أمل خيري
ماذا تعني كلمة ديمقراطية؟
تعني حكم الشعب نفسه بنفسه.
ما المقصود بديمقراطية الشجرة؟
هي أول صورة تطبيقية لمفهوم الديمقراطية في اليونان القديمة. حيث يجتمع رجال وشباب القبيلة تحت الشجرة بزعامة رئيس القبيلة ليقرروا كيفية إدارة شئون القبيلة، في كل شيء حتى في الدخول في الحروب أو عقد صلح أو معاهدات مع القبائل الأخرى.......وفي نهاية كل اجتماع يتم التصويت على القرارات، ليؤخذ برأي الأغلبية.
وما الجديد إذن؟ أليست هذه هي الديمقراطية في كل الدول؟
الإجابة لا
لأن الديمقراطية الحقيقية يجب أن تنتهي بإقرار رأي الأغلبية، وتلتزم الأقلية بهذا الرأي. أما ديمقراطية الشجرة فكانت تنتهي نهاية غريبة.
فالأقلية التي رفضت القرار تحمل على ظهرها متاعها وتخرج من القرية، لتبحث عن قرية أخرى لأنها لا تستطيع البقاء في مكان لم يأخذ برأيها ولا تستطيع تنفيذ قرار لا توافق عليه.
ببساطة كأنهم يقولون: نحن مقتنعون برأينا وهو الأفضل، لكن طالما جاءت الأغلبية مع رأي آخر فلن نلتزم به وسنذهب لمكان آخر نفرض نحن فيه رأينا، وندع الأغلبية تتصرف بناء على ما اتخذته من قرارات لكن بعيدا عنا.
لم يكن الأمر ينتهي عند هذا الحد، فبعد أن يُكَوِّن الراحلون عن القبيلة قبيلتهم الخاصة أو ينضمون لقبيلة أخرى، ويجتمعون لاتخاذ القرارات فإنهم يحملون متاعهم معهم في كل اجتماع تحسبا أن يوافق الأغلبية على قرار هم معترضون عليه أو أن يعترضوا على اقتراح لهم.
وهكذا تمضي ديمقراطية الشجرة على هذا المنوال:
كلما اعترضت على قرار اتخذته القبيلة بناء على رأي الأغلبية أسجل اعتراضي بأن أجمع حاجاتي وأرحل عنها، لأنضم لقبيلة أخرى، أو أنشئ قبيلة جديدة مع بعض الراحلين مثلي لالتقائنا في الرأي.
وتمضي بي الحياة في رحلة طويلة لا أستقر فيها على هدى لأني لا أريد أن أحترم قواعد اللعبة الديمقراطية.
وفي النهاية فشل هذا النظام عبر التاريخ، وظهرت الصورة الأقرب للواقع بأن يختار الشعب ممثليه الذين يتخذون قراراتهم بالأغلبية ويلتزم الأقلية بهذا الرأي رغم ما قد يعتقدونه بخطأ الأغلبية أو فساد رأيهم أو جهلهم، ورغم عدم اقتناعهم به.
أشعر أن مصر اليوم تعود لتمارس ديمقراطية الشجرة، وكأننا لا نريد أن نتعلم من التاريخ. هذا حزب أو تلك جماعة (القبيلة) تأخذ قراراتها بالأغلبية، فماذا أفعل كأقلية رفضت هذا القرار؟
- إما أن أحترم إرادة الأغلبية، وأبقى داخل القبيلة و أنفذ ما اتفق عليه الأغلبية.
- أو آخذ متاعي وأرحل وأنفصل عن الجماعة أو الحزب، لأنضم لحزب آخر أو أنشئ حزب جديد، وأعلن كفري بهذه الديمقراطية وعدم التزامي بها... وتمضي بي الحياة من قبيلة إلى قبيلة حتى أجد القبيلة التي حين تجتمع يكون رأيي فيها هو رأي الأغلبية. وقتها فقط أصفق للديمقراطية وأنحني لها وأعلن التزامي بقواعدها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق