الاثنين، 29 مايو 2006

أطفالنا والسباحة بدون مخاطر.. كيف؟!





حوار- أمل خيري ..........
عندما يأتي الصيف ترتفع درجات الحرارة وتزداد الرطوبة ويهرب الناس إلى الشواطئ ليستمتعوا بالسباحة في ماء البحر، ويتنقل الأطفال ما بين المياه للسباحة والشاطئ ليستمتعوا ببناء بيوت من الرمال.
وينتهز كثير من الآباء الصيف أيضًا في تعليم الأبناء السباحة في حمَّامات السباحة المخصَّصة للتدريب في النوادي والمراكز الرياضية، سواءٌ كانت حمامات مغطاة أو مكشوفة، إلا أن هناك الكثير من المحاذير التي ينبغي مراعاتها أثناء سباحة الأطفال وممارستهم هذه الرياضة المحبَّبة، ولذلك كان لقاؤنا مع الدكتور وائل فاروق- أخصائي طب الأطفال- ليقدم للأسرة روشتة لسباحة آمنة.

* بدايةً.. ما أهمية تعليم الطفل السباحة؟!
** حثَّنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على تعليم أبنائنا الرياضات المختلفة التي تُكسب الجسمَ القوةَ والنشاط، فقد روى الإمام أحمد ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.."، كما حثنا سيدنا عمر بن الخطاب على ممارسة الرياضة فقال "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل" والسباحة إحدى هذه الرياضات المهمة والمفيدة لجسم الإنسان، فلا شك أن السباحة تعطي الجسم قوةً وتعطي النفس راحةً، وقد ثبت علميًّا أن الإنسان عندما يسبح تهدأ أعصابه، ولذلك فإن تعليم الأبناء السباحة أمرٌ مطلوبٌ؛ لأن الطفل إذا تدرَّب عليها فإنه يكتسب القوة وفي نفس الوقت يكتسب هدوء النفس؛ مما يجعله أقدر على التعامل مع المشكلات والأزمات بقوة وبهدوء نفس.
كما أن السباحة تُكسب الجسم مرونةً، خاصةً للطفل البدين؛ حيث إنها تُفقده الكثير من الوزن الزائد، شريطةَ أن يتدرب عليها أولاً.

* وما هي السن المناسبة لتدريب الطفل على السباحة؟!
** أول علاقة للطفل بالبحر أو حمَّام السباحة تبدأ في عمر ثلاث سنوات، أما استيعابه لعملية التدريب فتبدأ في عمر خمس سنوات، وبصفة عامة لا يجب أن يُترك الطفل بمفرده في المياه قبل سبع سنوات، مع مراعاة وجود حمامات سباحة مناسبة لكل سنّ، فبعض الأماكن تجعل حمامًا مخصصًا لسنِّ ثلاث إلى خمس سنوات وآخر لسنّ خمس إلى ثماني سنوات وهكذا.
وهذا التقسيم فكرة جيدة؛ لأنه يعطي حمايةً أكبر، كما أنه في كل النوادي والهيئات الرياضية يوجد تنبيه عام بوجود غطَّاس أو منقذ بجانب حمَّام السباحة، وبدون وجوده لا يُسمح بنزول الأطفال.

* أيهما أفضل صحيًّا للطفل: حمَّام السباحة المغطَّى أم المكشوف؟!
** من مزايا حمَّام السباحة المغطَّى حماية الطفل من التعرض لاختلاف درجات الحرارة؛ مما يقلل من إصابته بالبرد، إلا أن من مساوئه عدم تجديد الهواء بشكل دوري، وأيضًا عدم التعرض للشمس التي تساعد هي نفسها في قتل البكتريا التي تتواجد في حمَّامات السباحة وتضرّ بالطفل؛ لذلك فإن الحمَّام المكشوف يكون أفضل، والفيصل هو تغيير المياه يوميًّا وتطهير حمامات السباحة دوريًّا، وإلا نَمَت البكتريا والطفيليات والفطريات.

أما مياه البحر فهي الأفضل صحيًّا دائمًا؛ لأن المياه متحركة ومتجددة، مع مراعاة عوامل الخطر كالأمواج العالية أو السحب العاتية.

* وما هي المخاطر الصحية التي قد يتعرَّض لها الطفل في حمَّام السباحة؟
** يفضل الوالدان عادةً حمَّامات السباحة؛ باعتبارها أكثر أمانًا من البحر، إلا أن هناك بعض المحاذير التي يجب مراعاتها، فعملية تطهير حمامات السباحة بمادة الكلور- وهو من المواد الكيمائية- من الممكن أن تسبِّب أضرارًا للطفل، خاصةً لو تفاعلت مع مخرجات الإنسان، كالعرق والبول، فتنشأ بروتينات معينة نتيجة هذا التفاعل، تساوي نفس حجم البروتينات الموجودة في صدر المدخنين؛ مما ينتج عنه تهيُّج في الصدر وحساسيةً في الجلد، فتتزايد نسبة الإصابة بالربو الشعبي.

كما أن هناك بعض الأماكن للأسف لا تقوم بعملية تغيير المياه بشكل يومي مما يراكم المواد الملوثة فتتزايد حساسية الصدر والجلد.

* وماذا عن انتقال العدوى داخل حمَّامات السباحة؟
** بالطبع إذا كان داخل حمَّام السباحة بعض الأطفال الذين يعانون من أمراض جلدية تنتشر عن طريق العدوى المباشرة كالجرب مثلاً خاصةً مع تخفيف نسبة الكلور عن المستوى الذي يقتل الجراثيم فإن هذا يؤدي الى انتشار العدوى بصورة أكثر.

وبصفة عامة ينبغي عدم نزول أي طفل مصاب بمرض جلدي لمصلحته؛ حتى لا يتهيَّج الجلد ولمصلحة غيره أيضًا وفي الحديث الشريف "لا ضرر ولا ضرار".

* وكيف يمكن حماية جلد الطفل من الشمس أثناء السباحة؟!
** المشكلة تكمن حينما يتعرَّض الطفل لأشعة الشمس أكثر من اللازم؛ لأن ذلك يؤدي لأمراض خبيثة في الجلد، ولتفادي ذلك يتم دهن جسم الطفل بالزيوت أو الكريمات المخصّصة للحماية من أشعة الشمس، شريطةَ أن تكون معتمدةً من قِبَل الهيئات الصحية؛ لأن هناك للأسف أنواعًا رديئةً منتشرةً تتسبَّب في أمراض أكثر.

كما أن الأطباء اكتشفوا أن الكلور يمتصّ من خلال الجلد؛ لذلك فإن ارتداء فانلة قطنية يمنع امتصاص الجلد للكلور، وإن كان هذا يتعارض مع قواعد الأمان من الغرق الذي يتزايد كلما زادت الملابس التي يرتديها الطفل.

* وماذا عن حماية الطفل من نزلات البرد؟
** لا يصاب الطفل بنزلات البرد لمجرد نزوله للسباحة، وإنما لتعرضه للفروق في درجات الحرارة الناتج عن نزوله الماء ثم خروجه عدة مرات؛ مما يتسبَّب في تغيُّر في المناعة؛ مما يؤدي إلى ظهور أمراض، مثل القرحة والبرد وأمراض الصدر؛ لذا نوصي دائمًا بلف الطفل بفوطة أو بشكير فور خروجه من الماء وتجفيفه جيدًا وارتداء ملابسه بسرعة؛ حتى لا يتعرض للبرد، كما أنه يجب عدم نزول الطفل المصاب بمرض صدري أو ارتفاع درجة الحرارة.

* هل من الأفضل تناول الطعام قبل السباحة أو بعدها؟
** بصفة عامة لا ينزل الطفل للبحر أو حمَّام السباحة إلا بعد مرور ساعتين بعد تناول الطعام، أما بعد الانتهاء من السباحة يخرج الطفل جائعًا، فلا مانعَ من تناول الطعام، ولكنَّ الخطأ الذي يقع فيه الكثيرون أن يخرج الطفل من المياه ليأكل ثم ينزل مرةً أخرى بعد الأكل مباشرةً فيجب أن ينتظر ساعتين على الأقل.

* وما هو الوقت المناسب للتدريب أو نزول المياه؟
** تحديد الموعد مرتبط بدرجة حرارة المياه؛ لأن المياه في الصباح الباكر أو قرب الغروب تكون باردةً لا يتحمَّلها الطفل؛ لذلك فإن الأنسب النزول في الفترات التي تكون فيها المياه دافئةً، مع مراعاة عدم التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة.

* وكيف يمكن حماية العين والأذن أثناء السباحة؟
** يفضل ارتداء الطفل للنظارات الواقية أثناء السباحة، ففي حمامات السباحة قد يتسبب الكلور في تهيُّج العين، وارتداء النظارة يحمي العين، كما أنها تعطي الفرصةَ للرؤية الجيدة حتى تحت الماء، وكذلك الأمر بالنسبة للبحر، فالنظَّارة تحمي عين الطفل من التهيُّج الذي تسبِّبه ملوحة المياه.

أما الأذن فمن الممكن وضع قطعة من القطن المدهونة بالجلسرين أو الفازلين في أذن الطفل إلا أنها لا تستقر في مكانها؛ لذلك يمكن الاستعاضة عنها بالسدادات المطاطية، إلا أن هناك محاذير لذلك خاصةً في البحر؛ لأن الأذن مطلوبة أثناء السباحة حتى يسمع النداء إذا تعرض للخطر أو ابتعد عن الشاطئ كثيرًا.

* ماذا لو ابتلع الطفل مياهًا أثناء السباحة؟
** ابتلاع المياه في حدِّ ذاته إن كان بكمية ضئيلة لا يسبِّب مشكلةً إذا شرب الطفل بعدها سوائل وخاصةً الماء، أما الخطر فيكمن في استنشاق المياه؛ لأنه قد يتسبِّب في إسفكسيا الغرق.

* وماذا عن الإسعافات الأولية التي ينبغي اتخاذها في حالات الغرق؟
** في هذه الحالة يُلقَى الطفل على وجهه ويُضغطُ عليه من الظهر لتخرج المياه أو ينام على ظهره ويضغط على بطنه لتخرج أسرع، وقد يكون الحل ما يطلق عليه (قبلة الحياة) وهي التنفس من فمٍ لفمٍ، إلا أن هذه العملية تحتاج إلى فنٍّ ومهارةٍ؛ لأن الطفل قد يختنق في لحظة؛ لذلك فالأفضل في هذه الحالة الاتصال بالإسعاف فورًا وحضور طبيب متخصص والذي قد يُضطَّر لوضع جهاز التنفس الصناعي، خاصةً لو تحول لون الطفل إلى اللون الأزرق؛ مما يشير إلى نقص نسبة الأكسجين في الدم.

وأيضًا يوجد في معظم الشواطئ التزامٌ بوجود طبيب وكذلك منقذ أو غطَّاس للحالات الطارئة، والأفضل بالطبع تأمين الطفل باستعمال أطواق النجاة، وعدم نزول الطفل في وجود الأمواج المرتفعة.

* وهل هناك مخاطر أخرى يتعرض لها الطفل في البحر؟
** من أشهر الكائنات البحرية التي تضرُّ الطفل قناديل البحر، خاصةً أن الأطفال يحبون اللعب بها وإمساكها، ولدغة قنديل البحر يمكن أن تتسبب في حساسية للجسم، وفي هذه الحالة يجب أن يتناول الطفل دواءً مضادًّا للحساسية أو حقنةً مع دهانِ موضعِ الإصابة بمرهم مضاد للحساسية.

* نصيحة أخيرة تقدمها للوالدين؟
** يجب على الآباء توجيه أبنائهم بقضاء حاجتهم قبل النزول لحمَّام السباحة، وتنبيههم إلى عدم التبوُّل داخل حمام السباحة، وتعويدهم على ذلك؛ فإذا كان الإسلام ينهانا عن قضاء الحاجة في طريق الناس أو في الماء الراكد لِما رواه جَابِر رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ "نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ" (رواه مسلم) كما روى أبو هُرَيْرَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ" قَالُوا وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ "الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ" (رواه أبو داود) وبالطبع فإن حمَّام السباحة أولى في النهي لأنه مكانٌ عام يشاركه أناسٌ آخرون، فلا ينبغي الإضرار بالآخرين لتحقيق متعة وقتية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق