الجمعة، 11 فبراير 2011

هل أصيب النظام المصري بمرض الأجندوفوبيا؟!

أمل خيري

يمكن تعريف مرض "الأجندوفوبيا" وفق ما ذكره بعض المدونين المصريين بأنه حالة من الخوف والرعب الشديد من جميع الأجندات سواء الداخلي منها أو الخارجي، وقد بدأ ظهور هذا المرض في مصر في أواخر يناير عام 2011، ومن المرجح أن ينتقل من مصر لغيرها من الدول العربية ذات الأنظمة القمعية.

البحث عن الجاني

بالطبع لا يصيب هذا المرض سوى الأنظمة فقط، التي استفاقت يوم الخامس والعشرين من يناير على كارثة لم تكن تتوقعها، حيث اعتقدت طويلا أن الشعوب غرقت في سبات عميق ربما يكون قد أفضى إلى الموت، وباتت في مرحلة من الطفولة المتأخرة وانعدام النضج، الأمر الذي لا يتصور معه أن يتولد لدى هذه الشعوب رغبة في التغيير هكذا فجأة دون محرك يدفعها.

فهذه الشعوب في نظر أنظمتها شعوب قاصرة –تحت سن الرشد- وبالتالي لا يمكن لها أن تنتفض من تلقاء نفسها، فلابد من وجود أجندات تدفعها للتحرك، فقد كرر كثيرا نائب الرئيس المصري عمر سليمان في الأيام الماضية عبارة أجندات خارجية موجها تحذيره إلى المعتصمين في ميدان التحرير، معتبرا أن استمرارهم في الاعتصام لا يعني سوى أنهم "ينفذون أجندات خارجية".

وحين سئل عن نوعية هذه الأجندات في لقاء تلفزيوني قال "يمكن أن تكون هناك أجندات لجهات أجنبية، أو للإخوان المسلمين أو لرجال أعمال يمكن أن تتشابك مع بعضها وتظهر المظهر السيئ في ميدان التحرير".

والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف لنائب الرئيس أن يجلس في حوار مع تلك الجماعة المشبوهة التي تحمل أجندة خارجية؟، ألم يكن من الحكمة استبعادها من الحوار الوطني طالما أنها تتبع أجندة خارجية؟.

ولمن تعود هذه الأجندة يا ترى؟؛ هل لإيران مثلا والجميع يعرف مقدار الشقاق بين المذهب السني والشيعي؟!.

هل لحماس مثلا التي لم تنشأ إلا عام 1987 كأحد أجنحة جماعة الإخوان المسلمين في مصر أي بعد مرور ما يقرب من ستين عاما على نشأة الجماعة الأم؟ وهل الجماعة الأم تنفذ أجندة لأحد أجنحتها أو لأحد أفرعها؟.

هل هي أجندة سورية؟ والجميع يعلم عمق العداء بين النظام السوري وجماعة الإخوان المسلمين يكفي أن نتذكر مذبحة حماة.

هل هي أجندة إسرائيلية؟؛ والجميع يعلم مقدار تخوف النظام الإسرائيلي من وصول الإخوان لحكم مصر. وأين كان جهاز المخابرات المصري على مدى السنوات السابقة؟ لماذا لم يكشف عن علاقة الإخوان بإسرائيل إذن؟.

الإعلام في غرفة الإنعاش

مرض الأجندوفوبيا أيضا أصاب الإعلام المصري منذ أكثر من أسبوعين، ولا ندري سبب الانقلاب الذي شهده من الغيبوبة التي كان يعيش فيها على مدى أكثر من عشرة أيام، إلى محاولات الاستفاقة ودخول غرفة الإنعاش، وهذا الانقلاب لم يمنع من ظهور أعراض الأجندوفوبيا بشدة سواء من استضافة شباب يدعون أنهم من شباب 25 يناير ويعلنون تبرأهم من المتظاهرين الموجودين في التحرير الآن الذين يحملون أجندات خارجية، أو المشاركة في فيلم هندي بطلته صحفية معروفة بالفبركة لتشرح كيف جندها الأمريكان لقلب نظام الحكم في مصر، والتي أضحكتنا بشدة ولم يصدقها عقل طفل، ولا نعرف كيف صدقها المذيعان المحترمان اللذان قاما باستضافتها؟ إلا إذا كانا شريكين في التمثيلية!.

لن ننسى بالطبع الاتصالات المصطنعة التي كانت ترد للتليفزيون المصري بدءا من إشاعة الفوضى؛ حتى كنا نسمع صوت نفس المرأة التي تصرخ بهجوم على بيتها في شبرا ثم تتصل مرة أخرى بعد خمس دقائق لتستنجد من هجوم تحت بيتها في جسر السويس!.

هذه الاتصالات المأجورة أيضا أصيبت بمرض الأجندوفوبيا، تجد المتصل يحلف بأغلظ الأيمان أنه شاهد أجانب يدخلون ميدان التحرير ويوزعون أموال وطعام، ثم يتصل بعد قليل ليحلف مرة أخرى أنه شاهد وجوها أجنبية في ميدان مصطفى محمود تحمل المتظاهرين المؤيدين على التوجه لميدان التحرير، ولا أدري كيف استطاع أن ينتقل في لمح البصر من ميدان التحرير إلى المهندسين؟!.

متصل آخر اتصل بقناة "أون تي في" وأخذ يحكي عن وجبات كنتاكي الداخلة للمعتصمين والتي تحوي علب كانز فيها قنابل ثم -خير اللهم اجعله خير-.. شاهد أوراقا كثيرة وقعت مكتوب عليها بيانات من حزب الله وحماس!.. عندما سأله المذيعان من أين وقعت الأوراق؟ قال من جيوبهم، وحين سئل هل وقعت هكذا من تلقاء نفسها من جيوب الجميع؟! قال وقعت من تحت علب كنتاكي، الحقيقة لولا أن المذيع قال له: شكرا.. وأغلق الخط لتوقعت أن يكمل مشاهداته بظهور كائنات فضائية نزلت بقذائف مريخية وأن هناك مومياوات ظهرت من المتحف المصري تصب اللعنات على مؤيدي الرئيس، كان واضح جدا أن المتصل يعاني من الأجندوفوبيا.

خدعة قديمة جديدة

التلويح بالاتهامات بحمل الأجندات الخارجية ليس جديدا على النظام، فقد شهدت إحدى جلسات مجلس الشعب في مايو 2010 مشادات ومشاحنات ساخنة بين أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني السابق وبعض نواب المعارضة والمستقلين؛ حيث اتهم عز بطريقة مغلفة نواب المعارضة والمستقلين للعمل لحساب أجندات خارجية والنزول للشارع وإثارة الفوضى، وذلك رداً على مطالبة الأخوان المسلمين والمستقلين والمعارضة بتنظيم مسيرة سلميه من مسجد عمر مكرم إلى مقر البرلمان لتسليم عريضة ومذكرة رسمية لرئيس المجلس بمطالب وإصلاحات سياسية للمطالبة برفع الحد الأدنى من الأجور والمعاشات إلى 1200، وهي نفس المطالب التي خرج الشعب اليوم ليطالب بها.

بل سمعناه على مدى عقود طويلة حتى صرنا ندمن الأجندات والتهديد بالأجندات، لكن ما لا يعلمه النظام أن الشعب يعلم جيدا من الذي يحمل أجندات خارجية، فلم يكن الشعب المصري هو الذي أحكم الحصار على غزة أثناء عملية الرصاص المصبوب، ولم يقم الشعب المصري بإغلاق معبر رفح، وليس الشعب المصري من قام بتصدير الغاز المدعوم لإسرائيل، ولم يسع الشعب المصري يوما للتطبيع مع إسرائيل، ولم يكن الشعب المصري هو الذي يستقبل القادة الإسرائيليين قتلة الأطفال في شرم الشيخ ويصافحهم ويلتقيهم بالأحضان، ولم يتحالف الشعب المصري مع الأنظمة الأمريكية يوما ما، ولم يفرح الشعب المصري باحتلال العراق ولم يكن هو من بارك هذا الاحتلال ولا الحصار الاقتصادي قبل ذلك.

وعلى الرغم من ذلك لم يصاب الشعب المصري بعد بمرض الأجندوفوبيا –ولن يسمح له بذلك-، بل أصيب به النظام والإعلام الرسمي، ويبقى السؤال إلى أي مدى ستتطور أعراض هذا المرض؟، وهل ستشهد الأيام القادمة تحور خطير للمرض ربما ليتحول إلى شعبوفوبيا أو مصروفوبيا بعد أن تفشل الأجندوفوبيا؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق