الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

الخبراء يقدمونه كبديل للاقتراض الداخلي والخارجي




التمويل الإسلامي يدشن طريقا ثالثا بين الاشتراكية والرأسمالية
كتبت أمل خيري
جانب من المؤتمر بعدسة المحرر

شهدت القاهرة الأسبوع الماضي المؤتمر الأول للجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، بعنوان "التمويل الاسلامي وآفاق التنمية فى مصر"، والذي أقيم برعاية الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي الأحد 9 سبتمبر 2012.  وأكد العربي في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الدكتور سامح الشاذلي مستشار وزير التخطيط، أنه في ظل وجود عجز في الموازنة العامة للدولة لا يقل عن 135 مليار جنيه، فإن على الدولة أن تبحث عن بدائل لتمويل العجز دون اللجوء للاقتراض، ويمثل التمويل الإسلامي البديل الأمثل في هذه الحالة، مشيدا بدور الجمعية في نشر المصرفية الإسلامية.

ضمت الجلسة الافتتاحية كلمة للدكتور حسين حامد حسان رئيس مجلس الأمناء بالجمعية، وعضو الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، والذي أكد فيها أن التمويل الإسلامي أصبح يدرس حاليا باعتباره الحل الوحيد المتاح بعد سقوط النظام الاشتراكي وترنح النظام الرأسمالي القائم على سعر الفائدة؛ إذ أن جوهر التمويل الإسلامي يتمثل في المشاركة في المخاطر والفوائد، مؤكدا على أن أداء البنوك الإسلامية يفوق أداء مثيلتها التقليدية بحوالي 25% في معدل نمو الملكية والأرباح والودائع.

وفي الجلسة الأولى بعنوان "دور التمويل الإسلامي في تحقيق التنمية"، تحدث الدكتور محمد البلتاجى رئيس مجلس إدارة الجمعية عن "الصيغ المقترحة لتمويل رأس المال العامل"،  مشيرا إلى أن الشريعة الإسلامية تضمنت  العديد من الضوابط الشرعية والمعايير التي تكفل حسن استثمار المال وتنميته، والمستمدة من "فقه المعاملات"، موضحا أن هناك العديد من الصيغ الشرعية لتمويل رأس المال العامل كبديل للحساب الجاري المدين، وقد تم تطبيق تلك الصيغ في العديد من المصارف الإسلامية، وثبت نجاحها، ومن بينها المشاركة المتغيرة، وبيع السلم، والمضاربة، والتأجير، ومرابحة ومشاركة الاعتمادات المستندية.

وفي الجلسة الثانية بعنوان "أدوات سوق المال الإسلامية"، تحدث الدكتور أحمد حسن النجار الباحث الاقتصادى وخبير التمويل والاستثمار الإسلامي عن الصكوك الإسلامية، والتي شهدت تطورا وانتشارا ملحوظا فى العشر سنوات السابقة، مشيرا إلى أهمية الصكوك فى علاج الأزمات الاقتصادية التى تعانى منها مصر حاليا، بهدف تعبئة الموارد المالية فى مصر وتنميتها بالطريقة التى تتفق مع أحكام الشريعة الاسلامية، مضيفا أن الصكوك يمكن استخدامها في تمويل مشروعات البنية الأساسية وتمويل الموازنة العامة للدولة، إضافة إلى تمويلها لمجموعة كبيرة من المشروعات العملاقة التى يقوم عليها القطاع الخاص.
كما تحدث الدكتور شهاب مرزبان خبير التمويل الإسلامي عن صناديق الاستثمار الإسلامية، مؤكدا أن هناك العديد من الفرص الاستثمارية في مصر في هذا المجال خاصة مع ازدياد الطلب الخليجي عليها، حيث يفضل 70-80% من مستثمري الخليج الاستثمار الإسلامي، وهو ما تفتقده السوق المصرية، ويمكن اجتذاب هؤلاء المستثمرين بمراعاة المعايير الشرعية في الاستثمار مع الأخذ بتجارب الدول الناجحة كماليزيا والبحرين وغيرها.
وتناولت الجلسة الثالثة "أدوات التمويل المجتمعي ودعم التنمية"، والتي تراوحت بين التأمين التكافلي، والزكاة والوقف، حيث كشف الدكتور يوسف إبراهيم مدير مركز صالح كامل عن أهم المعوقات التى تقف فى سبيل قيام الوقف بدوره المنوط به شرعا فى تحقيق التنمية الاقتصادية، وقال لابد  من إزالة الظروف والأوضاع والسياسات التي كانت سبباً وراء عزوف الناس عن عبادة الوقف، مثل استيلاء الدولة على الأوقاف، والإدارة السيئة للحكومة للباقي منها، والتي تدر عوائد ضئيلة يذهب معظمها رواتب للعاملين غير المؤهلين.
من جهته تحدث ناصر عبد الحميد مدير تكافل الحماية والإدخار بإحدى شركات التأمين التكافلى عن "دور التأمين التكافلي في دعم التنمية الاقتصادية"، حيث أكد انتشار العديد من شركات التأمين التكافلي الإسلامي في مختلف دول العالم، والتي قدمت حلولا تأمينية بديلة للتأمين التجاري، ومتوافقة مع الضوابط الشرعية لتلبي إحتياجات المصرفية الإسلامية، مما ترتب عليه ارتفاع حجم أعمال التأمين التكافلي عالميا -حسب تقديرات شركة أرنست ويونج- عام2010 بحوالي 8,8 مليار دولار أمريكي عام 2009، مقابل 5,3 مليار دولار أمريكي عام 2008، وبلغ معدل النمو العالمي المركب لصناعة التكافل علي مستوي العالم 39%.
وفي الجلسة الختامية تم عرض توصيات المؤتمر، والتي بلغت 12 توصية، يأتي على رأسها حث الباحثين على تطوير وابتكار منتجات تمويلية ومصرفية واستثمارية متوافقة مع أحكام الشريعة، وضرورة بناء قدرات العاملين في الصناعة المالية الإسلامية، وأكد المؤتمر على صلاحية تطبيق البدائل الشرعية لتمويل الاستثمار العامل التي  قدمها فقه المعاملات وتم تطبيقها في عديد من المصارف الإسلامية.
كما لفت المؤتمر لضرورة الاهتمام بالوظيفة الإعلامية لنقل وإبراز الجوانب الإيجابية للتمويل الإسلامي على الاقتصاد والتنمية. وحث على وضع الإطار القانونى لتنظيم واصدار الصكوك الإسلامية والاستفادة من التجارب الدولية المتعددة فى هذا الإطار.
وتفعيلا لدور البورصة المصرية في تحقيق التنمية اقترح المؤتمر القضاء على المعوقات التي تواجه المستثمرين بما يتطلب وجود تشريعات محكمة مفعلة لتنظيم التعامل في البورصة لصالح المجتمع، وتحقيق الإفصاح والشفافية في جميع مراحل الاستثمار، مع ضرورة أن تستحدث السوق المالية خدمات مالية إسلامية جديدة وأدوات تمويل إسلامية مالية  بما يمكن من تطوير سوق المال المصري .
وأوصى المؤتمر كذلك بتشجيع  التأمين التكافلي ليقوم بدور فعال في حماية أدوات الانتاج و حماية المنشآت والمشروعات  الإنشائية، وتشجيع تكافل الحماية والادخار من خلال برامج الحماية ذات الوحدات الاستثمارية باعتبارها  داعم رئيسي لصناديق الاستثمار الاسلامية. ودعا المؤتمر لسرعة تقنين نشاط التمويل الإسلامي ممثلا في التمويل المصرفي في كل من البنوك الإسلامية والتقليدية وتقنين التأمين التكافلي وصكوك الاستثمار الاسلامية .
ولفت إلى ضرورة الاهتمام باستحداث مقررات دراسية تختص بكل من أدوات التمويل الإسلامي للبنوك التقليدية والإسلامية وصكوك الاستثمار الإسلامية وأدوات التأمين التكافلي في المعاهد والجامعات، وبرامج التدريب والشهادات المهنية والتوعية في كافة وسائل الإعلام بأهمية التأمين التكافلي.
وفي نهاية التوصيات دعا المؤتمر إلى النظر للزكاة باعتبارها أداة تمويلية اجتماعية تعالج مشكلات كثيرة منها الفقر والبطالة بتمليك أدوات الحرفة للقادر على الكسب، وإعانة الغارم، وكذا توسيع قطاع المنتجين بتشجيع المشروعات الحرفية، وعلاج مشكلة الكساد من خلال ضمان تدفقات نقدية مستمرة للأسواق بما يرفع الطلب على السلع وانعاش الأسواق، وتعالج مشكلة الاكتناز. كما حث الدولة على احياء الإهتمام بالوقف باعتباره أحد مصادر التمويل الهامة لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية ملموسة تمكن المجتمع من النهضة المأمولة، مع ضرورة اقرار الدولة باعتبار أموال الأوقاف أموالاً أهلية وليست أموالاً مملوكة للدولة، بما يتطلب تعديل تشريعي لعودة الحقوق الى أصحابها وتحكيم الشريعة الاسلامية في توزيع أموال ريع الوقف طبقا لإرادة الواقفين وليس طبقا لرؤية وزارة أو هيئة، وتنفيذ القاعدة الشرعية الأصيلة باعتبار إرادة الواقف كنص الشارع.
صور المؤتمر:















د.يوسف إبراهيم يوسف مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق