الثلاثاء، 8 مارس 2011

المرأة من التهميش إلى صنع الثورات


بمناسبة مرور مائة عام على اليوم العالمي للمرأة


أمل خيري

على مدى الشهور القليلة السابقة تابعنا جميعا دور المرأة في الثورات العربية الراغبة في التحرر من الاستبداد والفساد.

رأينا المرأة في ثورة تونس وفي ثورة مصر، ثم في ثورة ليبيا واليمن وغيرها من الدول العربي، خرجت المرأة وشاركت بقوة في صنع الأحداث وإسقاط النظام.

وكما شاركت المرأة في التظاهر والاعتصام تعرضت أيضا للاعتقال والإصابات، وهناك من سقطن شهيدات، وفي ميدان التحرير رأينا المرأة أيضا تشارك في تنظيف الميدان وتجميله.

ربما جاءت هذه المشاهد متأخرة بعض الشيء في تونس ومصر، حيث مضت فترة طويلة لم نجد مشاركة فعالة للمرأة في العمل الثوري باستثناء المرأة الفلسطينية التي قدمت النفس والزوج والولد حيث تحولت النساء الفلسطينيات من أمهات حاضنات لمشروع الشهادة الذي أنجبنه من أرحامهن إلى استشهاديات رائدات.

رحلة من الاضطهاد

كل هذه المشاهد كانت غائبة عن الساحة خاصة في أوروبا قبل أكثر من قرن، مما دعا النساء لتنظيم الاحتجاجات ثورة على الاضطهاد والتهميش ورغبة في إقرار حقهن في المساواة.. وكانت هذه الاحتجاجات نواة لتدشين الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يوافق الثامن من مارس كل عام.

في عام 1869 كان النائب البريطاني جون ستيوارت ميل أول نائب في البرلمان يطالب بحق المرأة في التصويت، وفي 19 سبتمبر 1893 أصبحت نيوزيلندا أول دولة في العالم تعطي المرأة حق التصويت، ولكن ظلت باقي الدول تحرم المرأة هذا الحق لسنوات عديدة.

وفي مطلع القرن العشرين توسعت الاضطرابات في العالم الصناعي الذي شهد نموا في السكان وصعودا في الأيديولوجيات المتطرفة كذلك، والذي بلغ أشده عام 1908 حيث تصاعدت الاضطرابات والنقاشات الحرجة حول النساء، واضطهاد المرأة وعدم المساواة وتحفيز المرأة على مزيد من المشاركة والتغيير.

وفي هذا العام سارت نحو 15000 المرأة عبر مدينة نيويورك لتطالب بخفض ساعات العمل، وتحسين الأجور وحقوق التصويت، وفي عام 1909 بدأ الاحتفال باليوم الوطني الأول للمرأة في جميع أنحاء الولايات المتحدة يوم 28 فبراير، وظلت المرأة تحتفل بهذا اليوم الأحد الأخير من شهر فبراير وحتى 1913.

وفي عام 1910 عقد المؤتمر الدولي الثاني للنساء العاملات في كوبنهاجن، حيث طرحت كلارا زيتكنClara Zetkin -زعيمة مكتب المرأة في الحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا- فكرة يوم المرأة العالم، واقترحت أن يتم الاحتفال به سنويا في جميع أنحاء العالم للضغط من أجل مطالب النساء، وعقد مؤتمر ضم أكثر من 100 امرأة من 17 بلدا ، يمثلون النقابات، والأحزاب الاشتراكية، ونوادي العمل النسائية، وشمل المؤتمر كذلك أول ثلاث نساء منتخبات في البرلمان الفنلندي، حيث عرضت زيتكن اقتراحها الذي حظي بالإجماع ليبدأ أول احتفال عالمي بيوم المرأة عام 1911.

أول احتفال عالمي بالمرأة

بالفعل اختير يوم 19 مارس في البداية والذي يوافق الاحتفال بالثورة الألمانية عام 1848، وانتشرت على الفور خطط حملات لليوم الدولي الأول للمرأة عن طريق الصحافة، وظهرت مجلات نسائية تحمل عناوين مثل "المرأة والبرلمان"، "المرأة العاملة والشؤون البلدية"، "ما الذي يجب أن تقوم به ربة البيت بخصوص السياسة؟" وغيرها من المقالات التي احتوت تحليلا دقيقا لمسألة مساواة المرأة في الحكومة وفي المجتمع، وأكدت جميع المقالات على ضرورة جعل البرلمان أكثر ديمقراطية من خلال توسيع حق الانتخاب للمرأة.

وقد تجاوز نجاح هذا الاحتفال جميع التوقعات، ونظمت اجتماعات في كل مكان في المدن الصغيرة والقرى حتى أجبر العمال الذكور على التخلي عن مقاعدهم للنساء، بل وبقي الرجال في البيت مع الأطفال لتتمكن النساء من حضور الاجتماعات، وحضر الاحتفال أكثر من مليون امرأة.

إلا أنه بعد أقل من أسبوع وفي 25 مارس وقع حادث مأساوي في مدينة نيويورك أودى بحياة أكثر من 140 امرأة عاملة معظمهن من المهاجرين خاصة من الإيطاليين واليهود، ووجه هذا الحدث الكارثي اهتماما كبيرا بظروف العمل وقوانين العمل في الولايات المتحدة التي أصبحت محور الأحداث اللاحقة، كما شهد عام 1911 أيضا حملة نسائية أطلق عليها "الخبز والورد".

وفي العامين التاليين انتقل الاحتفال باليوم العالمي للمرأة إلى يوم 8 مارس وهو اليوم الذي مازال معتمدا حتى اليوم، وعشية الحرب العالمية الأولى قامت النساء في جميع أنحاء أوروبا بعقد تجمعات وحملات ضد الحرب للتعبير عن تضامن المرأة.

المرأة تريد إسقاط القيصر

في عام 1917 دشنت النساء الروسيات إضرابا في يوم الأحد الأخير من شهر فبراير من أجل "الخبز والسلام"، ردا على وفاة أكثر من مليونين من الجنود الروس في الحرب، ورغم معارضة القادة السياسيين فقد ظل الإضراب النسائي على مدى أربع أيام، مما اضطر القيصر إلى التنازل عن العرش ومنحت الحكومة المؤقتة المرأة حق التصويت.

وكان لهذا الدور النسائي في إسقاط القيصر الفضل في تزايد الاعتراف باليوم العالمي للمرأة وتوسع الاحتفال به في كل من البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء.

ولسنوات عديدة عقدت الأمم المتحدة مؤتمرا سنويا في اليوم العالمي للمرأة لتنسيق الجهود الدولية من أجل حقوق المرأة ومشاركتها في العمليات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، كما تم تحديد عام 1975 باعتباره "العام الدولي للمرأة"، ومنذ ذلك الوقت اهتمت المنظمات النسائية والحكومات في جميع أنحاء العالم بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة سنويا في 8 مارس من خلال أحداث وفعاليات تسعى لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تحقيق المساواة للمرأة في جميع جوانب الحياة .

ومع مطلع الألفية الثانية أصبح اليوم العالمي للمرأة عطلة رسمية في العديد من دول العالم، وقد شهدت الألفية الجديدة تغييرا كبيرا في المواقف حول المرأة وتحولا في أفكار المجتمع حول مساواة المرأة وتحررها.

التمكين والمساواة

في كل عام يخصص للاحتفال موضوع أو نطاق اهتمام معين خاصة منذ عام 1996، ونلقي الضوء على عناوين الاحتفالية كل عام:

عام 1996: " الاحتفال بالماضي ، والتخطيط للمستقبل".

1997: "النساء والمشاركة في السلام".

1998: " المرأة وحقوق الإنسان".

1999: " عالم خال من العنف ضد المرأة".

2000: "نساء متحدات من أجل السلام".

2001: " المرأة والسلام: المرأة وإدارة النزاعات".

2002: " المرأة الأفغانية اليوم: الحقائق والفرص".

2003: " المساواة بين الجنسين والأهداف الإنمائية للألفية".

2004: " المرأة وفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز".

2005: " المساواة بين الجنسين فيما بعد 2005: بناء مستقبل أكثر أمنا".

2006: " المرأة في صنع القرار".

2007: " إنهاء الإفلات من العقاب على العنف ضد النساء والفتيات".

2008: " الاستثمار في النساء والفتيات".

2009: " المرأة والرجل إتحاد من أجل إنهاء العنف ضد النساء والفتيات".

2010: " المساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص : تقدم للجميع".

التعليم والتكنولوجيا

أما العام الحالي فقد تم تخصيص عنوان "المساواة في الحصول على التدريب والتعليم والعلوم والتكنولوجيا: الطريق إلى العمل اللائق للمرأة"، حيث التركيز على المساواة في الحصول على التعليم والتدريب والعلوم والتكنولوجيا، فالهواتف المحمولة وشبكة الإنترنت على سبيل المثال، يمكن أن تساهم في تمكين النساء من تحسين صحة رفاه الأسرة، والاستفادة من فرص كسب الدخل، وحماية أنفسهن من الاستغلال والضعف، وللحصول على هذه الأدوات يجب أن تكون مدعومة بالتعليم والتدريب، ومساعدة النساء على كسر حلقة الفقر والظلم ومكافحته وممارسة حقوقهن.

وتزامنا مع الحدث أطلقت اليونسكو مبادرة "النساء يصنعن الخبر"، وهي مبادرة عالمية تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين في وسائل الإعلام، وموضوع هذا العام: الإعلام والمعلومات لمحو الأمية والمساواة بين الجنسين، وتسعى المبادرة لتسليط الضوء على الممارسات الجيدة في هذا المجال والتأكيد على أهمية تعزيز وسائل الإعلام ومجتمع المعلومات والقراءة والكتابة كوسيلة لتحسين التفاهم بين النساء والرجال حول وجهات النظر بين الجنسين في وسائل الإعلام و نظم المعلومات.

وقامت اليونسكو بدعوة المحررين في وسائل الإعلام المطبوعة والمذاعة للانضمام إلى هذه المبادرة من خلال إنتاج برامج خاصة عن هذا الموضوع، وتكليف المراسلات الصحفيات بتزويد مركز الأنباء بأخبار الحملة.

http://www.onislam.net/arabic/adam-eve/women-voice/129449-2011-03-08-10-30-10.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق