الاثنين، 6 يونيو 2011

كيف يرى الغرب حركة شباب المجاهدين الصومالية؟



قراءة في المشهد الإسلامي في القرن الأفريقي
كيف يرى الغرب حركة شباب المجاهدين الصومالية؟
أمل خيري
إسلام اون لاين
منذ بداية الحرب الأهلية في الصومال قبل نحو عشرين عاما وأبطال المشهد الصومالي في صراع متواصل، والساحة لا تخلو من لاعبين أساسيين يتغيرون باستمرار ليتصدر بعضهم المشهد السياسي حينا ثم يتوارى عن الأنظار حينا آخر.
وفي ظل هذه الحرب ارتفعت أصوات السلاح وتصاعدت الفصائل المسلحة، التي تم تصنيف بعضها في قائمة الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بعد أن لعب بعضها دورا جهاديا تاريخيا، ومن بين هذه الجماعات حركة الشباب التي يطلق عليها بعضهم: شباب المجاهدين وبعض آخر يكتفي بتسميتها حركة الشباب التي ارتبطت بمقاومة الغزو الإثيوبي.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: كيف يرى الغرب حركة شباب المجاهدين في الصومال؟ جماعة جهادية أم حركة تمرد ضد السلطة؟، يمكننا أن نجد الإجابة في الدراسة التي قدمها ماثيو جوليلمو[1] Matteo Guglielmo بعنوان " كشف التمرد الإسلامي في الصومال: حالة حركة الشباب المجاهدين الإسلامية"[2] الذي نشرت مؤخرا (ابريل 2011م) في أحد التقارير الصادرة عن معهد الدراسات الأمنية بجنوب إفريقيا[3]، ويشتمل التقرير على عدة دراسات إضافة إلى دراسة جوليلمو، وكلها تدور حول "الأمن الإقليمي في القرن الأفريقي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة"[4].
صدر التقرير بتمويل من الحكومة الألمانية وبرامج المساعدة الإنسانية من حكومات النرويج والسويد والدنمارك والولايات المتحدة. ويهدف التقرير إلى الكشف عن أبرزالقضايا الأمنية التي تواجه القرن الأفريقي،ويقدم تحليلا معمقا للأسباب الجذرية للصراعاتبينالدولفي العديد من الدول الواقعة في القرن الإفريقي كما يُقَوِّم أيضاأداءالهيئات الحكومية في التنمية وتحقيق الأمن القومي.
تمرد أم جهاد؟
يستهل جوليلمو دراسته بوصف جماعات الجهاد الإسلامي في الصومال بحركات التمرد، التي أرجع بداية ظهورها إلى الفترة بين يونيو وديسمبر 2006 ، إذ سيطر اتحاد المحاكم الإسلامية في مقديشو ، وما أعقبه من تدخل إثيوبي لدعم الحكومة الاتحادية الانتقالية التي يقودها الرئيس عبد الله يوسف ورئيس الوزراء محمد علي غيدي، ومنذ ذلك الحين تصدر الإسلاميون المشهد الصومالي، وساعدهم في ذلك ضعف قوات الأمن والحكومة الانتقالية من جهة ثم انسحاب القوات الإثيوبية في يناير 2009 من جهة أخرى، لينتهي المشهد بسيطرة الإسلاميين على جزء كبير من المنطقة الجنوبية الوسطى من الأراضي الصومالية.
وبحسب ما ذكره جوليلمو فإن عددا من الدراسات أشارت إلى أن نشأة المحاكم الإسلامية جاءت على يد بعض من جماعات المصالح في العاصمة مقديشو تحت دعوى الالتزام بإعادة الأمن، أكثر من كونها حركة شعبية، وأن نجاحها يعود إلى ما قامت به قيادات الحركة من حشد تأييد العشائر الكبيرة في العاصمة، وتجنيد الشباب، إضافة إلى الدعم الاستراتيجي من رجال الأعمال الذين يهمهم استتباب الأمن حفاظا على مصالحهم الاقتصادية. وبالفعل نجحت الحركة في استقطاب عشيرتي أبغال وهابر غدير، وكلاهما من قبيلة الهوية التي تشكل غالبية سكان العاصمة منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 1991.
وبالرغم من ذلك فإن المحاكم الإسلامية لم تحقق أي تقدم في سبيل إضفاء الطابع المؤسسي على الحركة في نظر جوليلمو، بل ظلت منقسمة إلى الجناح المعتدل بقيادة شيخ شريف وهو من عشيرة أبغال، والجناح المتشدد بقيادة شيخ حسن طاهر عويس العقيد السابق بالجيش وهو من عشيرة هابر غدير.
ويؤكد جوليلمو أن صعود نجم المحاكم الإسلامية في جنوب ووسط الصومال جاء في لحظة دقيقة في المستوى المحلي والدولي؛ حيث شهدت مقديشو سلسلة من عمليات القتل والاختطاف غير المسبوقة التي استهدفت بعض رجال النخبة الإسلامية والسياسيين البارزين، التي نفذتها ميليشيات ما سمي بالتحالف من أجل استعادة السلام ومكافحة الإرهاب الذي ظهر أواخر عام 2006 المدعوم من قبل الولايات المتحدة وفقا لاستراتيجية الحرب على الإرهاب التي أعلنتها عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. وبعد عدة معارك نجحت المحاكم الإسلامية في هزيمة هذه الميليشيات، وترتب على ذلك توسعها في مناطق جنوب ووسط الصومال، بل قام رجال الميليشيات بتسليم أسلحتهم للمحاكم الإسلامية والاستسلام الطوعي.
من المقاومة إلى الهروب
يؤكد جوليلمو أن هذا التوسع للمحاكم الإسلامية ما لبث أن أثار حفيظة كل من الحكومة الاتحادية الانتقالية والحكومة الإثيوبية التي تدعمها، ومن ثم قامت إثيوبيا بالتدخل العسكري، وواجهت مقاومة عديد من الجماعات – التي سماها جوليلمو جماعات متمردة - وقاد هذه الجماعات ما سمي بحركة المقاومة التي ضمت عديدا من القوى المعارضة التدخل الإثيوبي في البلاد. إلا أن القوات الإثيوبية مدعومة بضربات جوية أمريكية وجهت هزائم ساحقة لرجال المحاكم الإسلامية الذين اضطروا إلى مغادرة البلاد متوجهين إلى اليمن ثم إلى العاصمة الإرتيرية أسمرا حيث قاموا بتشكيل الجناح السياسي لجبهة مناهضة إثيوبيا تحت اسم التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال في سبتمبر 2007.
ومع تصاعد تحركات الجيش الإثيوبي في العاصمة والمدن الرئيسة جنوب ووسط الصومال شهدت البلاد أزمة إنسانية ونال المئاتِ من المدنيين القتلُ والجرح والتشريد. كل ذلك في الوقت الذي بدت فيه جبهة مناهضة إثيوبيا فضفاضة وغير متجانسة.
وهنا برزت حركة الشباب المجاهدين الإسلامية التي قادت معظم الهجمات ضد القوات الإثيوبية والميليشيات الموالية الحكومة الانتقالية. وتولى زعامتها آدم حاشي فرح عيرو حتى وفاته في مايو 2008، الذي بدأ حياته السياسية تحت جناح حسن طاهر عويس، وكان عيرو أحد زعماء حركة الشباب الذين سافروا إلى أفغانستان أواخر التسعينات، إلا أن العلاقات بينه وبين طاهر عويس تدهورت بعد انضمام الأخير إلى تحالف إعادة تحرير الصومال الذي رآه عيرو تحالفا مع العلمانيين وتنازلا عن الجهاد المسلح ضد الاحتلال.
ومنذ أواخر عام 2008 ، ازداد الموقف الراديكالي لحركة الشباب سياسيا وإيديولوجيا وبخاصة بعد قيام الولايات المتحدة بوضع اسم الحركة على القائمة الدولية السوداء للإرهاب، وربطها بين المعونة المشروطة للحكومة الانتقالية وبين قضائها على هذه الحركة، بل لقد نفذت الولايات المتحدة عدة غارات جوية بين عامي 2007 و 2008، قتل في إحداها عيرو، وتفجر بنتيجتها رد فعل أعنف من شباب الحركة الذين قاوموا الوجود الإثيوبي والضربات الأمريكية بشدة واستمروا في عمليات المقاومة.
حركة الشباب.. التاريخ والأيديولوجيا
يتتبع جوليلمو في دراسته تاريخ نشأة حركة الشباب، الذي جرى ربطه أحياناً كثيرة بتنظيم القاعدة في إطار الحرب الدولية على الإرهاب، إلا أنه لا يتفق مع النظر إلى حركة الشباب على أنها مجرد انعكاس للمواجهة الدولية واستبعاد السياق المحلي الذي نشأت فيه، صحيح أن الاستراتيجيات السياسية الدولية كان لها تأثير واضح في تنامي قوة الحركة إلا أن التوجه المحلي للحركة أكسبها بعدا يجعلها تختلف عن قوى الإسلام السياسي الأخرى كحركة الإصلاح المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين التي اتسمت بالعالمية.
فالدولة الصومالية في عهد سياد بري كانت ذات اتصال محدود بالعالم الخارجي باستثناء التأثير الوهابي القادم من شبه الجزيرة العربية، الذي أدى في نظر جوليلمو إلى تصاعد التيارات السلفية والصوفية وجماعات التبليغ في الصومال. ويركز خطاب حركة الشباب على مناهضة التغريب والعولمة مما جعلها تفرط في المحلية، إضافة إلى تبنيها المفهوم الجهادي المسلح الذي سمح لها بتعبئة كثير من الشباب الراغب في مقاومة الاحتلال الإثيوبي ومواجهة الهجمات الأمريكية، من منطلق حشد مشاعر الاستياء من الغرب.
وبالرغم من تأكيد وسائل الإعلام الدولية تلقي حركة الشباب التدريبات الموسعة في أفغانستان في النصف الثاني من التسعينيات، فإنه لا يوجد حتى الآن دليل قاطع على وجود أي اتصال مباشر بين مقاتلي حركة الشباب وزعماء القاعدة في كابول.
وفي حين تربى عدد من قادة حركة الشباب في منظمات إسلامية أخرى في الصومال كالاتحاد الإسلامي و جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة فإن وجود الجيوش الأجنبية المكثف في مقديشو ومناطق جنوب ووسط البلاد ساعد في تضخم صفوف الحركة، وإعطائها مزيد من العمق السياسي، وتوسيع نطاق الدعم الجماهيري، حيث أصبح ينظر إلى الحركة على أنها المدافع الوحيد عن البلاد، وطبعا سمحت الطبيعة العشائرية للمجتمع بتغلغل حركة الشباب في هذه العشائر وتلقي الدعم القوي منها.
القيادة والتنظيم
يذكر جوليلمو في دراسته نماذج أهم قادة حركة الشباب ومن بينهم الشيخ محمد مختار عبد الرحمن المُكَنَى بأبي زبير، والشيخ مختار روبو، وفؤاد محمد خلف شونجول، وحسن عبد الله التركي. وبالرغم من عدم وجود معلومات مفصلة عن جهازها ، فإن حركة الشباب بحسب ما ذكره جوليلمو بدأت تنظيم نفسها بشكل واضح في أعقاب انسحاب القوات الإثيوبية في يناير 2009. مع التأكيد على أن حركة الشباب في البداية لم تكن تنوي إدارة شؤون البلاد مباشرة بل بدلامن ذلك سعت إلى تعيين الشخصيات المحلية في هذه المهمة.
أما بالنسبة إلى بنية حركة الشباب التنظيمية فهناك كثير من الاختلافات في الرؤى حول طبيعتها، ومع ذلك هناك شبه اتفاق – في نظر جوليلمو- على وجود أربعة أجنحة أساسية للحركة أولها مجلس الشورى وهو شبيه إلى حد كبير من حيث الوظيفة والمسؤولية بطبيعة عمل اتحاد المحاكم الإسلامية عندما كان يحكم مقديشو. ورئيس مجلس الشورى هو أمير الحركة ، الشيخ محمد أبو زبير، ويبدو أن مجلس الشورى ليس لديه السيطرة الكاملة على حركة الشباب؛ إذ تنحصر مهمته في اتخاذ القرارات الجماعية.
أما الجناحالثاني فهو الجناح الدعوي الذي يهتم بنشر الإسلام أو على حد تعبير جوليلمو "مهمته تجنيد ميليشيات جديدة"، بينما يتمثل الجناح الثالث للحركة في ما يسمي بالحسبة وهو نوع من الشرطة الدينية التي يتمثل دورها في مراقبة وصيانة احترام الأحكام والأعراف الإسلامية.
ويذكر جوليلمو أن جهاز الحسبة ربما يكون مسئؤولا عن عمليات تدمير الأضرحة الصوفية في منطقة جنوب وسط البلاد، ويأتي رابعا الجهاز العسكري هو الجناح الأخير لحركة الشباب، ويجري تدريب الشباب عسكريا في عدة مخيمات للتدريب في قرى منتشرة وكان لهذه الميليشيات الدور الأكبر في دحر القوات الإثيوبية.
صراع المحلية والانتماء إلى القاعدة
من أجل التوصل إلى فهم كامل للسياق الذي أدى إلى سيطرة حركة الشباب على الأراضي لا بد من الإشارة إلى لحظة دقيقة في تاريخ الأزمة الصومالية. فتحول حركة الشباب من حركة مسلحة إلى حركة معارضة للحكومة يعكس درجة معينة من تغلغل القوى الإقليمية والدولية داخل الأزمة الصومالية نفسها.
ويعود جوليلمو إلى تحليل الادعاء بانتماء حركة شباب المجاهدين إلى تنظيم القاعدة، وبخاصة مع إعلان الحركة مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من يوليو 2010 في العاصمة الاوغندية كمبالا، التي راح ضحيتها عشرات الجرحى والقتلى أثناء مشاهدتهم بطولة كأس العالم، حيث سارعت وسائل الإعلام بلصق هذا العمل الإرهابي بتنظيم القاعدة من خلال شريكتها في الصومال حركة شباب المجاهدين.
وبالرغم من ذلك يرى جوليلمو أن كثيرا من مواقف حركة شباب المجاهدين تتسم بالتعقيد المحلي أكثر منه تنفيذا لأوامر القاعدة؛ إذ ربما تنظر إلى مشجعي كرة القدم على أنهم أحد مظاهر التدخل الأجنبي وعمليات التغريب في الصومال، إلا أن الأمر أيضا لا يخلو من شواهد على الارتباط بتنظيم القاعدة وبخاصة مع إعلان الحركة ولاءها لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في فبراير 2010 ، ثم تهديدها بالانتقام لمقتله وتأكيدها أن دماءه لن تذهب هدرا، ومع ذلك فإن الدعم المالي الذي كانت تتلقاه الحركة أثناء صراعها مع القوات الإثيوبية لم يكن يأتي من تنظيم القاعدة بل من اريتريا على حد قول جوليلمو.
علاوة على ما سبق يأتي اعتماد الحركة ماليا على الصوماليين في الشتات خاصة في دول الغرب الأوروبي، ويوضح جوليلمو أنه بالرغم من صعوبة التحقق من مصادر تمويل الحركة فإنه من الممكن التأكيد على الدور الذي يلعبه صوماليو الشتات في هذا التمويل لسببين رئيسيين، الأول أن حركة شباب المجاهدين حظيت ببعض الشعبية لقاء نشاطها في منع تداول السلع المنتهية الصلاحية أو المضرة بالصحة على سبيل المثال، أو جهودها في إزالة نقاط التفتيش غير القانونية بغرض تمكين الصوماليين من حرية التنقل.
أما السبب الثاني في نظر جوليلمو لدعم الصوماليين في الخارج للحركة فيعود إلى أجندة الحركة السياسية التي تجعلها تختلف عن بقية الجماعات المسلحة حتى في المستوى الوطني. فحركة الشباب أبدت كثيرا من الاهتمام بأوضاع الصوماليين في الخارج وبخاصة الشباب منهم. ويعتبر جوليلمو أن تبرعات الصوماليين للحركة لا يجب النظر إليها في ضوء دعمهم الجهاد العالمي بل في إطار الطبيعة العشائرية والقبلية التي يتسم بها المجتمع الصومالي
مستقبل الحركة
في نظر جوليلمو فإن الحركة في طريقها إلى الضعف في ظل الهجمات التي تخوضها القوات الحكومية ضدها مدعومةً من قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال، إضافة إلى تشرذم أفرادها، وتزيد صعوبة قراءة مستقبل الحركة في ظل أنها مازالت تضع نفسها في مواجهة المجتمع الدولي بكامله، الأمر الذي يجعلها تميل إلى الصدام مع جميع الطوائف والقوى داخليا وخارجيا، ومع ذلك يوصي جوليلمو بعدم فصل الحركة عن سياقها المجتمعي أو محاولة تصويرها على أنها مجرد فرع تابع لتنظيم القاعدة إذ تعتمد شعبيتها إلى حد كبير على ضعف الكيانات الأخرى وعلى النزاعات العشائرية وعلى ما أسدته من خدمات إلى المجتمع وليس لأنها تنفذ تعليمات زعماء القاعدة فحسب.
من بين الملاحظات التي يمكن أن نوردها على الدراسة التي قدمها جوليلمو وصفه حركات الجهاد الإسلامي في الصومال بالمتمردين، ويأتي هذا الوصف اتساقا مع رؤية الولايات المتحدة والحكومة الاتحادية الانتقالية والقوات الإثيوبية الذين اعتبروا كلاً من حركة شباب المجاهدين واتحاد المحاكم الإسلامية مجرد متمردين وجماعات إرهابية مسلحة في حينٍ أدوا دورا تاريخيا في مقاومة الغزو الإثيوبي وأمراء الحرب من قطاع الطرق.
كما يذكر لحركة شباب المجاهدين دورها في إجهاض المخطط الأمريكي الذي استدرج القوات الإثيوبية في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل ثم فوجئت بقواتها تسحل يوميا في شوارع العاصمة على يد شباب المجاهدين بعد أن عاثوا في الأرض فسادا وانتهكوا الأعراض ودمروا المساجد فكانت فرحة الشعب لا توصف حين يتم اغتيال أحد أفراد هذه الميليشيات الإثيوبية وترتفع هتافات التكبير.
إنكار السياق الشعبي
أما ثاني الملاحظات فيدور حول ترويج جوليلمو لمقولة أن اتحاد المحاكم الإسلامية نشأ فقط بدعم من رجال الأعمال الصوماليين مما يوحي بافتقارها إلى الشعبية، وهذا يخالف الحقيقة جدا. فالواقع أن نشأة المحاكم كانت سابقة على دعم رجال الأعمال الذي لم تحظ به إلا بعد أن رأى هؤلاء ما لها من نفوذ وما قدمته على أرض الواقع من تحقيق الأمن والاستقرار في المناطق التي سيطرت عليها، بعد أن عانوا سنوات الإتاوات التي كان يفرضها عليهم أمراء الحرب قبل أن تنجح المحاكم الإسلامية في القضاء على هذه العصابات، ومن ثم يدين رجال الأعمال والمستثمرون للمحاكم الإسلامية بازدهار الوضع الاقتصادي .
بالإضافة لما سبق اكتسبت المحاكم الإسلامية شعبية واسعة بعدما تبين للصوماليين أن الولايات المتحدة تدعم أمراء الحرب الذين عانى الشعب من طغيانهم بعد ما نشروا الفوضى في أرجاء البلاد، وبخاصة بعد أن ذاقوا ويلات الحرب أثناء وجود القوات الأمريكية حتى عام 2004. وأخيرا نسي الكاتب أن الشعب الصومالي يدين جميعه بالإسلام وأن الحس الديني لديه مرتفع جدا وأن الأغلبية رحبت بتطبيق الشريعة الإسلامية التي نعموا في ظلها بالاستقرار والأمن وازدهار الأحوال الاقتصادية.
أما الملاحظة الأخيرة فتنصب على ما ذكره جوليلمو عن المحاكم الإسلامية من أن الحركة فشلت في التوجه نحو المؤسسية ولم تسع إلى ذلك، بينما واقع الحال أن الحركة كان لها تنظيم قوي ذو أجهزة قضائية وتنفيذية وعسكرية، إلا أنه أثناء حربها ضد أمراء الحرب نجح زعيم الحرب علي مهدي محمد بدعم من الحكومة الإثيوبية في تفكيك أجهزة المحاكم الرئيسة المنتشرة في البلاد مما حصرها في النطاق المحلي ومع ذلك ظلت أجهزتها تمارس عملها داخل القبائل وبين العشائر حتى بعد تفكيكها.

[1] ماتيو جوليلمو باحث مرشح للدكتوراه في الدراسات الأفريقية في جامعة نابولي الشرقية. وموضوع بحثه هو "البعد الإقليمي للأزمة الصومالية. وله العديد من المؤلفات الخاصة بمنطقة القرن الإفريقي.
[2] "Unravelling the Islamist insurgency in Somalia: The case of Harakat al-Shabaab Mujahideen".
[3] Institute for Security Studies، انظر الموقع الالكتروني للمعهد http://www.iss.co.za/
[4]يمكن تحميل التقرير كاملا من على هذا الرابط: http://www.issafrica.org/uploads/Monograph178.pdf
رابط النشر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق