الثلاثاء، 18 أكتوبر 2005

البيت أم الدعوة الاختيار الصعب

تحقيق : أمل خيري.....
يقول الله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ...) وهذا دليل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المرأة كوجوبه على الرجال، حيث وجدت الاستطاعة .
و لكن بعض الداعيات من المتزوجات تظن بأن الدعوة إلى الله يجب أن تأخذ كل وقتها وكل جهدها فتخرج من بيتها صباحاً للدعوة إلى الله بمحاضرة أو عمل دعوي فتعود إلى بيتها وقد استهلكت قواها وأصبحت متعبه نفسياً وجسدياً وغير قادرة على بذل أي مجهود آخر. فكيف تسعى لراحة زوجها وهي من يفتقد هذه الراحة في ظل خروجها من منزلها ، و كيف تهتم بأبناءها و هي مستنفذة الطاقة؟
و على النقيض نجد الداعية التي تتزوج فتقعد عن العمل الدعوي و تتنصل من أي مهام أو تكليفات و تتفرغ تماما للبيت .
هل خمد البركان؟

تقول نهى محمد قبل الزواج كنت شعلة لا تهدأ بين دروس العلم و حلقات التحفيظ و زيارة دور الأيتام و الزيارات التي لا تنتهي بهدف الدعوة الفردية و صلة الرحم و لكن للأسف بعد الزواج و في ظل وجود الأولاد لا يتبقى لدي دقيقة واحدة للدعوة خارج المنزل فالبيت أولى و أهم.
أما منال علي فتقول حتى بعد الزواج فمازلت أؤدي نفس الأدوار الدعوية و لكن هذا يكون على حساب الإهمال في حق الزوج و الأولاد فأشعر كثيرا أني مقصرة تجاههم.
و تختلف مروة محمود معهما حيث ترى وجوب التوازن بين البيت و الدعوة مع الأخذ في الاعتبار أن كل مرحلة لها أولوياتها و متطلباتها حسب ظروف الداعية.
و تضيف أن هذا التوازن صعب و لكنه مهم و تنجح فيه من تقدر الوقت و تحسن استغلاله.

ترشيد الدور الدعوي
وفي لقاء مع الداعية د/ سحر محمد أستاذ مساعد بطب القصر العيني أكدت على ضرورة ترشيد العمل الدعوي في حدود الأوقات مع ضرورة استغلال الداعية لطاقاتها و مواهبها أفضل استغلال حتى لا تكون طاقة مهدرة.
كما أن ممارسة العمل الدعوي لا تكون حسب الهوى فمثلا بعض الداعيات تحب الأفراح الاسلامية فتقضي كل أوقاتها في هذه الأفراح حتى لو لم يكن لها دور بحجة الدعوة.
فما ليس لك فيه دور مؤثر فلا تهدري وقتك فيه
مجالات العمل الدعوي كثيرة
و تضيف د / سحر أن الدور الأساسي للداعية تستمده من قوله تعالى : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) و كذلك ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) فقد خلقنا الله على هذه الأرض و سخر لنا كل ما فيها من تربة و هواء و ماء و حيوان و زرع ..... و نحن مكلفين بإصلاح و رعاية كل ذلك و أن نحسن استثماره و لا نفسده من خلال مهمتين أساسيتين:
أولا : أن نكون مصلحين.
ثانيا : أن نأخذ على يد المفسدين و الفاسدين و نردهم أيا كان المجال الذي نعمل فيه.
فقد يكون العمل الدعوي في تقويم فساد في محل عملها أيا كان تخصصها أو في ابتكار أو اختراع ينفع البشرية و الإسلام و قد يكون في الحي الذي تقيم به من حيث النظر في مشكلاته و محاولة حلها ، و قد يكون بين جيرانها أو أقربائها ، و قد يكون بالوعظ و قد يكون بتأليف الكتب و قد يكون بتحفيظ القرآن و قد يكون بالعمل الاجتماعي العام أو من خلال جمعيات حماية المستهلك أو الحفاظ على البيئة ....
فكل داعية تبحث عن المجال الذي تبدع فيه و تبتكر لتكون إما مُصلحة أو مقاومة لفساد.
و المهم هو التخصص المبني على الدراسة المتعمقة
داعية في بيتها
و تعتقد د / سحر أن أهم مجال للمرأة الداعية هو ما يؤدي للإنجاز في حياتها الخاصة من حيث اكتساب المهارات التربوية و الزوجية و الأسرية و أن تربي أبناءها التربية الإسلامية الصحيحة و تكتشف مواهبهم و تنميها و تستثمر مهاراتها هذه مع أبناء الجيران أو الأقارب .
و تؤكد أن كل ذلك يتطلب تنظيم الوقت و معرفة فقه الأولويات و تعلم فن الإدارة و منها الإدارة بالتفويض فما يمكن أن يؤديه غيرها فلا تهدر وقتها فيه كتفويض سائق لتوصيل الأولاد للمدرسة أو شراء حاجاتها بالتليفون ...... و ذلك حتى تفرغ نفسها للأعمال الأساسية التي لا يمكن تفويض أحد فيها.
و قبل كل ذلك اقتناع الزوج بأهمية دورها .
اضبطي ساعتك
في كتابه أصول الدعوة يؤكد الدكتور عبد الكريم زيدان أن الداعي المسلم يحتاج إلى تنظيم وقته فان الوقت هو الحياة و هو رأس ماله و عليه أن يجعل شعاره الحديث الشريف ( من استوى يوماه فهو مغبون )و تنظيم وقت الداعي يقوم على تقسيم يومه إلى أجزاء و تخصيص كل جزء إلى أداء ما عليه من واجبات فجزء لنفسه و جزء لأهله و جزء لعبادة ربه و جزء للدعوة إلى الله و حذار أن ينفق أوقاته فيما لا فائدة فيه فإن الواجبات أكثر من الأوقات و لأنه معرض للموت في كل لحظة فمن الحزم المبادرة إلى استغلال كل دقيقة من وقته في أداء واجب أو مستحب أو مندوب.
و يذكر روبرت بودش في كتابه ( كيف تنجز أكثر في وقت أقل ) بعض الأفكار لإدارة الوقت منها يمكن للداعية أن تستفيد منها:
1 - جهز قائمة بالمهام التي يجب إنجازها.
2 - رتب قائمتك تبعاً للأهمية.
3 - أجل المهام الغير ملحة لصالح الأكثر إلحاحاً.
4 - طور عادة تدوين خطه على الورق لإنجاز المهام.
5 - خطط لكل ساعة من عملك اليومي . حدد أوقات لمهام جدولك اليومي.

زوجي يمنعني من الدعوة
أحيانا يقوم الزوج بمنع زوجته من الدعوة فما رأي الشرع؟
يقول الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي ينبغي أن نعلم أن تكاثر الأعباء هو المشكلة التي نشتكي منها جميعا وتداخل الواجبات وما لم يكن لدينا المقدرة على ترتيب الأولويات وعلى وضع كل شيء في موضعه وإعطاء كل ذي حق حقه فإننا نكون مقصرين وإن أفلحنا في بعض الجوانب وهذا لا ينبغي وقد يكون أيضا مما يوقع في الإثم ، فزوجة مثلا تترك حق زوجها وأبنائها وتقصر فيه تأثم وإن كانت داعية ناجحة والعكس.
و يتفق معه الدكتور جاد مخلوف الأستاذ بجامعة الأزهر حيث يؤكد أن الداعية عليها أن ترتب الأولويات و أن تتفاهم مع زوجها بشأن عملها الدعوي خارج البيت فإن رفض أطاعته و قد أعطاها الإسلام مندوحة في تعدد الأعمال الدعوية التي يمكن أن تقوم بها بدون الخروج .
للبيت نصيب من الدعوة

و يتعجب الشيخ مازن عبد الكريم الفريح من ضيق مفهوم الدعوة عند بعض النساء، ويتجلى هذا الضيق في حصر مفهوم الدعوة في دائرة الوعظ في المساجد ولا شك أن هذا قصور بيّن ، فمفهوم الدعوة واسع كما هو معلوم .وعليه فالمرأة تستطيع أن تقوم بالدعوة ابتداءً من محضنها الأساسي (البيت) إلى أفسح المجالات وأوسعها، بحسب الضوابط الشرعية. ومن هذه المجالات والميادين: مدارس البنات ، ومدارس تحفيظ القرآن النسائية، والمنشآت الصحية ، وفي المساجد في الجناح الخاص بالنساء، وفي الجمعيات النسائية، وكذلك المشاركة في العمل الدعوي في وسائل الإعلام المختلفة ضمن الضوابط الشرعية المسموح بها.
و لذا على الداعية
1- أن تركز جهودها في الدعوة في داخل البيت ومن خلال تربية الأولاد والتناصح مع الزوج وحسن دعوته وتكوين البيت المسلم .
2- إقناع الزوج بضرورة حضور مجالس الذكر والالتقاء بالأخوات الصالحات .
3 - دعوة الأخوات الصالحات لزيارتها في البيت للتشاور في أمور الدعوة وطرق موضوعات إيمانية تقوي إيمانها وتزيد من حماسها .
و يضيف
إن المهمة الأساسية للمرأة في الدعوة قيامها على بيتها وأداؤها لمسئولياتها وواجباتها فيه.
ألا ترين أيتها الداعية أن حصر الدعوة في الخروج من البيت خطأ قد يؤدي بك إلى القعود عن الدعوة بالكلية .
و لا تنسي الدعاء إلي الله أن يوفقك إلى ما ينفع الإسلام و المسلمين.

المراجع:
1 – د / عبد الكريم زيدان ، أصول الدعوة
2 - روبرت بودش ، كيف تنجز أكثر في وقت أقل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق