الأربعاء، 14 يناير 2009

في محنة غزة..أفكار إيجابية للمرأة العربية


أمل خيري


Image
إن القلم ليعجز عن الإعراب عن مكنونات القلب ويذوب خجلا أمام الصمود الفلسطيني لشعب أعزل أحكم حوله الحصار والقتل والتشريد في ظل صمت عربي ودولي مريب ونتساءل عن المرأة العربية التي هي نصف المجتمع وتقوم على تنشئة النصف الآخر كيف وقفت أمام هذه المجازر التي يسقط فيها العشرات ثم المئات ثم الآلاف ما بين قتلى وجرحى ولا يحرك العالم ساكنا؟

صرخة ألم

النساء في العالم العربي والإسلامي أعربن عن مشاركتهن مشاعر الأسى والحزن على الفجيعة اليومية لأطفال ونساء وشيوخ غزة، نسمع أصوات النساء في الفضائيات يصرخن ويبكين ويندبن المجزرة -بل المحرقة- في غزة وينادين أين العرب؟ أين المسلمون؟ أين الرجال؟

خرجت الكثيرات في مظاهرات ومسيرات تنديدا بالعدوان والصمت الدولي والكثيرات صرخن في الرجال وعبرن عن رغبتهن في حمل السلاح ومشاركة أهل غزة الجهاد والنصرة بدلا من رجال تخاذلوا عن نصرة الحق وغضوا أبصارهم عما يجري من ظلم وعدوان.

ولكن الكثيرات قبعن في بيوتهن واكتفين بمتابعة صور المجازر والبكاء، أعرف الكثيرات منذ بدء العدوان الغاشم على غزة لا يرقأ لهن دمع ولا تغمض لهن عين بل البعض عزفن عن الطعام ولا يجدن في حلوقهن إلا غصة ومرارة تحرق قلوبهن وتمزق أكبادهن.

مشاهد الدم والقتل، مشاهد جثث الأطفال الممزقة، أشلاء متهرئة من تحت الأنقاض أصبحت برنامجا يوميا مفروضا على كل بيت عربي ومسلم عبر الفضائيات ومواقع الإنترنت.

تنظر الأم إلى أطفال غزة القتلى فتضم أطفالها إلى صدرها وتبكي وهي تنفض عن عقلها مجرد تصور أن ما حدث لهؤلاء الأطفال يمكن أن يحدث لأطفالها وأمام عينها.

ولكن هل يكفي البكاء؟ هل يكفي الأرق؟ هل يكفي الامتناع عن الطعام؟ هل هذا هو الدور المطلوب من المرأة العربية المسلمة في أنحاء المعمورة؟ هل يرجع البكاء حقا سليبا؟ وهل يحقن الدمع الدم المسفوح؟ هل أجدبت قريحتنا وفرغت همتنا فلم يعد لنا إلا البكاء والنواح؟

كوني أكثر ايجابية

لا أدعي أني سأضع برنامجا متكاملا لدور المرأة العربية والمسلمة في نصرة غزة، ولكنها أفكار متفرقة ربما تساهم في إنارة الظلام الدامس لكل النساء والأمهات اللاتي نفد صبرهن وأصابهن الإحباط واليأس ليمسحن دموعهن ويبدأن في خطوات أكثر عملية وتحرك أشد إيجابية نحو نصرة إخوانهن في غزة.

فأنت إما فتاة تطلب العلم، أو امرأة عاملة، أو ربة بيت، أو زوجة، أو أم، وكل لها دورها المنوط بها في نصرة غزة، ولكن هناك أدوار مشتركة من الجميع.. مع النفس قبل أن تكون مع الغير.

الجهاد الاقتصادي

تضطلع المرأة في معظم الأسر بالدور الاقتصادي والمالي من إدارة ميزانية الأسرة وشراء الاحتياجات والادخار، وعليها أن تستغل هذه الفرصة في دعم غزة وأهلها وأهم خطوة القيام بالمشاركة في الجهاد بالمال والتبرع لشعب غزة وحث الأطفال على الادخار من مصروفهم اليومي في حصالة مخصصة لدعم غزة، ثم التوجه بهذه الأموال للجهات المعنية بجمع التبرعات وإيصالها للمحاصرين والضحايا.

يجب على الأم أن توصل لأطفالها رسالة أن أطفال غزة هم إخوة لنا، ويجب مشاركتهم معاناتهم بقليل من التقشف والاقتصاد في الاستهلاك تضامنا معهم.

على المرأة أن تعيد إحياء فكرة مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية حين تسوقها فتعمد لشراء السلع البديلة، وتوضح ذلك للأطفال ليشاركوا في الامتناع عن شراء الأطعمة والحلوى والألعاب التي تدخل ضمن قائمة السلع المقاطعة مع توضيح أن الاستمرار في شراء هذه السلع يعني المشاركة في قتل الأطفال في غزة.

الجهاد بالكلمة

قد تقابلين زميلات لك في العمل أو جارات أو قريبات أو صديقات ضللهن الإعلام الغربي أو المحلي، ولا يتفهمن الصورة أو حقيقة الوضع في غزة؛ بل ستجدين من تؤكد أن ما لدينا من مشاكل وأزمات يغنينا عن التفكير في غيرنا؛ بل ستجدين أطفالا يرددون هذا الكلام؛ فمثلا فوجئت بابنتي تخبرني بأن مدرستهم أقامت صلاة الغائب على أرواح شهداء غزة فامتنع بعض الأولاد عن الصلاة بحجة أن هؤلاء ليسوا أقارب لنا فلِمَ الاهتمام بهم؟

ودورك هنا من أبلغ الأدوار لتفهمي أبناءك حقيقة الأمر، قصي عليهم قصة الثيران الثلاثة مع الأسد، حين قال الثور الأحمر في نهاية المطاف "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض"، وعلميهم الدروس المستفادة من القصة، وكيف أن الرسول الكريم يقول: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".

وَضِّحي لكل من تقابلينه عاقبة تخاذلنا عن نصرة إخواننا، أفهميهم حقيقة العدو الصهيوني الذي لا يرقب فينا إلاًّ ولا ذمة والذي اسودت صحائفه بالمجازر الوحشية التي لم تقتصر على الشعب الفلسطيني وحده، ذكريهم بأن ضحايا مذبحة مدارس الأونروا بغزة ما هي إلا نسخة أخرى من مذبحة مدرسة بحر البقر في مصر عام 1970، واستعيني في الرد على الشبهات بالقراءة والاطلاع على حقيقة الأوضاع واقرئي التاريخ في المصادر الصحيحة والصادقة.

يمكنك أن ترسلي رسائل بالمحمول لإخوتك في غزة تدعمين صمودهم ورسائل أخرى لمعارفك لتذكيرهم بالدعاء والمقاطعة نصرة لإخوانهم.

الجهاد الإلكتروني

تستطيعين دون أن تغادري بيتك أن تطلقي صرخة للعالم المتمدن بفضح الجرائم الصهيونية ضد الشعب الأعزل، من خلال القيام بدورك المطلوب من خلال التطوع الإلكتروني عبر المشاركة في المنتديات وعبر البريد الإلكتروني والشات والمواقع الإلكترونية العربية والأجنبية والمدونات وغيرها من خدمات الإنترنت، وأهم الموضوعات التي يجب التركيز عليها:

* التعريف بجذور القضية الفلسطينية والاحتلال الصهيوني.

* الرد على الشبهات والأكاذيب المثارة حول القضية، مثل بيع الفلسطينيين لأراضيهم وتخاذلهم عن قضيتهم وغيرها من الأكاذيب التي يروجها البعض ويصدقها الكثير.

* التعريف بتاريخ النضال الفلسطيني، وكشف فضائح الجرائم الصهيونية المستمرة والمجازر التي ارتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني عبر التاريخ دون تفرقة بين فصائل سياسية أو مدنيين، وما اقترفه عبر التاريخ من مذابح ضد الأطفال والنساء والمدنيين.

* دعم أهلنا في غزة الصامدة ومشاركتهم الأحزان والهموم وأدوارنا وأفكارنا العملية لنصرة أهل غزة.

* بث الثقة في النفوس وبشائر النصر والأمل بنصر الله "ألا إن نصر الله قريب" وذلك عبر قصص عن أبطال المقاومة وصمود المجاهدين بل والمدنيين.

والوسائل في تنفيذ ذلك متعددة ما بين تصميم تواقيع وبنرات متحركة في المنتديات والمدونات والبريد الإلكتروني، المشاركة في حملات إلكترونية لدعم الصمود الفلسطيني وفك الحصار ووقف المذابح الصهيونية، كتابة عرائض والتماسات بجميع اللغات وإرسالها عبر البريد الإلكتروني والمجموعات البريدية للمسئولين في الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.

*إنشاء المدونات الإلكترونية لدعم غزة والمشاركة في المدونات المميزة بالتعليقات والنشر.

*نشر صور ومقاطع فيديو تكشف جرائم الصهاينة بحق المدنيين خاصة الأطفال.

وإذا كنت تتقنين إحدى اللغات الأجنبية يمكنك ترجمة الأخبار وإرسالها للمجموعات الإلكترونية الأجنبية وعبر البريد الإلكتروني للمساهمة في إلغاء التعتيم الإعلامي بل والتضليل الذي يمارسه الإعلام الصهيوني والغربي على شعوبه بخصوص المذابح التي ترتكب يوميا.

التربية الإيمانية

نحتاج جميعا الاستفادة من دروس هذه المحنة بالعودة إلى الله وطلب العون منه تعالى وحسن الصلة بالله وحسن الخلق والتوجه إلى الله بالدعاء قال الله تعالى: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين"، وقال سبحانه وتعالى "وإذا سألك عبادي عنّي فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون".

كثيرات لا يلجأن للدعاء ويعتبرنه عجزًا وضعفًا وموقفًا سلبيًّا، ولكنه في المقابل قوة واعتصام بحبل الله المتين، وقد وصف الله تعالى أنبياءه بقوله: "إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ في ٱلْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُواْ لَنَا خاشعين"، فكان الدعاء أحد أسباب نصرهم وتمكينهم وحدّث عبد الله بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا على الأحزاب فقال: "اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم" (البخاري: 2716).

وكلما كان الدعاء من قلب خاشع صادق، كانت الإجابة أقرب، والتوجه إلى الله بصلاة الحاجة والاستعانة بقيام الليل ولنتذكر قول الإمام البنا (وسنستعدي على الباغين سهام القدر، ودعاء السحر).

وتأكدي أنه ستأتي بعدنا أجيال تتعجب من وقوفنا صامتين إزاء ما جرى وتعتبرنا مشاركين بموقفنا السلبي وصمتنا أمام هذه المذبحة التي سيضيفها التاريخ للسجل الإجرامي الصهيوني المشين وستساعدك هذه الخطوات الإيجابية في أن تقدمي عذرك إلى الله وعذرك إلى الأجيال القادمة.


باحثة بشبكة اسلام أون لاين.نت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق