الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

الملامح الأساسية للاقتصاد المصري في مسودة الدستور





كتبت أمل خيري
من المتفق عليه أن الدستور يحدد القواعد الأساسية لنظام الحكم في الدولة، ويعد الاقتصاد من أهم دعائم الدولة والمجتمع، والتي يجب أن يشملها بالتفصيل دستور الدولة، ليحدد ملامح اقتصاد الدولة وهويتها وتوجهاتها الاقتصادية العامة.
سأحاول تقديم نظرة عامة على أبرز الجوانب الاقتصادية التي اشتملت عليها مسودة الدستور الأخيرة  التي طرحتها اللجنة التأسيسية للدستور، وبالنظر للمواد الواردة في المسودة، يمكن القول أن ملامح اقتصاد الدولة المصرية يتشكل في عدة مواد موزعة على أبواب الدستور المختلفة، مع التأكيد على أن الدستور يضع الخطوط العامة والملامح الأساسية لكنه يحيل مسألة التطبيق والتفصيلات للقانون.
فمن حيث الفلسفة الاقتصادية التي تقوم عليها الدولة، تحددها المادة (13) والتي تلخص أهداف الاقتصاد الوطني في تحقيق التنمية المستديمة المتوازنة، وحماية الإنتاج وزيادة الدخل القومي، وكفالة العدالة الاجتماعية والتكافل، وحماية حقوق المستهلك، والمحافظة على حقوق العاملين وضمان عدالة التوزيع، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاه، والقضاء على الفقر والبطالة، وزيادة فرص العمل، والمشاركة بين رأس المال والعمل في تحمل تكاليف التنمية، والاقتسام العادل لعوائدها، وربط الأجر بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول وضمان حد أدنى للأجور بما يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحد أقصى في الحكومة ومصالح الدولة ومؤسساتها ولا يستثنى من ذلك إلا بناء على قانون.
كما أبرزت المادتان (14)، و(15) محورية  دور الزراعة والصناعة بما يكفل العدالة الاجتماعية وحقوق العمال، وفي المادة (16) تأكيد على ملكية الشعب للثروات الطبيعية، والتزام الدولة بالحفاظ عليها وحسن استغلالها، واستكملت المادتان (17) و(18) هذا الالتزام بتخصيص الحديث عن مياه النيل وشواطئ الدولة وبحارها.
وتؤكد مسودة الدستور على كفالة الدولة لكل أشكال الملكية العامة والتعاونية والخاصة والوقف، وأفردت لكل نوع من هذه الملكيات مادة خاصة بها تحددها وتحيل تنظيمها للقانون. كما حظرت التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام، وبقانون، ومقابل تعويض عادل، وكذلك حظر المصادرة العامة للأموال إلا بحكم قضائي.
أما من حيث ملامح العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المسودة، فنجدها ترتكز على عدم فرض الضرائب والتكاليف العامة إلا وفق القانون، كما تؤكد على نصيب العاملين في إدارة المشروعات وفى أرباحها، مع النص على ألا يقل تمثيلهم في عضوية مجالس الإدارة المنتخبة لوحدات القطاع العام والجمعيات التعاونية الزراعية والصناعية عن نسبة 50%. ونصت كذلك مواد المسودة على كفالة الدولة لكل عامل الحق في الأجر العادل والإجازات، والتقاعد والتأمين الاجتماعى، والرعاية الصحية، والحماية ضد مخاطر العمل، وتوافر شروط السلامة المهنية في أماكن العمل؛ كما أكدت على حق الإضراب السلمى وفق القانون.
وفيما يتعلق بالنواحي التشريعية والتنفيذية يتولى مجلس النواب إقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة والتي يحدد القانون طريقة إعدادها. كما نصت مواد المسودة على أنه لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض أو الحصول على تمويل أو الارتباط بمشروع يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزينة العامة للدولة لمدة مقبلة إلا بعد موافقة مجلس النواب.
ولم تغفل المسودة أيضا دور الأجهزة الرقابية من الناحية الاقتصادية فكان استحداث إنشاء المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد، إلى جانب الجهاز المركزي للمحاسبات، وتحدد المادة (205) اختصاصات المفوضية بالعمل على محاربة الفساد، ومنع تضارب المصالح، ونشر قيم النزاهة والشفافية وتحديد معاييرها، ووضع الاستراتيجية الوطنية الخاصة بذلك، وضمان تنفيذها من خلال الأجهزة المعنية، وفقاً لما ينظمه القانون.
كما يقوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي بدعم مشاركة فئات المجتمع في صنع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتعزيز الحوار المجتمعى بصورة مؤسسية، ويُشكل من عدد لا يقل عن مائة وخمسين عضوا تختارهم تنظيماتهم المنتخبة من نقابات واتحادات وجمعيات الفلاحين والعمال والمهنين وغيرهم من فئات المجتمع، ولا يجوز الجمع بين عضوية هذا المجلس وعضوية الحكومة أو أى من المجالس النيابية.
ومن الهيئات المستقلة التي استحدثتها المسودة كذلك الهيئة العليا لشئون الوقف والتي تقوم على تنظيم مؤسسات الوقف العامة والخاصة، وضمان إدارة الأوقاف إدارة اقتصادية رشيدة، والإشراف عليها ورقابتها، ونشر ثقافة الوقف في المجتمع.
ويمكن مطالعة نصوص المواد وتحميل المسودة الأولى للدستور من موقع الجمعية التأسيسية للدستور على هذا الرابط:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق