الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

بعد الاستقواء بالخارج والتحالف مع الفلول




خطة جبهة الإنقاذ والقوى الخارجية لإفشال الاقتصاد المصري

كتبت: أمل خيري

جريدة الشعب
العدد23
الثلاثاء 25 ديسمبر

لم تكن محاولات أقطاب التيارات العلمانية المصرية ومرشحي الرئاسة الخاسرين للاستقواء بالخارج الخطوة الأخيرة لهم في محاولات إفشال الدولة المصرية والدخول بها في نفق مظلم؛ بل لقد تعدوا ذلك سريعا باستغلالهم للورقة الاقتصادية ضد النظام الجديد، وذلك بالتعاون مع جهات خارجية، أو حتى بالإيعاز إليها لاستخدام المعونات والاستثمارات كورقة ضغط أخيرة على الرئيس بغرض إفشال القوى الإسلامية، من أجل أن تفقد التأييد الشعبي، حتى لو ترتب على ذلك توقف حركة الإنتاج، على اعتبار أنهم في هذه الحالة سيمثلون البديل الوحيد المتاح والأفضل لانتشال الاقتصاد المصري من كبوته التي أوقعه فيها الرئيس الإسلامي على حد تصورهم.
البداية مثلا كانت في موقف حمدين صباحي حين شارك في لقاء وفد رجال الأعمال الأمريكيين في سبتمبر الماضي؛ حيث حذر الوفد من الاستثمار في مصر وذلك وفق ما أعلنه المتحدث باسم الوفد، والذي قال أن المعارضة المصرية أعطتنا انطباعا سيئا عن الوضع في مصر لتنفيرنا من الاستثمار رغم ما قدمته الحكومة المصرية من انطباع ايجابي، وأكد أنه في نهاية الاجتماع قام كل من صباحي المرشح السابق لرئاسة الجمهورية والسفير ناجي الغطريفي بتحذير الوفد من الاستثمار فى مصر، لأن مصر ستشهد ثوره فى الفترة المقبلة ضد الرئيس مرسي.
وعلى الرغم من إنكار صباحي للأمر برمته، إلا أن الدكتور أحمد غانم عضو الوفد الاقتصادي الأمريكي الذى حضر اللقاء أكد على ذلك، وطالب صباحي وحزب الدستور بالإعتذار الرسمي عن الفضيحة التي تسببوا فيها بتخويف المستثمرين من ثورة قريبة في مصر لأن حزب الحرية والعدالة اغتصب السلطة بالشاي والسكر، معتبرا أنها فضيحة وموقف مقزز ومحاولة قذرة لتطفيش المستثمرين لإفشال جهود حكومة مرسي في جلب المستثمرين حتى ولو كان على حساب فشل مصر وهروب المستثمرين منها.
الورقة نفسها قام البرادعي باستغلالها خلال الأسابيع الأخيرة، فبعد مطالبته الولايات المتحدة صراحة بالتدخل من أجل الضغط على الرئيس المصري لتلبية مطالب جبهة الإنقاذ في مصر؛ حين أكد في حوار له مع صحيفة "فورين بوليسي" أن الاستفتاء لو كان نزيها لجاءت نتيجته بـ"لا"، داعيا إدارة الرئيس أوباما لإدانة الانتهاكات التي حدثت، وإلا سيكون متواطئا مع نظام استبدادي بقيادة الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان، نجده الآن يطالب القوى الخارجية بوقف الدعم عن الاقتصاد المصري في ظل الحكم الحالي، وذلك في لقاء أجراه مع صحيفة "دير شبيجل" الألمانية؛ حيث وجه مراسل الصحيفة سؤاله إلى البرادعي قائلا: "هل تدعم وقف دعم الولايات المتحدة لمصر؟". فأجاب البرادعي: "لا أتخيل أحدا يتحلى بمبادئ الديمقراطية يدعم مثل هذا النظام لفترة طويلة" في إشارة إلى الرئيس مرسي، ومؤكدا أنه لايستبعد أن تقوم هذه الحكومة غير الكفوءة بتدمير الاقتصاد.
وفي استجابة سريعة لطلبه تراجعت الحكومة الألمانية عن قرار إعفاء مصر من دين قيمته 240 مليون يورو، بسبب مخاوفها من الأوضاع في مصر. كما دعا رئيس البرلمان الأوروبي، "مارتن شولتز"، إلى وقف التعاون الاقتصادي والسياسي بين الاتحاد الأوروبي ومصر باعتبار ذلك وسيلة للضغط على الرئيس محمد مرسي.
وقال "شولتز" في تصريحات لصحفية "فرنكفورتر الجيماين" الألمانية إن على الاتحاد أن يوضح أنه لا يمكن أن يكون هناك تعاون دون ديموقراطية تعددية في مصر، بما يتضمنه ذلك من رسالة صريحة مفادها أن المساعدات والقروض والاستثمارات الأجنبية لن تأتي إلى مصر عما قريب، إذا ما ضيق النظام الحاكم الخناق على المعارضة، أو تدخل في مسألة تدريب وتمويل الأحزاب غير الإسلامية، أما الرسالة التي يجب توجيهها لأحزاب وجماعات المعارضة فهي: وحدوا عملكم وحددوا أهدافكم وسوف نقوم من جانبنا بمساعدة العملية السياسية الحرة المفتوحة.
في السياق نفسه طالب عضو البرلمان الأوروبي، الهولندي''ماريتيجي تشيكي''، مسئولة السياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي ''كاثرين أشتون''، تجميد كل المساعدات المالية لمصر، في رد فعل للإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، وقال في بيان له أنه تم إطلاق فريق للعمل بين الاتحاد الأوروبي ومصر، يتضمن سياسيون وشركات وجهات فاعلة، في جهد مشترك لدعم المرحلة الإنتقالية في مصر. كما هدد "إلمار بروك"، رئيس لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان الأوروبي، مصر بخفض مساعدات الاتحاد الأوروبي لها حال تمسك الرئيس محمد مرسي بإجراءاته التي رأى أنها تقوض السلطة القضائية، وقال "بروك" في تصريحات لصحيفة "فرانكفورتر روندشاو" الألمانية: "إذا اختار مرسي طريق الديكتاتورية فسيتم ضخ أموال (مساعدات) أقل. هذا ما يتعين أن نوضحه له الآن".
كما كشف "فيرن بوكانان" النائب الجمهوري بالكونجرس عن ولاية فلوريدا عن تقديمه خطة لتجميد 2 مليار دولار من المساعدات الأمريكية المقدمة لمصر، ودعا "بوكانان" في تصريحات على شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية إلى فرض تشريعات جديدة لتجميد المساعدات الخارجية للرئيس المصري؛ مشيرا إلى أن هذه الخطوة مجرد جزء من حملة أوسع يسعى لشنها حول "إعادة تقييم جميع المساعدات الخارجية الأمريكية"، مضيفا "لماذا نحن بحاجة لأن نشتري أصدقائنا بالمساعدات؟، خاصة ونحن لدينا مخاوف عميقة تجاه هؤلاء، لا نتحدث عن 2 مليار دولار فقط بل عن 52 مليار دولار تقدمها الولايات المتحدة سنويا كمساعدات خارجية لمختلف دول العالم".
وفي تقرير نشرته صحيفة "الواشنطن تايمز" الأمريكية بخصوص الاحتجاجات والمصادمات في مصر، أوردت الصحيفة تحذير "فرانك جافني"، كبير الاستراتيجيين العسكريين في إدارة الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان، من ازدياد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في مصر وتأثيره على مصالح الولايات المتحدة، وتضمن التقرير أيضا ما أكدته وزارة الدفاع الأمريكية في بيان لها عن مراجعتها المستمرة للمساعدات الخارجية للتأكد من أنها تدفع أهداف الولايات المتحدة ويتم استخدامها للأغراض المناسبة.
واستمرارا للتلويح بالضغط الاقتصادي، أشار التقرير كذلك  إلى أن المساعدات العسكرية الأمريكية مازالت تتدفق على مصر، حيث تنتظر القاهرة 200 دبابة من طراز إم1 إن1 أبرامز ليرتفع أسطولها من الدبابات من هذا النوع إلى 1200 دبابة، كما تنتظر مصر أيضا سربا من مقاتلات إف16 فالكون ضمن عقد أبرم في مارس 2010، ومن المعتزم تسليمها نهاية العام القادم. وأكدت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "خطر الديمقراطية المصرية: التصويت لصالح القمع لابد أن يقطع الأموال عن مصر"، أن "المال أيضا يتكلم"، موضحة أن الكونجرس عليه إرسال رسالة خاصة إلى رجال الدين فى القاهرة، مفادها أن انخفاض معدل الحرية فى مصر سيؤدي إلى خفض قيمة المعونة الأمريكية السنوية التى تقدر بـ٢ مليار دولار.
ليس هذا فحسب، بل ظهرت ورقة الضغط الاقتصادية أيضا في إعلان صندوق النقد الدولي عن تجميد المفاوضات مع الجانب المصري بشأن القرض لأجل غير محدد -وهو الأمر الذي ارتاح له الكثيرون من الرافضين للقرض، ومع ذلك فإنه يحمل دلالة قوية على عودة الإدارة الأمريكية والقوى الأوربية للتلويح بورقة المساعدات والمعونات -كما أشرنا إلى ذلك مسبقا في صفحة الشعب الاقتصادي- وهو الأمر الذي دعا وكالة موديز للتصنيف الائتماني لتوقعها بخفض تصنيف مصر، مضيفة في بيان لها أن القاهرة قد تواجه تحديات في بيع ديون جديدة مثلما حدث في فترة ما بعد الثورة في عام 2011. ورجحت بعض المصادر أن توقف تركيا صرف الشريحة الثانية من قرضها الذي اتفقت على تقديمه لمصر، والبالغ 500 مليون دولار، بذريعة أنه لا يوجد ضمان حالي لسداد تلك القروض.
هذا الموقف المشين لجبهة الإنقاذ شجع أيضا بعض المأفونين العرب على التطاول على الرئيس المصري أكثر من مرة والتصريح بكلمات مثيرة تعد تدخلا صريحا في الشأن المصري، من ذلك تصريحات ضاحي خلفان، قائد شرطة دبي، الذي أكد أن مصر تتعرض للانهيار المالي بسبب حكومة الإخوان المسلمين، حيث قال "انهيار مالي قادم في دولة من دول الثورات الفسيخية !!"، وأضاف أن "مصر تحتاج للدعم ولكن في ظل حكومة نظامية لا إخونجية"، وأضاف "من وجهة نظري أي دعم للإخوان خطأ استراتيجي"، مستشهدا بعبارة لنتنياهو "يجب أن نقصم ظهر مصر اقتصاديا حتى لا تقوم لها قائمة إلا إذا أتاها مال ولن يأتي لها المال".
وبهذا يتضح للجميع أن قطع المساعدات الأمريكية عن مصر أو التهديد بذلك لا يزال ورقة تلعب بها أطراف أجنبية بل وعربية بمعاونة قوى داخلية تتملكها شهوة السلطة حتى لو أدى ذلك إلى إغراق مصر، وهو الأمر الذي عبرت عنه صحيفة "هاآرتس" العبرية، حيث ذكرت أن الديمقراطية في مصر تسير على نحو صحيح، إلا أن الخطر يأتي من الأقلية الديمقراطية العلمانية في مصر، الذين يقفون جنبا إلى جنب إلى خبراء غربيين وإعلام الفلول، الذي يشوه الثورة، وذلك لطمعهم  في الفوز بجائزة الرئاسة خلفا لمبارك، وأشارت الصحيفة إلى أن من أهم الأسباب التي قد تنهي حكم الرئيس مرسي هي الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تتعرض لها البلاد، لذا لابد للشعب أن يقف وقفة رجل واحد إلى جانب رئيسه للعمل من أجل مصر كي ينهض بمستواه الاقتصادي بدلا من المعارضة والتضليل غير المسئول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق