الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

زيارة الرئيس للصين هل تفتح أفاق الاستثمارات الصناعية؟


أمل خيري

جريدة الشعب - العدد السابع - 28 أغسطس 2012


"اطلبوا العلم ولو في الصين"، ربما يكشف هذ الحديث الشريف عن عمق العلاقات العربية الصينية وعلى ضرورة الاستفادة من الخبرات والتجارب المختلفة. وتأتي زيارة الرئيس مرسي الأخيرة للصين لتكشف عن تغيير جاد في السياسة الخارجية المصرية، خاصة أن هذه الزيارة تسبق الزيارة للولايات المتحدة، وهو ما يمكن تفسيره بأنه رسالة قوية من النظام الجديد أن مصر لم تعد تدور في فلك القطب الأمريكي بل تتجه حيث مصلحتها.


من هنا فإنه لابد من استثمار هذه الزيارة لتوسيع دائرة التعاون المصري الصيني على المستوى الاقتصادي، خاصة أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ نحو 8,8 مليارات دولار في عام 2011، منها 1,5 مليار دولار صادرات مصرية و7,3 مليار دولار واردات من الصين، وتتضمن أهم الصادرات المصرية للسوق الصينية القطن والرخام والأمونيا والبلاستيك، فيما تتضمن الواردات الملابس والسفن والتليفونات المحمولة والمنتجات النسيجية والجلدية. كما توجد 1133 شركة صينية تعمل في مصر باستثمارات تصل إلى حوالي 3,2 مليارات دولار في قطاعات الملابس والكيماويات والصناعات الغذائية والأدوية والتعدين والأثاث والاتصالات. وخلال العام الماضي ارتفعت الاستثمارات الصينية في مصر بمعدل60% مقارنة بعام2010 لتصل إلي80 مليون دولار.


وفي ظل حقيقة أن الصين تعد من أكبر دول النمور الآسيوية، حيث وصل معدل النمو الاقتصادي بها إلى 15% وهي من أكبر النسب عالميًّا، كما أن اقتصادها يحتل المرتبة الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة، فإنه يتوجب على مصر العمل على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين من جهة ومواجهة الخلل في الميزان التجاري بينهما من جهة أخرى وهو ما يتوقع من زيارة الرئيس الأخيرة.


يمكن الاستفادة أيضا من خبرات ومزايا السوق في هذا العملاق الاقتصادي، حيث تتمتع الصين بمميزات نسبية فيما يتعلق بقوانين الاستثمار ومنح الأراضي، وهو ما يمكن الاستفادة منه في جذب المزيد من الفرص الاستثمارية لمصر، وتوفير فرص جيدة لتشغيل العمالة المصرية.


أما الأمر الأهم الذي يجب أن توليه مصر بشأن التعاون مع الصين فيكمن في الاستفادة من تجربة الأخيرة في استثمار الطاقات البشرية والأيدي العاملة في بلد يتميز بالتعداد السكاني الكبير، من خلال إرسال البعثات المصرية العلمية والفنية لتلقي التدريب في الصين على التكنولوجيا من جانب، والتعرف على ركائز النجاح الذي حققته الصين في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة من جانب آخر، إضافة إلى الاستفادة من تجربتها في تطوير العشوائيات ومكافحة الفقر.


يذكر أن العلاقات الاقتصادية المصرية الصينية الحديثة تعود إلى أغسطس عام 1955 حيث قام وزير الصناعة والتجارة المصري محمد أبو نصير بزيارة للصين، ووقع الجانبان على اتفاق تجاري يقيم بمقتضاه كل طرف مكتباً تجارياً له لدى الطرف الآخر. وفي عام 1956 قامت الصين بمساعدة مصر في نضالها لاسترجاع قناة السويس؛ حيث قدمت الصين لمصر منحة مالية قدرها مليون فرنك سويسري، كما قدمت أيضا مبلغا ماليا قدره 10 مليون دولار كمساعدات لمصر في عامي 1967، و1973 أثناء حروبها مع إسرائيل.


وبعد فترة من التقلب في العلاقات تم فى عام 1999 التوقيع على اتفاق التعاون الاستراتيجي بين البلدين، خرجت بموجبه العلاقات الاقتصادية عن إطارها التقليدي المتمثل في تجارة الصادرات والواردات إلى الاستثمارات المتبادلة والمشروعات المشتركة، ومنها التعاون في المنطقة الاقتصادية غرب خليج السويس وإقامة شركات مصرية لفروع لها في الصين، ومنها شركة النساجون الشرقيون، وإقامة شركات صينية فروع ومراكز لها في مصر.


وفي عام 2008 بلغت إجمالى المنح التى قدمتها الصين لمصر حوالى 51,5 مليون دولار، وبلغ إجمالى القروض حوالى 230 مليون دولار. وعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتحديدا في مارس 2011 أعلن نائب وزير خارجية الصين، "زهاي جون"، عن تقديم بلاده منحة لمصر بقيمة 9 ملايين دولار، كما خصصت الحكومة الصينية لمصر حوالي 18 مليون دولار لدعم الاقتصاد المصري، وإقامة مشروعات تنموية، وأكد سونج أيقون سفير الصين بالقاهرة أن أسواق بلاده مفتوحة أمام الإنتاج المصري خاصة من الموالح‏،‏ التي توجد أمامها فرصا غير محدودة لزيادة الصادرات المصرية منها‏.‏


كما قامت الحكومتان الصينية والمصرية في أبريل 2012 بتوقيع اتفاقيتين لمنح مصر منحتين لاترد بقيمة تعادل 16 مليون دولار، تخصص لتنفيذ المشروع الاستراتيجي لتخزين الأقماح والحبوب حيث يتم بناء 14 صومعة تخزين جديدة بما قيمته 14,5 مليون دولار، وإنشاء حديقة مصرية صينية بالأقصر تعمل علي جذب السياحة الصينية هناك وتصل تكلفتها الى نحو1,5 مليون دولار. ونأمل أن تزيد زيارة الرئيس للصين من هذه الاستثمارات خاصة الصناعية منها والتي من شأنها دفع عجلة النمو الاقتصادي المصري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق