الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

"تخفيض عجز الموازنة باستخدام المشروع القومي للبيوجاز" ورقة عمل تقدم حلاً ابتكارياً لمشكلة دعم البوتاجاز

جريدة الشعب
عدد (21) - 11-12-2012



قدم الباحث الدكتور أحمد عبد الحميد ذكر الله مدرس الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر ورقة عمل مقترحة بعنوان "تخفيض عجز الموازنة باستخدام المشروع القومي للبيوجاز"، وذلك على هامش نــــدوة الأسباب الاقتصادية لثورات الربيع العربى وخطط الإصلاح – "الحالة المصرية" التي عقدت بجامعة الأزهر في نوفمبر الماضي.

وتهدف الورقة إلى تقديم حل ابتكاري لجزء كبير من مشكلة الدعم ألا وهو دعم البوتجاز الذي تقدم له الدولة 20 مليار جنيه سنوياً وذلك في إطار استخدام معطيات البيئة المحلية، ودون تحميل الدولة أية أعباء إضافية والاستفادة من العوائد الاجتماعية للمشروع إلي جانب العوائد الاقتصادية.
وتقوم تكنولوجيا البيوجاز على إعادة استخدام المخلفات العضوية كمخلفات المحاصيل وروث الماشية ومخلفات محاصيل زراعية كقش الأرز وتبن القمح وحطب الذرة وغيرها بطريقة اقتصادية وآمنة صحياً لإنتاج طاقة جديدة متجددة وكبديل للطاقة التقليدية، مع إنتاج سماد عضوي جيد وحماية البيئة من التلوث؛ حيث تعتمد علي التخمر اللاهوائي للمخلفات العضوية الصلبة والسائلة.
ويتكون البيوجاز من غازي الميثان (50-70٪) وثاني أكسيد الكربون (20-25٪) مع مجموعة غازات أخرى مثل كبريتيد الأيدروجين والنيتروجين والأيدروجين تتراوح نسبتها بين 5-10٪، ويتخلف بعد إنتاج الغاز سماد عضوي جيد غني في محتواه من المادة العضوية والعناصر السمادية الكبرى والصغرى وبالكميات الملائمة للنبات، فضلاً عن احتوائه علي الهرمونات النباتية والفيتامينات ومنظمات النمو، ويكون خالياً من الميكروبات المرضية واليرقات والبويضات وبذور الحشائش؛ حيث تهلك تماماً أثناء تخمر المخلفات العضوية، مما يجعله سماداً نظيفاً لا يلوث البيئة ولا خطورة من استخدامه في تسميد جميع المحاصيل، كما يستخدم كمصدر لعلف الحيوان والطيور المنزلية لاحتوائه علي نسبة عالية من المواد البروتينية ولا يحتوي علي مركبات ضارة بالكائنات الحية.
أحد مخمرات البيوجاز

ويحتاج المشروع إلى مخَمِّر (وحدة البيوجاز) والتي تُغذى بمخلوط المخلفات العضوية والماء، بحيث يتراوح تركيز المادة الصلبة الكلية 10٪ تقريباً، وتختلف كمية المياه اللازم إضافتها للمخلفات العضوية طبقاً لمحتواها من الرطوبة. ويستخدم الغاز الناتج في أعمال الطهي والإضاءة والتسخين والتبريد وتشغيل آلات الاحتراق الداخلي مثل ماكينات الري والطواحين والآلات الزراعية كما يمكن إنتاج الطاقة الكهربائية بمولدات تعمل بالبيوجاز.

ويمكن للمتر المكعب )يساوي 40 ك بوتجاز) من البيوجاز أن يغطي إحدى الاحتياجات الآتية :تشغيل موقد متوسط الشعلة لمدة 2-3 ساعات، أو تشغيل كلوب برتينة قوة 100 شمعة لمدة 8-10 ساعات، أو تشغيل آلة احتراق داخلي قدرتها 1حصان لمدة ساعتين، أو تشغيل جرار زراعي وزنه 3 طن لمسافة 2,8كم، أو تشغيل ثلاجة 10 قدم لمدة 1-2 ساعة، أو تشغيل دفاية مزرعة دواجن طول 60سم لمدة ساعتين، أو توليد طاقة كهربائية 1,3 – 1,5 ك. و. س، أو تشغيل فرن متوسط الحجم لمدة ساعتين، أو تشغيل مكواة ملابس متوسطة الحجم لمدة 3 ساعات.

ومن أبرز فوائد إنشاء وحدات البيوجاز، إنتاج الغاز كبديل لمصادر الطاقة التقليدية، وإنتاج السماد العضوي من الرواسب المتخمرة، واستخدام الرواسب المتخمرة كإضافات للأعلاف؛ حيث تحتوي هذه علي غالبية العناصر المعدنية التي تحتاجها الحيوانات، كما يحقق المشروع الاكتفاء الذاتي من البيوجاز مما يعني توفير قيمة الدعم المقدرة 20 مليار جنيه سنوياً، وتوفير مخصصات استيراد البوتجاز من الخارج، وتوفير تكاليف نقل وتوزيع 36 مليون أنبوبة بوتجاز شهرياً، وتوفير تكاليف الغاز للمنازل والسولار اللازم للري وبالتالي رفع مستوي المعيشة للمستفيدين، إضافة إلى توفير دخل يُمَكِّن المستفيد من زيادة إنتاجه باستخدام أسطح المنازل وبيعه في ظل منظومة توزيع مجزية بلا دعم، واعتماداً علي عمليات التعبئة والتوزيع اليسيرة وغير المكلفة المشار إليها سابقاً.
أما العوائد القومية للمشروع فتتمثل في التخلص من مسببات التلوث بأساليب سهلة ومربحة، وخلق شعور وطني بأهمية الإنتاج، وتمكين الأفراد ذوي الدخول المنخفضة من المشاركة في نهضة الوطن، والقضاء علي أزمات شح أنابيب البوتجاز والوقوف في طوابير طويلة، والمساهمة بجزء من توفير السولار للري مما يزيد الإحساس بالرضا والانتماء الوطني.
وتأتي أفكار هذا المشروع كمحاولة مبدئية للاعتماد علي الطاقة البديلة (البيوجاز) في جميع المنازل والحقول في الريف المصري ليس فقط كمحاولة لتخفيف عبء الدعم عن كاهل الدولة، وإنما أيضا للرجوع بالريف المصري إلي الوضعية الإنتاجية التي تنطلق من المدخلات المحلية الملوثة للبيئة وتدويرها لتعظيم الاستفادة من هذه الخامات.
ويقترح المشروع عدة أماكن لإقامة المخَمِّرات، من بينها حرم السكك الحديدية والتي تبلغ 18 مليون متر مربع علي مستوي الجمهورية وغير مستغلة، وحرم الترع والنيل والتي تكسوه حالياً الغاب والحشائش الضارة، وأسفل الكباري في المدن، ونواصي الأراضي الزراعية (خاصة الطرق البينية مع توسيع مكان إقامة المخمر فقط)، ويمكن استخدام مخمرات بلاستيكية خفيفة على أسطح المنازل.
ويقدر احتياج مصر من البوتاجاز بنحو 36 مليون أنبوبة بوتجاز شهرياً، ويمكن إحلال البيوجاز محلها من خلال إقامة المخمر الذي ينتج 4 أنبوبة شهرياً، وتقدر تكلفته بتسعة آلاف جنيه. وتقترح الدراسة إنشاء 9 مليون مخمر خلال 3 سنوات وبذلك نوفر قيمة الدعم المقدم للبوتجاز سنوياً، وينتهي تقديم الدعم للبوتجاز بنهاية الثلاث سنوات.
وطالبت الدراسة الدولة بالقيام بتسعير المخمر أخذاً في الاعتبار التكاليف الإنشائية وهوامش الأرباح بالاتفاق مع الشركات والإعلان عن الأسعار للمستفيدين، ويمكن للدولة أن تقوم بالاتفاق مع عدد من البنوك الوطنية لتمويل المستفيدين (يقترح أن يتم تمويل المصارف من احتياطي البنك المركزي خاصة من ودائع بعض الدول العربية التي دعمت الاقتصاد المصري بعد الثورة وبذلك تنخفض تكلفة الأموال والفوائد إلي حدود المصاريف الإدارية تقريباً).
أما بالنسبة للتعبئة فقد اقترح الباحث أن تتم التعبئة في شنبر (داخلي الكاوتشوك) ومن مميزات ذلك خفة الوزن وسهولة الحركة وانخفاض التكلفة، علاوة على أنها أكثر أماناً من الأنبوبة، وتتم التعبئة وفق مقاييس الكترونية تجهزها الشركة للمستفيد، تحدد الحجم المقرر لكل عبوة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق