أمل
خيري
كان لثورات الربيع العربي الفضل في تسليط الضوء على
حجم الفساد المستشري، سواء السياسي أو الاقتصادي في دول المنطقة، والتي تبدت بشكل
واضح في الأموال التي تم تهريبها من قبل الأنظمة الفاسدة، كما كشفت الثورات عن
المحسوبية وتزاوج السلطة ورأس المال وهي الأمور التي أسهمت في
ارتفاع مستويات الاضطرابات المدنية
والاحتجاجات العامة.
وعلى الرغم من مرور ما يقرب من عامين على الثورة المصرية
كشف تقرير مؤشر الفساد الدولي عن استمرار جذور الفساد التي تأصلت منذ عهد المخلوع،
والتي ما زالت تستميت في الدفاع عن هذا الفساد وتعرقل أي محاولات للإصلاح. وكانت منظمة الشفافية الدولية قد أصدرت الأربعاء
الماضي تقريرها السنوي عن مؤشر مدركات الفساد لعام 2012 تزامناً مع الاحتفال
باليوم العالمي لمحاربة الفساد والذي يوافق التاسع من ديسمبر.
ويقوم
مؤشر مدركات الفساد (CPI) بترتيب الدول حسب مستويات الفساد المدركة
لها، كرشوة الموظفين العموميين، والرشاوى في مجال المشتريات العامة، واختلاس
الأموال العامة، كما يعتمد على الأسئلة التي تسبر قوة وفعالية جهود مكافحة الفساد
في القطاع العام.
وبموجب
هذا المؤشر تحصل كل دولة من 176 دولة على رقم من صفر إلى 100 بحسب درجة الفساد
فيها، وكلما قل الرقم الذي تحصل عليه الدولة كلما دل على زيادة حجم الفساد،
وبالتالي تعد الدولة الحاصلة على رقم 100 دولة خالية من الفساد، بينما الدولة
الحاصة على صفر هي دولة موغلة في الفساد، وبحسب تقرير 2012 فإن الدانمارك وفنلنده
ونيوزيلنده قد تنافسوا على المركز الأول لتحصل كل منهم على 90 درجة، في حين حصلت
كل من الصومال وكوريا الشمالية وأفغانستان على 8 درجات فقط ليحتلوا المراكز
الأخيرة بين الدول، مما يعني أن هذه الدول الثلاث بها أكبر نسب فساد عالمية.
وكشف التقرير الأخير للشفافية الدولية عن تدني أداء مصر
بخصوص إجراءات نبذ الفساد وتعزيز الشفافية، وذلك في الفترة من 2006 وحتى نهاية
2010، مما شكل ضغطاً هائلاً على النظام الحاكم الهش بطبيعته فيما قبل ثورة الخامس
والعشرين من يناير 2011، لذا فإن تنامي الفساد كان أحد المحركات القوية لخروج
الجماهير للمطالبة بإسقاط النظام.
كما أكدت المنظمة في بيان لها أن مصر تراجعت
من المركز 112 في عام 2011 إلى المركز 118 هذا العام لتحصل على 32 درجة فقط، بما
يعني أن الثورة ما زالت حتى الآن لم تسفر عن عمل جاد في مكافحة الفساد المتأصل
للنظام السابق، وأن نتائج مؤشر مدركات الفساد لعام ٢٠١٢ تثبت أن المجتمعات ما زالت
تتكبد تكلفة باهظة بسبب هذا الفساد، وأنه على الرغم من تصريحات الرئيس مرسي بأن
القضاء على الفساد على رأس أولوياته، إلا أن هناك الكثير من القوى التي تعترض
طريقه وتهدد بإثارة الفوضى حال فتحه ملفات فساد رجال أعمال مرتبطين بالنظام السابق،
ومازالوا يمارسون أدوراهم حتى اليوم ويسيطرون على مفاصل الدولة، وهو الأمر الذي
ظهر بوضوح في مقاومة إقالة النائب العام لمبارك الذي مارس دوره في التستر على هذه
الجرائم على مدى عامين.
يذكر أن
الفساد بحسب تعريف منظمة الشفافية له هو: "إساءة استعمال السلطة الموكلة
لتحقيق مكاسب خاصة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق