الاثنين، 30 يوليو 2012

أخصائي للطاقة بالبنك الدولي يطرح حلولا لمشاكل البوتاجاز في مصر


أمل خيري

طوابير اسطوانات الغاز أصبحت أحد المعالم الرئيسية في مصر جنبا إلى جنب مع طوابير الخبز ، ولا شك أن هناك مشكلة كبيرة من عدم كفاية إمدادات البوتاجاز؛ فخلال السنوات القليلة الماضية قدرت مبيعات اسطوانات الغاز بما يربو عن 350 مليون اسطوانة سنويا عبوة الواحدة منها 12,5 كيلو جرام، أي أن إجمالي مبيعات الغاز المسال (البوتاجاز)  تقدر بحوالي 4,4 مليون طن سنويا، ومن المنتظر أن يزيد عدد الاسطوانات هذا العام  إلى 360 مليون اسطوانة أي ما يعادل 25 اسطوانة سنويا لكل أسرة تستخدم البوتاجاز وتقدر نسبة هذه الأسر 80% من إجمالي الأسر المصرية، وهذه الاحصاءات تعد مفزعة خاصة في ظل الاعتماد الشديد على البوتاجاز وحده، ومن ثم فإن أي نقص في هذه الإمدادات يشكل كارثة على الأسر المصرية.
يأتي هذا في الوقت الذي تعد فيه مصر من البلدان الغنية بمصادر الطاقة التي ربما تفيض عن حاجتها وتوجهها للتصدير، وتقوم الدولة بدعم اسطوانات الغاز بمبلغ لا يقل عن 21 مليار جنيه سنويا، إلا أن هذا الدعم بحسب دراسة قام بها باحثون بالبنك الدولي لا يصل إلى مستحقيه؛ إذ أن طريقة دعم الوقود في مصر لا تفرق بين الأثرياء والفقراء، ومن ثم فإن 37% من إجمالي دعم الطاقة يذهب إلى 20% من الأسر الأعلى دخلا، في حين يذهب 11% منه فقط إلى 20% من الأسر الأقل دخلا.
من أجل ذلك طرح فلاديسلاف فيوستيك أخصائي الطاقة في البنك الدولي حلولا لمشكلة البوتاجاز في مصر من خلال البحث في سلوكيات الناس خاصة الفقراء الذين يلجأ بعضهم إلى بيع الاسطوانة في السوق السوداء بأعلى من سعرها الذي حصل به عليها، ليس لأنهم لا يحتاجون إليها ولكن لأنهم يحتاجون إلى شيء آخر أكثر من احتياجهم للبوتاجاز، وهو المال، لذا يقترح على الحكومة أن تقدم الدعم المالي للأسر المحتاجة بدلا من الغاز الرخيص، بحيث تكون المبالغ المدفوعة مساوية للتكلفة الحقيقية للاسطوانة والتي تزيد عن 60 جنيها، ولو فرضنا أن كل أسرة تحتاج اسطوانتين شهريا فيمكن للحكومة أن تمنح كل أسرة مستحقة 130 جنيها، وللأسرة أن تقرر كيفية إنفاق هذا المال وتباع الاسطوانات بسعر التكلفة الحقيقي للجميع بدلا من أن يتشارك الأغنياء الدعم مع الأسر الفقيرة، وفي النهاية يقع الضرر الأكبر على هذه الأسر المحتاجة.
ويمكن أن يتم خفض المبلغ النقدي تدريجيا للفئات الأعلى دخلا، كما يمكن أن يتم ربط الدعم بأسعار البوتاجاز حتى لا يفقد قيمته الحقيقية مع التضخم. وبالطبع فإن هذا التصور يمكن أن يمتد أيضا لباقي أنواع الوقود كالبنزين المدعوم الذي يستفيد منه السياح وملاك الفيلات والأنشطة التجارية المربحة والتي يمكن أن توجه حصيلته التي تبلغ عشرات المليارات إلى تحسين الصحة والتعليم والنقل العام وخلق فرص عمل ومساكن وغير ذلك من البرامج الاجتماعية والاقتصادية.
كما يدعو فلاديسلاف إلى التوسع في إدخال الغاز الطبيعي للبيوت بدلا من اسطوانات البوتاجاز؛ فهذه الاسطوانات لا تعد البديل الأفضل بل إنها قد تمثل مصدر خطر على حياة المواطنين، كما ترتفع كلفة نقلها وتخزينها، كما يستهلك غاز البوتاجاز طاقة تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة أضعاف الغاز الطبيعي، وقد أظهرت دراسة للبنك الدولي أجريت منذ سنوات عديدة -استعدادا لتنفيذ مشروع توصيل الغاز في مصر- أن مد شبكة الغاز الطبيعي، خاصة في المناطق الأكثر تكدسا بالسكان، كان أقل تكلفة من استخدام البوتاجاز. ومع ارتفاع أسعار البوتاجاز وزيادة المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الدولة حاليا فإن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحا للتوسع في توصيل الغاز للمنازل.
هناك أيضا مقترحا بالاستفادة من سخانات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية والمقامة على الأسطح والتي لا تحتاج إلى وقود، ومع ذلك فهي لا تحظى بالتشجيع رغم تمتع مصر بوفرة شمسها الساطعة. كل هذا بالإضافة إلى تحويل مصانع الطوب إلى العمل بالغاز الطبيعي أو المركبات إلى العمل بالغاز الطبيعي المضغوط ، وإضافة المزيد من محطات الغاز الطبيعي المضغوط.
ويؤكد فلاديسلاف أن مستقبل قطاع الطاقة في مصر مشرق، لكنه سيحتاج إلى جهود حثيثة لتصحيح مواطن الخلل التي تقوض إمكانياته، وأن هناك العديد من الخبرات من دول العالم المختلفة التي يمكن الاستفادة منها لكن يظل على مصر إيجاد الحل الذي يناسب ظروفها الخاصة. كما أنه ينبغي على الحكومة أن تعتمد الشفافية بخصوص قطاع الطاقة وأداءه الفني والمالي، مما يعزز الثقة بين القطاع والحكومة والجمهور، ويعطي الفرصة لمناقشة وإصلاح سياسات الطاقة، ويدعم القبول الاجتماعي لهذه السياسات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق