المناعة الإيدز والملاريا وأمراض أخرى إلا أن تقريرا أصدرته منظمة الصحة العالمية يوم 22 أغسطس، 2005، يشير إلى احتمالات عدم تحقيق أهداف الألفية الخاصة بالرعاية الصحية ويتكهن بأن معظم الدول النامية لن تتمكن من تحقيق الأهداف بحلول 2015.
أمراض القلب
فبنظرة سريعة على أمراض القلب نجد أن نسبة إصابة النساء بأمراض القلب ليست بالنسبة القليلة فهناك حوالي 300 أو 400ألف إصابة لدى النساء في العالم من أصل 800ألف حالة قلبية عامة لدى النساء والرجال , أي أن النساء يمثلن حوالي نصف نسبة جميع أمراض القلب. وتعتبر أمراض القلب أكثر خطراً على صحة المرأة من سرطان الثدي أو الرئة أو الإيدز , و من هنا فإنه لابد من التركيز على التثقيف الصحي للسيدات بأعراض وأمراض القلب.فقد أظهرت دراسة حديثة أن احتمال تلقي النساء معالجة لتدبير ارتفاع كوليسترول الدم أقل من الرجال ، وذلك ربما يعود لاستهانة الأطباء بمدى الخطورة لديهن .
الإيدز
و لا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لمرض الإيدز (نقص المناعة) حيث تعد السيدات والفتيات أكثر تعرُّضاً للعدوى بفيروس الإيدز ولآثار مرض الإيدز. حيث تفيد منظمة الصحة العالمية في جنيف أن الإيدز آخذ في التأثير على النساء بشكل غير متناسب. وتمثل النساء حوالي نصف الـ37.2 مليون بالغ الحاملين لفيروسH-I-v)) الإيدز. وفي أفريقيا، وهي أكثر المناطق تأثرا بهذا الوباء، تمثل النساء 60 % من البالغين الحاملين للفيروس. وفي هذه المنطقة وحدها، من المرجح أن تصاب النساء بفيروسH-I-v)) بنسبة تفوق نسبة إصابة الرجال بـ1.3 مرة.كما تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن الإيدز زاد بصورة ثابتة بين النساء في كل أقاليم العالم خلال العامين الماضيين. وكانت أكبر زيادة في إقليم شرق آسيا الذي شهد زيادة بنسبة 56 %، تليها شرق أوروبا وآسيا الوسطى حيث بلغت الزيادة 46 %. وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية أيضا إلى أن احتمالات أن تكون النساء والبنات اللواتي تتراوح أعمارهن بين الـ15 والـ24 حاملات للفيروس تفوق نسبة الرجال والأولاد في نفس الفئة العمرية بما يتراوح بين ثلاث إلى أربع مرات.و يؤدي مرض الإيدز إلى تركز الفقر بين النساء، ولاسيما في البلدان الشديدة التأثر بالمرض، كما يؤدي إلى سلب قوة وقدرة المرأة و بالتالي تتأثر الأسرة بأكملها من جراء الإصابة بمرض الإيدز، إذ يضيع وقت المرأة في رعاية المريض بدلاً من تخصيصه لمهام أخرى نافعة للأسرة.
هشاشة العظام
على نفس الصعيد يؤكد الأطباء و المهتمون بصحة المرأة أن من أهم الأمراض التي تصيب المرأة أكثر من الرجل مرض هشاشة العظام و الذي يعرف على أنه إصابة العظام بالضعف والوهن وهو ما يجعل عظام المصاب مؤهلة للكسر.فالنساء أكثر عرضة لخطورة الإصابة بهشاشة العظام من الرجال بنسبة 4 ـ 1.و تقل احتمالات أن تُجرى للنساء الأكبر سنا اللائي يعانين من هشاشة العظام فحوص كثافة العظام، كما جاء في دراسة نشرها الموقع الإلكتروني لمجلة الجمعية الأمريكية للشيخوخة في 8 فبراير 2006. وقد أُجريت فحوص كثافة العظام لحوالي 23 % من الـ44,000 امرأة اللواتي شاركن في الدراسة. إلا إن احتمالات إجراء هذا الفحص تتضاءل بنسبة كبيرة مع تقدم هؤلاء النساء في السن.و تشير الدراسات أن مرض التهاب المفاصل الرثياني (الروماتويد) مرض ينتشر عالمياً ويُصيب 0.5 ـ 3% من البشر، من جميع الأعمار (سن الطفولة المُبكرة إلى سن الشيخوخة)، ولكن الأكثر ما بين 30 ـ 50 سنة. و هو مرض يُصيب الجنسين ولكن النساء أكثر بنسبة 1:3 عن الرجال قبل سن اليأس، أما بعدها فتتساوى النسبة. وتكون لأفراد عائلة المُصاب قابلية الإصابة بالمرض أكثر من غيرهم بنسبة 60% ولعدة أجيال.
السرطان
و يأتي مرض السرطان و خاصة سرطان الثدي على رأس الأمراض التي تفتك بصحة المرأة ، فقد أظهرت العديد من الدراسات في عدة بلدان عربية انتشار مرض سرطان الثدي بين النساء العربيات. ففي مصر، أكدت دراسة طبية مصرية أن نسبة الإصابة بمرض سرطان الثدي تتصدر قائمة أمراض السرطان في مصر بواقع 42 حالة لكل 100 ألف من السكان. وفي السعودية، أظهرت إحدى الإحصائيات الصادرة عن السجل الوطني للأورام أن سرطان الثدي هو السرطان الأكثر شيوعا بين السعوديات، حيث يقدر عددهن في السعودية بنحو 2741 حالة أي حوالي 11.8 سيدة من بين كل 100 ألف.ويحتل سرطان الثدي عند الأردنيات المرتبة الأولى بالنسبة لأكثر أنواع السرطانات شيوعاً، وهو يشكل "ثلث" الإصابات عند النساء.أما في لبنان، فتشير إحصائيات وزارة الصحة إلى أنه تم تسجيل 700 حالة جديدة من مرض سرطان الثدي في لبنان سنوياً، وأن معدل العمر للمريضات يبلغ 52 عاما مقارنة بـ 62 عاماً في الغرب.وأوضحت الإحصائيات أن 80 % الحالات، تظهر لدى النساء اللواتي تجاوزن الأربعين من العمر مقابل 94 % في الغرب.
اختراع عربي
و في بادرة جديدة تمكنت طبيبة أردنية تدعى - مها سلام- من اختراع جهاز يعدّ الأول من نوعه في العالم العربي للكشف عن نحو 90 % من حالات سرطان الثدي عند السيدات. وقالت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا" التي نقلت النبأ إن الجهاز سيعرض قريبا على المؤسسات الطبية للاستفادة منه.وتقوم فكرة الجهاز على معالجة صور الأشعة للثدي من خلال استعمال برامج مصممة خصيصا للكشف عن السرطان بدقة عالية وبشكل منتظم، كما أن الجهاز يقلل من نسبة الخطأ البشري بشكل ملحوظ.
الصحة الإنجابية: مقياس الإنصاف
و تحت هذا العنوان صدر تقرير لمنظمة الصحة العالمية و الذي أكد أن أحوال الصحة الإنجابية هي السبب الرئيسي على نطاق العالم لاعتلال الصحة وللوفاة لدى النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 - 44 عاماً و 99% من جميع الوفيات النفاسية تحدث في البلدان النامية, مع أن هناك إمكانية لتلافي حدوث ذلك. إذ أن امرأة واحدة تموت كل دقيقة لأسباب مرتبطة بالحمل. وهذا يعني وفاة أكثر من نصف مليون امرأة سنوياً إضافة لوجود ثمانية ملايين امرأة يعانين من حالات مرضية وعواقب صحية تدوم طيلة حياتهن نتيجة لمضاعفات الحمل. كما كشف باحثون عن إمكانية أن يتسبب تعرض المرأة خلال النصف الأول من فترة حملها لمرض الأنفلونزا في إلحاق الضرر بمخ الجنين.وتوقع الباحثون أن يؤدي أيضا إلى زيادة خطر تعرض الطفل للإصابة بمرض الفصام فيما بعد في حياته جراء إصابة الأم الحامل بالأنفلونزا.كما توصل الباحثون إلى أن خطر التعرض لهذا الخلل الذهني في النسل من البالغين زاد سبعة أمثال في حالة تعرض الأم الحامل للأنفلونزا في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل.وقال باحث من معهد ولاية نيويورك للطب النفسي، إن هذه النتائج تمثل أقوى دليل حتى الآن على أن تعرض الجنين قبل الولادة للأنفلونزا يلعب دورا في الإصابة بالفصام.
الأمراض النفسية
و تشير الدراسات في مجال الصحة النفسية أن المرأة أيضا هي الأكثر تعرضا للأزمات النفسية ، فبحسب التقارير فإن واحدة من كل خمس سيدات تقريبا تعاني من الاكتئاب‏، وأهم أسباب الاكتئاب تكمن في الضغوط النفسية العنيفة.كما أشارت نتائج دراسة إلى أن الإصابة بأمراض خطيرة أو حدوث وفيات في العائلة ربما تكون له تبعات ضارة على صحة النساء أكثر من الرجال. ففي دراسة أجريت على ما يزيد على 27 ألف بالغ في فنلندا وجد الباحثون أن النساء يكن أكثر ميلا للتعرض لمشكلات صحية مقارنة بالرجال عقب إصابة أحد أقاربهم المقربين بمرض أو وفاته. ومن بين كافة البالغين الذين سجلوا هذه التأثيرات الصحية أخذت النساء وقتا أطول للتعافي منها.كما قال باحثون أمريكيون إن الضغوط الناجمة عن 30 دقيقة من الشجار الزوجي يمكن أن تؤخر التئام جرح لمدة يوم كامل .
الخدمات الصحية
و فيما يتعلق بمجال الخدمات الصحية صدر التقرير السنوي الصادر عن منظمة الصحة العالمية لعام 2006 تحت عنوان (العمل معا من أجل الصحة) ، و الذي يتناول بالتفصيل دور العاملين الصحيين في مجال الخدمات الصحية حيث ذكر التقرير أن أكثر من 70% من الأطباء من الذكور بينما يشكل الإناث أكثر من 70% من العاملين في مجال التمريض و هو اختلال ملحوظ في التوازن بين الجنسين و يعاني العاملون في النظم الصحية في جميع أنحاء العالم من تزايد الإجهاد و انعدام الأمن خاصة العاملات من النساء حيث تعاني العاملات من التعرض للعنف الجسدي و الاغتصاب كما يشير التقرير إلى أن هناك حاليا 57 بلدا يعاني عجزا شديدا قدره 2.4 مليون من الأطباء و القابلات و يبلغ العجز ذروته في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى و يوصي التقرير في نهايته بضرورة مراعاة متطلبات العاملات الصحيات بتوجيه الاهتمام بتأمين سلامتهن بما في ذلك حمايتهن من التعرض للعنف .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق